Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب قره باغ أعادت إلى ذاكرة أرمن سوريا تاريخ إبادتهم

يعتصر الألم قلوبهم لما يحدث في الإقليم ويبدون تضامناً ليس بالأقوال فقط بل والأفعال

مواطنان يتقاسمان الطعام في أحد شوارع ستيباناكيرت عاصمة ناغورنو قره باغ (أ ف ب)

بعد أكثر من 10 أيام على اندلاع الصراع المسلح حول إقليم ناغورنو قره باغ المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان، ومع توالي الأنباء عن هجمات الجيش الأذري المدعوم من تركيا، لاحت في ذاكرة أرمن سوريا صور أجدادهم الفارين من مذبحة قضت على حياة مليون ونصف المليون أرمني على يد الدولة العثمانية خلال حقبة الحرب العالمية الأولى.


الحقيقة المخيفة

المجزرة التي حصلت على اعتراف المجتمع الدولي، أبت تركيا أن تقر بها بل سعت إلى الضغط بكل قوة لدفع دول العالم إلى طي ملف الإبادة، على الرغم من صدور قرار في عام 1997 من الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية (IAGS) يقر بحدوثها.

مع ذلك كله تسعى اسطنبول كما كان يُطلق عليها منذ مطلع القرن الماضي، إلى قض مضاجع عيش الأرمنيين وفق تعبير الباحث في تاريخ القومية الأرمنية، هاكوب يعقوبيان في حديثه لـ"اندبندنت عربية".
وقال يعقوبيان إن "تواجد الأرمن في سوريا يعود إلى توافد أعداد كبيرة منهم فراراً من المذبحة، مشكلين في ما بعد نسيجاً اجتماعياً في مدن قطنوها بكثافة، منها حلب شمال سوريا، أو بلدة كسب ذات الغالبية الأرمنية".

أما المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، فعلق على ذلك بالقول إن "مَن يتوهمون إلحاق الضرر بتركيا عبر أكذوبة الإبادة الجماعية بحق الأرمن، سيجرون أذيال الخيبة". وجاء حديث قالن على هامش إحياء الأرمن ذكرى الإبادة هذا العام في 24 أبريل (نيسان) الماضي. وأضاف أن "ادعاءات الإبادة الأرمنية المزعومة تثيرها لوبيات أرمنية في عدد من الدول، في مثل هذا اليوم من كل عام".
ولفت قالن إلى أن "قرار التهجير والنقل الذي اتُخذ في 24 أبريل 1915، في ظل الظروف المدمِرة والصادمة للحرب العالمية الأولى، لم يكن نتاج سياسة تهدف للقضاء على الأرمن الذين كانوا يوصوفون بالأمة المخلصة".


عدد في انخفاض

من جهة أخرى، لفت الباحث يعقوبيان إلى أن "الأرمن يشكلون ما نسبته 2 في المئة من سكان سوريا، ويُقدَّر عددهم بمئة ألف شخص وهم في انخفاض تدريجي لأسباب تتعلق بالحرب الدائرة في سوريا منذ تسع سنوات، وهجرة بعض الشباب الأرمن السوريين إلى وطنهم الأم أرمينيا".
كما أن المذبحة التي تُعد الأكبر في مطلع العصر الحديث بحسب الباحث الأرمني، لم تكن وحدها التي قضت على الأرمن بعد تصفيتهم "بل لحقتها مأساة الهجرة والشتات الذي عاشه كثيرون في الصحراء، حيث تعرضوا للسرقة والنهب والاغتصاب، والموت من الجوع والعطش ووصل بعضهم إلى حدود الانتحار، أو الموت جراء المرض ما فاقم المعاناة".
ويمكن التحقق من هذا الأمر في دير الزور، شمال شرقي سوريا، وهي المدينة التي مر عبرها الأرمن في مسيرة بحثهم عن حياة جديدة، وفق ما يروي السوري الأرمني هاروت ديريان (80 سنة)، فهناك كان يوجد متحف يضم هياكل عظمية وجماجم عائدة إلى أناس أرمن لقوا حتفهم في الصحراء.
ويرى مراقبون من الأرمن السوريين، أن الفصائل المتشددة عمدت إلى تدمير هذا المتحف، ولا يخفون أن هذا التصرف يأتي بإيعاز تركي لطمس الحقائق.


الوطن الأم

يعتصر الألم قلوب الأرمن في سوريا، لما يحدث في إقليم ناغورنو قره باغ، وسط حركة تضامن ليس بالأقوال فحسب بل والأفعال، من قبل فريق واسع داخل المجتمع السوري، لاسيما ذاك الموالي للسلطة في دمشق.
وعلى اعتبار أن الخصم التركي يدعم أذربيجان، ينتقد الموالون للنظام السوري على الدوام سياسة تركيا التوسعية في سوريا والبلدان العربية، ودعمها للجيش الأذري، وإرسال مرتزقة سوريين إلى القتال في قره باغ، الأمر الذي تصر أنقرة على نفيه.
وفي زحمة الأنباء الواصلة إلى أرمن الداخل السوري من أرمينيا، كان عشرات الآلاف من الأرمنيين باتصال على مدار الساعة مع أهاليهم في الوطن الأم، خلال الأيام الدامية الماضية، حيث اتسعت دائرة الاشتباك من الاستهداف العسكري إلى استهداف مواقع مدنية.

في المقابل، لا يمكن للسوريين أن ينسوا تميّز الأرمن في بلادهم، حيث برعوا في مهن وحِرف قلّ لنظراء لهم أن يحققوا نجاحات فيها، لا سيما في التصوير الفوتوغرافي والميكانيك، عدا عن تفوقهم في المجالات العلمية والطبية. وحققوا خلال عيشهم في مدينة حلب تفوقاً في الصناعة والتجارة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إلى يريفان
توافد الأرمن السوريون مع أول رحلة إلى العاصمة الأرمينية يريفان، بعد افتتاح مطار دمشق في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، لتقديم المساعدة.
وتحدثت الشابة، الأرمنية السورية آنا عن إسهام أصدقاء لها من حلب في تقديم المساعدة. وقالت "ساهم أحد أصدقائي الذي يعمل كطبيب في تقديم المساعدة الطبية في الإقليم. لابد من الوقوف إلى جانب أهلنا في قره باغ وإلا الإبادة ستستمر في حقنا، ولن نسمح بذلك".

وجه من الإبادة

 في حين يعتبر الأرمن على الصعيد الشعبي أن ما يحدث في الإقليم المتنازع عليه يشكل استمراراً للإبادة، أعلن رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان أن "ما تفعله تركيا جزءاً من استمرار الإبادة الجماعية للأرمن ومحاولة لإعادة الإمبراطورية العثمانية" في تصريحات تلفزيونية أدلى بها.

في المقابل، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حديثاً تلفزيونياً في 5 أكتوبر الحالي، انتقد فيه "مجموعة منسيك" للوساطة في نزاع قره باغ  التي تضم كل من روسيا وأميركا وفرنسا، واصفاً دعم بلاده لأذربيجان بـ"النضال من أجل تحرير أراضيها المحتلة". واعتبر أن ذلك يُعد "واجباً على كل دولة شريفة".

ومع اشتداد الحرب المندلعة منذ 27 سبتمبر (أيلول) الماضي، في الإقليم ذي الغالبية السكانية الأرمنية، الواقع تحت سيطرة يريفان، وتعده باكو محتلاً ومقتطعاً من أراضيها، ترنو الأنظار نحو المجتمع الدولي للتوصل إلى وقف للنار.

المزيد من متابعات