Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القمة العربية لحظة حرجة ومسؤولية

أعلام الدول العربية المشاركة في القمة العربية. تونس (رويترز)

 كتبتُ كثيراً عن "الحالة العربية" وانحصار تأثيرنا على الساحة الشرق أوسطية ولا داعي للتكرار أو جلد الذات.

 غير أن على القادة العرب، وهم على وشك الاجتماع على مستوى القمة في تونس بنهاية مارس (آذار)، تقييم وتقدير الموقف جيداً، فالمصداقية العربية على المحك، شعوبنا العربية لا تتوقع شيئاً ملموساً من القمة العربية، كما أن المجتمع الدولي يستغرب ضعف رد الفعل العربي للتحديات الإقليمية، أو لمواقف الرئيس الأميركي الحالي، بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وكذلك بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان.

 ودون مبالغة أو مزايدة، إذا خرجت نتائج القمة العربية دون مستوى الأحداث، أخشى تستخلص الشعوب العربية من ذلك أن دولها غير قادرة أو حتى راغبة في اتخاذ مواقف لحماية مصالحهم وحقوقهم الوطنية، وغير قادرة على مواجهة ضغوط القوة الإقليمية والدولية الأكثر قوة، وهي خلاصة جد خطيرة، تفتح باباً للتشكيك وللاضطراب داخلياً.

 وتداعيات فقدان المصداقية في المواقف العربية على المستوى الدولي ليست أقل خطورة، فتغليب القوة على الحق، والقبول بالأمر الواقع، سيشجع الأطراف الإقليمية غير العربية على تطبيق نفس سياسة فرص الأمر الواقع، وسيدفع الأطراف الخارجية إلى فرص المواقف السياسية، والاجتماعية، والأمنية، على العرب، طالما كانت لديهم وسائل مختلفة للضغط عليهم، ومطمئنين أن رد الفعل العربية لن يتجاوز الشجب أو التنديد على أقصى تقدير.

 ومن شأن فقدان هيبة العرب وفعاليتهم سيشجع على السياسات والقرارات الأحادية لفرض الأمر الواقع بما يهدد النظام الإقليمي والدولي حاضراً ومستقبلاً.

  لذا يجب تقييم الأوضاع وقراراتنا إستراتيجياً على المدى الطويل، فالدول دائمة العضوية في مجلس الأمن غيّرت من تعاملها مع إيران دون مراعاة موقف العرب، وجاء ترمب ليحول الدفة مرة أخرى في اتجاه مختلف، وغابت روسيا عن الشرق الأوسط ثم أصبحت طرفاً رئيسياً فيه، والصين المؤيدة دوماً للحق العربي تبني علاقات عسكرية قوية مع إسرائيل، فضلا عن علاقاتها في مجال الطاقة مع إيران، وعدد من الدول الأوروبية خاصة في قطاعها الشرقي تقرر الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل مثل الولايات المتحدة.

لكل هذه الأسباب أرى أن القمة العربية تجتمع في مرحلة حرجة للغاية، تشهد تشكيكاً واسعاً في مصداقيتها واستقلالية قراراتها.

 ومع صعوبة الموقف وحساسيته فانعقاد القمة الآن، وهو أمر ضروري لخطورة الموقف، وهو ما الذي يفرض على القادة العرب موقفاً فريداً ويضعهم أمام مسؤولية خاصة، لاتخاذ قرارات ومواقف تتجاوز التصريحات والتنويهات والإدانات إزاء الموقف الأميركي الخاص بالجولان الذي يقر مبدأ قانونيا وهو جواز استيلاء المحتل على الأرض بالقوة، في مخالفة صريحة وقحة لكل أسس وقواعد القانون الدولي.

  فهذا التفسير للسياسات والقبول بالأمر الواقع يقضي على كل فرص التوصل إلى سلام عربي إسرائيلي، وكما أنه يفتح الباب لأطراف إقليمية أخرى الادعاء أيضاً أن احتلالها لأراضي جيرانها يـُرتب لها حقوقاً سيادية على أراضي جيرانها بعد السيطرة عليها، وهذا يفتح الباب لتقنين أوضاع المستعمر من الخليج إلى المشرق إلى شمال أفريقيا حتى الأطلنطي، وسيشكل حافزاً للقوي؛ الافتراء على حق الضعيف ومهما كان مشروعها أو مقصدها.

 وتأكيداً على الحق، فمن الضروري تحرك القادة العرب للتصدي لهذه الافتراءات، وأقترح الخطوات التالية:

1 _ إعلان القمة العربية رفضها القاطع لأي مساس بأسس عملية السلام العربية الإسرائيلية، وتحديداً بالنسبة للأراضي العربية المحتلة عام 1967، وكذلك بالنسبة للقدس.

2 _ الدعوة لعقد اجتماع مجلس الأمن لطرح الموقف العربي ورفض هذه المواقف حتى إذا انتهى إلى استخدام الولايات المتحدة للفيتو ضد مشروع قرار يقدم في هذا الصدد.

3 _ في حالة تعذر إصدار قرار من مجلس الأمن يجب اللجوء إلى الجمعية العامة في إطار "الاتحاد من أجل السلام" لإصدار قرار يؤكد على المبادئ الرئيسية لعملية السلام.

4 _ التحرك تجاه محكمة العدل الدولية لتأكيد مبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة.

5 _ إصدار القمة إعلاناً واضحاً أن أسس الحل السلمي والشامل إقليمياً لن تخرج عن مبادرة القمة العربية ببيروت، أي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية عامة، وحل الدولتين بما في ذلك القدس.

6 _ تكليف القمة لمجموعة مصغرة من ثلاث دول مثل مصر والعراق والكويت للتشاور مع السلطات السورية للاتفاق على إعلان مبادئ وخطوات عملية لتقريب وجهات النظر بينها وبين الدول العربية حول الأوضاع الإقليمية عامة، والموقف الجديد من الجولان، وكذلك مشاركة سوريا في اجتماعات الجامعة العربية.

المزيد من آراء