منحت الأكاديمية الفرنسية الكاتب اللبناني ألكسندر نجار "الجائزة الكبرى للفرنكوفونية" بعدما مالت نحوه كفة التصويت منذ الدورة الأولى. وهو اللبناني الثالث يفوز بهذه الجائزة العريقة بعد الشاعرين الراحلين جورج شحادة (1986) وصلاح ستيتية (1995). والجائزة هذه بحسب بيانها الذي صدر مساء أمس، "تكافئ أعمال كاتب فرنكوفوني، شارك سواء في بلاده أو على المستوى الدولي، بطريقة بارزة في دعم اللغة الفرنسية وبلورتها".
فوجئ الكاتب نجار بمنحه الجائزة، كما صرح لـ"اندبندنت عربية"، فهي تختار الفائزين بها من دون أن يترشحوا إليها. ويعدّها فعلاً جائزة تتوج أدب من يفوز بها وترسخ مكانته في الأدب الفرنسي والفرنكوفوني والعالمي. وقال نجار: "ما سرني كثيراً أن الشاعرين اللبنانيين جورج شحادة وصلاح ستيتية اللذين فازا بها سابقاً، أسهما في إصدار ملحق "لوريان ليتيرير" (الشرق الادبي) الفرنكوفوني في الستينيات والسبعينيات، وكانا في معنى ما زميلين لي في مسيرة هذا الملحق". ومعروف أن ألكسندر نجار أعاد إطلاق ملحق "لوريان ليتيرير" عام 2006 بعد توقفه سنوات طويلة، وبات في عهدته منبراً مفتوحاً للكتاب الفرنسيين واللبنانيين الفرنكوفونيين، يرافق الحياة الأدبية الإبداعية والنقدية في العالم الفرنكوفوني واللبناني والعربي.
في الرابعة والخمسين من عمره، محام، وروائي وشاعر ومؤرخ وكاتب مسرحي وكاتب سير، درس الحقوق في جامعة "باريس 2". له أكثر من ثلاثين كتاباً في حقول متعددة، ويعد واحداً من أبرز الروائيين اللبنانيين والعرب باللغة الفرنسية. بعض رواياته تدور في مضمار السرد التاريخي ومنها: "منقبو القوقاز"، "قاديشا"، "المنجم" "أثينا"، "برلين 36"،"هاري وفرانز" ،"رواية بيروت"، "تشريخ طاغية". ومن دواوينه: "بم تحلم التماثيل؟"، "الخيام" وسواهما. وله روايات مختلفة مثل: "مدرسة الحرب" التي تتناول الحرب الأهلية اللبنانية بعيني تلميذ، "صمت التينور"، "ميموزا"، "تاج الشيطان". وفي السير والتوثيق: "مراقب بودلير"، "ديغول ولبنان – جزءان"، "يوحنا المعمدان"، وثلاثة كتب عن جبران و"قاموس عاشق للبنان". في رواياته التاريخية سعى نجار إلى قراءة التاريخ على ضوء الأزمات الراهنة، سياسياً واجتماعياً وإنسانياً، محاولاً الإفادة من البعد التاريخي لإعادة تشكيل الواقع.
قاموس لبنان
وقد يكون كتابه الموسوعي "قاموس عاشق للبنان" الذي أنجزه ضمن السلسلة الشهيرة التي تصدرها دار "بلون" الفرنسية عملاً معجمياً فريداً، تمكن نجار فيه من تجاوز التناقضات التي يحفل بها لبنان، تاريخاً وواقعاً. ولم يكن يخيل إلى قراء هذه السلسلة الفرنسية العالمية أنها ستضم لبنان إلى قائمتها بعدما ضمت بلداناً ومدناً كثيرة وموضوعات شتى تعني القراء أياً كانوا. فـ"وطن الأرز" هو أشبه بـ"الأرض المفخخة 'التي تصعب مقاربتها مقاربة دينية وسياسية وفكرية، نتيجة الانقسام العميق الذي يسود البلاد والعباد في آن واحد. لكن نجار تمكن فعلاً من تجاوز التناقضات اللبنانية ووضع كتاباً عادلاً وشاملاً عن لبنان التاريخ والحاضر، لبنان السياسة والثقافة والفن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومعروف أن ألكسندر نجار تفرغ لدراسة جبران خليل جبران والبحث في أصول سيرته وأعماله وفنه التشكيلي. وقد نجح في كتابه "في أعقاب جبران" في تعقب آثار صاحب "النبي" أو خطاه باحثاً عن المزيد من أسراره المجهولة. وبعد هذا الكتاب والكتابين السابقين اللذين وضعهما عن جبران وبعد "المعجم الجبراني" الذي أنجزه وصدر ضمن الأعمال الكاملة لجبران بالفرنسية (بوكان - روبير لافون)، أصبح نجار أحد المتخصصين القلائل في عالم جبران وسيرته وأدبه وفنه. وما يميز نجار هو دأبه على البحث والتفتيش وكشف المخفي والمجهول، الراقد في الخزائن والجامعات والمراكز العلمية، في أوروبا وأميركا. وقد اكتشف فعلاً أوراقاً مجهولة ونصوصاً ورسوماً لجبران أثبتها في مؤلفاته الجبرانية.
حاز ألكسندر نجار جوائز عدة وأوسمة، وحاضر في مدن عالمية بالفرنسية والإنجليزية. ومن الجوائز: "جائزة المتوسط"، "الميدالية الذهبية الفرنسية"، "جائزة آسيا للأدب"، "جائزة أمستردام" وسواها. أسس جائزة "فينيكس" للأدب اللبناني الراهن، ويعد من أبرز الناشطين في حقل الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات.