تلقى البريطانيون رسالة على هواتفهم من خدمة الصحة الوطنية، تطالبهم بتحميل تطبيق كورونا، لمساعدة فرق التتبع والاختبار على الحد من انتشار الوباء. ويقول وزير الصحة البريطاني مات هانكوك، إن أكثر من 12 مليون بريطاني حملوا التطبيق على هواتفهم، منذ طرحه في 24 من سبتمبر (أيلول) وإلى نهاية الشهر.
ويغطي التطبيق إنجلترا وويلز وليس كل بريطانيا، وتقول وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية إن تنزيل التطبيق واستخدامه "أمر اختياري وليس إجبارياً"، لكنها تنصح السكان باستخدامه، لمساعدة فرق التتبع والاختبار على الحد من انتشار الوباء، الذي تواجه بريطانيا موجة ثانية من تفشيه، مع ارتفاع أعداد المصابين اليومية فوق سبعة آلاف إصابة، وهو أعلى معدل على الإطلاق، منذ بدأ الفيروس مطلع العام.
أزمة الخصوصية
وتصر السلطات البريطانية على أن التطبيق "لا ينتهك حقوق الخصوصية للأفراد"، ويؤيد ذلك كثير من خبراء التكنولوجيا وتطبيقات هواتف الموبايل، الذين نقلت وسائل الإعلام البريطانية آراءهم. فالمعلومات الشخصية التي يدخلها المستخدم عند تنزيل التطبيق تخزن محلياً على هاتفه، وما يرسله التطبيق إلى خوادم مركزية من بيانات يدخله المستخدم بنفسه، باستثناء الاقتراب من شخص مصاب، لديه التطبيق أيضاً وسجل عليه بالفعل أن لديه أعراضاً، وذلك عن طريق تقنية البلوتوث بين الهاتفين للمصاب ومن اقترب منه.
منذ بداية تطوير التطبيق قبل أشهر وقبل طرحه للاستخدام، اعترض كثيرون على انتهاكه الخصوصية وإمكانية استخدام الإدارات الحكومية له، لتتبع المواطنين ومراقبة تحركاتهم. لكن، الحكومة أكدت مراراً أنه لا ينتهك الخصوصية، حتى اضطرار من حمّل التطبيق إلى تسجيل كود معين عند دخول كثير من الأماكن لتسجيل وجوده فيها يحافظ على سرية هوية المستخدم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع طرح التطبيق، يحتاج من يريد دخول كثير من الأماكن، مثل صالات التمارين (الجيم) والمقاهي والحانات والمطاعم وغيرها، إلى تسجيل كود المكان على هاتفه، مما ينقل تفاصيله لتسجل على أنه موجود في هذا المكان. وذلك للتحقق في حالة اكتشاف الوباء في هذا الموقع ممن كانوا موجودين، وأيضاً ليرسل فريق التتبع المركزي رسالة على تطبيق الشخص الذي داخله ليراقب وضعه، إذا ظهرت عليه أعراض أو يطلب إجراء اختبار فيروس كورونا. وهو بالضبط إجراء يشبه أن تعطي بياناتك لإدارة المكان قبل دخوله.
وزاد من قلق الجماهير ما نشر من أنباء عن أن أفراد الشرطة طلب منهم عدم تنزيل التطبيق على هواتف العمل. وأكدت الشرطة النبأ، وقالت إن من حق أفرادها استخدامه على هواتفهم الشخصية كأي مواطن بريطاني، لكن تحميل التطبيق على هواتف العمل قد يضر بعملهم. والقصد أن تبادل البيانات مع هواتف المواطنين قد يؤثر في عمليات الشرطة السرية أو بعض الأفراد الذين يعملون متخفين في قضايا معينة.
وأثار ذلك تشوشاً لدى المواطنين، في ظل ما تصر عليه الحكومة والسلطات بأن هوية المستخدم تظل سرية عند إرسال التطبيق أي بيانات للهواتف التي يتصل بها بتقنية البلوتوث أو للخوادم المركزية لدى قطاع الصحة والرعاية الاجتماعية.
مشكلات التطبيق
ومن بين المشكلات التي اشتكى منها المستخدمون أنه ليس بإمكانهم تسجيل الخروج من المكان أو الموقع الذي سجلوا كوده على التطبيق بعد مغادرته. أي أنك تدخل مطعماً، وتسجل الكود عند الدخول فيحفظ التطبيق أنك موجود في هذا المكان، لكن عند المغادرة يظل التطبيق مسجلاً أنك في هذا الموقع، حتى تسجل مكاناً آخر أو ينتهي اليوم (عند الساعة الثانية عشرة ليلاً).
وخطورة ذلك أنه إذا اكتشف مصاب في الموقع بعد خروجك منه، أي أنك لم تتعرض لاحتمال الإصابة، سيرسل لك التطبيق الرسالة المعتادة بأنك تعرضت للفيروس، وعليك إما العزل الذاتي وإما إجراء اختبار أو كلا الأمرين. هذا، على الرغم من أنك لم تتعرض للإصابة لأنك غادرت قبل وجود الشخص المصاب أو المشتبه في إصابته.
المشكلة الأخرى التي اشتكى منها المستخدمون، أنه حين تجري اختباراً للفيروس، يسجل التطبيق نتيجة الاختبار الإيجابية، ذلك لأن معامل الفحص ترسل كوداً مع نتيجة الاختبار. لكن إذا كانت نتيجة الاختبار سلبية فلا يسجل التطبيق النتيجة، لأنه ليس معها كود حين يرسلها المعمل، ولا يمكن للمستخدم إدخال النتيجة السلبية يدوياً. بالتالي يظل من يجري الاختبار في وضع اشتباه إصابة.
والعقبة الأوسع نطاقاً أن كثيراً من المواطنين لا يستطيعون تنزيل التطبيق على هواتفهم. وتقول السلطات البريطانية إن أبل وغوغل طورتا التطبيق بما يتسق مع هواتف الموبايل الحديثة، أي ما هو أحدث من أيفون 6 مثلاً، بالتالي لا يمكن تحميله على هواتف آيفون 6 وما قبلها. وتقول شركات التكنولوجيا إن تقنية البلوتوث التي يستخدمها التطبيق لا تعمل بفاعلية على برامج هواتف الموبايل القديمة، سواء بالنسبة إلى تلك التي تستخدم برامج تشغيل أبل أو أندرويد.
ويعني ذلك استبعاد شريحة كبيرة من المواطنين، الذين لا يملكون سوى تلك الهواتف القديمة. هذا إضافة إلى شريحة أخرى لا تملك أجهزة هواتف موبايل، أو تملك أجهزة، لكنها تستخدمها فقط لأغراض أساسية، وليست على دراية بعمل التطبيقات أو ما شابه.
وحسب تقدير الخبراء، فلكي يكون التطبيق فعالاً في جهود الحد من انتشار وباء كورونا يحتاج الأمر إلى استخدامه من قبل نحو ثلثي السكان تقريباً. لكن الحكومة البريطانية تصر على أن التطبيق ليس الأداة الوحيدة في خطط مواجهة انتشار وباء كورونا، وأنه فقط أداة واحدة في منظومة متكاملة، بالتالي فهو أداة مفيدة في كل الأحوال.