Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأهداف الخفية لعملية "صيد الأفاعي" الليبية

يقول مراقبون إن ظاهرها القضاء على الميليشيات وباطنها حصر السلاح في يد القوات الموالية لتركيا

ستشارك قوات ليبية ومقاتلون سوريون في عملية صيد الأفاعي (أ ف ب)

تقف العاصمة الليبية طرابلس على أبواب حرب جديدة، ستُشنّ هذه المرة من داخلها بين صفين من القوات الموالية لحكومة الوفاق، كانا قبل أشهر يقاتلان في خندق واحد ضد قوات الجيش الوطني التي حاصرت المدينة لأكثر من عام.

تفاصيل العملية العسكرية الجديدة، التي أطلق عليها "صيد الأفاعي"، كشف عنها وزير الداخلية فتحي باشا آغا، بإعلانه استعداد حكومته للبدء بعملية عسكرية واسعة ضد ما وصفها بـ"الميليشيات المسلحة وعصابات التهريب والتجارة بالبشر"، مطالباً بدعمها من المجتمع الدولي، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية.

من جانبها، قالت مصادر ليبية مطلعة إنها ستستهدف كل الكتائب "غير الموالية لتركيا في المنطقة الغربية"، بينها ميليشيات ضخمة لعبت دوراً كبيراً في الحرب ضد الجيش الوطني، ما يعني أن "صيد الأفاعي" لو تمت، فلن تكون خاطفة وسهلة وتنفّذ بأقل الأضرار.

إعلان حرب داخل العاصمة

يقول باشا آغا، في مقابلة صحافية مليئة بالتصريحات المثيرة للجدل إن "القوات الموالية لحكومة الوفاق ستشنّ هجوماً واسعاً في غرب ليبيا، للقضاء على الجماعات الإرهابية ومهرّبي البشر في المنطقة الغربية وطرابلس بشكل خاص"، داعياً "الولايات المتحدة إلى المساعدة في تلك الجهود لبسط الأمن".

وغازل وزير الداخلية الإدارة الأميركية الجديدة، "تعززت آمالنا بصورة كبيرة بفوز جو بايدن في الانتخابات، ونأمل في لعب دور رئيس في استقرار ليبيا وتحقيق المصالحة"، مبيّناً أن أنقرة ستدعم العملية. وقال "تعهدت فعلياً تركيا بالدعم، ونأمل في أن تساعدنا الولايات المتحدة للقضاء على العناصر الإرهابية التي تسللت إلى ليبيا في الفترة الماضية".

رسائل طمأنة للقارة العجوز

ولم ينسَ باشا آغا أن يبعث برسائل طمأنة إلى القارة العجوز، بهدف عدم معارضتها العملية العسكرية، فأكد، "نستهدف أيضاً مهرّبي المهاجرين، ويمكن أن يساعد ذلك في حل جذور تلك المشكلة التي تؤرق الجميع"، مشدداً على أن "أمن واستقرار ليبيا مهمان لأوروبا والولايات المتحدة". وأشار أيضاً إلى ملف آخر يشكل أولوية أوروبية بشأن الأزمة، وهو انسحاب القوات الأجنبية من البلاد، متعهداً بأن "ذلك سيحدث، لكن بشكل تدريجي".

ويتمسّك الاتحاد الأوروبي بموقف ثابت ومركزي في الملف الليبي، شدد عليه أكثر من مرة في تصريحات لمسؤولين بارزين فيه، إذ يطالب بضرورة رحيل كل القوات الأجنبية بأسرع وقت، وبشكل خاص إنهاء الوجود العسكري التركي الأضخم في البلاد، لما يمثله من تهديد للمصالح الحيوية لأعضائه في الأراضي الليبية.

واختتم وزير الداخلية تصريحاته بإعلانه صراحة للمرة الأولى عن "استعداده لتولّي منصب رئيس الوزراء الجديد في الحكومة الموحدة".

ويُتهم باشا آغا من قبل خصومه بسعيه للوصول إلى سدة السلطة، من خلال الظهور بمظهر الساعي إلى محاربة الميليشيات، والمدافع عن مدنية الدولة أمام المجتمع الدولي. وأوقع الطموح السياسي وزير الداخلية في خلافات كثيرة سابقاً مع قادة عسكريين وسياسيين في العاصمة، على رأسهم رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، الذي دخل معه في خلاف شهير، كاد ينتهي بإقالته من منصبه، لولا فرضه إلغاء القرار باستعراض القوة العسكرية للكتائب الموالية له في طرابلس وتهديده بإشعال حرب في الشوارع.

تخطيط من أنقرة

بدورها، ربطت مصادر صحافية وسياسية ليبية بين إعلان باشا آغا المفاجئ عن عمليته العسكرية والاجتماعات المعلنة والسرية التي دارت في أنقرة منذ نهاية الأسبوع الماضي، والتقى خلالها مسؤولون سياسيون وعسكريون في حكومة الوفاق نظراءهم في تركيا، يتقدمهم وزير الدفاع خلوصي آكار ورئيس الاستخبارات هاكان فيدان. وقالت المصادر ذاتها إن الاجتماعات "ناقشت الإعداد لهذه العملية".

لكن، الذي بدا محيّراً على الرغم من هذه الأنباء وإعلان باشا آغا دعم تركيا عمليته العسكرية التي ينوي شنّها، تمثل في مهاجمة وزير الدفاع المفوض في حكومة الوفاق صلاح النمروش لها، وهو الذي لا يخفي قربه من السلطات التركية، ويعدّ من أكبر المدافعين عن وجودها العسكري في ليبيا والمتمسكين باتفاقها الأمني والعسكري مع طرابلس.

ودعت وزارة الدفاع في بيان لها، تعليقاً على تصريح وزير الداخلية "كل الجهات ذات الاختصاصات الأمنية التنسيق المسبق معها وكل مؤسساتها العسكرية والأمنية، لضمان الحصول على نتائج تحقق الأمن وتحفظ سيادة الوطن ومؤسساته".

وشددت على أن "عملها يخضع لنظام محدد ودقيق، مبني على تخطيط مسبق لأي عملية تقوم بها، بهدف توحيد جهود المؤسسات الأمنية والعسكرية في مكافحة الإرهاب والتطرف ومحاربة الإتجار بالبشر عبر حدودها والجريمة المنظمة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن، مصادر ليبية أخرى رجّحت أن رفض النمروش العملية عائد إلى علمه بأنها "ستؤدي إلى إضعاف" كتائب مدينته الزاوية، وتقوية شوكة نظيراتها في مدينة مصراتة الموالية لباشا آغا، فيما يبدو أن أبرز القادة العسكريين في مدينة الزنتان أسامة الجويلي يتخوّف كذلك من السبب ذاته، إذ أصدر بياناً يحمل معارضة مبطنة للعملية.

وقال الجويلي في بيانه، إن "التعاون بين الجهات العسكرية والأمنية ووزارة العدل ضرورة قصوى لا غنى عنها لتحقيق الاستقرار والقضاء على المجرمين"، مشدداً على "ضرورة وجود تنسيق مسبق بين وزارة الداخلية ووزارة العدل وآمري المناطق العسكرية وآمر القوة المشتركة، لوضع خطة متكاملة، بغية أن يحقق هذا التعاون أهدافه المرجوة".

تفاصيل عملية "صيد الأفاعي"

من جانبها، كشفت مصادر مقربة من الجيش الوطني الليبي عن معلومات استخباراتية حول عملية "صيد الأفاعي"، قائلة إنها "ستجري بمشاركة قوات ليبية وعدد كبير من المقاتلين السوريين في غرب البلاد، وإنه جرى إعداد كل تفاصيلها في الاجتماعات الأمنية التي عُقدت بين مسؤولين في حكومة الوفاق ونظيرتها التركية في أنقرة".

وأوضحت المصادر، "اتُّفق في الاجتماع على تفعيل الحرس الوطني، الذي يلاقي إنشاؤه اعتراضات كبيرة في ليبيا، وستنضوي تحته كل الكتائب الموالية لحكومة الوفاق وتركيا، بعد الانتهاء من العملية العسكرية المزمع تنفيذها قريباً"، لافتة إلى أنه "أسندت إلى فتحي باشا آغا قيادة العملية التي تستهدف هيثم التاجوري وبعض قيادات كتيبة ثوار طرابلس والمتحالفين معه غرب البلاد، على خلفية اتهام تقارير استخباراتية له بموالاة دول، والتواصل معها بشكل سري".

وأضافت، "الهجوم سيكون على مقرات عسكرية عدة غرب ليبيا بتهم مختلفة، بينما الهدف الحقيقي هو أن لا يكون هناك سلاح في المنطقة الغربية إلا بيد القوات الموالية لتركيا"، موضحة أن "العملية العسكرية ستستغرق شهراً، تبدأ من طرابلس وتنتهي في زوارة على الحدود مع تونس".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات