Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المعنيون بتأليف الحكومة في لبنان يستمهلون فرنسا حتى آخر الشهر

الحريري يراهن على ما بعد مرحلة "جبر الخواطر" بين "حزب الله" وباسيل

الحريري ملتقياً الموفد الفرنسي يوم الخميس 12 نوفمبر الحالي (دالاتي ونهرا)

غادر الموفد الفرنسي، باتريك دوريل، العاصمة اللبنانية بيروت، من دون أي إشارة إلى نتائج ملموسة حققتها لقاءاته مع رئيس الجمهورية، ميشال عون، ورئيس البرلمان، نبيه بري، ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري والأطراف الأخرى المعنية بتشكيل الحكومة الجديدة، في حين تتجه الأنظار إلى التقرير الذي سيرفعه دوريل إلى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الاثنين 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ويلخص فيه واقع تعثر تشكيل الحكومة والأسباب، لا سيما أن موفد ماكرون حضر إلى لبنان لتقصي الحقائق، وليس لإعطاء الحلول.

التعطيل سببه باسيل

استبق بعض من شارك في لقاءات دوريل ببيروت ما قد يصل إلى قصر الإليزيه من معلومات، بالقول إن "موفد ماكرون إلى لبنان، وبعد يومين من اللقاءات التي شملت كل الأطراف، وصل إلى استنتاج واحد، وهو أن مسؤولية التعطيل تقع بشكل أساسي على رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، مدعوماً من (حزب الله)". وتكشف مصادر متابعة لزيارة الموفد الفرنسي عن أن اللقاء مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد، في الضاحية الجنوبية "تخلله كلام عن ضرورة قيام الرئيس المكلف التواصل مع باسيل، والتشاور معه، نظراً إلى ما يعكسه من تمثيل مسيحي لأكبر كتلة نيابية"، وأتى الاتصال الهاتفي الذي أجراه دوريل من جهازه الخاص، والذي لم يستغرق أكثر من ثوانٍ قليلة، بين الحريري وباسيل، كمحاولة لكسر الجليد المسيطر على التواصل بين الرجلين والتقدم قدماً في اتجاه الحلحلة، من دون أن يعني ذلك أن الأمور قد تتحرك قريباً من المربع الأول والمراوحة في التأليف.

سيناريو التفاؤل يتقدم على التشاؤم؟

إلى جانب النظرة التشاؤمية التي تخيم على قوى سياسية كثيرة في لبنان مستندةً إلى عدم تسليم إيران "هدايا مجانية" إلى الغرب، وبالتالي استمرار الفراغ الحكومي إلى ما بعد دخول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض، يراهن المقربون من الحريري على تطورات عدة ومعطيات قد تحول المشهد من تشاؤمي إلى تفاؤلي، ويعتبرون أن الأسبوع المقبل حاسم، إذ قد تكون المهلة الجديدة التي حددها الموفد الفرنسي لتشكيل الحكومة حتى آخر الشهر الحالي، كافية.
ويعتمد أصحاب النظرية التفاؤلية على أن دعم "حزب الله" لرئيس التيار الوطني الحر، ضمن إطار التعويض عن العقوبات التي طالته بسبب "الحزب"، كما روج لها باسيل، وكما تبناها الأمين العام لـ"الحزب"، حسن نصر الله، في خطابه الأخير، سينتهي مع اقتراب انتهاء مرحلة "العزاء"؛ إذ يبدو منطقياً أن يقف "حزب الله" إلى جانب حليفه في محنته كي لا يظهر في موقع المتخلي عنه، وعن رئيس الجمهورية، الذي لن ينتهي عهده قبل سنتين، لكن السؤال الأساس الذي سيتوجب على "حزب الله" ومن خلفه إيران الإجابة عنه بعد انقضاء مهلة "جبر الخواطر" مع باسيل، سيكون التالي: "بين باسيل وإيران مَن سيختار (حزب الله)، وبين باسيل وباريس لمَن ستنحاز طهران؟"، خصوصاً أن فرنسا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي تحافظ على علاقات تتخطى الدبلوماسية التقليدية مع طهران.


ما بعد مرحلة "جبر الخواطر"

يراهن مقربون من الحريري على تغير في العلاقة بين "حزب الله"، ورئيس التيار الوطني الحر الذي لم يعد بالنسبة لـ"الحزب"، بعد انتفاضة "17 تشرين"، الحليف المسيحي الأقوى في الشارع المسيحي. ويستشهد بعضهم ببيت للمتنبي لتفسير دفاع نصر الله عن باسيل إثر فرض واشنطن العقوبات عليه، ويقول "وتوهم القوم أن الضعف قربنا، وفي التقرب ما يدعو إلى التهم".
ويعتبر المقربون من الحريري أنه بعد انتهاء "العزاء" ستبدأ المرحلة العقلانية التي تأخذ في الحسبان مصالح إيران "فإذا لم تتشكل حكومة في لبنان، ستعتبر فرنسا أن إيران من خلال "حزب الله" كانت السبب في تعطيل مهمتها في لبنان وإفشال ماكرون، وسيكون لذلك عواقب على العلاقة بين طهران وباريس من جهة، وبين فرنسا ولبنان من جهة أخرى، وأولى هذه العواقب سيكون انضمام فرنسا إلى دول أوروبية أخرى في تصنيف "حزب الله" بذراعيه العسكري والسياسي منظمةً إرهابية. وقد يسهم موقف فرنسا في اتخاذ موقف جامع في الاتحاد الأوروبي بهذا الخصوص، بعد أن كان الموقف الفرنسي يحول دون ذلك. ومن الإجراءات أيضاً، تخفيف شركة الطيران الفرنسية مثلاً رحلاتها إلى لبنان، وانكفاء شركة "توتال" الفرنسية عن مهمة التنقيب عن الغاز في لبنان".
ويضع المتفائلون في حساباتهم تغييراً محتملاً في الموقف الإيراني سينعكس على أداء "حزب الله" الذي سيخفف دعمه لباسيل في عرقلة تشكيل الحكومة. ويستند هؤلاء في قراءتهم التفاؤلية هذه إلى عمليات تصفية الحسابات الحاصلة، ومحاولات فرض أمر واقع في أكثر من بقعة، وذلك قبل انتقال السلطة في أميركا من الجمهوريين إلى الديمقراطيين. وتترقب إيران بحذر التهديدات الإسرائيلية المتكررة ضد "حزب الله"، وكلام رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن مخازن أسلحة تابعة لـ"الحزب" موجودة ضمن أحياء شعبية. كما تعلم طهران أن الفراغ السياسي والأمني الحالي في لبنان، يشجع نوايا إسرائيل العدوانية، بينما يمكن أن يشكل وجود حكومة لبنانية مدعومة دولياً أو تتمتع بغطاء فرنسي على الأقل، رادعاً أمام أي عدوان اسرائيلي، أو قد يدفع إسرائيل إلى التفكير ملياً قبل شن أي عدوان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


خطوط حمر فرنسية

بعيداً عن مشاعر التفاؤل والتشاؤم المرتبطة بالمصالح الإقليمية، كشفت مصادر سياسية عن أن "الخاسر الأكبر من عدم تشكيل حكومة سيكون المواطن اللبناني، علماً بأن زيارة الموفد الفرنسي حملت بشكل أساسي رسالة فرنسية إلى الشعب اللبناني مفادها أن فرنسا لم تتخل عنه، وأنها ستبقى إلى جانبه مهما حصل. وسيكون أول تداعيات عدم تشكيل الحكومة ذهاب مؤتمر دعم لبنان واعادة إعمار المرفأ والعاصمة، الذي كان مقرراً في منتصف هذا الشهر في مهب الريح، فيتحول إلى مؤتمر للدعم الغذائي".
وكشفت مصادر مقربة من الإليزيه عن أن فرنسا قد تذهب إلى خيارات متشددة كان قد لمح إليها ماكرون في مؤتمره الشهير في قصر الصنوبر عندما تحدث عن فرض عقوبات على السياسيين على طريقته. ولم تستبعد المصادر ذاتها بدء التشاور في أروقة الاتحاد الأوروبي، وبإيعاز فرنسي وألماني، بشأن سبل فرض عقوبات على سياسيين ومسؤولين حزبيين لبنانيين بتهم الفساد، وتجميد حساباتهم في المصارف الأوروبية وحجب تأشيرات الدخول إلى أراضي الدول الأعضاء في الاتحاد عنهم.
وتقر قوى سياسية لبنانية معارضة بوجود اختلاف في مقاربة الملف اللبناني بين فرنسا والولايات المتحدة، وبأن الفرنسيين يتعاطون مع الأزمة اللبنانية بواقعية سياسية، والدليل على ذلك هو الإصرار على التحاور مع "حزب الله" بعكس الموقف الأميركي، الذي عبرت عنه السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا بالقول "لم نتعاون مع حكومة (حسان) دياب لأن (حزب الله) شكلها، وتفادينا التعاون مع وزارة الصحة لأن الوزير الحالي محسوب على (حزب الله)"، إلا أن ذلك لا يعني بحسب المصادر السياسية بأن فرنسا قد تقبل بحكومة شبيهة بالحكومات السابقة، وبأنها قد تساوم شكل الحكومة ونوعية الوزراء فيها. وكشفت مصادر متابعة عن أن الموفد الفرنسي كان واضحاً في تحديد شكل الحكومة التي يمكن أن تحظى بثقة الشعب اللبناني أولاً، والمجتمع الأوروبي والدولي ثانياً، إذ تحدث عن حكومة مستقلة عن الأحزاب "بمعنى أن حكومة تشبه حكومة الحريري السابقة أو حكومة شبيهة بحكومة حسان دياب لا يمكن أن تؤدي الغرض".
وكرر موفد ماكرون أمام من التقاهم من المعنيين بعملية التأليف، أن الحكومة العتيدة التي ستحظى بغطاء فرنسي ودولي هي الحكومة المستقلة التي تضم اختصاصيين نزيهين وأكفاء، قادرة على القيام بالإصلاحات المطلوبة ضمن مهمة محددة من دون أي تردد. وعلم أن طوائف الأشخاص المختارين لتولي حقائب معينة، لا سيما تلك المرتبطة بالإصلاحات، لن تكون عائقاً بقدر ما سيكون مدى استقلالية الأسماء التي ستتولى هذه الحقائب هو الأساس. وتكشف مصادر "بيت الوسط" (منزل الحريري في بيروت) عن أن الاسم المقترح من قبل "الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل) لتولي حقيبة وزارة المال هو شخص مستقل مئة في المئة، وذو كفاءة عالية. في المقابل، كانت الإشكالية مع رئيس التيار الوطني الحر الذي قدم بواسطة رئيس الجمهورية أسماء غير مستقلة للحقائب التي ستذهب إلى المسيحيين، ومن بينها أسماء مستشارين له، و"هنا المشكلة"، بحسب أوساط الحريري، التي تجزم بأن اعتذاره عن مهمة التأليف غير وارد في هذه المرحلة.

المزيد من العالم العربي