Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تؤثر الإعصارات في اتجاه أسعار النفط؟

استقرار الأسواق رغم تعطل الإنتاج والتكرير في خليج المكسيك

أدت نتائج أزمة وباء كورونا إلى تخفيف وقع إعصار لورا على سوق النفط والغاز بالولايات المتحدة والعالم (رويترز)

استقرت أسعار النفط لدى بدء التعامل في الأسواق الآسيوية، الخميس، غداة الاضطراب الشديد الذي سببه الإعصار لورا لعمليات إنتاج النفط الأميركي في خليج المكسيك بعد اشتداد حدته ووصلوه إلى إعصار من المرحلة الرابعة. وعلى الرغم من الارتفاع الطفيف منذ بداية الأسبوع تحسباً لأضرار الأعاصير على الإنتاج الأميركي، فإن أسعار الخام لعقود الخام الآجلة لشهر سبتمبر (أيلول)، والتي ينتهي التعامل عليها، الجمعة، ظلت في دائرة 45 دولاراً لبرميل خام برنت القياسي، و43 دولاراً لبرميل الخام الأميركي الخفيف (مزيج غرب تكساس).

ويعود التأثير الطفيف للإعصار لورا إلى أن السوق تحسبت بالفعل للأضرار المتوقعة، وخصمت منذ بداية أنباء الإعصار ما يصل إلى 1.56 مليون برميل يومياً من الإنتاج الأميركي منذ الثلاثاء، توازي 85 في المئة من إنتاج النفط من خليج المكسيك. وذلك بعد ما أغلقت شركات الإنتاج أكثر من 300 منشأة، من منصات إنتاج بحري وغيرها، في المنطقة وكذلك أوقفت 9 مصافٍ، وأخلت كافة العاملين في تلك المنشآت. وتكرر تلك المصافي ما يصل إلى 3 ملايين برميل من الخام الذي يتحول لمشتقات أهمها البنزين، يمثل إنتاجها نحو 15 في المئة من عمليات التكرير للخام في الولايات المتحدة.

تأثير الأعاصير

غالباً ما تؤدي الأعاصير التي تضرب ساحل لويزيانا-تكساس إلى تعطل عمليات إنتاج النفط والغاز من الحقول البحرية الأميركية في خليج المكسيك، كما تؤدي إلى إغلاق مصافي التكرير وخطوط نقل الخام والمشتقات وسلاسل إمداد مصانع البتروكيماويات مع إغلاق المنشآت وإجلاء العاملين فيها تحسباً للأضرار التي غالباً ما تؤدي إلى وفيات وإصابات في حالة شدة الأعاصير.

ومع معدل تصدير للولايات المتحدة هذا العام عند 3 ملايين برميل يومياً من النفط الخام و5 ملايين برميل يومياً من المشتقات المكررة، فالتوقع المنطقي أن يكون تأثير إغلاق عمليات الإنتاج والتكرير البحرية في خليج المكسيك كبيراً ليس على السوق الأميركي فحسب، بل على سوق الطاقة العالمي ككل.

لكن كل التقديرات، كما في تقرير مؤسسة تحليل المعلومات "آي إتش إس" ووحدة أبحاث الطاقة (بلاتس) في ستاندرد أند بورز، الأربعاء، تشير إلى أن تأثير إعصار لورا رغم شدته لن يكون كبيراً على السوق والأسعار. بمعنى أنه لن يرفع أسعار عقود الخام الآجلة في أسواق النفط العالمية ولا حتى أسعار الوقود في محطات التوزيع للمستهلك.

هذا ما حدث مع إعصار هارفي عام 2017، ومع إعصار ريتا في 2005 حين أدى استمرار تعطيل الإنتاج في خليج المكسيك لفترة إلى ارتفاع الأسعار. أما هذه المرة، فعلى العكس لم تشهد أسعار النفط الخام تحركاً كبيراً حتى أسعار البنزين للمستهلك في الولايات المتحدة لم تشهد سوى تحرك طفيف، الأربعاء، مرتفعة من 2.19 دولار للغالون إلى 2.21 دولار للغالون (وهو ارتفاع قد يؤدي أي تغيير تقليدي في السوق إلى أعلى منه في أي ظرف دون مخاطر إعصار).

ويكاد يجمع المحللون على أن إعصار لورا يأتي في وقت ما زال الاقتصاد وسوق الطاقة العالميان يجنيان تبعات تأثير وباء فيروس كورونا (كوفيد-19). فالطلب على المشتقات لم ينتعش بما يكفي بعد، نتيجة إحجام كثيرين عن السفر والتنقل، مما يعني تراجع استهلاك مشتقات كالبنزين والديزل ووقود الطائرات. هذا إضافة إلى أن المخزونات من النفط الخام والمشتقات المكررة عند مستويات قياسية، أيضاً بسبب أزمة وباء كورونا التي أدت إلى اختلال معادلة العرض والطلب في السوق.

فمستويات مخزونات المشتقات المكررة في الولايات المتحدة تزيد حالياً بنسبة 5 في المئة على الأقل عن متوسط معدلها في خمس سنوات. وأظهرت أرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية، الأربعاء، أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة انخفضت في الأسبوع الأخير المنتهي في 21 أغسطس (آب) بنحو 4.7 مليون برميل. لكن المخزونات تظل عند 507.8 مليون برميل وهو مستوى كبير جداً.

شركات الطاقة

وهكذا أدت نتائج أزمة وباء كورونا إلى تخفيف وقع إعصار لورا على سوق النفط والغاز في الولايات المتحدة والعالم، فلم تنزعج الأسوق كالمعتاد في مرات سابقة، ولم ترتفع الأسعار بشدة تحسباً لنقص الإمدادات في ظل توفر العرض بما يفوق الطلب وزيادة مستويات المخزونات من الخام والمشتقات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن ذلك بالطبع لا يقلل من المخاطر على شركات الطاقة الكبرى مثل: شيفرون وإكسون موبيل وبريتش بتروليم. لذا انخفضت أسعار أسهم أغلب شركات الطاقة في السوق في اليومين الماضيين، وبشكل طفيف أيضاً. والمنطقي أنه في حال توقع ارتفاع كبير للأسعار نتيجة تعطل الإنتاج والإمدادات بسبب الأعاصير أن تصبح شركات الطاقة هدفاً للشراء في أسواق الأسهم. لكن لأن وضع السوق الآن مختلف، فإن المتعاملين يحسبون بالأساس الأضرار المترتبة على عمليات الشركات نتيجة الأعاصير.

يعتمد تقدير الأضرار على شدة الإعصار والمدى الزمني له، وتحديداً الفترة التي ستضطر فيها شركات الإنتاج والتكرير والنقل إلى إبقاء عملياتها متوقفة حتى إصلاح الأعطال والأضرار في منشآتها وآلياتها. كذلك لا تتضح حجم الخسائر إلا بعد نهاية الإعصار، ولنتذكر مثلاً أن إعصار ريتا عام 2005 خلف أضراراً بلغت كلفتها أكثر من 25 مليار دولار وقتها.

وبحساب شدة إعصار ريتا، وحجم العمليات التي توقفت وأيضاً فارق الأسعار من 2005 حتى الآن، يمكن ببساطة توقع خسائر بعشرات المليارات. لكن لأن أغلب الشركات التي تعمل في الإنتاج البحري في خليج المكسيك هي من الشركات العملاقة، فيمكنها تحمل تلك الخسائر دون تأثير كبير على نشاطها المستقبلي ووضعها في السوق.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد