Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تلوح بإعادة عقوبة الإعدام للحد من ظاهرة خطف القصر

مطالبات بمعالجة أسباب المشكلة وليس مجرد القضاء على نتائجها

وزير العدل الجزائري يلوح بالاعدام لردع خاطفي الأطفال بعد 27 سنة على تجميد العقوبة (الإذاعة الجزائرية)

عاد الحديث مجدداً حول ظاهرة "خطف الأطفال" في الجزائر، تزامناً مع عرض مشروع قانون على البرلمان يتعلق بالوقاية من جرائم خطف الأشخاص، ومكافحتها، ولوحت المناقشات بعقوبتي الإعدام والسجن المؤبد، في حين غابت المطالبة بمعالجة أسباب الظاهرة.

"الإعدام" يعود بعد 27 سنة

لوح وزير العدل الجزائري، بلقاسم زغماتي، بإمكانية العودة إلى تطبيق عقوبة الإعدام لردع مرتكبي جرائم خطف واغتصاب الأطفال وقتلهم، وذلك بعد أكثر من 27 عاماً على تجميد تطبيق هذه العقوبة في البلاد، مستبعداً خلال عرض مشروع قانون مكافحة جرائم خطف الأشخاص أمام البرلمان "استفادة المجرمين من ظروف التخفيف، لا سيما إذا كانت الجرائم مرتكبة ضد الأطفال، أو باستعمال التعذيب، أو العنف الجنسي، أو بطلب فدية". وقال "لا تتفاجأوا في حال تطبيق عقوبة الإعدام مستقبلاً إذا اقتضى الأمر".
وأكد زغماتي أن مشروع القانون يهدف إلى "التكييف المستمر للتشريع الوطني مع تطور أشكال جرائم الخطف التي تشكل مساساً بالأمن العام، وتخلق جواً من الخوف وانعدام الأمن وعدم الشعور بالسكينة والطمأنينة لدى المواطن". وتابع أن "هذا النص جاء تنفيذاً لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون للحكومة من أجل إعداد قانون خاص للتصدي لأشكال جرائم الخطف"، مبرزاً أن "جرائم الخطف تُعد دخيلةً على مجتمعنا، وعلى الدين الإسلامي الذي يكرم الإنسان ويقدس الحياة البشرية، ويعاقب كل مساس بها، بأشد العقوبات". وأوضح أن هذه السلوكيات تعد من "أخطر الجرائم التي تواجه دول العالم اليوم لما لها من آثار وخيمة على حياة الأشخاص وحرياتهم وأمنهم، وخاصة أنها تستهدف كل شرائح المجتمع من دون استثناء".
وزاد وزير العدل الجزائري أن "مواجهة جرائم الخطف، التي أضحت تستعمل كل ما تتيحه التكنولوجيا من وسائل وإمكانات، باتت تقتضي التكييف المستمر لوسائل الوقاية منها ومكافحتها، مذكراً بأن "الجزائر جرمت هذه الأفعال في قانون العقوبات منذ عام 1966، وعملت على تكييفها المستمر من خلال تعديل أحكام قانون العقوبات ذات الصلة مرات عدة، كان آخرها في عام 2014، إثر المنحى الخطير الذي بلغته هذه الجريمة آنذاك".

المشكلة مجتمعية وعميقة جداً

صرح المحامي عبد الغني بادي بأن "المشكلة ليست في القوانين، وإنما هي مشكلة مجتمعية عميقة جداً". وقال "نريد أن نعدم أسباب الجريمة وتنشئة مجتمع مبني على الأخلاق، ونبذ العنف وقبول الآخر، لأن الإعدام لم يبنِ الدول، كما أنه لم يمنع الجريمة في كثير من البلدان التي تعمل به"، مشيراً إلى أن "الخطف جريمة ناتجة عن هشاشة القيم المجتمعية، ومعالجتها تتم من خلال القضاء على أسباب هذه الهشاشة". وقدم أمثالاً على دول مثل "غواتيمالا، وكولومبيا، والولايات المتحدة، وهندوراس، حيث تتفشى جرائم الخطف وتطبق عقوبة الإعدام، بينما في المقابل، السويد، وفنلندا، والنرويج، لا يوجد فيها جرائم خطف، ولا عقوبة الإعدام، وعليه فإن السلطات المعنية مدعوة للنظر جدياً إلى هذه المقاربات".
وزاد بادي "بالنسبة لنا العقوبات لن تغير من الوضع شيئاً، لأنها ليست هي المشكلة بكل بساطة، وظاهرة الخطف أعمق من أن تنحصر في مجرد عقوبات"، مرجعاً الأمر إلى "التهميش وإهمال السلطة للمجتمع، وضعف المناهج والأدوار الحكومية". واعتبر أن "الإعلام، والمسجد، والأسرة، والشارع، والجهات الأمنية، مسؤولة بشكل كبير عن أي ضعف مجتمعي وأي هشاشة مزمنة تجعل الجرائم متواصلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


خطوة مهمة

في السياق ذاته، اعتبرت "الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل"، أن "القانون الذي تقدم به وزير العدل خطوة مهمة جداً في منظومة الدفاع عن حقوق الطفل في الجزائر"، مشيرة إلى "ضرورة التفكير في كيفية تطبيق القانون وتسليط العقوبات والوقاية التربوية وكيفية الاهتمام والتكفل بالضحايا والتعامل مع الجناة". وكشفت "الشبكة" عن تسجيل 30 حالة خطف سقط من بينها ضحية واحدة، منذ بداية عام 2020، في حين تم إحصاء 83 حالة في عام 2019، من دون الحديث عن حالات الهرب من البيوت.
وعلى الرغم من أن قانون العقوبات الجزائري المعدل في يوليو (تموز) 2015 ينص في مادته 293 على عقوبة السجن المؤبد ضد مرتكبي جرائم الخطف بحق القصر، أو محاولة الخطف باستعمال العنف، أو التهديد، أو من خلال تعريض القاصر لأي شكل من أشكال التعذيب والمطالبة بالفدية، فإن هذه العقوبات لم تردع مرتكبي هذه الجرائم، فهل تضع عقوبة الإعدام حداً لتلك الظاهرة؟

امتصاص غضب الشارع

تشير "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان" إلى أن "93 في المئة من أسباب تفشي جريمة الخطف وقتل الأطفال، مرتبطة بأسباب اجتماعية نفسية، وأخرى اقتصادية، بفعل تشنجات وتعصب في المجتمع الجزائري، حيث إن 32 في المئة من الجرائم مرتبطة بالشذوذ الجنسي، و15 في المئة بتصفية الحسابات والانتقام، بينما تمثل المرتبطة بطلب الفدية نحو 13 في المئة، والسحر والشعوذة 11 في المئة، و10 في المئة مرتبطة باستغلال المصابين بأمراض نفسية من طرف تجار الرقية والدجالين، والباقي أسباب غير ظاهرة".

وتعتقد الباحثة في الأنثروبولوجيا، فاطمة بوعشة، أن "المشكلة ليست في تطبيق الإعدام، بل في أن هناك أمراضاً اجتماعية يجب معالجتها أولاً للحد من هذه الظواهر". وتابعت أن "شبكات التواصل الاجتماعي في ظل غياب دور الوالدين، سببت تفشي ظواهر عدة دخيلة على المجتمع الجزائري. كما يمكن أن يكون سبب ظاهرة خطف الأطفال هو نشاط عصابات تتاجر بالأعضاء البشرية". وختمت بأن "التلويح بعقوبة الإعدام جاء لامتصاص غضب الشعب الذي بات يطالب بها بقوة".

المزيد من العالم العربي