Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف أضرت عملية بريكست بقطاع الأعمال في المملكة المتحدة؟

خسر ممثلو الشركات البريطانية كل معركة خاضوها في ضوء بريكست منذ استفتاء عام 2016. والآن، في غياب اتفاق تجاري بريطاني - أوروبي، يواجهون أسوأ نتيجة على الإطلاق. فكيف حصل ذلك؟ تقرير بقلم بن تشو

قطاع رجال الأعمال في بريطانيا غير مرتاح من الأوضاع الإقتصادية الحالية في البلاد، رغم تطمينات رئيس الوزراء بوريس جونسون (غيتي)

في 22 يونيو (حزيران) 2016 – أي قبل يوم من الاستفتاء على بريكست – وقع أكثر من ألف مسؤول تنفيذي في قطاع الشركات رسالة تدعم عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي.

ونصت الرسالة، التي شارك فيها مسؤولون في نصف الشركات المدرجة في مؤشر "فايننشال تايمز 100" الخاص ببورصة لندن، على ما يلي: "ستعني مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي غموضاً لشركاتنا، وانخفاضاً للتجارة مع أوروبا، وتراجعاً في الوظائف".

وخسرت الأعمال المعركة، بالطبع. فالناخبون صوتوا بنسبة 52 في المئة في مقابل 48 في المئة على المغادرة.

والحقيقة الصارخة أن الأعمال خسرت كل معركة تقريباً منذ ذلك الوقت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فبعد الاستفتاء، حاربت الشركات البريطانية من أجل بقاء المملكة المتحدة، على الأقل في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، إن لم يكن في الاتحاد نفسه. وضغطت من أجل نظام ليبرالي للهجرة.

لكن المملكة المتحدة ستغادر الاتحاد الجمركي، وسرعان ما ستخرج من السوق الموحدة، وسيكون نظام الهجرة الجديد أكثر تقييداً بكثير.

والآن، إذا فشل بوريس جونسون في إبرام اتفاق للتجارة الحرة، يبرز احتمال فرض رسوم جمركية على الصادرات إلى المنطقة التي نتبادل معها حوالى نصف تجارتنا وعلى الواردات منها. ذلك كله بدءاً من نهاية هذا الشهر.

ويقر أحد الممثلين القلقين للشركات قائلاً: "سيصعب تخيل نتيجة أسوأ من هذه النتيجة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن شأن اتفاقية تسمح ببعض التجارة الحرة فقط أن تخفف كثيراً من المخاوف التي تنتاب كثيراً من الشركات ومجموعات الضغط منذ صباح اليوم التالي للنتائج الصادمة للاستفتاء عام 2016.

ووفق ما يقر الوزراء بحرية، تكافح الحكومة البريطانية من أجل المفهوم المطلق لـ"السيادة"، وليس المصالح الصلبة للأعمال، في المفاوضات التي تجريها مع بروكسل.

وسواء أُبرِم اتفاق للتجارة الحرة أم لم يُبرَم، خسرت الأعمال حرب بريكست.

فكيف حصل ذلك؟

في يونيو 2018، حضر بوريس جونسون، وزير الخارجية في حكومة تيريزا ماي وقتئذ، مناسبة للدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي.

وسأل سفير بلجيكا في الاتحاد الأوروبي عن مخاوف الأعمال من احتمال حصول بريكست من دون اتفاق، وهذا كان يعني في تلك الأيام المشوبة بمشكلات أقل خروج المملكة المتحدة من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي.

ويُزعَم أن جونسون رد بالقول: "اللعنة على الأعمال".

ولم ينفِ لاحقاً استخدام هذه الكلمات حين سُئِل في مجلس العموم عن هذا الحوار.

من الملام إذاً على خسارة الأعمال حرب بريكست؟

هل هو خطأ حزب المحافظين الذي توجهه العقيدة المؤيدة لبريكست؟ هل يعود السبب إلى أن الوزراء يخشون أكثر مما يجب تحدي التحيزات الخاصة بأعضاء الحزب؟

أو هل أخفقت الأعمال في الضغط في شكل فاعل؟ هل فشلت الشركات البريطانية في فهم طبيعة العالم بعد الاستفتاء والأولويات الجديدة للرأي العام؟

هل ألحق السياسيون الضرر بقطاع الأعمال، أم هل أضرت الأعمال إلى درجة ما بنفسها؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فتح الخزانة

تحدد نيكول سايكس، التي ترأست المفاوضات حول بريكست في مجموعة الضغط الخاصة باتحاد الصناعة البريطاني حتى هذا الصيف، مرحلة مفصلية بين نتيجة الاستفتاء وقرار تيريزا ماي القاضي بمغادرة المملكة المتحدة السوق الموحدة، المعلن في خطاب بلانكستر هاوس (مقر وزارة الخارجية والكومنولث) في يناير (كانون الثاني) 2017.

كان هذا القرار الذي اتخذته السيدة ماي هو ما وضع المملكة المتحدة على مسار مبكر باتجاه بريكست من دون اتفاق.

وتقول السيدة سايكس: "لو كنا نحن [قطاع الأعمال] أكثر صلابة وانضباطاً خلال تلك المرحلة من الأشهر الستة الأولى لحققنا فارقاً [غيرنا في مآل الأمور]".

وتضيف أن المشكلة تمثلت في هذه الأشهر الأولى في أن كثراً من قادة الأعمال كانوا لا يزالون يعانون في معرفة مقدار أهمية عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي لعملياتهم، وذلك على صعيد إجراءات كثيرة تتراوح بين التنظيمات، وقواعد نقل البيانات، ومكونات قواهم العاملة.

وتقول: "كانت الأعمال لا تزال تفتح خزائنها وتحاول معرفة العمليات التي يمثّل الاتحاد الأوروبي أهمية لها.

"كان ثمة غياب للفهم في هذه المرحلة في مجال ما يعنيه الاتحاد الأوروبي. وهذا منعهم من أن يعرفوا تحديداً ما كانوا يحتاجون إليه من الاتفاق".

بيد أن الأعمال ما لبثت أن نظمت نفسها. ويقول أعضاء في مجموعات الضغط إن خطة "الداما" التي وضعتها تيريزا ماي عام 2018 – التي كان من شأنها المواءمة الدائمة بين التنظيمات البريطانية والأوروبية – عكست أخذاً معقولاً في الاعتبار لمخاوف الأعمال، على رغم أن الخطة كانت بعيدة من الكمال.

ويقول مشارك في المحادثات التي أفضت إلى خطة "الداما": "كان للأعمال أثر كبير جداً – أجرينا حواراً أكثر عقلانية بكثير مع الحكومة".

لكن الخطة دفعت بالطبع إلى استقالات من المتشددين من الوزراء المؤيدين لبريكست، بمن فيهم ديفيد ديفيس وبوريس جونسون، فهم لم يكونوا مستعدين لقبول ما اعتبروه ضوابط تفرضها الخطة على سيادة المملكة المتحدة.

وأُبطِلت خطة "الداما" في نهاية المطاف.

ويتذكر عضو في إحدى مجموعات الضغط قائلاً: "سادت خيبة أمل كبيرة آنذاك. فكثير من العمل استنفده التفكير في نموذج ناجح للطرفين".

"سنجري الأعمال من نيويورك"

تفيد مجموعات الأعمال بأن وصولها إلى الوزراء للتعبير عن آرائها والإشارة إلى الوقائع التجارية الخاصة بمغادرة السوق الموحدة كان مشكلة خلال الأيام الأولى من إدارة تيريزا ماي – لكنها تشعر بأن الأمر ما لبث أن تحسن.

وكان الإصغاء السليم إلى المشكلة أقل من الاستماع إليها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تمثّل "ذا سيتي يو كاي" قطاع الخدمات المالية البريطاني، الذي يساوي حوالى سبعة في المئة من اقتصاد المملكة المتحدة وهو أحد أبرز قطاعاتنا المصدّرة.

واجتمع جون ماكفارلاين، الرئيس السابق للمجموعة الذي كان يرأس أيضاً مصرف "باركليز" في ذلك الوقت، إلى ديفيد ديفيس حين كان الأخير وزيراً لبريكست.

ويتذكر مصدر قائلاً إن ديفيس، حين أخبره ماكفارلاين عن المخاوف على قدرة الأعضاء في منظمته على خدمة العملاء في الاتحاد الأوروبي من لندن بعد بريكست، تراجع في كرسيه وقال براحة بال: "أنتم أذكياء بما يكفي لتحلوا هذه المشكلات كلها".

وأجاب ماكفارلاين: "أنت على حق أيها الوزير. سنحل المشكلة، لكننا سنقوم بالأعمال من نيويورك".

غير أن البعض يعتقدون بأن جزءاً من المشكلة يعود إلى أن ممثلي الشركات كانوا متحفظين أكثر مما يجب فلم يعبروا عن رأيهم بقوة، ربما بسبب القلق المفرط من عدم دعوتهم مجدداً.

ويقول أحد المراقبين: "حين دخلوا إلى الغرفة، لم يتحدثوا دائماً".

ويضيف "أتذكرُ بالتأكيد اجتماعات مختلفة مع الوزراء حيث كان ربما ممثل لشركة يبرز ويتحلى بالشجاعة ويقول، "هذا هو الواقع في ما يعنيه الأمر بالنسبة إلى توفير المواد الغذائية في محال السوبرماركت لدينا"، أو "هذا هو الواقع في ما يتعلق بالرسوم الجمركية على سياراتنا"– لكن ممثلاً لشركة كهذا كان في الأغلب الاستثناء وليس القاعدة".

انطلاق العملية

لكن معظم المراقبين يقولون لو أن الأعمال ارتكبت أخطاء حقاً، من المشكوك فيه أيضاً مدى التأثير الذي كان سيحدثه أداء أفضل في مجال الضغط بعدما انتُخِب جونسون، الرجل الذي شن حملة على خطة بريكست الخاصة بماي والمناسبة نسبياً للأعمال، زعيماً لحزب المحافظين بغالبية ساحقة من الأصوات في صيف 2019 – خصوصاً بعدما حقق فوزاً حاسماً في الانتخابات العامة استناداً إلى برنامج عنوانه "إنجاز بريكست" في ديسمبر (كانون الأول) 2019.

تقول سايكس، العضو السابقة في مجموعة الضغط الخاصة باتحاد الصناعة البريطاني: "من لحظة تولي بوريس جونسون المسؤولية، انطلقت العملية".

وأبدى الفريق السابق لحملة "التصويت بالخروج" الذي دخل مقر رئاسة الوزراء مع جونسون كراهية لاتحاد الصناعة البريطاني ومجموعات الضغط الأخرى التابعة لشركات كبيرة بسبب دورها في دعم حملة "التصويت بالبقاء" أثناء الاستفتاء.

ويصف أحد الممثلين نهج رئاسة الوزراء بما يلي: "على الأعمال التأقلم مع الوضع والاستعداد له، وليس لديها رأي في الموضوع بالطريقة نفسها".

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، عبّرت كارولين فيربيرن، الرئيسة المنتهية ولايتها لاتحاد الصناعة البريطاني، عن أسفها قائلة: "كان لدى الحكومة شعور بأن الأعمال جزء من المشكلة".

لكن البعض يشعرون بأن جائحة كوفيد والأزمة الاقتصادية الضخمة التي تسببت بها هذا العام ساعدت في الواقع في إصلاح العلاقات مع رئاسة الوزراء ومكتب شؤون مجلس الوزراء إلى درجة ما، لأن على الحكومة والأعمال ببساطة أن تتعاون.

لكن حالة الطوارئ الاقتصادية لهذا العام ترتب عليها أيضاً وفي شكل شبه حتمي انحراف الاهتمام لدى مؤسسات كثيرة عن بريكست.

وتقول سايكس: "كان كل فريق من الفرق المؤسسية المعنية بالشؤون الحكومية إما في إجازة مدفوعة أو مركزاً على كوفيد.

"ولم تركز أي أعمال على الضغط في شأن بريكست أو تفاصيل الاتفاق في ذلك الوقت لأنها [الجائحة] استهلكت ببساطة كل شيء".

وتشعر معظم المجموعات المؤسسية بأن المشكلة الأساسية تتلخص في أن بريكست، في نظر معظم حزب المحافظين، لطالما كان مشروعاً عقائدياً أكثر بكثير من كونه مشروعاً سياسياً.

ويقول عضو في مجموعة ضغط: "لم تكن المسألة اقتصادية قط بالنسبة إلى جزء كبير ومؤثر من حزب المحافظين، وفي ضوء ذلك، لم يكن صوت الأعمال مؤثراً إلى حد كبير.

"لو تعلق الأمر بالحجج الاقتصادية لكان الأمر انتهى بنا في مكان مختلف تماماً".

وتعتقد هذه المجموعات أيضاً أن العمل السياسي الداخلي في حزب المحافظين، وليس الجهل أو العمى العقائدي، هو السبب الذي يجعل الوزراء يقولون الآن – على رغم الأدلة كلها، بما في ذلك تحليل بنك إنجلترا ومكتب مسؤولية الميزانية – إن بريكست من دون اتفاق سيكون نتيجة إيجابية تماماً للاقتصاد البريطاني.

ويزعم عضو في مجموعة قائلاً: "نعرف أن [وزير شؤون مجلس الوزراء] مايكل غوف يعرف الحقيقة الآن. ونعرف أن [وزير المالية] ريتشي سوناك يعرفها إلى حد ما الآن. لكننا نعرف أنهما ليسا مستعدَّين حقاً ليتحليا بالجرأة ويقولا ذلك".

رفع العبء؟

ماذا عن مستقبل الأعمال والحكومة بعد الأربع سنوات ونصف السنة المؤلمة هذه؟

يعتقد البعض في قطاع الأعمال بأن بريكست فوضوي من دون اتفاق قد يغير مواقف الوزراء، لا سيما إذا أعلنت شركات رئيسية إغلاق مصانعها بسبب الرسوم الجمركية، بما في ذلك رسوم بنسبة 10 في المئة على السيارات المصدرة إلى أوروبا القارية.

ويقول أحد المعنيين: "إذا قررت "نيسان" أن توضح قبل الانتخابات المحلية في مايو (أيار) 2021 أنها ستغادر الشمال الشرقي، ورأى كثر من النواب المحافظين في الدوائر الموالية تاريخياً لحزب العمال أن المؤيدين لحزب العمال في دوائرهم ممن صوتوا لحزب المحافظين سيعاودون التصويت لحزب العمال بأعداد كبيرة، قد يكون لذلك أثر". ويضيف "يجب أن يحصل شيء من هذا القبيل لكي يبتعد الناس عن العقائد".

ويعتقد البعض بأن هذا النوع من الضغط الآتي من القاعدة يمكن أن ينهي الحمى التي يشهدها حزب المحافظين ويسمح للوزراء بالعودة إلى مائدة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي في العام الجديد من أجل أن يقروا أخيراً اتفاقاً للتجارة الحرة.

وماذا لو جرى التوصل في اللحظة الأخيرة الممكنة إلى اتفاق للتجارة الحرة؟ يأمل البعض في قطاع الأعمال ببعض التحول في هذه الظروف أيضاً.

يقول أحد المعنيين: "كانت مفاوضات بريكست عبئاً على كواهل الجميع. وحين يتمكنون من القول إنهم حققوا وعدهم بإتمام بريكست، ثمة تفاؤل بأن يسمح ذلك للأمور بالعودة إلى حالتها الطبيعية".

ومع اتفاق أو من دونه، تؤكد مجموعات الأعمال أن ثمة أشياء كثيرة جداً يجب التفاوض عليها مع أوروبا في السنوات المقبلة، وهي تتراوح بين معادلة التنظيمات الخاصة بالخدمات المالية وقواعد تبادل البيانات.

وبغض النظر عن رأي الشركات البريطانية في دوافع السياسيين، سيكون عليها العمل معهم في هذا المجال.

تعتقد نيكول سايكس بأن حرب بريكست الوحشية الدائرة منذ عام 2016 يجب أن تكون سبباً للمراجعة الداخلية من قبل الشركات أيضاً.

وتقول: "من العوامل التي تسهّل على السياسيين تجاهل الشركات هذه الأيام الثقة المتراجعة في الأعمال.

"وسيكون على الأعمال العمل بجد أكبر بكثير لاستعادة هذه الثقة إذا رغبت في الفوز باحترام السياسيين وفي نيل مكانة مميزة في وضع السياسات".

وحالياً تشعر الشركات البريطانية بكل شيء إلا بالتميز.

 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد