Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من هي نيليا زوجة جو بايدن الأولى وكيف توفيت وابنتها؟

فاجعة سيناتور ولاية ديلاوير الشاب تركت بصماتها على حياته ودوره السياسي في واشنطن

مرشح الحزب الديمقراطي، جو بايدن، استمد القوة من فاجعة خسارة زوجته الأولى وابنته الرضيعة (نيليا بايدن.كوم)

لعب مسار التعافي المستمر لجو بايدن، من صدمة موت زوجته الأولى وطفلته الصغرى، دوراً حاسماً في حياته المهنية كرجل سياسي. ويظهر ذلك جليّاً في طريقة كلامه مع الجماهير في مسائل تتعلّق بالحزن والأسى والفقدان، وصولاً إلى تعبيره عن وجهة نظره بموضوع الرعاية الصحيّة. وعلى الرغم من عدم ارتباط هذا الأسلوب حصراً بنموذج الحنكة السياسية الذي ينتهجه بايدن، إلّا أن نائب الرئيس الأميركي السابق ومرشح الحزب الديموقراطي لانتخابات 2020 الرئاسيّة، ذاع صيت صوغه أفكاره السياسيّة الراهنة بالاستناد إلى ماضيه وبناء على تجاربه.

قتلت زوجة بايدن، نيليا، البالغة من العمر 30 وابنته ناومي التي كانت في عمر الـ 13 شهراً، وخلال قيامهما بالتسوق قبل أيام قليلة من حلول عيد الميلاد لعام 1972، في حادث سير مروّع حين اجتاحت مقطورة جرار محملة بالذرة سيارتهما الشيفروليه العائليّة. وتناثرت في الشارع بمسرح الحادثة منشورات وملصاقات من حملة سيناتور ديلاوير الشاب المُنتخب، كانت محملة في السيارة. ونجا من تلك الفاجعة ابنا جو بايدن، جوزيف "بو" بايدن الثالث، وروبيرت هانتر بايدن. وبعد 40 سنة من المأساة توفي "بو" جراء إصابته بسرطان الدماغ.

نيليا هانتر المولودة في 28 يوليو (تموز) 1942 ببلدة سكانيتيلز الثريّة، كانت ابنة عائلة تملك سلسلة مطاعم ناجحة ومعروفة بولاية نيويورك. تخرّجت من مدرسة بن هول Penn Hall الإعدادية في تشامبيرزبورغ، بولاية بينسيلفانيا عام 1960، وانتسبت إلى نادي اللغة والثقافة الفرنسيّة، ومارست رياضتي الهوكي والسباحة، ونشِطت في مجلس الطلاب، كما شغلت منصب المحررة الفوتوغرافية بمجلة "ذا بنتونيان" المدرسية، ومنصب نائبة الرئيس ثم الرئيسة لـ"نادي العلاقات الدوليّة"، بحسب ما ورد عنها في الكتاب السنوي لمدرسة بن هول.

في العام 1963، حين كانت نيليا طالبة في سنتها الثانية بجامعة سيراكوز، وخلال عطلة الربيع على شاطئ ناسو، التقت بالسيد بايدن الذي كان آنذاك طالباً مبتدئاً بجامعة ديلاوير. وحين سألته يوماً والدة نيليا، زوجته المستقبليّة، عن أهدافه المهنيّة، أجابها [تقلد منصب] "رئيس جمهوريّة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

انتقل بايدن بعد أن حاز شهادة الباكالوريوس في ديلاوير إلى كليّة الحقوق بجامعة سيراكوز. وهناك حازت نيليا على شهادة الماسترز في الإنجليزيّة وعملت في تدريس الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصّة. وفي 27 أغسطس (آب) 1966 عقدت نيليا وجو قرانهما، فيما كان الأخير يتابع دراسته في كليّة الحقوق. وقد وصف بايدن سنواته تلك في سيراكوز بـ "المزيج الخطر من العجرفة واللامبالاة"، إذ إنّه تخرج بنهاية المطاف في المرتبة الـ 76 من صفّ يضم 85 طالباً.

وانتقل الشريكان إثر تخرّج جو للسكن في ضواحي ويلمينغتون، وامتهن بايدن المحاماة، كما انضم إلى مجلس مقاطعة نيوكاسل. وعلى الرغم من أن نيليا كانت في الأصل من مؤيدي الحزب الجمهوري، إلّا أنّها تسجّلت هناك كناخبة تابعة للحزب الديموقراطي، بحسب ما ذكرت مجلّة "ذا نيوز جورنال". ولدت ناومي، الفتاة الأولى والوحيدة للزوجين، في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 1971، وكانت الشقيقة الصغرى لصبيين هما بو وهانتر. ولُقِّبت ناومي تحببًا بـ"إيمي".

بعد عام من هذا التاريخ ترشّح بايدن عن مقعد ديلاوير في مجلس الشيوخ الأميركي، منافساً سيناتور الولاية آنذاك، الجمهوري جي كايليب بوغز. وغدت نيليا، بحسب مجلة "ذا نيوز جورنال"، مستشارته الأقرب و"العقل المدبر" لحملته الانتخابيّة.

خلال تلك المعركة الانتخابية باشرت العائلة حملتها في أنحاء ولاية ديلاوير، مستهدفة بشكل ناجح دعم الفئات  الشعبيّة، ومهاجمة النائب الجمهوري بوغز باعتباره متقدماً في السن ومنفصلاً عن الناس. وكان لهذه الحملة وقع صدمة هزت الواقع السياسي الراكد آنذاك، حيث سلطت الضوء على الصراع بين الأجيال إثر حرب فيتنام وحركة الحقوق المدنيّة، بين قاعدة رجال الدولة المحافظين والهرمين وبين القاعدة الانتخابية الأكثر شباباً. كما تزامنت تلك المعركة مع السنة الأولى التي مُنح فيها البالغون الثامنة عشرة حقّ التوصيت في الانتخابات.

وفي نوفمبر 1972، فاز المرشح المستضعف، جو بايدن، البالغ الـ 30 من عمره. وفي الشهر التالي سألت نيليا زوجها، استناداً إلى "ذا نيوز جورنال": "جوي، وماذا بعد (هذا الفوز)؟ الأمور جيدة جداً!"

قبل أسبوع من عيد الميلاد، وفيما كان السيناتور المنتخب في واشنطن العاصمة يقابل العاملين في مكتبه الجديد، تلقّى مكالمة هاتفية أنبأته بخبر موت زوجته وطفلته. عن ذلك قال بايدن في ما بعد في خطاب ألقاه لخريجي جامعة ييل، "إثر تلك المكالمة تبدّل عالمي برمّته وإلى الأبد".

اجتمع قرابة 1200 شخص في تشييع جنازة نيليا وناومي، وفق ما ذكرت وكالة أخبار ولاية ديلاوير. وفي كتابه "أوعدني يا أبي" الصادر عام 2017 كتب بايدن: "في البداية بدا الألم عصيّاً على الاحتمال، واستلزمني وقت طويل كي أشفى منه، بيد أني نجوت من ذاك البلاء المعذَّب. أكملت طريقي، بفضل كثير من الدعم، وأعدت بناء حياتي وحياة أسرتي". وقد أدّى بايدن يمينه الدستورية بجانب ابنيه على سريريهما، وكانا ما زالا في المستشفى.

وذكرت مجلّة "ذا إيفنينغ جورنال" أن السيناتور الجديد آنذاك كان قد خطط في أن تقوم نيليا، زوجته الراحلة، بتنظيم وترتيب شؤون مكتبه في "الكابيتول هيل" (مبنى مجلس الشيوخ الأميركي). وعن هذا الأمر قال بايدن في خطابه بجامعة ييل "بوسعي الآن تذكّر أمي – السيدة الطيبة – وهي تنظر إليّ بعد أن غادرنا المستشفى وتقول "جوي، سيحمل هذا الأمر الفظيع الذي حلّ بك أمراً خيّراً إن سعيت جاهداً إليه".

وكان بايدن بدأ بتركيز اهتمام شديد ومؤلم على عائلته، متنقلًا بإيقاع يومي بين واشنطن وديلاوير كي يبقى مع ولديه. وقد منحه هذا الأمر لقب "أمتراك جو" (القطار جو). وفي هذا السياق قال بايدن في خطاب جامعة ييل "بدأت أبسّط التفكير في الأمر قائلًا سأبقى على هذا المنوال لبعض الوقت – أربع ساعات في اليوم، بإيقاع يومي – من واشنطن إلى ويلمينغتون، لكن بقيت على هذا المنوال طوال 37 سنة". وأضاف "فعلت هذا لأنني أردت أن يتسنى لي تقبيلهما قبل النوم وفي الصباح. ... لكن حين أفكر الآن في الموضوع، والحق يجب أن يقال، فإن السبب الحقيقي الذي جعلني أحضر إلى البيت في كل مساء كان حاجتي أنا إليهما، أكثر من حاجتهما إليّ".

بعد خمسة أعوام من  ذاك الحادث المميت، تزوّج السيد بايدن من جيل جيكبس، التي كانت آنذاك طالبة في جامعة ديلاوير، وقد التقيا إثر موعد مدبر. عقد جو وجيل قرانهما في 17 يونيو (حزيران) 1977 في كنيسة الأمم المتّحدة بمدينة نيويورك. وحضر كلّ من ولديه، بو وهانتر، حفل الزفاف وشهر العسل. وفي ما بعد، أطلق هانتر على وليدته اسم ناومي، تيمناً بشقيقته الراحلة وتكريماً لها.

طالما استحضر نائب الرئيس السابق مأساة حياته كي تساعده في مخاطبة الناخبين الذين تكبّدوا في حياتهم فجائع مماثلة. وفي مقابلة أجرتها معه قناة "أم أن بي سي"MNBC في وقت سابق من هذا العام، قال بايدن: "مئات الأشخاص... فتحوا أذرعتهم لي" كي يطلعوني على مآسيهم المتمثّلة بفقدان أبنائهم، وبناتهم، وأقاربهم، و"كل ما أرادوا سماعه منّي قولي لهم إنه بإمكانهم الاستمرار". وتابع جو بايدن قائلًا "الطريقة التي يمكن الاستمرار من خلالها تتمثّل في أن تجد هدفاً في الحياة، وسوف تكتشف إذّاك أنّ من فقدت يسكنون في أعماقك. هم جزء منك. والانفصال عنهم مستحيل".  

  

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة