Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التجاذبات بين السلطات في تونس تغيبها عن الملف الليبي

"تتبلور السياسة الخارجية التونسية من التناغم بين الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية"

جانب من جلسة افتتاح ملتقى الحوار الليبي في تونس في 9 نوفمبر 2020 (موقع الرئاسة التونسية)

أسفر لقاء جنيف بين الأفرقاء الليبيين عن انتخاب سلطة تنفيذية جديدة في البلاد، ستتولى التحضير لانتخابات عامة في نهاية العام الحالي.

وسبقت لقاء جنيف جولات عدة من الحوار الليبي - الليبي، بدءاً من الصخيرات المغربية، إلى مونتيرو السويسرية، فمصر، ثم الجولة الأخيرة في تونس.

غياب سياسة خارجية واضحة

لم تلعب الدبلوماسية التونسية دوراً مهماً في مجريات الملف الليبي، ما عدا لقاء الرئيس التونسي قيس سعيد، ممثلي المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، في 23 ديسمبر (كانون الأول) 2019، وجلسات الحوار الليبي – الليبي التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، بينما غابت تونس عن "مؤتمر برلين" للسلام في ليبيا.

ويعود الدور الباهت للدبلوماسية التونسية، في الملف الليبي إلى انشغال الطبقة السياسية في البلاد، بالصراعات الداخلية، وبخاصة بين الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية، ورئاسة البرلمان، ورئاسة الحكومة)، وهو ما حال دون بلورة سياسة خارجية واضحة المعالم تستبطن مخرجات الأزمات الإقليمية، وتتخذ المواقف التي تضمن المصالح الحيوية لتونس.

ويؤكد الدبلوماسي التونسي السابق، عبد الله العبيدي، أن "تونس خسرت مكانها في ليبيا، لحساب القوى الكبرى المؤثرة، ولم تستثمر عمقها الاستراتيجي في ليبيا، لذلك لن يكون لها مكان بين القوى النافذة في هذه الدولة الجارة".

لم تحسن توظيف دبلوماسيتها

وحول إمكانية استرجاع هذه المكانة، استبعد الدبلوماسي السابق ذلك، لافتاً إلى أن "تونس انشغلت بخصوماتها السياسية الداخلية، ولم تحسن توظيف تجربتها الدبلوماسية، التي راكمتها على مدى عقود، في التعاطي مع ملفات جيوسياسية عدة في المنطقة العربية، ولم تُولِ تونس ليبيا مكانةً مهمة في سياستها الخارجية".

وشدد العبيدي على أن "السياسة الخارجية التونسية، تتبلور من التناغم بين الحكومة ورئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية، إلا أن واقع الحال في تونس اليوم يدل على صراعات محمومة بين مؤسسات الدولة، وهو ما حال دون رسم سياسة خارجية موحدة وواضحة، تكون محل إجماع وطني".

وأبرز العبيدي "ضرورة أن تستعيد ليبيا قرارها بيدها، بعيداً عن أيادي قوى الهيمنة"، داعياً تونس إلى "نسج شبكة من العلاقات مع الدول المؤثرة في المشهد الليبي، من أجل ضمان مكانها في هذه الدولة الشقيقة".

وعاب على الطبقة السياسية "إغراقها البلاد، في أزمات بلا فائدة، بينما فرطت في ليبيا لفائدة الدول الكبرى، التي ستستثمر بكل قوة في المنطقة"، معتبراً أن "تونس التي فشلت في السيطرة على وضعها الداخلي، لا يمكنها أن تلعب دوراً في الدول المجاورة".

دولة فقدت إشعاعها الدبلوماسي

وتقاسم أستاذ العلوم الجيوسياسية والعلاقات الدولية، في جامعة منوبة، رافع الطبيب، والعبيدي الموقف ذاته، حيث رأى أن "تونس غائبة تماماً عن الملف الليبي بكل تعقيداته ومراحله". واعتبر أن "الدبلوماسية التونسية فشلت في التعاطي مع هذا الملف".

كما قلل الطبيب من أهمية الاتفاق الذي تم التوصل إليه في ليبيا "نظراً إلى التوازنات العسكرية الميدانية، بوجود ميليشيات مسلحة ومجموعات وازنة على الساحة، والتي قد تربك هذا الاتفاق"، متسائلاً عن الضمانات التي ستوفرها القوى الكبرى، لصالح نجاح السلطة التنفيذية الجديدة، في السيطرة على الميدان وتنفيذ تعهداتها.

واعتبر أن "الرؤية غير واضحة في ليبيا اليوم، ولا يمكن الجزم بأن الوضع في اتجاه الانفراج التام".

واعتبر الطبيب أن "مشاكل تونس الداخلية أفقدتها إشعاعها الدبلوماسي، حيث غرقت في وحل الخلافات السياسة الأيديولوجية الضيقة، وتغافلت عن الملف الليبي الذي استأثرت به الدول الأوروبية، التي ستقاسم ملف إعادة إعمار ليبيا، والمقدر بنحو 250 مليار دولار، حسب تقديرات البنك الدولي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تونس تدفع ثمن اصطفافها

ولفت الأستاذ الجامعي التونسي إلى "بعض المبادرات من بعض رجال الأعمال التونسيين للاستثمار في ليبيا، في المرحلة الجديدة، بينما تغيب هياكل الدولة ومؤسساتها عن ملف إعادة الإعمار في ليبيا".

واعتبر أن تونس "اصطفت إلى جانب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، على حساب بقية الأطراف، وستدفع ثمن هذا الاصطفاف".

وأشار إلى أن "تركيا ستسترجع مكانتها في ليبيا باعتبار أن شركات تركية لم تستكمل مشاريعها، وستعود إلى ليبيا، بينما ستستثمر البلدان الأوروبية، الأصول المجمدة لعدد من قيادات ليبيا، في عهد معمر القذافي، في مشاريع إعادة الإعمار في ليبيا".

قيس سعيد يرحب

في المقابل، عبر رئيس الجمهورية قيس سعيد عند إجرائه اتصالاً هاتفياً مع محمد المنفي الذي انتخب رئيساً للمجلس الرئاسي الليبي، يوم الاثنين 8 فبراير (شباط) الحالي، عن ارتياحه لنجاح هذه الانتخابات "التي تعد حدثاً تاريخياً لأنها نابعة من إرادة الليبيين أنفسهم".

وذكر الرئيس التونسي بأن "الحل الدائم للأزمة في ليبيا لا يمكن أن يكون إلا ليبياً - ليبياً، وهو الموقف الذي كان قد عبر عنه في مناسبات عدة".

وغابت تونس عن ليبيا منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014، وهو تاريخ غلق السفارة التونسية في ليبيا، بسبب تردي الأوضاع الأمنية هناك، وتم تعيين سفير جديد لتونس في طرابلس في أكتوبر 2020، فهل ستستعيد تونس علاقاتها الاقتصادية التي شهدت تراجعاً حاداً منذ عام 2011؟

المزيد من العالم العربي