Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسرة غادرت لبنان إلى أرمينيا فوجدت حرباً بانتظارها

تركت عائلة كينيجيان بيروت وحطامها لتؤسس حياة لها من الصفر في ناغورنو قره باغ، لكن سرعان ما لحقت بها الفوضى والدمار

خراف ترعى على تخوم قرية أغافنو في مقاطعة لاشين في ناغورنو قره باغ (غيتي)

سألت تينا كينيجيان نفسها السؤال عينه آلاف المرات "هل نبقى أم الأفضل لنا أن نغادر؟".

عاشت السيدة اللبنانية الأرمينية البالغة من العمر 26 سنة في قرية أغافنو مع زوجها وولديهما في ناغورنو قره باغ أقل من أربعة أشهر.

وبدا منزلهم الجديد، الواقع على مقربة من النهر تحميه قمم مكلّلة بالثلوج، مكاناً مثالياً مقارنة بحياتهم على سواحل البحر المتوسط.

ويذكر هاروت، زوج تينا "بدأت المشاكل تتفاقم في لبنان العام الماضي: الاضطراب، البطالة والفساد وطبعاً انهيار الاقتصاد. أصبح من المستحيل عليً أن أعيل عائلة براتبي كموظف حكومي حتى ولو عملت أيضاً مصفف شعر".

يعتمل الاستياء في لبنان منذ سنوات، مع اضطرار الناس إلى التعامل مع انقطاع الطاقة الكهربائية يومياً وانهيار العملة الذي أدى إلى زيادة هائلة في الأسعار.

لكن حين اندلعت التظاهرات الحاشدة التي عمّت أرجاء البلاد في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، اتخذت تينا وزوجها هاروت أخيراً قرار الرحيل عن منزلهما في ضاحية برج حمود الواقعة شمال شرقي بيروت التي يقطنها عدد كبير من الأرمن، والانتقال إلى ناغورنو قره باغ.

بعد المعاناة التي عاشتها من أجل تلبية احتياجاتها الأساسية، بدأت العائلة تبحث عن خيارات لها خارج البلاد ووجدت أنّ سلطات ناغورنو قره باغ تقدّم بيوتاً مجانية في المنطقة لأرمن الشتات.

سافروا بداية إلى أرمينيا، حين تركت تينا بصحبة الأولاد لبنان في أكتوبر.

بعد أسبوعين فقط من التحاق هاروت بهم، دمّر بيروت انفجار هائل جراء اندلاع النار في 2.750 طن من نيترات الأمونيوم المخزنة بطريقة خطرة. قُتل المئات وجُرح الآلاف وشُرّد نحو 300 ألف شخص في انفجار الرابع من أغسطس (آب)، الذي وُصف بأنه أكبر انفجار غير نووي في التاريخ.

كما دُمّر بيت عائلة كينيجيان وسيارتها ومحل البقالة التابع لها.

وتقول تينا "شعرت بأننا كنا محظوظين بالنجاة، كما أدركت أننا خسرنا القليل الذي تركناه خلفنا".

وبعد مضي شهر على وجودها في أرمينيا، تمكّنت العائلة من الانتقال إلى بيتها الجديد في أغافنو.

وتقول تينا "بعد كل ما عشناه، بدا المكان مثالياً كي نربي أطفالنا فيه: مجتمع صغير ومسالم من 60 عائلة تعيش معاً في الغابة… كان الوضع مثالياً ببساطة".

لكن الشهر التالي، اندلع القتال بين الجيش الأرميني بتجهيزاته التي تعود إلى الحقبة السوفياتية من جهة والحرب الخاطفة بتقنيات عالية ومتطورة بقيادة أذربيجان تدعمها تركيا من الجهة الأخرى.

وتقول تينا "إن صوت القصف المستمر مرعب وكثير من جيراننا هجروا المنطقة".

لم يبق في القرية اليوم سوى تسع عائلات، بما فيها أسرة أندرانيك تشافوشيان، وهو أرميني من القامشلي (سوريا) يشغل منصب عمدة أغافنو.

ويقول "لا نخطط للمغادرة في أي وقت قريب" مشدداً أنه طلب "توضيحاً" من السلطات في غاره باغ حول الوضع النهائي للقرية.

"أخبروني أن أغافنو ستبقى تحت السيطرة الأرمينية لكنني لم أتلقّ إلى الحين أي تأكيد مكتوب على ذلك". وقال المسؤولون في وزارة الخارجية في ناغورنو قره باغ لـ"اندبندنت" إنه "على الرغم من الإرتباك الأوّلي بشأن وضعها النهائي"، ستظل أغافنو تحت سيطرة قوات حفظ السلام الروسية "كما ينصّ الاتفاق".

وأشار نيل هاور، المحلل الكندي والخبير في شؤون القوقاز، إلى أنّ الوجود الروسي في المنطقة يطمئن الأرمن، إنما يساورهم قلق كبير لكون الأذربيجانيين لا يبعدون سوى كيلومترات قليلة عنهم.

وأضاف السيد هاور "يشعر كثيرون بأنهم لا يملكون أي لا خيار. أدرك من غادروا باتجاه أرمينيا خلال الحرب أن لا سبيل لديهم للاستمرار سوى الاعتماد على إحسان الآخرين، إذا أرادوا استئناف أي شكل من الحياة التي كانوا يعيشونها في السابق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما يصعّب نقص الغاز والكهرباء الأمور على عائلة كينيجيان. الجو في هذه الوديان بارد وضبابي، وحتى تعود الأمور إلى مسارها الطبيعي، عليهم الاعتماد على إسطوانات الغاز للطبخ وعلى المولدات الكهربائية التي يملكها آخرون من أجل شحن هواتفهم. كما أنه لا يمكن الاعتماد على شبكة الاتصالات.

ويصرّ السيد تشافوشيان على أنه "إن أرادوا تصعيب حياتنا علينا كي نغادر، فلا يهمّنا. سوف نؤمن الكهرباء للقرية باستخدام مولداتنا الخاصة".

في الوقت الحالي، يعلّق جميع من في أغافنو آمالهم على حفَظة الأمن الروس المنتشرين في المنطقة.

وتسأل تينا "إلى أين يسعنا الرحيل؟ أعتقد أنه علينا البقاء هنا".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات