Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا سيصنع ترمب بعد خروجه من البيت الأبيض؟

مسارات عدة قد ينتهجها الرئيس الأميركي بعد 4 سنوات من الحكم

الإعلان عن حملة ترمب 2024 ليست مؤكدة على الرغم من أن بعض الجمهوريين يعتبرون أن فرص ترشحه تتراوح بين 70 و80 في المئة (أ ف ب)

عادة ما تصبح فترة ما بعد الرئاسة مهمة سهلة للرؤساء الذين شغلوا المكتب البيضاوي، إذ ينغمس بعضهم في إلقاء خطب بعشرات الآلاف من الدولارات، أو يكتبون مذكراتهم الرئاسية، وقد يشيدون مكتبات أو يتبنون قضايا إنسانية، لكن الرئيس دونالد ترمب الذي سيغادر البيت الأبيض بعد شهر واحد، لم يكن يوماً سياسياً تقليدياً، ولهذا سيفعل على الأرجح ما لم يفعله أي رئيس آخر في العصر الحديث، فما الأدوار التي تنتظر ترمب عقب خروجه من البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل؟ وما أكثر المسارات الأقرب إلى شخصيته؟

مسارات متعددة

تتوافر لدى ترمب مسارات متعددة يمكن له أن يسلكها بدءاً من اليوم الذي يغادر فيه البيت الأبيض، غير أن إنكاره الهزيمة وإصراره على تأكيد خطابه المزعوم حول تزوير الانتخابات، سيدفع به إلى محاولة الحفاظ على أهميته التي رافقته كرئيس بعد أن يترك منصبه، خصوصاً أن عدداً من الأدوار المتداخلة يمكن أن تحقق له هذا الغرض، كأن يترشح لانتخابات الرئاسة مرة أخرى 2024، أو أن يصبح صانع الملوك الجمهوريين بمساندته المرشحين لهذا السباق، أو يكتفي بحضور إعلامي مؤثر عبر قنوات تلفزيونية وعلى الإنترنت، أو يكتب مذكراته الرئاسية بما فيها من صراعات ومفاجآت، أو أن يعود إلى إدارة مشاريعه العقارية ليحافظ على علامة ترمب التجارية محلقة في الآفاق.

لكن ترمب قد يواجه أيضاً العديد من العراقيل التي تدفعه قهراً إلى الابتعاد عن هذه الأدوار إذ يواجه تهديدات قضائية متعددة في نيويورك لا يعرف إلى أين ستنتهي، وقد يصل به الحال أيضاً إلى التقاعد إذا واجه تحديات سياسية أو صحية صعبة خلال الأشهر والسنوات القليلة المقبلة. 

الترشح لانتخابات 2024

عندما غادر الرئيس الجمهوري السابق جورج دبليو بوش السلطة في 20 يناير 2009، فضّل التمتع بحياة هادئة عبر ممارسة هوايته المفضلة وهي الرسم، لكن الرئيس الجمهوري الحالي ترمب لن يخلد للهدوء أو ممارسة هوايته المفضلة في رياضة الغولف، إذ يُتوقع أن يواصل صنع الأخبار وحشد الجماهير وإثارة الجدل وهو تماماً ما كان يفعله قبل أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة.

ويقول خبراء الاستراتيجية الجمهوريون إن ترمب سيُبقي احتمال ترشحه للرئاسة 2024 حياً سواء فعل ذلك في النهاية أم لم يفعل، لأن فكرة حملة ترمب 2024 تعد أسهل طريقة للاحتفاظ برأسماله السياسي، وهو أيضاً مسار يتوافر له ما يكفي من التمويل لتحقيقه على الأرض بعدما جمع 170 مليون دولار في شهر واحد عقب انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

كما أنه من مصلحة العديد من مساعدي ترمب وأصدقائه، دفع الرئيس إلى خيار الترشح للانتخابات الرئاسية مرة أخرى، فمنذ أن أطلق ترمب حملته الرئاسية 2015، جذب إلى دائرته عدداً من الشخصيات التي كانت على هامش السياسة في الحزب الجمهوري، ولهذا يرتبط استمرار أهمية هؤلاء بحملة مستقبلية رئاسية جديدة. 

كليفلاند الثاني

قد لا يكون من المستغرب أن تتحول تكهنات الإعلان عن حملة 2024 في اليوم نفسه لتنصيب جو بايدن إلى حقيقة واقعة بهدف سرقة بعض الأضواء من الرئيس المقبل، ونكاية في خصمه المنتصر الذي لم يعترف به حتى الآن ولن يحضر على الأرجح حفل تنصيبه، ولهذا لن يعبأ ترمب عما إذا كان سلوكه ينتهك القواعد الرئاسية المتعارف عليها أو آداب السلوك في أميركا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مع ذلك، فإن الإعلان عن حملة ترمب 2024 ليست مؤكدة، على الرغم من أن بعض الجمهوريين يعتبرون فرص ترشحه تتراوح بين 70 و80 في المئة، وهدف ترمب الحقيقي هو أن يظل في بؤرة الاهتمام السياسي والإعلامي في البلاد، ولكن إذا فعلها ترمب فسيكون الرئيس الثاني في تاريخ الولايات المتحدة بعد غروفر كليفلاند الذي يغادر البيت الأبيض ويعود للترشح بعد أربع سنوات، إذ تولى كليفلاند منصب رئيس الولايات المتحدة 1885 ثم تولاه بعد فوزه بالانتخابات مرة أخرى 1893.

ينص الدستور الأميركي على أنه لا يجوز انتخاب أي شخص لمنصب الرئيس أكثر من مرتين، لكن لا توجد أي إشارة في الدستور حول شروط ذلك أو ما إذا كان يجب أن تكون الفترتان الرئاسيتان متتاليتين.

زعيم الجمهوريين

حتى في حال تراجع ترمب في وقت ما ولأي سبب عن ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية 2024، فقد يلعب دوراً مماثلاً يؤكد سيطرته على الحزب الجمهوري، عبر دعم مرشح آخر للانتخابات المقبلة.

ويستند هذا التصور إلى قدرة ترمب على إقناع نحو 72 مليون ناخب صوتوا لصالحه، بدعم المرشح الذي يؤيده هو بعد أربع سنوات وبما يؤكد ما يعتبره نتيجة طبيعية لزعامته الحالية للحزب الجمهوري والتي قد تستمر إذا واصل جولاته الجماهيرية، وواظب على استخدام سلاح "تويتر" في توجيه الحزب وقياداته على الرغم من ظهور بوادر مناهضة لنفوذه خلال الأيام القليلة الماضية.

غير أن آخرين يرون أن ترمب قد لا يفعل ذلك إلا في حالة واحدة فقط وهي ترشح أحد أبنائه بديلاً منه، خصوصاً أنه لم يخفِ رغبته السابقة في ذلك حين صرح بأن ابنته إيفانكا تصعب هزيمتها إذا ترشحت لرئاسة الولايات المتحدة، كما أنه واظب على نشر دعاية على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر اسم ترمب مستمراً مع كل انتخابات رئاسية ولقرون عدة مقبلة. 

قطب إعلامي

لا يُعد الرئيس ترمب غريباً على التلفزيون، ولديه منذ سنوات طويلة جمهور واسع الانتشار بين أنصار التيار المحافظ، لا سيما بعدما أمضى فترة في برنامج الواقع "ذا أبرينتايس" الذي وضعه في تصنيفات مشاهدة مرتفعة، وقد ثارت بالفعل توقعات بأن طموحه عقب الرئاسة هو الانخراط في وسائل الإعلام إما من طريق إطلاق قناته الخاصة أو التعاون مع شبكة تلفزيونية محافظة قائمة بالفعل.

ويرى مؤيدون للرئيس ترمب أنه يدرك حاجته إلى التواصل مع قاعدته الجماهيرية باستمرار، وأفضل طريقة للقيام بذلك هي منصة إعلامية قوية، إذ يبدو أن شبكة "فوكس نيوز" هي الاختيار المناسب إذا قرر ترمب ذلك بالنظر إلى شعبيتها، ومع ذلك، سعى إلى الترويج لشبكات تلفزيونية يمينية محافظة تنافس فوكس مثل "نيوزماكس" و "وان أميركان نيوز". ومن المرجح أن يخضع اختياره في النهاية إلى عامل الربح نظراً لأنه يواجه ديوناً مقلقة كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" في أكتوبر (تشرين الأول) أنها تصل إلى نحو 400 مليون دولار من ديون شركاته، وأن حوالى ثلاثة أرباع هذه الديون مستحقة خلال السنوات الأربع المقبلة.

لكن أحد الأسئلة الرئيسة التي يصعب الإجابة عنها هو إلى أي مدى أضرّت الخلافات السياسية حول ترمب بعلامته التجارية التي كانت جزءاً رئيساً من رأسماله الإعلامي، ويخشى خبراء من أن يترك الصراع السياسي الذي كان منخرطاً فيه أثراً سلبياً فيه.

كتابة المذكرات الرئاسية

لا أحد يشك في أن تأثير ترمب في الحزب الجمهوري سيبقى عميقاً، فعلى الرغم من هزيمته وحالة الانقسام التي أثارها في الأمة الأميركية، إلا أنه أكثر الجمهوريين شعبية في البلاد، حتى لو لم يرشح نفسه مرة أخرى، فإن انخراطه في كتابة مذكراته الرئاسية وكشف تفاصيل معاركه السياسية ومحاولة عزله في الكونغرس وقضية اتهامه بالتواطؤ الروسي وغيرها من القضايا المثيرة للجدل، سوف تحقق انتشاراً واسعاً وتثير ردوداً ومعارك إعلامية أكبر، من شأنها أن تبقيه حاضراً في المشهد السياسي، كما أن توزيع هذه المذكرات السياسية في أميركا وأنحاء العالم سيحقق لترمب ملايين الدولارات التي ربما يكون في حاجة لها.

ولا يتعارض نشر هذه المذكرات مع خططه الأخرى لمرحلة ما بعد الرئاسة سواء الترشح للانتخابات المقبلة في 2024 أو الانخراط في المشهد الإعلامي الأميركي، بل إنها قد تكون عامل قوة جديداً يضاف إلى العوامل الأخرى.

العودة إلى عالم الأعمال

وبينما كان لبعض الرؤساء السابقين أعمالهم الخاصة التي انخرطوا فيها قبل اعتلائهم سدة الحكم في الولايات المتحدة مثل جيمي كارتر الذي امتلك مزرعة للفول السوداني وعائلة بوش التي كانت لديها مصالح نفطية، إلا أنه لم تكن هناك سابقة لشبكة مصالح الأعمال المعقدة التي جلبها معه دونالد ترمب إلى البيت الأبيض منذ أربع سنوات، التي يعتقد البعض أنها قد تجرّ عليه كثيراً من الانتقادات، فعندما يترك منصبه الشهر المقبل، سيعود على الأرجح ليصبح وجه أعمال عائلته، ما يعني عودته إلى عقد صفقات عقارات محلية وأجنبية.

ولأنه مُثقل بمئات الملايين من الديون بحسب ملفه الضريبي الذي كشفت عنه "نيويورك تايمز"، وارتباط اسمه بسياساته المثيرة للجدل في الولايات المتحدة، من المتوقع أن يفكر ترمب في استكمال مشاريع عقارية في الهند والصين وتركيا ودول أخرى بعد ترك منصبه وفقاً لما نشرته صحف أميركية نقلاً عن مقربين في دائرته مثل باربرا ريس المسؤولة التنفيذية السابقة في مؤسسة ترمب.

يتماشى ذلك مع ما قاله أبناؤه الذين كانوا مسؤولين عن إدارة شركة العائلة طوال تولي ترمب المنصب الرئاسي، إذ أوضح ابنه دونالد ترمب جونيور لصحيفة هندية العام الماضي أنه "بعد السياسة، سننظر بالتأكيد إلى الهند والأسواق الأخرى".

خوض معارك قانونية

لكن الأمور قد لا تسير بحسب ما يشتهي الرئيس ترمب خلال الأشهر المقبلة، ذلك أنه سيواجه سلسلة من القضايا القانونية التي قد تبقيه منشغلاً بها بمجرد تركه منصبه، وبدأت بالفعل بعض التحقيقات في منظمة ترمب، وأطلق المدعي العام لمقاطعة مانهاتن، تحقيقاً يتعلق بمزاعم عن دفع ترمب مبالغ مالية، لشراء صمت امرأتين تقولان إن لهما علاقات سابقة معه، وهو ما نفاه الرئيس مراراً ووصف التحقيقات بأنها ترصدٌ له دوافع سياسية.

ويواجه أيضاً دعاوى تشهير أخرى تتعلق بقضيتَي اعتداء جنسي مزعوم رفعتها سيدتان بشكل منفصل، ونفى هذه الاتهامات، كما رفعت ماري ترمب، ابنة أخ الرئيس، دعوى قضائية تتهمه مع اثنين من أفراد أسرته بالاحتيال والتآمر.

التقاعد

قد يكون تقاعد ترمب بعد تركه المنصب الرئاسي هو أقل الاحتمالات واقعية بالنظر إلى طبيعة شخصيته ومزاجه الشخصي ولكونه مليارديراً يتمتع بصحة جيدة حتى الآن على الرغم من تجاوزه الـ 74 من العمر، ومع ذلك فإن التقاعد يظل آخر الخيارات المطروحة حال فشله في تنفيذ الخيارات الأخرى أو لأسباب صحية قد تطرأ مع تقدمه في السن. 

وسواء قرّر التقاعد في النهاية أو لم يقرّر، فسوف يحصل في كل الأحوال على معاش رئاسي والكثير من الامتيازات الأخرى فور تركه منصبه، ويوفر قانون الرؤساء السابقين، الذي سُنّ 1958 للحفاظ على كرامة المنصب الرئاسي، مزايا تشمل معاشاً سنوياً بلغ أكثر من 207 آلاف دولار أميركي العام 2017.

ويتمتع الرؤساء السابقون أيضاً بحماية جهاز أمن الخدمة السرية الخاص بالرؤساء مدى الحياة، فضلاً عن مزايا صحية، ونفقات أخرى للسفر والموظفين، ولهذا سيكون بوسع ترمب أن يقضي أيامه في الأنشطة الخيرية، ويعزز رصيده المصرفي بإلقاء خطابات مدفوعة الأجر في الندوات والمحافل الكبرى كسائر الرؤساء السابقين، وأن يملأ وقت فراغه في لعب رياضة الغولف في فلوريدا.

علامة ترمب باقية

لكن كثيرين من المقربين للرئيس ترمب لا يرون الحياة الهادئة سيناريو محتملاً لرجل قضى الكثير منها في دائرة الضوء، لهذا من غير المرجح أن يتلاشى كشخصية، بل سوف تستمر علامته التجارية والسياسية حاضرة بقوة داخل أميركا وحول العالم على الرغم من أنه قال خلال جولة انتخابية في أكتوبر الماضي إنه إذا خسر الانتخابات الرئاسية فإنه سيشعر بالجزع والمرارة لدرجة أنه ربما يضطر إلى مغادرة البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل