Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شبان فلسطينيون يحيون بجهودهم الشخصية مسرح الدمى المدرسي

يركزون على القضايا اليومية المهمة في حياة الأطفال

"حين كنتُ في المرحلة الإعدادية؛ أي قبل 13 عاماً، كنتُ طالبة نشيطة في تحريك الدمى من خلف الستار لبقية الطلبة، ولكن انتقالي إلى مدرسة أخرى منعني من مواصلة هذا الفن الذي كنتُ أستمتع به"، هكذا تروي الفلسطينية سارة مسالمة تجربتها في مسرح الدمى المدرسي، والعروض التي كانت تقدمها مع زملائها في المخيمات الصيفية والمناسبات. أما أحمد فمدرسته لم تكن تقدم عروض دمى، على الرغم من أهميتها بالنسبة له في بناء ثقافة وسلوكيات الطلبة وتعليمهم مهارات عديدة من احترام الوقت والنظام وغيرها.

على الجانب الآخر، هناك من تبع شغفه واتخذ صناعة الدمى والتمثيل بواسطتها مهنةً وهوايةً؛ إذ يقول الشاب العشريني عبد طرايرة من مسرح "نعم" في الخليل، إنه وزميله خليل نصار يعملان على صناعة الدمى يدوياً بمختلف أشكالها وكتابة السيناريوهات، وتقديم العروض بشكل يومي تقريباً في المدارس بشكل خاص، وعادة ما يركزان على المشاكل المجتمعية والمواقف التي تواجه الأطفال في حياتهم اليومية، كالتطرق للتنمر في المدارس، وطاعة الوالدين، والمساواة بين الذكر والأنثى، والنظافة والنظام، ودور الأهل والمدرسة في التربية والتوعية، ودور المرأة في المجتمع، وغيرها.

أما رائد ورمزي فحملا دُميتين باسميهما منذ 10 أعوام، وجابا فيها المدارس والمناطق المهمشة في فلسطين، كالأغوار والقرى الصغيرة، آخذَين على عاتقهما استخدام الدمى في حلقات التفريغ للأطفال (أقل من 13 عاماً)، وتعليمهم بعض السلوكيات، لأن الأطفال يتفاعلون أكثر مع ما تخبرهم به الدمية عن الحفاظ على البيئة وإعادة التدوير، والتصدي للعنف بكل أشكاله، واستخدام الإنترنت.

وقال رمزي قندلفت إنه وزميله رائد لم يتوقفا عند الأطفال، بل يدربان مرشدي المدارس، نظراً لأهمية الدراما في تأهيلهم أكثر للتعامل مع الأطفال والتركيز على الحالات الفردية التي تحتاج إلى مساعدة.
 


"لا دعم ولا مواد خام"

بالنسبة إلى عبد ورائد ورمزي، تقف العوائق المادية كأكبر التحديات التي تواجههم، فهذه المهنة عائدها قليل، ولا توجد سياسات وطنية أو مؤسسات تتبناها بشكل دائم، وكل ما هو متوفر لا يتعدى مشاريع تأتي وتنتهي، وفي كثير من الأحيان يضطر عارضو مسرح الدمى لتحمل التكاليف كاملةً، من أجل إتمام عروض الأطفال. كما أن الأماكن المتوفرة التي من الممكن استخدامها للعروض مكلفة، وهذا ما دفع رائد ورمزي للتوجه إلى الشارع لتقديم العروض، إضافة إلى نقص المواد الخام التي تستخدم لتصنيع الدمى. ولفت قندلفت إلى أن الحواجز الإسرائيلية على الطرق في الضفة الغربية وعدم توفر البنية التحتية للتنقل في بعض المناطق يعيق وصوله وزميله إلى بعض التجمعات المهمشة والبعيدة حيث يوجد أطفال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


"مذكرات زيتون في كورونا"

كغيره من القطاعات، تضرر المسرح جراء فرض حالة الطوارئ بُغية التصدي لانتشار فيروس كورونا في فلسطين، ما أثر بشكل كبير على عروض الدمى المقدمة للأطفال، ما دفع طرايرة وصديقه نصار إلى العمل على عروض إلكترونية، مثل "يوميات ومذكرات زيتون"، التي كان بطلها دُمية صنعها عبد وألبسها في كل حلقة غلاف قصة مختلف، لتناقش فكرة البقاء في المنزل وبعض النصائح الخاصة بالفيروس، والالتزام بالإجراءات الوقائية وغيرها، إضافة إلى تحويل بعض الدروس في الكتب المدرسية إلى قصص تعرض بواسطة الدمى، لتسهيل فهمها من قبل الأطفال أثناء بقائهم في المنزل وتلقيهم التعليم عن بعد.
ولكن على الرغم من كل الجهود الإلكترونية وغيرها التي بذلت للحفاظ على استمرارية مسرح الدمى خلال فترة الطوارئ، فإن طرايرة يوضح أنه "لا غنى عن العروض التفاعلية على أرض الواقع، لأن الأطفال بإمكانهم لمس الدمية والتحدث واللعب معها، والتحرك في المكان وتفريغ الطاقة، وبخاصة أن عروضهم في مسرح "نعم" عادةً ما تكون مسبوقة بألعاب حركة تفاعلية لكل شرائح الحضور من الصغار والكبار، ويتلوها نقاش حول ما تحدثت عنه الدمى". وأضاف أن "العروض الوجاهية مهمة لطاقم المسرح لأنهم يستمدون طاقتهم من تفاعل الأطفال معهم". أما رائد ورمزي فكانت كورونا السبب في تعطيل عملهما وحرمانهما من الذهاب إلى العديد من المناطق التي كانا خططا لزيارتها هذا العام، وبخاصة أن العروض الإلكترونية لم تَفِ بالغرض.
 

مسرح الدمى ينمو بجهود تطوعية شبابية

وفي ظل غياب برامج محددة وثابتة من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية لاستخدام مسرح الدمى بشكل ممنهج في العملية التعليمية للصغار في رياض الأطفال والمراحل الدراسية الأولى، إلا أن بعض الأسر ومعلمات الأطفال يحرصن على الحصول على الدمى القماشية الجاهزة التي تباع في الأسواق من أجل استخدامها خلال تعليم الطلاب أو اللعب معهم، في محاولة لإبعادهم عن بعض السلوكيات السيئة كعدم الالتزام بالأكل الصحي واستخدام الإلكترونيات لفترات طويلة وإهمال الدراسة أو الأنشطة البدنية.

كما أن هناك بعض المبادرات الشبابية التطوعية التي تظهر هنا وهناك لتطوير هذا القطاع وإعادة إحيائه في المدارس والأندية ومؤسسات الأطفال، وتنظيم ورش لتعليم الأطفال كيفية صناعة الدمى من الأدوات المتاحة كالجوارب وأزرار الملابس والخيوط الصوفية وبقايا الكرتون، أو العلب البلاستيكية الفارغة، ومن ثم الطلب من كل طفل تسمية دميته الخاصة وتقديم عرض بسيط يتم تصويره ونشره على شبكة الإنترنت.

المزيد من منوعات