Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إقرار قانون الخدمة الإلزامية في العراق رهن تأمين الإمكانات المالية

يرى البعض في تلك الخطوة سبيلاً لحل مشكلة البطالة وتعزيز الحس الوطني لدى الشباب

لا يُعد الاتفاق السياسي الخطوة النهائية لإقرار القانون في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها العراق (أ ب)

بعد أكثر من 17 سنة على إلغاء الحاكم المدني للعراق بول بريمر قانون الخدمة الإلزامية في البلاد، والاعتماد على جيش من المتطوعين، في خطوة كانت الأولى من نوعها منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن الماضي، وجاءت مدعومة من أغلب معارضي النظام السابق الذين تصدوا للمسؤولية بعد أبريل (نيسان) 2003 في مجلس الحكم المنحل، عاد الحديث أخيراً عن العودة إلى التجنيد الإلزامي.

وتمثلت حجج وتبريرات الساسة آنذاك لإلغاء الخدمة الإلزامية في مخاوفهم من دور الجيش العراقي في السياسة، وإمكان سيطرته على السلطة كما حدث في انقلابات الأعوام 1936 و1941 و1958 و1963 و1968 وغيرها. واستغل هؤلاء الساسة في حينه كره شريحة واسعة من الشارع العراقي للتجنيد الإلزامي، كونه كان مطبقاً بقسوة خلال فترة حكم صدام حسين.

وعلى الرغم من تعدد الدعوات الصادرة عن جهات سياسية واجتماعية خلال السنوات الماضية، لإعادة تفعيل قانون الخدمة الإلزامية بضوابط جديدة تضمن تطبيقه، إلا أن الإجابة السريعة لأغلب الجهات السياسية الحاكمة في البلاد كانت الرفض، بحجة عدم عسكرة المجتمع وتدمير شبابه، والثقة بقدرة جيشه الحالي على الدفاع بوجه الأخطار.

لكن ما جرى من انهيار المؤسسة العسكرية خلال يونيو (حزيران) 2014، بعد سيطرة "داعش" على عدد من المدن العراقية، وتطوّع عشرات الآلاف من الشباب العراقي للقتال ضد التنظيم المتشدد، على إثر فتوى المرجع الديني العراقي علي السيستاني، أنهى الحديث عن عسكرة المجتمع وغيرها من التبريرات التي تمنع إعادة العمل بقانون الخدمة الإلزامية، ليبدأ الحديث مجدداً عن ذلك القانون خلال السنوات الست الماضية، لكن مع وجود تأييد سياسي واجتماعي بعد الأزمات التي عاناها العراق.

وربما قد تكون الأزمة المالية التي يمر بها العراق، وعدم قدرته على توظيف جيوش العاطلين من العمل في مؤسساته التي يعمل فيها أكثر من 4 ملايين شخص، والحركة الاحتجاجية وما رافقها من مطالب إصلاحية من ضمنها إصلاح العمل في المؤسسات الأمنية، جعلت هذا الملف يعود إلى الواجهة من جديد، وهذه المرة بدعم برلماني واضح لإقرار قانون الخدمة الإلزامية، ولكن بضوابط جديدة.

إجماع داخل البرلمان

وكشف عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي كاطع الركابي عن وجود إجماع داخل المجلس لإقرار قانون الخدمة الإلزامية.

وقال الركابي إن "عدداً كبيراً من الشباب عاطلون من العمل، وبذلك نحاول استقطاب أكبر عدد منهم، بخاصة من تتناسب أعمارهم مع الخدمة الإلزامية، من أجل ألا يتم استغلالهم من بعض المتطرفين أو ضعاف النفوس".

وبدأت أعمار بعض المتطوعين الحاليين في الجيش العراقي تتجاوز الـ 40 سنة بحسب الركابي، الذي يعدها من الأعمار المتوسطة التي لا تمتلك القابلية التي يمتلكها الشباب ممن تراوح أعمارهم بين 18 و20 سنة، إذ سيرفدون القوات المسلحة بطاقات مهمة تنفع المجتمع.

وأشار الركابي إلى قيام وزارة الدفاع بحصر عدد من المعسكرات في بعض المحافظات التي يمكن أن تكون مراكز تدريبية للشباب المكلفين بالخدمة الإلزامية.

التعايش وتحمل الجوع

بدوره، يرى عضو لجنة الأمن والدفاع بدر الزيادي أن "القانون سيعمل على تعايش كل مكونات وأطياف الشعب العراقي، وستعمل أعدادهم على سد النقص الحاصل في بعض معسكرات الجيش". ويضيف الزيادي أن "التجنيد الإلزامي سيعمل على تدريب أبنائنا على الصبر وتحمل فراق الأهل والجوع في بعض الأحيان، من أجل أن تصنع منهم رجالاً في معسكر التدريب، ويسدون النقص في بعض الوحدات العسكرية".

ويبدو أن هناك "إجماعاً سياسياً داخل مجلس النواب العراقي لتمريره"، بحسب الزيادي الذي يدعو الجهات الحكومية الى الإسراع بإرساله إلى البرلمان لإقراره.

ويدرس مجلس الدولة حالياً، وهو الجهة الحكومية الخاصة بدرس القوانين من ناحية مطابقتها للدستور والتشريعات العراقية، مسودة لقانون الخدمة الإلزامية، مقدمة من وزارة الدفاع قبل إرسالها إلى مجلس الوزراء ومن ثم البرلمان.

إرادة سياسية لتشريعه

وعلى الرغم من الحديث عن وجود توافق سياسي على إقرار القانون، لكن بعض النواب استبعدوا تشريعه لعدم وجودة إرادة سياسية حقيقية للموافقة عليه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويستبعد النائب عن "الجبهة الوطنية" طلال الزوبعي تمرير قانون الخدمة الالزامية لرفضه من بعض الكتل السياسية، كونها تستحوذ على أغلب المناصب في القوات المسلحة العراقية. ويضيف الزوبعي أن "العمل مستمر من أجل أن تكون هناك خدمة الزامية في العراق، وتعود مطالبتنا بها إلى ما بعد عام 2003، بالنظر إلى أهميتها لجميع مكونات الشعب".

وفي شأن توفر الأموال لتنفيذه، قال الزوبعي إن "الهدف من القانون هو إدامة التواصل مع الشعب العراقي والقضاء على الطائفية، ووزارة الدفاع لديها الموازنة الممكنة لتسيير الأمور".

واعتبر النائب عن "تحالف القرار العراقي" ظافر العاني أن "قانون التجنيد الإلزامي خطوة مهمة لصهر أبناء المجتمع العراقي في إطار الوحدة الوطنية، بعد الانقسام المجتمعي الحاد الذي حصل بعد عام 2003". وأضاف العاني أن "دعم فكرة إعادة التجنيد الإلزامي مهمة، خصوصاً إذا ما كانت بديلاً للميليشيات والجماعات المسلحة".

إقراره في الدورة المقبلة

لا يُعد الاتفاق السياسي إذا ما تم في مجلس النواب لغرض تشريع القانون، الخطوة النهائية، ففي ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد، وما يتطلبه الأمر من توفير مستلزمات للمجندين الجدد، وتجهيز أماكن سكن ومعسكرات وأسلحة، فذلك يحتاج مبالغ إضافية يتم رصدها لوزارة الدفاع، وبحسب متخصصين لا توجد إمكانات متاحة لذلك أمام الحكومة الحالية.

وقال الباحث في الشأن السياسي حيدر البرزنجي، إن "الظروف غير مهيأة لتشريع قانون الخدمة الإلزامية بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها البلد"، مرجحاً تشريعه في الدورة البرلمانية المقبلة. وأضاف البرزنجي أن "المسودة التي جاءت بناء على اقتراح من وزارة الدفاع بُحثت في الدورة السابقة، ولم يتم الاتفاق على تمرير القانون".

الخدمة الإلزامية ضرورية

من جانبه، شدد المستشار العسكري السابق صفاء الأعسم على ضرورة أن "تكون هناك خدمة الزامية لجميع الشباب الذين يبلغون السن القانونية"، إلا أنه أشار إلى "صعوبة تحقيق هذا الهدف بسبب الظرف المالي والاقتصادي الذي يشهده العراق". واعتبر الأعسم أن "الخدمة الالزامية ضرورية للشاب العراقي لأنها تزرع فيه حب الوطن، وتنمي مفهوم الالتزام، وتعطي الكثير من صفات الرجولة من خلال الالتزام بالموعد وزيادة القدرات الجسدية، وحتى تنمية الجانب المهني والعلمي، فضلاً عن أنها ستحقق مبدأ تقليل العاطلين من العمل، إذ سيتقاضى هؤلاء الشباب رواتب".

وأقرّ الأعسم بصعوبة تطبيق نظام الخدمة الإلزامية في الظرف الحالي للبلد، بسبب حاجته إلى إمكانات مالية كبيرة لا تتوفر لدى الدولة، لتلبية حاجات الشباب المجند من تجهيزات عسكرية وسكن وغيرها، مشيراً إلى أن "الدولة في السابق كانت تسوّق لتجنيد ما بين 180 إلى 220 ألف شاب سنوياً".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي