Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلى أي مدى اللقاح المضاد لكورونا آمن وماذا نعرف عنه؟

شون لينترن مراسل الشؤون الصحية ينظر في سلامة استخدام لقاح "فايزر" ومسائل أخرى عالقة

في المملكة المتحدة، قالت رئيسة هيئة تنظيم الأدوية إنّهم "لم يوفِّروا أي خطوة" في عملية التحقّق من مأمونية استخدام لقاح الشركة الأميركية "فايزر" المضادّ لفيروس "كورونا"، الذي قد يتلقاه المرضى في أقرب وقت، خلال الأسبوع المقبل.

قبل أسبوع، أصدرت "وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية" في بريطانيا بياناً صحافياً تُعلن فيه موافقة "الهيئة الناظمة للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" MHRA على استخدام اللقاح المذكور.

ولكنَّ ذلك لم يُرفق بمعلومات مفصَّلة.

مثلاً، لم تنشر "فايزر" البيانات الكاملة المتصلة بمأمونية استخدام اللقاح، كذلك الأمر بالنسبة إلى النتائج التي توصَّلت إليها في تجاربها السريرية، ولم تقدِّم "وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" بدورها أيّ تحليل تقنيّ، فيما ذكرت رئيستها التنفيذية جون رين في مؤتمر صحافي عقدته في مقر الحكومة البريطانية داونينغ ستريت أنّ في إمكان الناس أن يكونوا على ثقة في أنّ "مراجعة دقيقة وعلمية جداً" قد أجريت في هذا الشأن.

ولكن في الحقيقة، سيكون من الأفضل كثيراً أن تتبنَّى "فايزر" والحكومة البريطانية و"أم أتش آر أي" أسلوب "تبيان الوقائع عوض الكلام عنها" فقط.

أكدت وزارة الصحة البريطانية لـ"اندبندنت" أنّها منحت "فايزر" إعفاء من المساءلة القانونية يحميها من التعرّض للمقاضاة من جانب المرضى، وأنّ استخدام الحقنة أُجيز بموجب قوانين الطوارئ، تحديداً البند رقم 174 المدرج في اللوائح التنظيمية الخاصة بالطب البشري في المملكة المتحدة لعام 2012.

يُشار إلى أنّه بموجب البند المذكور، يُسمح بالتداول السريع لأدوية غير مرخَّصة في سبيل التصدِّي لحال طوارئ صحية عامة، من قبيل ظهور جائحة ما.

لكنَّ وزراء المملكة المتحدة عدَّلوا أخيراً ذلك القانون فصارت اللوائح، وللمرة الأولى، تعطي أيضاً شركات صناعة الأدوية مثل "فايزر" الحصانة من المساءلة المدنية، في حال طرأت مضاعفات صحية نتيجة استخدام لقاحها.

إذن، ما الذي نعرفه حقاً عن مأمونية لقاح "فايزر" وشريكتها الألمانية "بيونتيك"؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في ما يتعلّق بنتائج التجارب السريرية، ليس في حوزتنا سوى ما أعلنته "فايزر" في بيانات صحافية صادرة عن الشركة نفسها. ومن المهم التنويه إلى أنّه لم يُنشر أيّ بيانات بشأن مأمونية اللقاح.

شارك في تجارب الشركة الأميركية حوالى 43 ألف شخص، فيما تلقى ما يربو على 20 ألفاً منهم اللقاح المضاد، وجرى الإبلاغ عن أعراض جانبية بسيطة فقط. واللافت أنّ الجرعة التحصينية أعطت فاعلية بنسبة 95 في المئة، في قدرتها على الحؤول دون الإصابة بالمرض.

بينما يشير ذلك ربما إلى أنّ في المستطاع استبعاد أيّ أعراض جانبية خطيرة قد تظهر لدى كثيرين ممَّن يأخذون اللقاح، إلا أنّه لا ينفي أنّ آثاراً جانبية نادرة جداً يُحتمل أن تطال عدداً قليلاً منهم.

بيد أنّ مثل تلك التأثيرات لا يمكن أن تتبدَّى بصورة واقعية إلا في حال اللجوء إلى استخدام اللقاح على مستوى السكان فيشمل مئات الآلاف من الأشخاص، فيما يتعذّر ذلك تماماً باعتماد تجربة سريرية تضمّ عدداً أصغر من المشاركين.

صرَّحت "وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" أنّها ستنكبّ على مراقبة عملية طرح اللقاح عبر "نظام البطاقة الصفراء" المعمول به في البلاد، الذي يسمح للجميع، بما في ذلك أفراد الشعب، الإبلاغ عن ظهور آثار جانبية يعتقدون أنّها ناجمة عن اللقاح.

كذلك ستبدأ الوكالة عينها العمل بنظام استدعاء المرضى عشوائياً بغية السعي بصورة فاعلة إلى الاطمئنان على صحة المرضى الذين تلقوا الحقنة.

عموماً، تتمتّع اللقاحات المضادة للأمراض بالمأمونية، إذ تنقذ ملايين الأرواح سنوياً. ولكن في حالات نادرة جداً، يُصاب بعض الأشخاص بمضاعفات صحية نتيجة استخدامها، وحين يحدث ذلك في مقدورها أن تكون فتاكة.

تذكيراً، خلال جائحة "إنفلونزا الخنازير" عام 2009، سارعت المملكة المتحدة إلى استخدام لقاح سُمي "باندمريكس" من صناعة شركة الأدوية البريطانية العالمية "غلاكسو سميث كلاين" (GSK)، علماً أنه لم يخضع لعملية التجريب الروتينية خلافاً للقاح "فايزر". في النتيجة، أدى ذلك العقار التحصينيّ إلى إصابة قليل من المرضى باضطراب "النوم القهري" narcolepsy المسبِّب للوهن والضعف الشديدين.

وقامت حكومة حزب العمال آنذاك بالتعويض لشركة "جي أس كي" عن خسائر تكبدتها، ويُعتقد أنّ دعاوى قانونية تقدّم بها ضدّها أكثر من مئة شخص قد كلَّفت ملايين الجنيهات الإسترلينية من جيوب دافعي الضرائب. تمثَّلت إحدى المشكلات في ما إذا كان المرضى قد حصلوا على معلومات كافية كي يعطوا عن وعي وبيِّنة موافقتهم عند أخذ التطعيم.

على سبيل المثل، اتسمت معلومات كثيرة نُشرت حول اللقاح المضاد لـ"إنفلونزا الخنازير" بالتضليل، ولم يُبلغ الناس أن الشركة قد حصلت على إعفاء من المساءلة القانونية، أو ما إذ كان اللقاح قد خضع للتجارب على النحو المعتاد.

معلوم أنّه في حال عانى أشخاص عاهة مستديمة أو ضرراً نتيجة اللقاح، في مقدورهم أن يطلبوا من الحكومة الحصول على دفعة مالية واحدة بموجب قانون التعويضات المالية عن أضرار اللقاحات، وقالت وزارة الصحة إنّها ستضيف لقاح "فايزر" المضادّ لـ"كوفيد" إلى قائمة اللقاحات المشمولة بالقانون المذكور قريبا.

تلك خطوة مفيدة... بيد أنّ القانون لا يدفع سوى 120 ألف جنيه إسترليني (حوالي 160 ألف دولار أميركي)، وهي مساعدة بسيطة بالنسبة إلى شخص يفقد وظيفته ومصدر رزقه نتيجة مثلاً "النوم القهري" الناجم عن لقاح "إنفلونزا الخنازير".

من المهم كسب ثقة المواطنين، فيما أنّ اتخاذ خطوات تزيد من صعوبة تحقيق العدالة بالنسبة إلى الأقلية من الناس الذين ربما يكابدون آثاراً جانبية منهكة، جراء لقاح "كوفيد"، تبدو طريقة غريبة [مستهجنة] لمواجهة المشكِّكين في اللقاح.

بيتر تود، شريك في "هودج جونز آند ألين" للمحاماة في لندن، التي مثلت مدعين تضرروا من لقاح "باندمريكس"، تحدث إلى "اندبندنت" في هذا الشأن قائلاً، "أعتقد أنّه سيكون أكثر إنصافاً إذا ساند المجتمع جميع (المتضررين)، ذلك أنّ الاحتمالات تقول في الواقع إنّ مستوى ردود الفعل الصحية العكسية (نتيجة اللقاح) سيكون منخفضاً جداً. لذا بالفعل، لن يكون مكلفاً كثيراً التأكد من حصول كل من يتعرَّض لضرر على تعويض كامل".

"في ظني، كان ذلك ليشكل وسيلة أفضل تستخدمها الحكومة في الترويج للتطعيم عوض أن تقول ببساطة،" أنتم جميعاً بمفردكم، تتحملون المخاطرة". تلك رسالة سيئة حقاً وتشجع على التردد في أخذ اللقاح، وليس ذلك مفيداً في مواجهة جائحة"، وفق كلمات تود.

وأضاف أن المرضى يحتاجون إلى معلومات كافية كي يتمكنوا من إعطاء موافقة واعية على تلقي اللقاح.

"أود أن أعرف لماذا منحت الحكومة البريطانية إعفاء من المساءلة القانونية [لشركة "فايزر"]. لا يسعني إلا أن أفترض أنّ السبب وراء ذلك أنّه من دون الإعفاء، كانت شركة الأدوية ستتردد في الواقع في تزويد (الممكلة المتحدة) باللقاح"، قال تود.

يظن تود "أنّ على الناس أن يكونوا على دراية بذلك، إذ يتعين عليهم اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانوا يريدون اللقاح من عدمه، ويجب أن يحصلوا على نصيحة ومعلومات جيدة كي يتمكنوا من اتخاذ الخيارات الصحيحة".

ويشرح تود أنّ "عدم تزويدك بالمعلومات كافة ذات الصلة من أجل اتخاذ قرار (الموافقة أو الرفض) عند أخذ اللقاح يعوق عملية منح المرء القدرة على القيام بالخيار الصحيح (المفيد لهم)."

في الواقع، تبقى الشكوك والأسئلة حول اللقاح قائمة. ويبدو آمناً بالنسبة إلى غالبية الأشخاص بناءً على معلومات نُشرت حتى الآن مستقاة من بيانات التجارب السريرية وتقييم "وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية".

ولما كانت حصيلة وفيات فيروس "كورونا" في المملكة المتحدة تجاوزت الآن 60 ألف وفاة، ومع بلوغ الأرقام هذه المستويات، يبدو واضحاً أنّ كفة تحليل [يوازن بين] المخاطر والمنافع في ما يتصل بأخذ اللقاح تميل بشدة إلى تلقي الجرعة التحصينية. فمن الضروري إنقاذ الأرواح وإعادة البلد إلى سابق عهده.

© The Independent

المزيد من صحة