Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما تداعيات تدخل بار لحماية ترمب من الديمقراطية؟

لن يؤثر ذلك في نتيجة الانتخابات لكن المدعي العام قد أعطى مبرراً للـ70 مليون أميركي الذين صوّتوا للرئيس الأميركي كي يؤمنوا بأن رئاسة بايدن غير شرعية

وزير العدل الأميركي ويليام بار (وسط) يعتبره كثيرون مقرباً من الرئيس بشكل مثير للجدل (غيتي)  

تظهر في الصورة الأيقونية لنظام العدالة في الولايات المتحدة امرأة معصوبة العينين تحمل ميزاناً نُقشت عليه الكلمات التالية: العدالة عمياء.

غير أن شعار وزارة العدل الجديد في ظل الرئيس دونالد ترمب، وبفضل مسؤولين في مقدمتهم بيل بار، بات "سرقة العدالة بكاملها".

وكان بار، الذي عمل مدعياً عاماً في إدارة جورج دبليو بوش، الرجل الذي وقع اختيار دونالد ترمب عليه لقيادة وزارة العدل بعدما وجد أن المدعي العام السابق جيف سيشينز كان ضعيفاً، أو مبدئياً، إلى حدّ يمنعه من القيام بأعمال الرئيس القذرة. وهنا عمد بار إلى إجراء كان بمثابة اختبار لمدى ملاءمة مهاراته وكفاءاته للوظيفة، وذلك من خلال تطوّعه بإرسال مذكرة من عشرين صفحة، لم تطلب منه، إلى الرئيس جادل فيها بأن التحقيق الذي كان يقوده المستشار الخاص روبرت مولر، غير مشروع. كان ذلك تماماً كل ما احتاج ترمب إلى سماعه. أما باكورة أعماله بعد مباشرة مهماته كمدّعٍ عام، فتمثلت في وصف النتائج التي توصل إليها مولر في تقريره للجمهور بشكل خاطئ، ومن ثم إعاقة نشر التقرير لأسابيع. وكان الهدف من هذا كله هو تحييد مولر وفريقه.

ومضى بار بعد تنفيذه ذلك العمل السياسي الوقح الأول، كي ينفذ بدقّة رغبات الرئيس في ما يتعلق بقضية مايكل فلين، وهو مستشار الأمن القومي الذي تعرّض للإدانة بارتكابات غير قانونية، وأيضاً بشأن روجر ستون المشغّل السياسي المُدان هو الآخر. وإضافة إلى هذا، فتح بار سلسلة من التحقيقات حول المحققين الذين كانوا يعاينون أي جرائم محتملة للرئيس ترمب.

هكذا يبدو أن بار كان يتصرف كما لو أنه المحامي الذي يدافع عن الرئيس لدى اتهامه بجرائم. وعليه، ليس من المستغرب قطعاً أنه قد دسّ أنفه الآن في الادعاءات العجيبة بأن الانتخابات قد سُلبت من الرجل الموجود حالياً في البيت الأبيض.

وقد سعى بار قبل الانتخابات، وعلى امتداد أشهر عدة، إلى تقويض طريقة التصويت البريدي بواسطة سلسلة من المزاعم التي افتقرت إلى الأدلة، لا بل ثبُت أن عدداً منها لم تكن صحيحة، وذلك بغرض التأكيد على أن هذه الطريقة مشوبة بالتزوير. وبذلك كان بار يمهّد عملياً  للطعن بنتائج الانتخابات إذا ما خسرها ترمب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد خرج ترمب من الانتخابات خاسراً خسارة كبيرة. ويمضي جو بايدن على طريق الفوز بالتصويت الشعبي من خلال الحصول على ملايين الأصوات. لم تكن النتائج متقاربة، وليس هناك دليل واحد يؤكد وجود تزوير انتخابي. ولم تلقَ النجاح حتى الآن أي من الدعاوى التي رفعتها حملة ترمب وقرر القضاة الذين نظروا فيها عدم إجراء محاكمات على أساسها.

لكن لا تخف، فها هو بار موجود هنا كي ينقذ ترمب مجدداً. وقد أذِن الاثنين الماضي للمدعين العامين التابعين لوزارة العدل بفتح تحقيقات في مزاعم "كبيرة" بحصول تزوير انتخابي. وسيسمح ذلك فعلياً للمدعين العامين بتجاوز التسلسل القيادي ضمن وزارة العدل، وتقديم الأدلة إلى الوزير ومكتبه بشكل مباشر.

غطى بار نفسه حالياً بالقول ينبغي ألا تكون المزاعم المقدمة في هذا المجال زائفة أو تأويلية أو متخيلة. لكن أولئك الذين يجادلون بأن هذا التوصيف يجعل الإعلان عن الاشتراطات الآنفة الذكر عبارة عن بيان سياسي - لأنه لا توجد (عادة) مزاعم غير زائفة- هم ليسوا ممن يتابعون بار عن كثب.

فعلى امتداد العامين الماضيين، استقال سبعة من كبار المدعين العامين الذين كانوا يقودون قضايا ستون وفلين وبول مانفورت (رئيس حملة ترمب الانتخابية السابق)، احتجاجاً على ما واجهوه. وادّعوا جميعاً بأن بار لم يعد يعمل لتحقيق العدالة للأميركيين جميعاً، بل لتحقيق رغبات الرئيس ترمب السياسية. وشهد الاثنين الفائت تقديم استقالة أخيرة كانت هذه المرة للمحامي ريتشارد بيلجر، الذي عمل لوقت طويل في وزارة العدل وقاد المكتب المسؤول عن حالات التزوير الانتخابي.

قال بيلجر في رسالة الاستقالة إنه لم يعد بوسعه إرضاء ضميره إذا أسهم في تنفيذ هذا العمل السياسي الذي يتسم بالوقاحة. وعبّر إيلي هونغ، وهو مدّعٍ عام سابق لدى وزارة العدل، عن رأيه بلا مواربة حين حدّثني عن فضيحة بار الأخيرة، قائلاً "لقد حطّ بار من قدر وزارة العدل وقلّل من أهميتها كما لم يفعل أي شخص من قبل. فهو كذب على الجمهور، وأضعف المدعين العامين التابعين له، واستغل وزارة العدل كسلاح سياسي، وكل هذا لخدمة دونالد ترمب".

إذاً ما هي تداعيات قرار بار بالنسبة إلى نتائج الانتخابات؟ والجواب على الأرجح أنها ستكون محدودة للغاية. فبايدن يتمتع بتفوّق ملموس في كل من المجمع الانتخابي وفي التصويت الشعبي أيضاً. وعلى الرغم من عشرات المؤتمرات الصحافية، فقد أخفق فريق حملة ترمب في توثيق حالة تزوير انتخابي يتيمة، ناهيك عن الكشف عن حالة من شأنها أن تقلب نتيجة الانتخابات رأساً على عقب.

بيد أن إعلان بار ستكون له تداعيات بعيدة المدى بالنسبة إلى معايير حكومتنا وإلى رئاسة جو بايدن، وكيف سيُنظر إلى وزارة العدل في المستقبل. لقد حوّل بار وزارة العدل إلى ذراع سياسية لحملة ترمب الانتخابية. وكان لهذا تأثير عميق في الوزارة نفسها وأيضاً في كيفية النظر إلى نظام العدالة من قبل الأميركيين.

والأهم من ذلك كله، أعطى بار مبرّراً للـ70 مليون أميركي الذين صوّتوا لترمب كي يؤمنوا بأن رئاسة بايدن غير شرعية. وفي أحسن الأحوال، من شأن ذلك أن يجعل الحكم بالنسبة إلى بايدن في غاية الصعوبة، خصوصاً في أثناء جائحة كورونا. أما في أسوأ الأحوال، فقد يزكّي اضطرابات أهلية تندلع هنا وهناك في أنحاء الولايات المتحدة.

إلا أن هذه المخاوف لا تقلق كما يبدو أمثال ترمب وبار وميتش ماكونيل (زعيم الغالبية المجهورية في مجلس الشيوخ). فهم يرون أن التشبث بالسلطة هو السبب الوحيد لوجودهم في الحكومة. وإذا كان ذلك يعني استمرار الاضطرابات الأهلية على مدى سنوات وتدمير المؤسسات الأميركية، فلا بأس أن يحصل هذا بالنسبة إليهم. أو بالأحرى، كما قال ترمب في عبارته الشهيرة "إن الوضع هو ما هو عليه".

(جو لوكهارت كان السكرتير الصحافي للبيت الأبيض بين 1998- 2000 خلال ولاية الرئيس بيل كلينتون)

      

© The Independent

المزيد من آراء