Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مأزق دستوري في تونس قد يجبر المشيشي على الاستقالة

رئاسات الحكومة والجمهورية والبرلمان تدخل في حرب مفتوحة بوجوه مكشوفة سلاحها الدستور

التشكيل الحكومي الجديد في تونس يثير الفوضى بالبلاد  (أ ف ب)

على الرغم من مرور أكثر من أسبوع على التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي، فإن فريقه لم يستطع مباشرة عمله، بعد أن انتقلت ساحة الأحداث إلى قصر قرطاج برفض رئيس الجمهورية استقبال أربعة من الوزراء لأداء اليمين الدستورية.

وبهذا الفصل الجديد من التجاذبات حول الصلاحيات الدستورية بين السلطات التنفيذية في تونس تدخل القصور الرئاسية الثلاث؛ الحكومة والجمهورية والبرلمان، في حرب مفتوحة وبوجوه مكشوفة سلاحها الدستور. ولحلحلة الوضع، وفق عدد من وسائل الإعلام المحلية، كان من المنتظر أن يعقد اجتماع بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي، في قصر الرئاسة بقرطاج، اليوم الجمعة. الأمر الذي نفاه مصدر لـ"اندبندنت عربية".

حركة النهضة، التي تعتبر الطرف السياسي الأبرز في هذه الحرب، خصوصاً بعد تصريح زعيمها ورئيس مجلس نواب الشعب بأن "دور رئيس الجمهورية رمزي"، أصدرت، أمس، بياناً أكدت فيه دعمها رئيس الحكومة ودعوته لاستكمال مسار التعديل الوزاري وتمكين الوزراء من مباشرة مهامهم لمواجهة التحديات والمصاعب التي تمر بها البلاد.

كما شددت على أهمية احترام مختلف مؤسسات الدولة وتكاملها خدمة للمصلحة الوطنية، مستهجنة في البيان ذاته، "مخططات إرباك العمل البرلماني عبر الحملات الدعائية المغرضة والمضلّلة"، وجدد المكتب السياسي لحركة النهضة ترحيب الحركة بمبادرة الحوار الوطني التي دعا إليها الاتحاد العام التونسي للشغل وغيره من المكونات السياسية والشخصيات الوطنية.

لا حوار وطنياً الآن

من جهته علق الناطق الرسمي لاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري بقوله، "بالنسبة لنا لن ندخل في أي حوار لحل هذه الأزمة لأنه سبق أن نبهنا رئيس الحكومة بالتراجع عن عرض التحوير على مجلس النواب لكنه أصر على ذلك"، مضيفاً، "موقفنا واضح من المسألة، إما استقالة الوزراء الأربعة أو استقالة المشيشي"، كما أفاد الطاهري أنه بلغهم أن الفريق الحكومي يناقش أحد الخيارين، قائلاً، "يبدو أن الإشكال القائم الآن أن وزيرين رفضا الاستقالة".

 من جهة أخرى يؤكد الطاهري، أنه لا مساعي لديهم لحل هذا المأزق لأن رئيس الجمهورية متشبث بقراره الذي يعتبره مسألة دستورية وليست سياسية. وبالنسبة لمبادرة الاتحاد بخصوص الحوار الوطني يفيد الطاهري، أنه "لا يمكن الحديث على حوار وطني إلا بعد الانتهاء من هذا المأزق الدستوري".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعلن سعيد سابقاً رفضه التعديل الوزاري شكلاً ومضموناً، مؤكداً تضمنه ملفات فساد وتضارب مصالح تتعلق بأربعة من الأسماء المقترحة من رئيس الحكومة والأحزاب الداعمة له.

وكان رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي، أعلن في يناير (كانون الثاني) الماضي تعديلاً وزارياً عين بموجبه 12 وزيراً جديداً، رغم أنه لم يمض على تشكيل حكومته سوى أشهر عدة، وقال، "إنه يأمل أن يضخ التعديل الجديد دماء جديدة في حكومته، في ظل أزمة اقتصادية زادت جائحة كورونا من حدتها، واحتجاجات متواصلة ونزاع سياسي". 

رمى البيض في سلة واحدة

محمد عمار، نائب التيار الديمقراطي القريب من رئيس الجمهورية، يقول، "يبدو أن الحزام السياسي بدأ يستفيق من نشوته بفوز غالط فيه الرأي العام، حيث كان يعتقد أنه حشر رئيس الجمهورية في الزاوية من خلال خلق رأي عام يفرض على مسألة التحوير الوزاري وما شابها من مغالطات كأمر واقع". مضيفاً، "نحن في الكتلة الديمقراطية اعتقدنا ولا نزال أن البرلمان دوره رقابي، وكان من المفروض تقييم عمل الحكومة وبرنامجها قبل الحديث عن الوزراء، ونساند رئيس الجمهورية في احترامه للدستور".

يضيف عمار، "اقترحنا على المشيشي أن يذهب مباشرة إلى رئيس الجمهورية لحل الإشكال بما يخدم مصلحة المواطنين، لكن للأسف رئيس الحكومة رمى البيض في سلة واحدة، معتقداً أن حزامه السياسي سيحميه من هذه الخروقات الجسيمة للدستور".

ويعتقد عمار أنه، "لم يبق كثير من الحلول أمام المشيشي سوى الذهاب إلى رئيس الجمهورية وتغيير الوزراء الذين تشوبهم شبهات فساد وتفسير أمرهم أو الاستقالة، لأن الحالة العبثية التي تعيشها تونس اليوم جراء ممارسة السياسة بطريقة الهواة، أو الخنوع إلى حزام سياسي أثبت فشله ولا همَّ له سوى مغانمه ومكاسبه. وأعتقد أن الأسبوع المقبل ستُحل هذه الأزمة الدستورية، ويعود الجميع إلى احترام مبادئ الدستور وأن محاولة تهميش دور الرئيس وتقزيمه لن يُجدي نفعاً".

من جهته أفادنا أستاذ القانون الدستوري عبد الرزاق المختار، بأن "الآجال المعقولة لأداء الوزراء اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية انتهت وبعد رفض الرئيس لا يوجد أي مخرج دستوري في ظل غياب محكمة دستورية تحسم الأمر"، مؤكداً أن "الأمر موكول للسياسيين، والحل الذي سيتوصلون إليه سيأخذ شكلاً قانونياً ودستورياً". 

مضيفاً، "الآن نحن أمام تسوية بالحوار والتوافق أو المغالبة؛ أي أن الطرف الذي سيُحشر أكثر في الزاوية هو من سيتنازل وفي حالتنا اليوم رئيس الجمهورية يعيش في رفاهية لأنه غير معني بالسياسات العمومية والمعني الحقيقي هو رئيس الحكومة بتسيير المرافق الكبرى"، مفسراً، "قد يجد المشيشي والحزام السياسي الذي يدعمه أنفسهم مجبرين على التراجع خطوة إلى الوراء،  كأن يطلب المشيشي من الوزراء الأربعة الذين يرفضهم سعيد أن يستقيلوا، ولكن هذا سيكون له أثر وسيؤذن بمرحلة الحرب بين رأسي السلطة التنفيذية".   

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير