Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تطبيع الإمارات وإسرائيل يتوثق رغم دعوات المقاطعة والتخوين

إلى ماذا يستند رهان واشنطن بإنهاء عقدة العرب و"تل أبيب"؟

قائد طائرة العال التي تحمل الوفد الإسرائيلي يلوح بيديه قبل الإقلاع من مطار بن غوريون إلى أبو ظبي  (رويترز)

لم تستقبل غالبية العرب والدول الإسلامية سلام الإمارات وإسرائيل بالحرارة المتوقعة، بعد كل عقود الصراع مع تل أبيب التي لم تحقق أياً مما طالب به العرب، إلا أن الإمارات على الرغم من ذلك، بدت ماضية في توثيق علاقتها مع إسرائيل، تساندها في ذلك رهانات أميركية بأن دولاً عربية كثيرة ستجد نفسها اليوم أو غداً، تحذو حذوها بطريقة أو أخرى.

في غضون الأيام الأخيرة اتخذ الطرفان، كلٌّ من جانبه خطوات عملية، تزيد من توثيق عرى الإعلان الذي كشفا عنه النقاب هذا الصيف، إذ أعلن حاكم الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان إلغاء قانون يعود إلى المراحل المبكرة من تأسيس الدولة يقضي بـ"مقاطعة إسرائيل، وفرض عقوبات مشددة على مخالفيه".

تحرك متبادل

وقالت وكالة أنباء الإمارات الرسمية "وام"، إن المرسوم الجديد جاء "ضمن جهود دولة الإمارات لتوسيع التعاون الدبلوماسي والتجاري مع إسرائيل، ومن خلال وضع خريطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك، وصولاً إلى علاقات ثنائية من خلال تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي".

ولفتت إلى أنه في أعقاب إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل "يمكن للأفراد والشركات في الدولة عقد اتفاقيات مع هيئات، أو أفراد مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم، أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما كانوا، وذلك على الصعيد التجاري، أو العمليات المالية، أو أي تعامل آخر أياً كانت طبيعته. كما سيتم السماح بدخول، أو تبادل، أو حيازة البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية بكافة أنواعها في الدولة، والاتجار بها".

هذه الخطوة سبقت تسيير إسرائيل اليوم رحلة مباشرة إلى أبوظبي، وأعلنت "وام" عن وصول "وفد مشترك من الولايات المتحدة الأميركية ودولة إسرائيل برئاسة جاريد كوشنير كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب في زيارة للدولة، على متن أول طائرة تجارية إسرائيلية تحط على أرض الدولة.. وكتب على أعلى نوافذ قمرة القيادة كلمة "سلام" باللغات العربية والعبرية والإنجليزية".

مردود خيالي

وأشار نتنياهو إلى أن الإمارات أعلنت، السبت، إلغاء قانون مقاطعة البضائع الإسرائيلية، ما يفتح الباب أمام تبادل تجاري، وثقافي، وسياحي، واستثمارات، وتعاون "بين الاقتصادين الأكثر تقدماً في الشرق الأوسط، وهذا سيعود علينا بنتائج خيالية". متوقعاً أن "تتبع ذلك دول أخرى ستطبع علاقاتها مع إسرائيل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

جاء ذلك في حين حذر سياسيون ومثقفون عرب في مناسبات مختلفة من التماهي مع الخطوة الإماراتية، وسط دعوة بعضهم إلى مقاطعة الإماراتيين وتخوينهم، على الرغم من الروابط التي ظلت تربط دول بعض أولئك "بتل أبيب" مثل الأردن وقطر والمغرب وفلسطين.

فبينما ندد حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في المغرب بـ"التطبيع مع الكيان الصهيوني"، واعتبر ذلك "دعماً لعدوانه على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني"، أطلق عدد من الكتاب الفائزين بالجائزة العالمية للرواية العربية (آي باف)، ورؤساء وأعضاء لجان تحكيم، وأعضاء مجلس أمناء سابقين نداء لإيقاف التمويل الإماراتي للجائزة رداً على اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل.

دعوات تنديد ومقاطعة

وذكر الموقعون، الذين بلغ عددهم نحو 20 كاتباً وناقداً معظمهم فلسطينيون في النداء الذي أطلقوه ونقلته "رويترز"، أنهم يدعون "مجلس الأمناء الحالي إلى تحمل مسؤوليته الثقافية التاريخية في حماية الجائزة عبر إنهاء التمويل الإماراتي، حفاظاً على مصداقية الجائزة واستقلاليتها".

سبقهم في ذلك تكتل يقوده السياسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، حشّد فيه توقيعات سياسيين ومثقفين عرب، أشهرهم متقاعدون، مثل غسان سلامة وفؤاد السنيورة وعمرو موسى دعوا فيه إلى مناصرة الحق الفلسطيني، والتنديد بالاحتلال الإسرائيلي من دون الإشارة إلى الإمارات، في خطاب تعهد الإبراهيمي بإيصاله إلى الأمم المتحدة، التي كانت ميدان عمله قبل أن يغادره 2014، إثر فشل مهمته في سوريا معتذراً للشعب السوري لعدم القدرة على مساعدته.

لكن الرهان الأميركي على حذو عرب آخرين حذو الإمارات لم يتزعزع، إذ ينظرون إلى خطوة أبو ظبي باعتبارها كسرت الحاجز النفسي بين العرب وإسرائيل، الذين ترى واشنطن أن ما يوحدهم اليوم، (كمواجهة عدوهم المشترك "إيران") أكثر مما يفرقهم، على الرغم من تفاصيل خطة السلام الأميركية المحبطة، التي تنظر إليها كل من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامية بريبة شديدة. وأبدتا تمسكهما بـ"مبادرة السلام العربية" 2002 بوصفها الأرضية العادلة للتفاوض بين طرفي النزاع الفلسطينيين والإسرائيليين، على مبدأ "الأرض مقابل السلام"، وليس "السلام مقابل السلام"، كما يرغب ويؤمل نتنياهو.

رهان على التوحد ضد إيران

 مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي روبرت أوبراين قال للصحافيين بعد مباحثات في مقر إقامة نتنياهو بإسرائيل أمس، "نعتقد أن دولاً عربية وإسلامية أخرى ستحذو حذو الإمارات قريباً وتُطبع العلاقات مع إسرائيل". ولم يذكر أسماء الدول، لكن مسؤولين إسرائيليين أشاروا علناً إلى سلطنة عمان والبحرين والسودان.

بينما في الجانب الدولي الآخر، وجدت 27 دولة أوروبية في المعاهدة التي توشك أن تبرمها الإمارات مع دولة إسرائيل، مبادرة تستحق التنويه والتأييد، في توجه رأت أصوات إماراتية أنها تبرز قيمة الخطوة التي أقدمت عليها، مقللة من أهمية شعارات المزايدة التي لم تراوح بالقضية الفلسطينية مكانها منذ 50 عاماً.

إلى ذلك كان أوبراين، وصهر ترمب، كبير مستشاريه جاريد كوشنر، التقيا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس عشية مباحثات، اليوم الاثنين، في أبو ظبي لوضع اللمسات الأخيرة على العلاقات الرسمية بين إسرائيل والإمارات.

وكانت إسرائيل والإمارات أعلنتا في 13 أغسطس (آب) الاتفاق على تطبيع العلاقات بينهما في صفقة توسط فيها ترمب. ويعيد هذا الاتفاق تشكيل المشهد في الشرق الأوسط من القضية الفلسطينية إلى العلاقات مع إيران.

ومنذ أحداث ما يعرف بـ"الربيع العربي" أضيفت الحرائق في المنطقة العربية إلى هم القضية الفلسطينية، وانصرفت جهود دول إقليمية مثل مصر، والسعودية، والإمارات إلى مواجهة التغول الإيراني والتركي في عدد من الدول العربية، محاولة إعاقة تمدده، والحد من تأثيره في مناطق مثل العراق واليمن وسوريا وليبيا ولبنان.  

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير