Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على بريطانيا العمل لحماية العملة الورقية وإلا فسيكون الاستبعاد مصير الملايين

كثيرون في الممكلة المتحدة قد يعانون جراء إلغاء النقود والاستعاضة عنها بكروت الدفع الالكترونية 

رغم التطور التكنولوجي وتحول الغالبية إلى التعامل بالبطاقات المصرفية تبقى شريحة كبيرة من المجتمع تعتمد على النقود الورقية في حياتها اليومية (غيتي) 

لاشك في أن قصة مريض السكري الذي لم يقو على شراء الطعام أثناء تعرضه لنوبة انخفاض خطير في مستوى السكر في الدم هي أكثر جوانب تقرير اليوم من مؤسسة "ويتش؟" Which (مؤسسة متخصصة بمتابعة الأسواق وتعاملات المستهلكين في برطانيا) مدعاة للخوف، كونه يسلط الضوء على مدى تأثير الجائحة في الأوراق النقدية التي كان يحاول استخدامها.

وقد لقيت هذه القصة صدى كبيراً لدي، لأنني أنا أيضاً مريض بداء السكري من الفئة الأولى. ولما فكرت لوهلة أنه كان من الممكن أن يحدث لي ما حدث مع الرجل، سرت القشعريرة في كامل جسدي وأصبت برجفة زلزلت كياني. 

لكن هذه المسألة تتجاوز حد تعرض الأشخاص في مثل حالتي لوضع غير مؤات في مكان غير مؤات – كـ"ناندوز" (Nando’s) و"المكسيكانا" (El Mexicana) في حالة جيمس بوزويل الذي أمضى ساعات طويلة في زحمة السير على طريق M25  السريع وفي وقت غير مؤات.

إنها مسألة تهم أقلية كبيرة من الناس التي لم يعد لها مكان فعلي على خريطة الاقتصاد الرقمي القائم على البطاقات المصرفية ووجدت نفسها ضحية تبعات كوفيد-19 وإن لم تصب بالفيروس القاتل.

وبحسب استطلاع أجرته وكالة "أوبينيوم" Opinium بتفويض من "ويتش؟"، فإن ثلث (34 في المئة) المشاركين البالغ عددهم ألفان وأربعة أشخاص، لم يتمكنوا من دفع ثمن مشترياتهم نقداً مرة واحدة على الأقل منذ مارس (آذار) الماضي، أي منذ فرضت الحكومة إجراءات الوقاية من فيروس كورونا للمرة الأولى.

الظاهر أن عدم قدرة بوزويل على تأمين الطعام ليس بالأمر غير المألوف. فـ28 في المئة من المشاركين في الاستطلاع مروا بتجربة مشابهة وأكدوا أن عمليات شراء البقالة بهذه الطريقة غالباً ما كانت ترفض.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كانت تجربة بوزويل حادثة فردية فظيعة تحلحلت بمجرد عثوره على مطعم "كاي إف سي" KFC يتعامل بالأوراق النقدية؟ وهل عثر الـ28 في المئة من المشاركين على موارد تموين بديلة أم عادوا أدراجهم مع البطاقات التي ربما نسوها في المنزل؟

هنا تزداد الأمور إثارةً لأن الإجابة أحياناً – أو دائماً ربما، لأقلية كبيرة – هي لا، هذه ليست ببساطة مسألة تجربة متجر أو مطعم آخر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فبالنسبة إلى 5 في المئة تقريباً من المشاركين في استطلاع "ويتش؟"، الأوراق النقدية هي حجر الزاوية للتعاملات اليومية. وقد تبدو هذه النسبة ضئيلة، ولكنها في الحقيقة كبيرة، بحيث تشمل 2.5 مليون من مجمل سكان بريطانيا.

وبالنسبة إلى 13 في المئة من المشاركين، أي ما يعادل 7 ملايين بريطاني، من دون النقود التقليدية ستكون الحياة "صعبة جداً"، هذا لو أخذنا في الاعتبار أن الاستطلاع يعبر عن سكان المملكة ككل.

وإذا ما دمجنا الفئتين مع بعضهما بعضاً، سنجد أنهما تشكلان ما مجموعه 10 ملايين شخص؛ وإلى هذا المجموع تضاف، نسبة 40 في المئة (22 مليوناً) ترى في الأموال النقدية دعماً أساسياً.

وغني عن القول إن البريطانيين الأشد اعتماداً على النقود هم الأكبر سناً والأكثر فقراً – قل الفئة الأكثر تأثراً بالجائحة من الناحية الطبية في الحالة الأولى، والفئة الأكثر تأثراً بالجائحة من الناحية الاقتصادية في الحالة الثانية.

لذا، من المنطقي تشجيع الناس على القيام بدفعاتهم بواسطة بطاقات غير تلامسية حيثما أمكن. لكن ليس باستطاعة الجميع القيام بهذا الأمر بسهولة.

عند هذا الحد، تجدر الإشارة أيضاً إلى التقرير الذي صدر عن "بنك إنجلترا" في نوفمبر (تشرين الثاني) بعنوان "النقد في زمن الكوفيد" تنسجم نتائجه مع نتائج "ويتش؟"، حيث تبين للمصرف أن 42 في المئة من سكان بريطانيا قصدوا متجراً واحداً على الأقل لم يقبل منهم أموالاً نقدية على مدى ستة أشهر. وقد بنى المصرف نتائجه هذه على دراسة أتمها في يوليو (تموز) الماضي، حينما شجعت الحكومة تجار البيع بالتجزئة على التخفيف من المعاملات التلامسية (الدفع بالبطاقة الإلكترونية أم بواسطة تطبيق الدفع على الهاتف المحمول).

الأهم من ذلك، أجرى "بنك إنجلترا" بحثاً مطولاً بشأن إمكان انتقال العدوى عبر العملات النقدية الورقية واتضح له أن الفيروس لا يعيش طويلاً على سطحها والخطر من التقاط العدوى بواسطتها "متدن جداً".

إنما الخطر الأكبر في "استنشاق الهباء الجوي أو القطرات المنبعثة من فم شخص مصاب داخل المتجر" أو "لمس أجسام "معرضة للمس بكثافة" (من أشخاص مختلفين)، على غرار مقابض سلات التسوق أو عجلات التسوق أو مفاتيح الأرقام السرية أو المنتجات المعروضة على الرفوف المفتوحة أو شاشات اللمس لآلات الدفع الذاتي".

الواضح أن خيار الدفع "اللا تلامسي" لا يزال المفضل عند الإمكان، لكن في غيابه أو في حالات الخطأ، سيكون الدفع نقداً الحل المثالي البديل لتقليص انتقال العدوى، بعيداً من البطاقات المشفرة.

ونظراً إلى أن عدداً ملحوظاً من البريطانيين، إما يعتمد على النقود أو قد يعاني الأمرين من دونها، فمن الواضح أنها ذات أهمية بالغة ولا بد أن تكون متاحة. فالحوادث، على غرار حادثة بوزيول، تظهر بوضوح ضرورة الخوض في هذه المسألة.

وفي خطوة جديرة بالترحيب، تقول "ويتش؟" إنها تعمل مع تجار البيع بالتجزئة على مبادرة تهدف من خلالها إلى حماية المستهلكين الذين يعوّلون على النقود.

وكانت الحكومة قد وعدت قبل عام بإصدار قانون لحماية النقود يحظى بدعم الحزبين. لكن القانون لم يطرح حتى الآن ولا يزال على المشرّعين أن يتدخلوا.

لا يكاد يكون هناك وقت أسوأ لإبعاد الناس عن الاقتصاد والتخلي عنهم. وفي غياب تحرّكات فعلية لمنع حصول ذلك، يبقى الخطر حقيقياً جداً.

© The Independent

المزيد من اقتصاد