Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرئيس الموريتاني السابق في قفص الاتهام يلتزم الصمت

تحريك دعوى قضائية ضده والبحث في شبهات فساد

قال مقربون من الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز إن النظام "انحرف نحو الاستبداد" (رويترز)

لا حديث للموريتانيين هذه الأيام إلّا عن رئيسهم السابق محمد ولد عبد العزيز وفترة حكمه. يأتي ذلك على خلفية تحريك دعوى قضائية ضده. التحقيق مع محمد ولد عبد العزيز ومقربين منه يدخل في إطار "البحث الابتدائي" في شبهات فساد أثارها تقرير صادر عن لجنة تحقيق برلمانية، أحيل إلى القضاء في يوليو (تموز) 2020.

الشرطة استدعت، الثلاثاء 25 أغسطس (آب)، الرئيس السابق للمرة الثانية، ودام الاستجواب ساعات قبل أن يخلى سبيله. وكان محمد ولد عبد العزيز قد اعتقل قبل ذلك في إدارة الأمن لمدة أسبوع، التي صادرت جواز سفره وأبلغته بضرورة البقاء في العاصمة نواكشوط. كما أصدر مدير الأمن تعميماً مكتوباً إلى حرس الحدود بمنعه من السفر.

استجواب مقربين من الرئيس السابق

وقد استجوبت شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية شقيقة الرئيس السابق، أسماء بنت محمد ولد عبد العزيز، وزوجها ولد مصبوع، قبل أن تطلق سراحه بعد حوالى 24 ساعة، كما حققت شرطة الجرائم الاقتصادية مع اثنين من كبار رجال الأعمال كانا قد نفّذا بعض المشاريع المهمة في فترة حكم الرئيس السابق.

في الأثناء، يستمر استجواب عدد من كبار المسؤولين خلال حقبة ولد عبد العزيز، من بينهم وزير الخارجية السابق أسكو ولد ازيد بيه الذي نشر على صفحته على فيسبوك تفاصيل استجواب الشرطة له يوم الثلاثاء وردّه على سؤالهم عن مصدر ثروته. ومما جاء في تدوينته "ما جنيت من وظائفي السامية التي بدأت قبل العشرية، كرئيس لجامعة نواكشوط والتي شملت مدير ديوان الرئيس ووزير التعليم العالي ووزير التجهيز ورئيس سلطة التنظيم ورئيس الحزب الحاكم ووزير الخارجية وسفيراً لدى لندن، ما جنيت من هذا كله إذاً هو المنزل الذي أقطن فيه حالياً في صكوك. ولم أحصل أنا أو أي مقرب مني، وأنا في هذه الوظائف، على أي قطعة أرض أو سيارة مصلحة أو أي امتياز آخر. ولم أملك سيارة فارهة قط".

وتتحدث معلومات عن استجواب الشرطة سيدنا علي ولد محمد خونه، وهو رئيس الحزب الحاكم في عهد الرئيس السابق. وتطرق التحقيق بحسب التسريبات إلى فترة شغله لمنصب وزير التجهيز.

ويعتبر ولد محمد خونه أحد الداعمين الحاليين للرئيس السابق ولد عبد العزيز، كما ظهر اسمه كأمين عام للحزب الوحدوي الذي حاول من خلاله الرئيس السابق العودة إلى المشهد السياسي قبل أن تغلق السلطات أبوابه بحجة عدم قانونية الإجراءات التي اتخذت في عملية التنازل عنه للرئيس السابق وطاقمه.

سجال

ودعت الناشطة السياسية منى بنت الدي إلى "استنهاض الهمم من أجل استعادة الأموال المنهوبة"، بحسب تعبيرها.

وقال مقربون من الرئيس السابق في بيان صحافي، إن النظام الموريتاني "انحرف نحو مستنقع الاستبداد والتسلط"، واصفين ما يتعرض له الرئيس السابق بـ "الحملة الشعواء".

وطالبوا "النظام بتخصيص جهده ووقته للاستجابة لحاجات الشعب الموريتاني الملحة في مجالات الأمن والمياه الصالحة للشرب والغذاء والدواء والتعليم والبنى التحتية، بدل إلهائه في مهزلة مكشوفة الأهداف".

مؤتمران صحافيان

من جهتها، دعت هيئة الدفاع عن الرئيس الموريتاني السابق إلى توقيف المتابعة القضائية عنه "لأنها لا تستند إلى أي أساسي قانوني"، وقال رئيس الهيئة محمدن ولد الشدو، إن موكله "تمتع بشجاعة كبيرة ورفض الإجابة عن الأسئلة التي وجهت إليه. ورفض التوقيع على محاضر التحقيق، متمسّكاً بحصانته الدستورية".

ونقلت صحيفة صحراء ميديا عن ولد الشدو قوله إنه منذ سنة وموكله "يتعرض لحملة تشويه ممنهجة من بعض الجهات، من أجل خلق الفوضى في هذا البلد"، وتابع "منذ مدة ونحن أمام محاكمة صورية في الشارع لخيرة أبناء البلد، خصوصاً ضد الرئيس ولد عبد العزيز"، مشيراً إلى أن هذه المحاكمة لا تركن إلى القانون.

المحامون

في المقابل، أوضح المحامون المتعهدون باسم الدولة (الطرف المدني)، أن الجدل المثار حول حصانة الرئيس السابق ولد العزيز الذي استند إلى مقتضيات المادة 93 من الدستور هو "جدل محسوم، ذلك أن الحصانة تنتهي مع مأمورية الرئيس".

وشرح المحامون في مؤتمر صحافي أن الحصانة غير مرتبطة بشخص الرئيس بل بوظيفته، وعليه يكون تحريك الدعوى العمومية في حقه بعد انتهاء مأموريته أمراً وارداً تماماً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستغرب المحامون عدم تجاوب ولد عبد العزيز مع مسطرة التحقيق التمهيدي، إذا كان ما لديه من ردود يدعم البراءة التي يتمسّك بها، مذكّرين بأن المشرع الموريتاني وفر ضمانات خاصة لمن يشتبه في اقترافهم جرائم فساد بتشكيله لقطبين للاتهام والتحقيق.

وثمّن الفريق اهتمام النيابة العامة بآجال الحراسة النظرية، معبّرين عن تطلعهم إلى أن يشكل ذلك قطيعة مع الممارسات السابقة في هذا المجال الأساسي من الحريات، وقال الفريق إنه "نظراً إلى ما يقتضيه تمثيلها أمام القضاء، قررت الدولة ممثلة بوزارة المالية تعزيز دفاعها بفريق من المحامين، وقد قرر الفريق قبول الاضطلاع بهذه المهمة، بعيداً من المواقف والتجاذبات طبقاً لآداب مهنة المحاماة".

وأعلن نقيب المحامين الموريتانيين إبراهيم ولد أبتي، أن الدولة قررت انتداب 60 محامياً للدفاع عن "مصالحها" في المسطرة القضائية القائمة بخصوص شبهات فساد وقعت خلال العشرية الماضية.

ووصف ولد أبتي المحامين بأنهم "فريق الدفاع عن مصالح الدولة الموريتانية كطرف مدني في المسطرة الجارية".

وضم فريق المحامين الذي سيدافع عن مصالح الدولة 60 محامياً يتصدرهم نقباء ووزراء سابقون، إضافةً إلى محامين بارزين في صفوف المعارضة الموريتانية، وآخرين عرفوا بميولهم الحقوقية ونشاطهم في المجتمع المدني.

ردود الفعل

وكتب المحامي السالك ولد اباه عل صفحته في فيسبوك "أطلب من فريق المحامين المنتدب من جانب وزارة المالية، ومن كل من يمثل الدولة كطرف مدني يرى نفسه متضرراً من الأفعال المتضمنة في تقرير اللجنة البرلمانية في التحقيقات الجارية والمحاكمات المرتقبة التنازل عن أتعابهم لمصلحة الخزينة العامة للدولة، وإذا قدّر لهم أخذ مبالغ مقدمة، فليعيدوها إلى الخزينة العامة، فالهيئة لا يجوز توريطها في مسلسل الفساد بطرق احتيالية، خصوصاً أن فريق الدفاع تشكّل من محامين لا يحتاجون إلى  المال، فلديهم من الوسائل ما يمكنهم من القيام بمهماتهم على أكمل وجه، مما يغنيهم عن اللجوء إلى أكل المال العام بطرق مشرعنة وسيسجل لهم التاريخ ذلك".

رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، سيدي محمد ولد الطالب أعمر، قال في مقابلة مع صحيفة "الأخبار"، "التحقيق البرلماني عمل تقني"، مردفاً أن "اللجنة بعد تشكيلها أصبحت لجنة برلمانية تقنية واختفت صفتها السياسية"، وشدّد على أن "العمل التقني يتضرر كثيراً من مواقف الساسة في الإعلام".

رابطة البرلمانيين السابقين قالت إنها تنفست الصعداء كغالبية الشعب الموريتاني في نهاية العشرية الماضية وانتخاب رئيس جديد عن طريق تناوب سلمي ديمقراطي على الرئاسة. واتهمت الرابطة في بيان موقّع باسم رئيسها النائب السابق سيدي محمد ولد عبد الرحمن ولد اسويد أحمد، جهات لم تذكرها بالاسم بمحاولة عرقلة فوز الرئيس الحالي ولد الشيخ الغزواني، ليكون رهينة لحيل غير خافية على أحد، بحسب البيان.

وأوضحت الرابطة أنها تتمنى أن "تتفرّغ جميع أجهزة الدولة لتنفيذ ما التزم به الرئيس محمد الشيخ الغزواني من تعهدات وأن لا "تتربّص قوى الفساد والنهب بنا وتحاول زعزعة الأمن".

وأكدت الرابطة قانونية عمل لجنة التحقيق البرلمانية واستقلال السلطة التشريعية، معتبرةً أن تقرير اللجنة قد أجيز بإجماع النواب (موالاة ومعارضة) وقد تميّز بالدقة ومراعاة ما ينص عليه قانون محاربة الفساد".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي