Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يصبح الاستثمار المتبادل بين أوروبا والصين شوكة في ظهر بايدن؟

مع قرب رحيل ميركل أكبر داعم لها تتجه الأنظار نحو ماكرون لبدء تنفيذها مع تولي فرنسا رئاسة مجلس الاتحاد

أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية في بروكسل  (رويترز)

كانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل المؤيد الرئيس لمعاهدة الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي والصين التي تم التوصل إلى اتفاق مبدئي بخصوصها في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد محادثات امتدت لنحو سبع سنوات، لكن الأمر الآن أصبح متروكاً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمساهمة في دفع تنفيذها مع ترؤس فرنسا القادم لمجلس الاتحاد الأوروبي، ومع استعدادات ميركل للرحيل عن سدة الحكم في الخريف المقبل. ومن المتوقع أن تعمل الصفقة الأوروبية الصينية على تحسين تكافؤ الفرص للمستثمرين الأوروبيين، بينما ستستفيد الشركات الصينية من الفرص الجديدة في أسواق أوروبا.

وتصر بروكسل على أن المعاهدة ستحل مشاكل طويلة الأمد تواجهها الشركات الأوروبية في السوق الصينية. وعلى الرغم من أن التفاؤل الأوروبي - الصيني قد تتحول المعاهدة إلى شوكة في خاصرة جو بايدن، الذي سيدخل البيت الأبيض رئيساً للبلاد في 20 يناير (كانون الثاني)، فقد تخلق الصفقة احتكاكاً مع إدارته، وبخاصة أنه قال إنه يريد تحالفاً مع الاتحاد الأوروبي لممارسة ضغوط مشتركة ضد بكين في شأن ما سماه الممارسات التجارية العدوانية.

أنطوان بونداز، المتخصص في شؤون الصين في مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية، ومقرها باريس، قال لصحيفة "ساوث تشاينا مورننغ بوست"، إن فرنسا ستستعد لرئاستها لمجلس الاتحاد الأوروبي، وسيصبح الرئيس ماكرون المحاور الأوروبي الرئيس للصين. وتوقع أن تكون رئاسة فرنسا للمجلس في النصف الأول من عام 2022 حاسمة إذا ما أرادت توحيد الموقف الأوروبي تجاه السياسات الصينية. ويتفق ميكو هووتاري، المدير التنفيذي لمعهد مركاتور للدراسات الصينية، وهو مركز أبحاث مقره برلين، على ذلك قائلاً "سيستخدم ماكرون بالتأكيد الفرص التي تتيحها مشاركة المملكة المتحدة الأقل والرئاسة الفرنسية (لمجلس الاتحاد الأوروبي) في عام 2022 لتقديم السياسة الأوروبية الصينية بأكثر من لمسة فرنسية".

وكان ماكرون مدافعاً رئيساً عن المشاركة مع الصين في شأن إبطاء انبعاثات الكربون، وهي أولوية رئيسة في السياسة الخارجية لفرنسا، حيث تم إبرام اتفاقية تغير المناخ في العالم عام 2015، لكنه وصف مراراً وتكراراً أنه من السذاجة أن ينظر الغرب للصين بنظرة إيجابية، داعياً في عام 2019 إلى ما سماه "إنهاء السذاجة الأوروبية" تجاه الصين، وأصر على أن يتبنى الاتحاد الأوروبي نهجاً منسقاً تجاه البلاد. واستخدم الرئيس الفرنسي كلمة "سذاجة" مجدداً في أبريل (نيسان) الماضي من هذا العام، لوصف الاعتقاد أن الصين تعاملت مع جائحة كورونا بشكل أفضل من الغرب.

وتقول الصحيفة إنه من الواضح أن هناك أشياء حدثت لا نعرف عنها شيئاً فيما يتعلق بالسياسات الخارجية والأمنية على مستوى الاتحاد الأوروبي، وكان ماكرون مؤيداً قوياً للاستقلال الاستراتيجي، وهو مصطلح يقصد به عموماً نقيض تحالف عبر الأطلسي مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده للعمل مع الإدارة الأميركية القادمة لجو بايدن، من بين قضايا أخرى، مثل الصين ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت بكين قد أشادت مراراً بفرنسا لدعمها الحكم الذاتي الاستراتيجي. وخلال زيارته إلى باريس الصيف الماضي، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي "يسعدنا رؤية الحكم الذاتي الاستراتيجي في أوروبا بهدف توفير مزيد من الاستقرار في هذا الصدد، وتقف الصين مع فرنسا ومع أوروبا"، لكن مصدراً دبلوماسياً في الاتحاد الأوروبي قال للصحيفة، إن الدعوة إلى حكم ذاتي استراتيجي لا تعني اتخاذ موقف ناعم تجاه الصين. وتدور أحدث صفقة الاستثمار حول جعل الصين تفتح وصولها إلى الأسواق. وعلق المصدر "سأفاجأ إذا نظرت بكين إلى الأمر بشكل إيجابي للغاية".

بالإضافة إلى ذلك، ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، يوم الأربعاء، أن باريس أوضحت لأورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، أنه لا توجد حاجة للتسرع في أي محادثات مع الصين، وهو رأي تشاركه هولندا أيضاً.

علامة فارقة في العلاقات التجارية الأوروبية - الصينية

وبحسب موقع المفوضية الأوروبية، تلتزم الصين عبر الاتفاقية بالانفتاح على الاتحاد الأوروبي في عدد من القطاعات الرئيسة، كما التزمت بإتاحة فرص أكبر للمستثمرين الأوروبيين في أسواقها، وتعهدت أيضاً بضمان معاملة عادلة لشركات الاتحاد الأوروبي على أراضيها حتى تتمكن من المنافسة مع نظيرتها الصينية من حيث الضوابط للشركات المملوكة للدولة وشفافية الإعانات والقواعد ضد النقل القسري للتكنولوجيات. وللمرة الأولى، وافقت الصين أيضاً على أحكام طموح في شأن التنمية المستدامة، بما في ذلك الالتزامات المتعلقة بالعمل الجبري والتصديق على الاتفاقيات الأساسية لمنظمة العمل الدولية ذات الصلة.

من جانبها، تقول المفوضية الأوروبية، إن الاتفاقية ستخلق توازناً أفضل في العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والصين، حيث إن الاتحاد الأوروبي تقليدياً أكثر انفتاحاً من الصين على الاستثمار الأجنبي.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، قالت إن الاتفاقية "تشكل علامة فارقة مهمة في العلاقات الأوروبية مع الصين وأجندة التجارة القائمة على القيم". وأضافت أن "المعاهدة ستوفر وصولاً غير مسبوق إلى السوق الصينية للمستثمرين الأوروبيين، مما يمكن الشركات الأوروبية من النمو وخلق فرص العمل". وأشارت إلى أن الصين ستلتزم بمبادئ طموح في شأن الاستدامة والشفافية وعدم التمييز، قائلة إن "الاتفاقية ستعيد التوازن إلى علاقتنا الاقتصادية مع الصين".

وقال نائب الرئيس التنفيذي والمفوض التجاري، فالديس دومبروفسكيس "ستمنح هذه الصفقة الشركات الأوروبية دفعة كبيرة في واحدة من أكبر الأسواق وأسرعها نمواً في العالم، مما يساعدها على العمل والمنافسة في الصين. كما أنه يرسخ جدول أعمالنا التجاري القائم على القيم مع أحد أكبر شركائنا التجاريين". وأضاف "لقد حصلنا على التزامات ملزمة في شأن البيئة وتغير المناخ ومكافحة العمل الجبري، وسنتعاون عن كثب مع الصين لضمان الوفاء الكامل بجميع الالتزامات".

وتشمل المجالات التي ستفوز فيها شركات الاتحاد الأوروبي بحقوق وصول محسنة قطاع السيارات، ومعدات الاتصالات، والحوسبة السحابية، والرعاية الصحية الخاصة والخدمات المساعدة للنقل الجوي. وستضع الاتفاقية أيضاً الاتحاد الأوروبي على قدم المساواة مع الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بالعمل في سوق الخدمات المالية الصينية مستقبلاً. وكانت هناك تكهنات منذ شهور بأن ماكرون وميركل قد يزوران بكين معاً هذا العام. ومهما حدث، لا يزال من المتوقع أن تستمر ألمانيا في لعب دور كبير في سياسات الاتحاد الأوروبي والصين حتى بعد رحيل ميركل، التي من المقرر أن يتولى خليفتها زمام الأمور في الخريف.

من جهته، استبعد المدير التنفيذي لمعهد مركاتور للدراسات الصينية، أن تشهد ديناميكيات القوة الأساسية ووزن الاعتماد المتبادل الألماني مع الصين كمحرك أساسي لأي تغيير. ويرى أنه وبغض النظر عمن سيكون المستشار القادم في برلين، فإن هذا المجال يمثل أولوية رئيسة في السياسة الخارجية لألمانيا.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد