Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صمت في اليوم الأول للحملة الدعائية على الدستور الجزائري

مخاوف من مواجهات بين الداعمين والرافضين وبين "نعم" و "لا" و"المقاطعة"

رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي (صفحة السلطة المستقلة للانتخابات)

أعطت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات الجزائرية، الهيئة العليا المشرفة على استفتاء الدستور مطلع الشهر المقبل، موافقتها على طلبات أحزاب قررت التصويت بـ "لا"، لتنشيط حملة انتخابية عبر القاعات ووسائل الإعلام الحكومية، وذلك تزامناً مع دخول الحملة الدعائية للدستور موعدها الرسمي، وسط إجراءات أمنية استثنائية ترافق تجمعات الأحزاب والجمعيات، وأعضاء الحكومة المشاركين في الحملة.

وبدأت رسمياً الحملة الانتخابية لاستفتاء الدستور المقرر في ذكرى الثورة التحريرية مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، تحت شعار رسمي هو "نوفمبر 1954: التحرير، نوفمبر 2020: التغيير".

الترخيص بالحملة لأصحاب "لا"

ومنحت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وهي هيئة تملك صلاحيات واسعة في إدارة العملية الانتخابية، الترخيص لعدد كبير من أنصار الدستور لتنشيط حملة دعائية، كما منحت الترخيص لعدد من الأحزاب الرافضة، التي تقدمت بدورها بطلبات قانونية لتنشيط حملة في السياق النقيض.

وهذه المرة الأولى في تاريخ الاستفتاءات الشعبية التي تمنح فيها السلطات الترخيص لمن يناقضون توجهات السلطة، لتنظيم حملة دعائية في وسائل الإعلام الحكومية، ولم تذكر سلطة الانتخابات إن كانت تلقت طلبات لتنشيط حملات تتصل بمقاطعة الاستفتاء، أو كيف تعاملت معها.

ووافقت سلطة الانتخابات على منح "جبهة العدالة والتنمية" التي يقودها الإسلامي عبدالله جاب الله، ترخيصاً للتدخل في الإعلام العمومي للترويج لموقفها الداعي للتصويت بـ "لا" على وثيقة الدستور. وأعلن رئيس مجلس شورى الجبهة، لخضر بن خلاف، أن الحركة ستعمل على مناهضة الطرف المؤيد للمشروع، من خلال الحصص الزمنية التي تفردها سلطة الانتخابات للأطراف المعنية عبر وسائل الإعلام الحكومية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سلطة الانتخابات تتراجع

وبينما شكلت تصريحات سابقة لرئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، مادة دسمة لخصوم السلطة القائمة، بعدما دعا الجزائريين إلى التصويت بـ "نعم"، عادت سلطة الانتخابات مع بدء الحملة الدعائية لتصحيح تصريحاته، قائلة إن "مهمتنا الأساسية هي حماية صوت المواطن وليس الترويج للدستور".

وصرّح شرفي أن "دور الهيئة يقتصر على الجانب التنظيمي لإنجاح الاستفتاء، وليس الترويج للتعديل الدستوري، وهذا التعديل ضروري لبناء الجزائر الجديدة التي التزم بتحقيقها رئيس الجمهورية، والمشاركة الشعبية شرط أساسي لكل ذلك".

وأضاف، "مجالات التعبير خلال حملة الاستفتاء ستكون مفتوحة للمؤيدين لمشروع تعديل الدستور وللمعارضين، وهو ما سيعكس الحركة الجديدة من أجل تجسيد الجزائر الجديدة"، معتبراً أن "أول مظاهر الديمقراطية هو السماح بتواجه الأفكار والآراء من خلال نقاش متعاكس سلمي، في إطار الاحترام الذي يجب على الداخلين فيه وضع مصلحة الجزائر فوق كل اعتبار".

واشترطت السلطة على الجهات الأربع المعنية بتنشيط الحملة الاستفتائية (وزراء، أحزاب، مجتمع مدني، شخصيات مستقلة) إرسال ملخص عن محاور مداخلاتهم عبر القنوات السمعية البصرية العمومية، قبل خمسة أيام على الأقل من انطلاق الحملة.

حملة الاستفتاء

ومن المنتظر أن ينشّط هذه الحملة أعضاء من الطاقم الحكومي وجمعيات وطنية وأحزاب وشخصيات سياسية، على أن تجرى حملة الاستفتاء التي ستدوم إلى 28 أكتوبر الحالي، وفق مخطط يحدد الحيز الزمني للمداخلين في وسائل الاعلام السمعية البصرية العمومية، وألزمتهم التقيد بالأحكام التشريعية والتنظيمية السارية المفعول، مع تحميل الجهة القائمة بالحملة الانتخابية المسؤولية عن أعمالها.

استنفار أمني

وبدأت الحملة الدعائية للدستور وسط إجراءات أمنية استثنائية، لاسيما في عاصمة البلاد، وعشية الموعد شهدت العاصمة اعتصامات لمئات من نشطاء الحراك الشعبي في ذكرى أحداث الخامس من أكتوبر 1988، وهي أحداث دامية خلفت عشرات القتلى، ومهدت لدخول الجزائر في عهد التعددية السياسية والحزبية من خلال دستور 1989 خلال فترة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد.

وفرضت القوى الأمنية حال تأهب قصوى في محافظات يتوقع أن تحتضن تجمعات شعبية لقادة سياسيين، وأقرت المديرية العامة للأمن الجزائري (قيادة الشرطة) مخطط مرافقة للتجمعات أو الحملات الدعائية الجوارية (داخل الأحياء).

ويذكر المحامي والناشط السياسي الهادي بن نورية لـ "اندبندنت عربية"، أن "ظروف حملة الاستفتاء شبيهة من حيث الشكل بحملة الرئاسيات الماضية، تبقي احتمالات تلاقي أنصار الاستفتاء ورافضي المسار السياسي كلية أمراً وارداً، لذلك تفرض المصالح الأمنية مخططاً معروفاً ضمن بروتوكول أمني يرافق في العادة الحملات الانتخابية".

وأضاف، "في العادة تبرز المواقف وتشتد حالات السجال في الحملات الانتخابية بالجزائر مع نهاية الأسبوع الثاني، ودخول الأسبوع الثالث، فإذا قرر أنصار الحراك العودة إلى المسيرات بدءاً من الجمعة المقبل، فأتصور أن الحملة ستجرى في ظروف غير عادية مع سقف مرتفع من المواجهات السياسية".

وعلمت "اندبندنت عربية" أن عدداً من التكتلات الحزبية المؤيدة للدستور طلبت المشاركة في الحملة، في حين وجهت أخرى قواعدها النضالية للمشاركة في الاستفتاء من دون تحديد خيار معين، أي ترك حرية التصويت بنعم أو لا للمصوتين أنفسهم، شرط عدم التجاوب لنداءات المقاطعة.

الدفاع عن مواد الدستور

أما الأحزاب التي قررت التصويت بـ "نعم"، فتنشّط تجمعات شعبية "صريحة" في سياق الدفاع عن مواد الدستور، ومن بين هؤلاء، رئيس "جبهة المستقبل" عبدالعزيز بلعيد، الذي قرر تنشيط أربعة تجمعات كبرى على الأقل في أربع محافظات مختلفة، وعدد من النشاطات الشعبية في الأحياء، وفق ما شرح لـ "اندبندنت عربية" القيادي المكلف بالإعلام في الحزب، رؤوف معمري.

وبلعيد، شخصية سياسية تقود حزباً لا يعلن نفسه موالياً ولا معارضاً في الوقت نفسه، كما أنه يشارك في تكتل حزبي يسمى "المبادرة الوطنية من أجل الإصلاح"، توالي الرئيس تبون في الفترة الأخيرة.

 ومن بين أحزاب المبادرة نفسها، تقف "حركة البناء الوطني" الإسلامية في الموقف عينه تقريباً، إذ حثّت مناضليها على "المشاركة القوية في إنجاح الاستفتاء، وحصر الخيارات في التصويت إما بنعم أو لا أو ورقة بيضاء، أو تحرير قرار المناصرين بما يرونه مناسباً في إطار المشاركة"، معلنة أنه تمت إحالة الخيارات على مجلس الشورى الوطني الذي ينعقد يوم الجمعة المقبل.

أما أحزاب الموالاة التقليدية، فوضعت برنامجاً موسعاً لتجمعات في محافظات داخلية، ويبدأ الأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني" الذي يحوز الغالبية البرلمانية وغالبية المجالس المحلية، أبو الفضل بعجي، الحملة من محافظات الشرق الجزائري.

المداخلات التلفزيونية

وشرع ممثلو الأحزاب السياسية والجمعيات المعنية إلى جانب الشخصيات السياسية في تسجيل مداخلاتهم عبر منصة التعبير الحرّ التي توفرها الإذاعة الوطنية والتلفزيون العمومي، ووضعت أستوديوهات الإذاعة والتلفزيون الجزائري، بنادي الصنوبر بالعاصمة، حيث مقر نشاط السلطة المشرفة على الانتخابات، تحت تصرف المداخلين وفق نظام القرعة.

وإلى حدود منتصف اليوم الأربعاء، السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، قام سبعة مداخلين على الأقل بتسجيلات مصورة وصوتية لتبث عبر القنوات الحكومية، على أن يخصص لكل مداخلة مدة ست دقائق.

المزيد من العالم العربي