Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نتنياهو يحتفي بالإنجاز الأمني في الاتفاق مع السودان

يركز رئيس الحكومة الإسرائيلية على محاصرة إيران وتركيا ومنع تهريب السلاح إلى غزة

يوجد في إسرائيل نحو سبعة آلاف مهاجر سوداني (رويترز)

جعل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، توقيع اتفاقية السلام مع السودان، إنجازاً أمنياً له ولجهود حكومته، قبل أن تكون إنجازاً سياسياً أو اقتصادياً. فتوقيع اتفاقية سلام مع دولة كانت معادية سنوات طويلة لإسرائيل والأخطر أنها كانت على علاقة مع ايران، منح نتنياهو نقاطاً كثيرة لرفع مكانته والتفاخر بقدراته.

وحرص رئيس وزراء إسرائيل على مدار يومين متتالين بعد توقيع الاتفاقية على التركيز على الجانب الأمني من أهميتها، رافعاً إلى أجندة حكومته والمستوى السياسي فيها الشأن الإيراني والمعادلة التي ستضعها تل أبيب للتعامل مع طهران في أعقاب هذا التوقيع.

وعلى الرغم من الأوضاع الداخلية الملتهبة في إسرائيل، في إعقاب تصعيد الاحتجاجات والتظاهرات أمام ديوان نتنياهو وانتشارها على معظم المناطق، احتجاجاً على الوضع الاقتصادي الناشئ في أعقاب وجود الإسرائيليين في حجر صحي لعدم قدرة الحكومة على مواجهة خطر انتشار كورونا، جعله يفتتح جلسة حكومته الأسبوعية، صباح الأحد، باحتفالية لتوقيع اتفاقية السلام مع دولة خامسة.

"هذه المرة مع السودان الذي كان بلداً معادياً لغاية السنوات الماضية. السودان كان بلداً تعاون مع إيران في تهريب الأسلحة الخطيرة جداً إلى حماس التي خططت لاستخدامها ضد إسرائيل. وبدأ هذا التحول نتيجة وقوفنا الحازم ضد إيران وقيامنا بعمليات ضد أنشطتها وضد محاولاتها تهريب الأسلحة عبر السودان"، بهذه الكلمات افتتح الجلسة الأسبوعية لحكومته.

حديث نتنياهو هذا يكمّل ما أكده أمنيون إسرائيليون وهو أن تل أبيب ستستكمل بهذه الاتفاقية حزامها الأمني في البحر الأحمر، والذي تشارك فيه مصر والأردن وجنوب السودان. ما يؤدي إلى منع انتقال السلاح من سيناء إلى غزة الذي استند إلى خطوط تهريب من الخرطوم.

سلام من منطلق القوة

واعتبر نتنياهو هذه الاتفاقية بمثابة تحول عظيم بل تغيير لخريطة الشرق الأوسط و"نتيجة سياسة واضحة قدمتها خلال السنوات الماضية وجهود حثيثة للغاية تم بذلها على الصعيدين العلني والسري على مدار سنوات ولا أستطيع أن أتحدث عن جميع اللقاءات والجهود والمسارات التي عملنا فيها".

وإلى جانب حرصه على تسجيل نقاط لمصلحته خلال استعراضه الاتفاقية في جلسة الحكومة، تطرق إلى الإنجاز السياسي في جانب القضية الفلسطينية واتفاقيات السلام هذه. وبحسب نتنياهو فإن الاتفاقيات مع الدول العربية عموماً، والسودان خصوصاً بسبب العداء السابق بينها وبين إسرائيل وعلاقتها مع إيران "تؤكد حدوث تغيير في الاعتقاد الذي سيطر على المنطقة خلال سنوات طويلة، وهو أن "الطريق الوحيد للتوصل إلى تطبيع واتفاقيات سلام مع العالم العربي هو عدم اتخاذ خطوات ستعرّض أمن إسرائيل للخطر وتجبرنا على الانسحاب لخطوط 1967 غير القابلة للدفاع واقتلاع أكثر من مئة ألف يهودي من بيوتهم (أي المستوطنات القائمة في الضفة والقدس) وتقسيم القدس. آمنت دائماً بأن هناك طريقاً آخر سيؤدي في نهاية المطاف إلى المصالحة مع عدد كبير من الدول العربية وإلى تغيير الأوهام ونبذها عند الفلسطينيين ما من شأنه صنع سلام واقعي معهم بدلاً من الذي يعرض وجودنا للخطر".

والملخص من كلمة رئيس وزراء إسرائيل، الذي يواجه تراجعاً في شعبيته وحالة تمرد من جهات واسعة أغلقت مصالحها بسبب قرار الحكومة بالإغلاق العام في الدولة، بأن توقيع اتفاقية السلام مع السودان يؤكد "أن ما نقوم به هو سلام من منطلق القوة- السلام مقابل السلام والاقتصاد مقابل الاقتصاد".

وفي سياق استعراضه ما تحمله اتفاقية السلام مع السودان من تميّز عن بقية الاتفاقيات عاد إلى مواقف للخرطوم قبل عشرات السنين بينها تبني الجامعة العربية في العاصمة السودانية، عام 1967 اللاءات الثلاث- لا للسلام مع إسرائيل، لا للاعتراف بها ولا للمفاوضات معها، ولكن السودان اليوم، أضاف نتنياهو "يقول نعم للسلام مع إسرائيل، نعم للاعتراف بإسرائيل ونعم للتطبيع مع إسرائيل".

مهلاً على هذه الفرحة

الأجواء الاحتفالية التي بثّها نتنياهو ومقربون منه، قبل توقيع اتفاقية السلام وبعدها، استدعت جهات عدة في إسرائيل إلى التوجه إليه وإلى المستوى السياسي تطالب بالتخفيف من هذه الأجواء والتأني في استخلاص العبر والتخطيط لمستقبل هذه الاتفاقية، في أعقاب المعارضة الواسعة لها في السودان وأعمال الاحتجاج التي قد تمنع من اتخاذ خطوات أخرى مع تل أبيب.

وتشير الجهات المحذرة من الأجواء الاحتفالية في إسرائيل بعد هذه الاتفاقية إلى مخاطر أبعاد الاحتجاجات التي يشهدها السودان على خلفية الأوضاع الاقتصادية الصعبة، النقص في الوقود الذي يتسبب بطوابير طويلة كل يوم أمام المحطات وعلى نية الحكومة تقليص الدعم له. جميع هذه الخطوات غير مرتبطة باتفاقية السلام مع تل أبيب، إلا أنها تعكس وضعاً داخلياً تتراجع فيه الثقة بالحكومة. وهذا بحد ذاته يجند لأهداف سياسية، في ملخصها أن الاتفاقية مع إسرائيل غير شرعية وموقعة من حكومة مؤقتة ومن دون مصادقة البرلمان.

سبعة آلاف مهاجر سوداني في انتظار مصيرهم

الواقع الذي دفع إلى التحذير من مستقبل هذه الاتفاقية، شكل قلقاً جدياً في تل أبيب من احتمال عدم تنفيذ ما يتم التوصل إليه بين الأطراف الموقعة عليها، لكنه في الوقت نفسه لم يمنع الجهات ذات الشأن من التحرك والعمل على تنفيذ جوانب مهمة فيها، في مركزها كيفية التعامل مع المهاجرين السودانيين في إسرائيل.

في دولة إسرائيل حوالى سبعة آلاف سوداني. أدى وجود هؤلاء على مدار سنوات طويلة إلى إشكالية كبيرة في ما يتعلق بموضوع التسلل عبر الحدود، خصوصاً المصرية، وبوضعيتهم في المجتمع الإسرائيلي والاندماج فيه وتوفير أماكن سكن وعمل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومنذ بدأ الحديث عن إمكانية التوصل إلى سلام مع السودان باشر مسؤولون إسرائيليون التفاوض حول مصير هؤلاء مع المسؤولين في الخرطوم وكيفية إعادتهم إلى بلدهم.

وتحدّثت جهات عن أن اتفاقية السلام تشمل بنداً حول مصير المتسللين السودانيين، وفي وقت سابق ذكر وزير الاستخبارات إيلي كوهين بأن اتفاقية السلام تشمل كيفية إعادتهم إلى بلدهم.

هذا الموقف جوبه بمعارضة، هناك من دافع عن حق السودانيين في البقاء في إسرائيل، بل المصادقة على طلبهم في حق اللجوء. ورفضت مديرة المركز الأكاديمي "روبين"، جاليا تسيفر، ما عرضه الوزير كوهين، معتبرة أنه "لا يمكن تل أبيب إعادتهم لأنه لا يجري الحديث عن طالبي عمل كما يقول الوزير إنما على طالبي لجوء، ووفق القانون الدولي لا يمكن بأي شكل إرجاعهم". وأضافت أن القانون نقيّ تماماً من أي جانب سياسي ويجب عدم إدخاله في الموضوع.

وحذرت تسيفر من تعرض أي سوداني يعود إلى منطقة سكنه لخطر كبير، مشيرة إلى أن المناطق الأبرز لهم ما زالت تعيش حالة من عدم الاستقرار ويميزها العنف الدائم والمتصاعد.

عملية أمنية مستقبلية مشتركة

في سياق استعراض الإسرائيليين أهمية هذه الاتفاقية وتداعياتها، نشرت وزارة الاستخبارات تقريراً عن المصالح التي يمكن أن تنفذ خلال السنوات المقبلة في أعقاب توقيعها.

أبرزها، الأمنية، التي ركّز نتنياهو في حديثه عليها، خصوصاً ما يتعلق بنقل الأسلحة إلى قطاع غزة.

وجاء في التقرير أن دولة السودان تقع على شواطئ البحر الأحمر، ما يتيح إمكانية عمليات التهريب عبر مسارات بحرية من الشمال إلى الجنوب. وأضاف، "يمكن لموقع هذه الدولة المساهمة في خفض خطر تموضع جهات معادية على طول خط الملاحة الأساسي لإسرائيل، وعلى المدى البعيد إمكانيّة لعمليات أمنية مشتركة في المنطقة".

التوقعات الإسرائيلية، وفق التقرير، أن يقدم السودان المساعدة، في أعقاب الاتفاقية، في منع تهريب الأسلحة في مسار، السودان- مصر- غزّة، ومنع تموضع جهات تُعدّ عمليات معادية على أراضيه وإمكانية إحباط إقامة قواعد بحرية لجهات معادية مثل إيران وتركيا على شواطئ البحر الأحمر".

في المقابل، ووفق وزارة الاستخبارات، يمكن لإسرائيل مساعدة السودان في الدفاع عن حدوده وفي تصدير معدات أمنية.

السياحة والتشريعات الإسلامية

سياحيّاً، وعلى عكس أبعاد اتفاقيتي السلام مع الإمارات والبحرين، لن تؤدي الاتفاقية مع الخرطوم إلى سياحة إسرائيلية هناك، إنما الفائدة الكبيرة التي فاخر بها نتنياهو لدى عرضه خريطة لمسار الطيران الإسرائيلي بعد الاتفاقية، هي تقصير الرحلات الجوية إلى مناطق في أفريقيا مثل أثيوبيا وجنوب أفريقيا أو أميركا اللاتينيّة. وقلّل التقرير من السياحة داخل السودان، باعتبار أنه "غير متطور ومحدود جداً بسبب الوضع الأمني والتشريعات الإسلامية التي كانت متّبعة حتى وقت قريب".

في جانب آخر ولكون السودان دولة نامية يمكن إسرائيل تصدير أنواع مختلفة من البضائع، التكنولوجيا والخدمات الناقصة. ويمكن تقديم استشارات وخدمات في مجال الزراعة وتحلية المياه إلى جانب استشارات ومساعدة طبية. وفي مجال الطاقة، حيث يعيش 40 في المئة من السودانيين في مناطق غير مرتبطة بشبكة الكهرباء، يمكن أن تقدم تل أبيب خدمات في مجال أنظمة الطاقة البديلة التي تعتمد على الطاقة الشمسية.

يُشار إلى أن وفوداً عدة من السودان وإسرائيل ستجتمع قريباً لبحث التعاون في العديد من المجالات، بما في ذلك الزراعة والتجارة وغيرهما من المجالات المهمة".

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط