Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا لن تعود إلى سابق عهدها قبل الصيف المقبل

يرى البروفيسور روبن شاتوك أن الخطوات الأولى لخروج بريطانيا من جائحة كورونا تعتمد على تلقيح طواقم الرعاية الصحية والفئات الضعيفة من الناس

العالم يخوض سباقاً يرمي إلى إنتاج لقاح قد لا يقضي على كورونا ولكنه يقلص الإصابات ويتيح السيطرة على الجائحة (أ.ف.ب)

فيما تستعدّ المملكة المتحدة لفرض إغلاق (حجر) ثانٍ من أجل احتواء فيروس "كورونا"، حذَّر عالِم يقف وراء تطوير لقاح "إمبريال كوليدج لندن"Imperial College London  المضادّ لكورونا من أنّ الأمة لن تبدأ في العودة إلى الحياة الطبيعية حتى الصيف المقبل، على أقرب تقدير.

خلال إعلانه قيود الإقفال العام الجديدة مساء السبت الماضي، قال بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا، إن ثمة "أملاً واقعياً" في أنّ يكون اللقاح المضاد جاهزاً "في الربع الأول من العام المقبل"، ما يعزِّز احتمال أن تكون الأحوال مختلفة وأفضل خلال الربيع المقبل.

بيد أنّ البروفيسور روبن شاتوك، الذي يتولى قيادة واحدة من محاولتين بريطانيتين ترميان إلى تطوير حقنة مضادة لـ كوفيد-19، قدم إطاراً زمنياً مغايراً.

"مع وصول لقاح مضاد إلى المجموعات الهشّة من السكان في النصف الأول من العام المقبل، ومع المكاسب المحتملة خلال الصيف التي شهِدناها هذا العام، أي مع انخفاض الإصابات، أتوقع أن نرى الحياة تعود إلى حالها الطبيعية في صيف العام المقبل"، أخبر البروفيسور شاتوك صحيفة اندبندنت، قبل إعلان الحجر في إنجلترا للمرة الأولى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال إنّ "الخطوات الأولى" نحو الخروج من الجائحة سوف تعتمد على إعطاء اللقاح المضاد للفئات المعرضة للخطر في صفوف السكان، من بينهم الطواقم العاملة في مجال الرعاية الصحية، والمسنون.

"إذا تمكنّا من تحصين تلك المجموعات من الناس مع قدوم الصيف المقبل، سيخلف ذلك أثراً بالغاً"، قال البروفيسور شاتوك، مضيفاً "ذلك لا يعني أنّ كل شيء (أزمة كورونا) اختفى، إنما من شأنه إتاحة فرصة البدء في الخروج من هذا الوضع".وأضاف، "الأمر أشبه نوعاً ما بالاستبصار باستخدام كرة بلورية".

ويتوقّع البروفيسور أن تتوفّر اللقاحات الأولى بعد عيد الميلاد المقبل، مع طرحها بين المجموعات الرئيسة من الناس في الأشهر الستة الأولى من عام 2021.

الحال أنّ 11 لقاحاً، من بينها لقاح "جامعة أكسفورد" Oxford University، وصلت إلى المراحل الأخيرة من الاختبارات على مجموعة واسعة النطاق من المتطوعين.

ويتوقع البروفيسور شاتوك إلى أن لقاحه قد يكون متاحاً في منتصف 2021، أضاف إلى أن البيانات المتصلة بعدد من تلك التجارب ستتوفّر خلال الشهرين المقبلين، وعندئذ ستُقدم إلى الهيئات التنظيميّة المعنية من أجل الموافقة عليها.

وعلى ما يبدو، تتصدّر شركة "فايزر" Pfizer وشريكتها الألمانية "بيو إن تيك" BioNtech  السباق العالمي نحو التوصل الى لقاح مضاد لـ كوفيد-19، إذ من المقرر أن يصدر الحكم بشأن ما إذا كان لقاحهما نافعاً قبل عيد الميلاد. وتستعدّ "موديرنا" Moderna من جانبها إلى إطلاق لقاحها المرشح على الصعيد العالميّ، بحسب ما أفادت شركة التكنولوجيا الحيوية الأميركية الأسبوع الماضي.

أمّا "أسترازينيكا" AstraZeneca، شركة الأدوية البريطانية التي دخلت في شراكة مع "جامعة أكسفورد" لتصنيع لقاحها، فذكرت الأحد الماضي إنّ الهيئة التنظيمية الصحية في المملكة المتحدة قد شرعت بعملية مراجعة معجّلة للقاحها المرشح.

وفي المراجعات الدوريّة، تستطيع الجهات التنظيمية المعنية أن تطلع على المعطيات السريرية الجارية في حينها، وتتحاور مع مصنِّعي العقار بشأن عمليات التصنيع والتجارب، بغية تسريع إجراءات الموافقة.

تذكيراً، حجزت حكومة المملكة المتحدة 100 مليون جرعة من لقاح "أكسفورد"، وقدمت طلباً منفصلاً لشراء 90 مليون جرعة من لقاح "فايزر".

يأمل البروفيسور شاتوك، وفق قوله، "أن تقدّم واحدة أو اثنتان من [شركات الأدوية] لقاحها إلى الهيئات الناظمة قبل عيد الميلاد. وإن لم يتحقّق ذلك، من المؤكّد سيحصل مطلع العام المقبل".

ويضيف، "في المملكة المتحدة، يُحتمل أن تجهز اللقاحات في النصف الأول من العام المقبل. لكن لا أتوقع أنّها ستتوفر لعامة الناس".

في نظر شاتوك، إعطاء الأولوية للعاملين في مجال الرعاية الصحية وللفئات الضعيفة من الناس، من قبيل الأشخاص الذين تخطوا الـ65 من العمر، يكتسي أهمية بالغة، "بيد أنّه يشكِّل "مهمة لوجستية ضخمة واسعة النطاق".

وقال موضحاً، "لذا من الجائز أن تستغرق [عملية التلقيح] الأشهر الستة الأولى من العام المقبل".

في منحىً متصل، قال جيريمي فارار، مدير مؤسسة "ويلكوم تراست"Wellcome Trust  البريطانية والعضو في "المجموعة العلمية الاستشارية للطوارئ" Sage، إنّ اللقاحات المضادة لكورونا "ستغيِّر وجه الجائحة".

وصرّح خلال ظهوره في برنامج "أندرو مار شو" على قناة "بي بي سي"، "أعتقد أنّها (اللقاحات) ستعزِّز الثقة والشعور بالطمأنينة بالنسبة إلى مآلات الجائحة. ستحول، كما أتمنى، دون مكابدة مزيد من الأشخاص مضاعفات خطيرة (من كورونا)، وربما تخفض أيضاً من انتقال العدوى في حدّ ذاتها، لذا سيكون لها أثر بالغ".

من بين اللقاحات التي تخوض حالياً المرحلة الثالثة من التجارب، أعرب جيريمي  فارار عن ثقته في أنّ "أكثر من لقاح واحد سيُثبت فاعليته ومأمونية استعماله".

ليس بعيداً عن ذلك، ذكر البروفيسور جيمس نايسميث، مدير "معهد روزاليند فرانكلين" Rosalind Franklin Institute، إنّ لقاحاً وأدوية جديدة وفحوصاً طبية عالية الإنتاجية "في طريقها إلى الصدور"، غير أنّه نبّه إلى أنّ "علينا اجتياز هذا الشتاء أولاً".

غير أنّ اللقاح، "لن يكون بمثابة رصاصة ذهبية (أي حل قاطع) تضع حداً لجائحة "كورونا"، وفق تعبير البروفيسور شاتوك.

ليس مرجّحاً أن تكون الدفعة الأولى من اللقاحات التي تصل إلى السوق الأكثر فاعلية، قال شاتوك في إشارة منه إلى التطعيمات السبّاقة، من قبيل لقاح "أكسفورد" المرشح، الذي يستخدم فيروساً "غدانياً"adenovirus  معدلاً وراثياً ينقل عناصر من فيروس "سارس-كوف -2" إلى البشر، ما يفضي إلى استجابة من الجهاز المناعي.

وأعلن البروفيسور شاتوك في هذا الصدد، "إذا كان اللقاح واحداً من اللقاحات المستندة إلى تلك التقنية، سيكون سعره زهيداً وإطلاقه سهلاً، إنما على الأغلب لن يوفِّر حماية طويلة الأجل".

وأضاف أنّ الابتكارات المقبلة (من اللقاحات) "قد تحقِّق ذلك" من ناحية توفير مستوى عالٍ من الفاعلية، أو حتى منع انتقال الفيروس بين البشر.

وتجدر الإشارة إلى أن اللقاح الذي طوّره البروفيسور شاتوك يستخدم حمضاً نووياً ريبياً RNA  يتضاعف ذاتياً بغية إيصال تعليمات جينية إلى الخلايا العضلية لدى الإنسان، التي تصنع عندئذ البروتين "سبايك" spike الموجود، كما صار معلوماً، على سطح "سارس-كوف -2"، وتولِّد تالياً استجابة مناعية في الجسم.

اللافت أن هذه التقنية تفسح في المجال أمام توسيع نطاق التصنيع السريع، عبر استخدام كمية صغيرة من المادة الجينية للفيروس بغية إنتاج ملايين الجرعات المحتملة من اللقاح.

وفق البروفيسور شاتوك، الأهم من ذلك أن تلك الخطة ستكون قادرة على تقديم لقاحات داعمة متكرِّرة، وهو أمر مستبعد مع لقاح "أكسفورد" واللقاحات المرشحة الأخرى التي تعتمد طريقة نواقل الفيروسات الغدانية.

لكنه أضاف أن "أحداً لا يعرف في هذه المرحلة أي مستوى من الكفاءة ستتمتع به تلك اللقاحات".

"أعتقد أن الناس يفترضون أن اللقاح (المنتظر) سيعطي فاعلية بنسبة 100 في المئة، ولكننا نعلم أن اللقاح المضاد للإنفلونزا فاعل بنسبة 60 في المئة". غير أن لقاحاً يحول دون دخول 60 في المئة من الناس إلى المستشفيات بسبب "كوفيد" سيكون له تأثير كبير في قطاع الخدمات الصحية، لذا سيكون قيّماً جداً. لكنّه لن ينفي واقع أن الفيروس سيبقى موجوداً"، يؤكد البروفيسور شاتوك.

الأسبوع الماضي، ذكرت كيت بينغهام، رئيسة المجموعة المكلفة بتطوير لقاح مضاد لفيروس "كورونا" في المملكة المتحدة، أنّ الجيل الأول من اللقاحات "لن يعمل بشكل مثاليّ على الأرجح".

لذا، "حريّ بنا أن نكون مستعدين، ذلك أنّها (اللقاحات الأولى) ربما لن تمنع العدوى بل ستخفض الأعراض، وحتى في تلك الحالة، ربما لن تكون مجدية بالنسبة إلى الجميع، أو لفترة طويلة"، وفق كلمات بينغهام.

في هذه الأثناء، يقترب لقاح البروفيسور شاتوك من نهاية المرحلة الأولى من التجارب، على أن تحدّد النتائج بشأن سلامته بحلول "نهاية العام الحالي".

بعد ذلك، تتطلّع كلية "إمبريال" إلى إطلاق تجارب عالمية واسعة النطاق في سبيل اختبار فاعلية اللقاح.

© The Independent

المزيد من صحة