Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يهدف تحرك متقاعدي الجيش الجزائري إلى "التشويش" على الرئيس تبون؟

"هذه التصرفات اللامسؤولة تزيد من الاحتقان الحاصل في البلد وتنسف كل الجهود الرامية إلى إحداث تغيير حقيقي وسلمي"

متقاعدو الجيش الجزائري شاركوا في الحراك الشعبي (اندبندنت عربية)

عاد ملف متقاعدي الجيش والمتضررين إلى الظهور مجدداً بشكل مفاجئ، بعد تداول مواقع التواصل الاجتماعي مواجهات بينهم وقوات حفظ النظام في محافظة قالمة شرق الجزائر، حيث تجمعوا أمام مقر المحافظة للمطالبة بحقوقهم الاجتماعية، وهي الحادثة التي شغلت الرأي العام بسبب توقيتها.

مواجهات مفاجئة

واستدعت المشادات استعمال قوات الشرطة القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين، الأمر الذي استغله المتقاعدون لدعوة باقي المحافظات إلى الالتحاق بهم ومساندة زملائهم، بعدما نشروا مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي وقت كان هدف تنظيم التجمع الحصول على الحقوق الاجتماعية مثل السكن، تحوّل بعد الأحداث إلى مطالب بالإفراج الفوري عن زملائهم المحجوزين لدى مصالح الشرطة.

ويعتبر ملف "متقاعدي الجيش والمعطوبين" من المواضيع التي تقلق السلطة، بسبب "الاندفاع" الذي يطبع احتجاجات هذه الفئة، التي ما فتئت تقطع حوالى 60 إلى 70 كيلومتراً سيراً على الأقدام، من أجل الاحتجاج في العاصمة الجزائر، كلّما لجأت السلطات إلى إغلاق المداخل، في حالات تخلّف كل مرة احتكاكاً مع المصالح الأمنية، الأمر الذي يؤرق السلطات والرأي العام على حد سواء، خصوصاً مع فترة حكم الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.

ضعف المسؤولين؟

في السياق، يرى الناشط السياسي أمين الصادق في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن مطالب متقاعدي الجيش وذوي الحقوق مشروعة وتحتاج فقط إلى حوار هادئ ومسؤول، وفق خطة مدروسة للتكفّل بانشغالاتهم، لكن بعض الإداريين تنقصهم الحكمة والحنكة السياسية في التعامل مع المواطنين. لذلك تتكرر مثل هذه الممارسات السيّئة مع بعض المسؤولين  من محافظين ووزراء، مشيراً إلى ما باتت تنشره منصات التواصل الاجتماعي حول التصرفات غير المسؤولة لبعض الإطارات وطريقة حوارهم غير المهنية مع مواطنين بسطاء يطالبون بحقوقهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف أن المحافظ الذي لا يعرف كيف يسخّر القوة الناعمة في التعامل مع متظاهرين سلميين، ويلجأ إلى استعمال القوة العمومية لتفريقهم، هو مسؤول فاشل ولا يصلح لأن يكون أحد بُناة العهد الجديد. ويقول إن مثل هذه التصرفات اللامسؤولة تزيد من الاحتقان الحاصل في البلد وتنسف كل الجهود الرامية إلى إحداث تغيير حقيقي وسلمي، كما أنها تعقّد من مأمورية الرئيس وتضع كل تعهداته في مهبّ الريح، خصوصاً أن فئة المتقاعدين والمشطوبين والمعطوبين يستحقون التقدير على وطنيتهم واستعدادهم الدائم للتضحية في سبيل الجزائر. ويعتبر أنه من الحكمة حلّ هذه المشكلة من جذورها في أقرب الآجال، حتى لا تستغل معاناتهم أطراف متربّصة بأمن البلاد واستقرارها.

السلطة الجديدة فتحت أبواب الحوار

ومع وصول الوافد الجديد إلى قصر الرئاسة "المرادية" عبد المجيد تبون، سارعت السلطة إلى التعامل "الليّن" مع هذه الفئة، التي قدمت الكثير في مواجهة الإرهاب خلال سنوات التسعينيات أو ما يعرف بالعشرية السوداء، وآخرها تطمينات وزارة الدفاع في بيان، أنه "قصد التكفل بجملة الانشغالات والمطالب الطبية والاجتماعية لمختلف الشرائح والفئات الممثلة لمتقاعدي الجيش والجرحى والمعطوبين، الذين تم إنهاء خدمتهم في صفوف الجيش لمختلف الأسباب. وعقب سلسلة اللقاءات التي جمعت المصالح المعنية لوزارة الدفاع مع ممثلي هذه الفئات، تطمئن وزارة الدفاع المعنيين بأن مصالحها المختصة تعكف على متابعة ملفاتهم ودراستها حالة بحالة".

وأضاف البيان أن "المكاتب الجهوية لصندوق المعاشات العسكرية عبر النواحي العسكرية كافة، استقبلت عشرات الآلاف من الملفات الطبية لمختلف الشرائح المعنية، وتقوم حالياً بجردها والتدقيق في محتواها وعرضها على لجان الخبرة الطبية"، مبرزاً أن الأمر يتطلب حيّزاً من الوقت للسماح لكل من يستوفي ملفه الشروط المقررة بالاستفادة من حقوقه، وفقاً للقوانين المعمول بها. وختم البيان أن هذه المساعي تأتي تنفيذاً للحرص الشخصي لرئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع، على التكفل الأمثل بالانشغالات الاجتماعية لأبناء الجيش الذين أنهوا مدة خدمتهم في الصفوف.

وسبق ذلك لقاء حضره إلى جانب مستشار رئيس الجمهورية، كل من المدير المركزي لمصالح الصحة العسكرية ومدير المصلحة الاجتماعية ومدير الإيصال والإعلام والتوجيه والمدير العام للأمن الداخلي ومدير صندوق التقاعد العسكري وممثلون عن مختلف شرائح وفئات متقاعدي الجيش والجرحى والمعطوبين، بغرض دراسة انشغالاتهم الطبية والاجتماعية والبحث عن الحلول المناسبة لكل فئة. وأكدت وزارة الدفاع بعد الاستماع إلى تدخلات ممثلي الفئات المذكورة وتسجيل مطالبهم بحسب خصوصية كل فئة، عزمها والتزامها بدراسة كل الملفات ومعالجتها بدقّة وجدية، وذلك في إطار قوانين الجمهورية والتنظيم الساري المفعول، وبما يكفل تحسين الظروف الاجتماعية والمعيشية لفئات مستخدميها كافة.

مخاوف من استغلال الملف

وبالنظر إلى ما سبق، فإن تحرك متقاعدي الجيش في هذا التوقيت طرح تساؤلات وأثار مخاوف. في هذا السياق، اتهم أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية اسماعيل معراف في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، جماعة "توفيق" الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات، التي عادت إلى مفاصل الدولة، قائلاً "لا أستبعد أن يستعملوا ورقة متقاعدي الجيش للتشويش على تبون، والدفع نحو اضطرابات بعد تزكية الدستور استعداداً لعودتهم إلى صنع القرار". وأشار إلى أن الإدارة تسير في الاتجاه ذاته باستمرارها في اختلاق العراقيل بهدف إفشال حكومة تبون، محذّراً من جناح "توفيق" الذي بات يشكّل تهديداً بسبب امتلاكه ملفات خطيرة ضد مسؤولين في السلطة.

المزيد من العالم العربي