Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فتور بين عمان وواشنطن وسفير أميركي بصلاحيات واسعة

سجال واستجواب برلماني للحكومة في شأن عبارة أطلقها الدبلوماسي عن "الأردن الجديد"

السفير الأميركي الجديد في الأردن هنري ووستر (السفارة الأميركية في عمّان)

تبدي مرجعيات سياسية أردنية قلقها من فتور واضح منذ أشهر في العلاقة ما بين عمان وواشنطن، بينما يترقب الأردن الرسمي بشغف وصول السفير الأميركي الجديد في البلاد هنري ووستر، خصوصاً أنه يحمل في جعبته مشروعاً أطلق عليه بعض المراقبين اسم "الأردن الجديد".

وبينما يقلل البعض من أهمية هذه المخاوف، استناداً إلى خطاب أميركي إيجابي تجاه عمان، فإن ثمة مياهاً راكدة في مجرى العلاقة الأردنية الأميركية، يمكن ملاحظتها بوضوح منذ إعلان الأردن موقفه الصريح والرافض خطة السلام الأميركية في عام 2019.

إقصاء وتهميش

ومنذ 2017 ظل منصب السفير الأميركي في الأردن شاغراً، إذ غادرته أليس ويلز التي عرفت بنشاطها وضجيجها واشتباكها المباشر مع الشارع الأردني وعشائره وتياراته السياسية، ودخولها على خط الملفات الاجتماعية المسكوت عنها في عمان مثل حقوق المثليين، ما أزعج السلطات كثيراً في حينه.

ولم تعين واشنطن منذ ذلك الوقت سفيراً لها في الأردن حتى مايو (أيار) 2020، بشكل أتاح الفرصة لتفسيرات عدة، من بينها أنه نتيجة حتمية لحالة الجفاء التي تمر بها العلاقة بين البلدين والخلافات المريرة في ملفات كثيرة، على رأسها خطة السلام الأميركية، فضلاً عن الدعم الأميركي اللا محدود لخطة بنيامين نتنياهو الرامية إلى ضم الضفة الغربية والأغوار رسمياً إلى إسرائيل.

وتتحدث مصادر دبلوماسية لـ"اندبندنت عربية" عما تسميه بوادر تهميش إدارة الرئيس دونالد ترمب الأردن، خصوصاً من جانب جاريد كوشنر.

وحسب المصادر، فإن الأردن قلق من تيار كوشنر النافذ في الإدارة الأميركية على الدور الأردني في المنطقة، خصوصاً في ما يتعلق بالملف الفلسطيني مع بوادر محاولات إقصاء الأردن من هذا الملف.

الحليف المنسي

ويؤكد الكاتب والصحافي ماهر أبو طير، المقرب من القصر الملكي، أن العلاقة مع واشنطن تدار عبر مستويات عليا، تتجاوز السفراء في عمان وواشنطن، وأن هناك قنوات أردنية مباشرة بين الديوان الملكي ووزارة الخارجية، ومع البيت الأبيض والكونغرس وبقية الجهات.

ويقلل أبو طير من أهمية الحديث عن وجود جفاء بين واشنطن وعمان، مدللاً على ذلك بارتفاع مساعدات واشنطن لعمان خلال الفترة الماضية. ويرفض اعتبار عدم تعيين سفير أميركي في الأردن فترة طويلة بمثابة ضغط أميركي على الأردن، خصوصاً أن واشنطن لم تعين سفراء لها في أكثرمن دولة.

ويوجد رأي آخر يتوقف عند زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني واشنطن وعدم لقائه الرئيس الأميركي ترمب. ويلفت هؤلاء إلى أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حضر إلى المنطقة أكثر من مرة في الفترة الماضية، من دون أن يتواصل مع الأردن، أو أن يتوقف في محطة عمان التي لطالما كانت المحطة الأولى والمفضلة للمسؤولين الأميركيين.

من السفير الجديد؟

وفقاً لموقعي السفارة الأميركية في عمان ووزارة الخارجية الأميركية على الإنترنت، فإن هنري ووستر دبلوماسي مخضرم شغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية للمغرب العربي ومصر في مكتب شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأميركية.

وسبق أن شغل منصب القائم بالأعمال في السفارة الأميركية في عمان، إضافة إلى مناصب أخرى، منها مستشار سياسي في سفارة الولايات المتحدة بإسلام آباد، ومدير آسيا الوسطى في مجلس الأمن القومي، ومدير مكتب الشؤون الإيرانية في وزارة الخارجية.

ووستر الضابط السابق في الجيش الأميركي حاصل على درجة الماجستير، ويجيد اللغات العربية والفرنسية والروسية والفارسية.

حليف لا يقدر بثمن

في خطابه أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بعد ترشيحه سفيراً في الأردن، كال السفير الجديد هنري ووستر المديح للأردن، وقال إنه سيعمل على تعزيز الصداقة الأميركية الأردنية، واصفاً الأردن بأنه مثال على الاعتدال.

وقال ووستر إن الأولوية الأميركية في الأردن تتمثل في مساعدة اقتصاد المملكة على التعافي بطريقة تضمن استقراره وأمنه، مشيراً إلى أن المساعدات الاقتصادية الأميركية للأردن في 2019 تجاوزت المليار دولار.

وأشاد ووستر بدور الأردن في التحالف العالمي لهزيمة داعش، ووصفه بأنه حليف لا يقدر بثمن، وشريك استراتيجي في مكافحة الإرهاب، ودعم عمليات حفظ السلام الدولية.

يشار إلى أن أكثر من 23 ألف مواطن أميركي يقيمون في الأردن، ويزور الأردن سنوياً أكثر من مئة ألف سائح أميركي، بينما تضم السفارة الأميركية في عمان نحو ألف موظف أميركي وأردني.

الأردن الجديد

بعد إطلاقه عبارة "الأردن الجديد"، خلّف هنري ووستر وراءه عاصفة من الجدل في عمان حول الصلاحيات التي ستُسند إليه. بينما ذهب البعض بعيداً بالقول إن الرجل يحمل تعليمات ومواقف محددة في خصوص الأردن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحاول عمان عبثاً استشعار مهمة القاطن الجديد في عبدون، حيث مقر السفارة الأميركية، التي تعد أكبر سفارة أجنبية في البلاد من حيث المساحة وعدد الموظفين ومن حيث التأثير أيضاً.

وما يقلق الأردن الرسمي على وجه التحديد، خلافاً لضغوط سياسية يمكن أن يمارسها السفير الجديد، هو موقفه من زيادة أو إنقاص المساعدات الأميركية التي باتت ملاذاً أخيراً للمملكة، بعد التداعيات الاقتصادية المدمرة لجائحة كورونا.

ويدور الحديث عن انزعاج أميركي من قنوات دبلوماسية خلفية تستخدمها عمان في ملف القضية الفلسطينية مثل الاتحاد الأوروبي وبرلمانه، فضلاً عن تركيا وروسيا أحياناً.

وأهم ما في الانزعاج الأميركي، أن العاهل الأردني والرئيس ترمب ليسا على وفاق تام، بعد محاولة واشنطن أكثر من مرة التلويح بملفات، منها تسليم المواطنة الأردنية أحلام التميمي المتهمة بقتل أميركيين في إسرائيل، وملف سلسلة حوادث قتل جنود أميركيين في الأردن قبل سنوات.

العبارة الغامضة للسفير عن "الأردن الجديد" حركت أكبر كتلة في مجلس النواب الأردني، لاستجواب الحكومة ووزارة الخارجية الأردنية في شأن تصريحات السفير الأميركي. وسألت الكتلة إذا ما كانت الحكومة تعي مخاطر هذا الحديث وعلاقته بملف صفقة القرن وضم الأغوار.

نافورة المساعدات الأميركية

لطالما اعتبرت واشنطن الحليف الأول والأقوى لعمان والمانح الأبرز مالياً. وعلى مدى أربعة عقود مضت كانت العلاقات بين الولايات المتحدة والأردن وثيقة وجيدة، فمنذ عام 1951، قدمت الولايات المتحدة أكثر من 20 مليار دولار أميركي مساعدات للأردن، فضلاً عن دعم كبير في مجالات الأمن والصحة والتعليم والمياه.

وتظهر بيانات أردنية رسمية أن المملكة تلقت منحاً ومساعدات خارجية وتمويلات ميسرة بقيمة 1.7 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2020.

وكانت حصة الولايات المتحدة منها 699.9 مليون دولار كدفعة أولى، على أن يجري توقيع اتفاقية الدفعة الثانية البالغة 145.2 مليون دولار قبل نهاية العام الحالي.

وبعيداً من هذه المساعدات تبرز المساعدات العسكرية كواحدة من أوجه اهتمام الولايات المتحدة بالأردن، وعلى الرغم من الفتور الذي يجري الحديث عنه تنوي واشنطن زيادة وجودها العسكري في الأردن عبر قواعدها العسكرية، فضلاً عن التعاون الأمني الوثيق بين البلدين. وحسب وكالة الاستخبارات الأميركية كان للأجهزة الأمنية الأردنية دور كبير في تعطيل عشرات المخططات الإرهابية في الخارج، خصوصاً تلك التي تستهدف الولايات المتحدة ومصالحها.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي