Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تهدد بقطع "رواتب الأسرى" وتتوعد البنوك بعقوبات قضائية

تنفق السلطة الفلسطينية قرابة 12 مليون دولار شهرياً بهذا البند ومصرف حكومي جديد لتجنب التهديدات

العلم الفلسطيني يرفرف وسط مدينة الخليل بالضفة الغربية   (أ ف ب)

بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لن يتمكّن الأسير المحرر عبد الله كمال من شراء حاجات مولوده الجديد، ويتخوف من عدم قدرته بعد الآن على الوفاء بالتزاماته المالية المتعددة، فإسرائيل هددته وبقية الأسرى الفلسطينيين بوضع اليد على رواتبهم "بأمر عسكري"، وأبلغت السلطة الفلسطينية نيّتها الفعلية "على مصادرة أي مكافآت مالية يحصل عليها الأسرى، لقاء تنفيذهم لأعمال معادية لها، سواء كانت هذه الأموال في البنوك أو حيثما وجدت".

ويعرّض الأمر العسكري الإسرائيلي، الذي صدر عن قائد الجيش بالضفة الغربية في مايو (أيار) الماضي، البنوك العاملة فيها لعقوبات ودعاوى قضائية واعتقال واحتجاز أموال، في حال استمرت بإدارة حسابات مصرفية تستخدم لدفع رواتب الأسرى والمحررين.

بنك حكومي

يوضح قدري أبو بكر، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أنه بعد التهديدات الإسرائيلية بقطع رواتب الأسرى وإيقاع العقوبات على البنوك التي تحوّلها، قررت السلطة الفلسطينية بشكل فوري إنشاء بنك حكومي "بنك الاستقلال" تصرف من خلاله رواتب الأسرى الموجودين داخل السجون ويصل عددهم إلى قرابة 4500، بينهم 40 سيدة و70 طفلاً. فيما سيتم استيعاب الأسرى المحررين وعددهم 7 آلاف، في الأجهزة الأمنية والمؤسسات المدنية للسلطة الفلسطينية ليتقاضوا رواتبهم من خلال تلك الوظائف، وبالفعل أرسلت استمارات إلى كل المحافظات ليختار كل أسير محرر الجهة التي يريد العمل لصالحها، سواء في الأمن أو المجال المدني، ومن يتجاوز عمره الـ60 سنة ولا يقوى على العمل، سيصار إلى إدراج اسمه تحت بند "راتب تقاعد" بعد أن يمضي شهراً فقط في الوظيفة المختارة.

قناة "كان" الإسرائيلية أعلنت قبل أيام "أن السلطة الفلسطينية أبلغت دبلوماسيين غربيين باستعدادها لتعديل قانون دفع رواتب الأسرى وأسر الشهداء، كبادرة حسن نية للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، بتوقّف تلقي عائلاتهم رواتب تستند إلى حجم العملية التي نفذها الأسير الذي يقبع في السجون الإسرائيلية وعقوبة السجن المفروضة عليه، وإنما وفقاً للوضع الاقتصادي والاجتماعي لعائلته وعدد أفرادها."

لكن أبو بكر نفى هذه التصريحات قائلاً إن "الأسرى ليسوا عالة اجتماعية على السلطة، بل هم حالة نضالية سياسية، وما يقدّم من اقتراحات حول رواتبهم، هو لتجنّب استهداف البنوك المهددة بعقوبات من قبل إسرائيل، ضمن وسائل تحفظ كرامة الأسرى وتاريخهم الوطني."

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التنسيق الأمني

وكان رئيس هيئة الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، الوزير حسين الشيخ ذكر في تغريدة له عبر "توتير"، عقب اجتماع عقده في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي مع الجانب الإسرائيلي في رام لله، أن "الالتزام بالاتفاقيات الموقعة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، التي أساسها الشرعية الدولية، مع تحويل كل المستحقات المالية للسلطة كاملة. ومسار العلاقة مع إسرائيل، سيعود كما كان."

في حين كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، أمس السبت، عن أن مساس السلطة الفلسطينية بقضية الأسرى وتحويل رواتبهم من واجب وطني إلى "مساعدات اجتماعية وإغاثية" جاء مقابل أموال الضرائب "المقاصة"، التي ستتسلّمها قبل نهاية الشهر الحالي وعودة الدعم الأميركي.

وأخبرنا المحلل السياسي خليل شاهين أن تحويل الأسرى إلى بند مخصصات الشؤون الاجتماعية معيب للشعب الفلسطيني، ويعني استجابة ليس فقط للضغوط الخارجية، بل للخطاب الذي يجرّمهم ويعتبرهم "إرهابيين"، ولا يجب الانجرار وراء ذلك، بل التمسك بالموقف الوطني. واعتبر شاهين أن "إبداء المرونة في بعض المواضيع السياسية، لا يعني وضع قضية الأسرى للمساومة، أو التراجع عنها، لأن ذلك يعكس في نهاية المطاف، عدم قدرة السلطة على تحصيل الحقوق، وعندما يتم تجريمهم، كيف لنا المطالبة بالحرية والاستقلال؟".

وأضاف "الإقدام على خطوات تمسّ بمكانة الأسرى والشهداء وبالصيغة المتعلقة بمخصصاتهم، سيثير غضباً كبيراً وسيوسّع فجوة عدم الثقة القائمة بالأساس بين الشعب والسلطة الفلسطينيين".

الأسير ليس رقماً

بين مؤيد ومعارض ورافض للمقترحات الجديدة المتعلّقة بدمجهم وتحويل رواتبهم، يؤكد الأسرى بشكل عام رفضهم القاطع للمساس بقضيتهم وتاريخهم الوطني والنضالي، وخطورة زجهم في الاتفاقيات المطروحة "كملف مالي" أو المساومة عليه.

الأسير المحرر عبد الفتاح دولة، عضو في حراك الأسرى الفلسطينيين، قال لنا إن السلطة تتعرض لضغوط كبيرة أميركية وأوروبية وإسرائيلية بخصوص قانون الأسرى، تحديداً سلّم الرواتب، الذي يمنح الأسير راتباً شهرياً بناءً على عدد سنوات الاعتقال. فتل أبيب تروّج للغرب أن السلطة الفلسطينية تعطي من يقتل أكثر، راتباً أعلى وهذا غير صحيح، لكن نتيجة لتلك الضغوط، خصوصاً مع الإدارة الأميركية الجديدة، تحاول السلطة إيجاد مخرج لتغيير صيغة القانون بما لا يمسّ حقوق الأسرى. ودمج المحررين في الوظائف العسكرية والمدنية لا يمثّل أي مشكلة، على العكس تماماً، هناك ارتياح للفكرة من حيث المبدأ، لكن الخوف الحقيقي هو على الأسرى داخل السجون، فحتى الآن لا وضوح بالنسبة إلى كيفية احتساب رواتبهم؟ والبنك الحكومي الذي تم الحديث عنه ليس قائماً حتى اللحظة، وسيخضع للشروط والمعايير ذاتها، كما المصارف الأخرى، ويحتاج إلى وقت، الأمر الذي دفعنا إلى التشكيك بفعاليته الجدية في حل قضية رواتب الأسرى داخل السجن".

يذكر أن أزمة رواتب الأسرى الفلسطينيين بدأت في مارس (آذار) 2018، حين صادق الكنيست الإسرائيلي على مشروع قانون يتيح لتل أبيب احتجاز جزء من أموال الضرائب الفلسطينية، يعادل ذلك الذي تقدمه السلطة كمخصصات لعائلات الأسرى والشهداء، والذي يقدّر بـ140 مليون دولار سنوياً و12 مليون دولار شهرياً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير