Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يتصدى جيش إلكتروني في بيلاروس للرئيس وحاشيته

يصبح المجال الافتراضي الجبهة الجديدة مع دخول الاحتجاجات أسبوعها التاسع

تهز بيلاروس احتجاجات منذ أكثر من شهرين (أ.ب)

إذا انتهى الأمر بمعركة من معارك القوة التقليدية، من بنادق ورصاص وقمع وحشي، فلن تحصل بالتأكيد أية منافسة.

فخلال الأسابيع الثمانية، منذ زعم ألكسندر لوكاشينكو فوزاً انتخابياً كاسحاً غير محتمل، تخطى نظامه الدموي كل خط أحمر عنيف يخطر في البال، فاعتقل الآلاف وعذب المئات، وقتل خمسة على الأقل، واختطف منافسين سياسيين وهددهم وسجنهم، ونظم حفلة تنصيب سرية، بل وهدد جدة تبلغ من العمر 73 سنة.

أما المحتجون الذين يتبعون مساراً أكثر سلمية، فلجأوا إلى موارد بارعة في مقارعة النظام. فحين أطلق النظام إرهابه، نظموا عصياناً مدنياً حاشداً وإضرابات. وحين بدأ المحتجون الذكور يتعرضون إلى اعتقال جماعي، تقدمت النساء البيلاروسيات لقيادة الاحتجاج، وحين بدأت النساء يتعرضن للاعتقال، بدأن ينتزعن أقنعة الضباط الذين يعتقلونهن لكشف هوياتهم.

والآن مع وصول المواجهة إلى طريق مسدود في الشوارع، يبدو أن المعركة تنتقل إلى جبهة جديدة، وهي الفضاء السيبراني. وهنا تتمتع المعارضة ببعض الانتصارات الحاسمة.

فمنذ بداية سبتمبر (أيلول) تنجح مجموعة من المقاتلين السيبرانيين المجهولين الذين يصفون أنفسهم بـ "المحازبين السيبرانيين البيلاروسيين" Cyber Partisans of Belarus في تعطيل العشرات من منظومات تكنولوجيا المعلومات التابعة للحكومة.

وكانت عمليات القرصنة في معظمها محرجة أكثر منها ناقدة، وهكذا أُغرق الموقع الرئاسي، مثلاً، بالأعلام الوطنية الحمراء والبيضاء التي تفضلها المعارضة، ووجد الرئيس لوكاشينكو ووزير داخليته ملفيهما الشخصيين مدرجين في قوائم المطلوبين لدى الشرطة البيلاروسية، وقطع بث الأخبار الحكومية عبر الإنترنت بلقطات عن عنف الشرطة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن الناشطين القراصنة حققوا نجاحاً منهجياً جدياً أيضاً، فقد شلوا المنظومات الحاسوبية في مكتب المدعي العام وسوق الأسهم ودائرة الشرطة في مينسك ومكتب الضرائب، وعطلوا مواقع حكومية لساعات، وأوقفوا موقع اليانصيب الحكومي، وضربوا منظومة المدفوعات في المصرف الوطني البيلاروسي.

وقال ممثل لـ "المحازبين السيبرانيين"، طالباً عدم الكشف عن هويته، إن الهجمات على النظام ستتفاقم. ووصف الممثل أمن تكنولوجيا المعلومات لدى النظام بأنه "مثير للسخرية"، وزعم أن المجموعة تمتلك القدرة على التأثير في الموازنة الحكومية. وقال، "نستطيع الوصول إلى الحسابات المصرفية لو أردنا، لكننا نعرف أن ذلك سيأتي بضرر أكبر من النفع، لذلك قررنا عدم الإقدام".

ويتمثل أكبر نجاح لـ "المحازبين" إلى الآن في قرصنة قواعد البيانات الخاصة بوزارة الداخلية، بما في ذلك أسماء الضباط العاملين وعناوينهم وأرقام هواتفهم، وأصبح ذلك سلاحاً قوياً في بلد صغير، فعلى الضباط أن يعيشوا في الشقق نفسها ويتسوقوا من المحال نفسها كما سائر السكان، ومن شأن نزع قدرتهم على الإضرار بالآخرين وهويتهم مستترة أن يزيد من فرصة انشقاقهم زيادة كبيرة، وذلك يحافظ في شكل حاسم على الضغط النفسي المفروض على النظام.

وفي تطور مواز، تزعم مجموعة من المهندسين بقيادة المغترب المقيم في الولايات المتحدة أندرو ماكسيموف أنها طورت برمجية تستطيع تحديد هويات الضباط حتى وهم يرتدون أقنعة.

وبين ماكسيموف (30 سنة) قدرة منظومته من خلال مقطع فيديو يحلل لقطات شهيرة للشرطة، وهي تسيء إلى الناس في أوائل أغسطس (آب). ويبين العرض المنشور على "يوتيوب" وشاهده ملايين الأشخاص بالفعل، لقطات لضباط مقنعين يقفون على فتى في الـ 15 من عمره، وفي يدهم قنبلة يدوية على وشك الانفجار. ثم يزعم العرض أنه يبين البرمجية وهي تطابق بين الرجل وبين قاعدة بيانات الضباط المعروفين.

ويعمل ماكسيموف في النهار مديراً لشركة للذكاء الاصطناعي تقيّم بعدة ملايين من الدولارات الأميركية، ومقرها في لوس أنجليس. وقال إن البرمجية مباشرة في شكل كاف. وقال، "يستطيع شخص يبلغ من العمر 15 سنة ويملك كمبيوتراً محمولاً أن يفعل ما نفعله". وتستخدم المنظومة نماذج مشاهدة كمبيوترية موجودة لاستخراج سمات الوجوه، ثم تقارنها ببيانات وصفية مثل الموقع والوقت، وعندئذ فقط تبحث عن مطابقات محتملة في مقابل قواعد البيانات.

لكن مشروع ماكسيموف الشبيه بالخيال العلمي اجتذب ما يكفي من المنتقدين، بل إن بعض مجموعات القرصنة المعارضة رفضت البرمجية باعتبارها "زائفة".

ويدافع المهندس المغترب عن مزاعمه، ويقول إن الناس اعتقدوا خطأً بأن الذكاء الاصطناعي علم من العلوم التامة. "كل ما يفعله هو أنه يعكس احتمالات استناداً إلى بيانات مُختبرة، وأقر بأن البيانات التصويرية غير كاملة، لكننا نعمل عليها".

ويقر أيضاً "المحازبون السيبرانيون البيلاروسيون" من جهتهم بأن تخريب تكنولوجيا المعلومات لا تضمن حماية الثورة تماماً، لكنهم يقولون إنهم يؤدون "دوراً مهماً" في "حركة تاريخية"، وهم "واثقون" من قدرتهم على إنزال ضرر جدي بنظام لوكاشينكو الذي تأسس قبل 26 سنة.

وقال ممثل المحازبين السيبرانيين، "لا نريد أن نكشف بطاقاتنا بعد، فلنقل فقط إننا واثقون جداً بما نفعله".

© The Independent

المزيد من دوليات