Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة "بريكست" والانقسام السياسي يعمقان خسائر الاقتصاد البريطاني

أسبوع حاسم ينتظره المراقبون وسط تأجيل موعد الخروج حتى 12 أبريل المقبل

 حالة عدم اليقين من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي زادتها غموضاً، ويزيد ذلك من التحديات التي تقف في وجه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، والتي باتت مترددة في طرح اتفاق بريكست من جديد أمام النواب البريطانيين، وهذا المشهد هو انعكاس لمناخ الأزمة السائدة في بريطانيا، وذلك قبل أسبوع حاسم بشأن ترتيبات الخروج.
وكان مجلس العموم البريطاني رفض في 15 يناير (كانون الثاني)، ثم في 12 مارس (آذار) اتفاق بريكست المؤلف من 600 صفحة، والذي تم التوصل إليه بعد مفاوضات صعبة مع بروكسل، ويُفترض أن يـُــؤمِّن خروجاً سلساً لبريطانيا من الاتحاد.
ودعت ماي إلى تصويت جديد للبرلمان كنتيجة منطقية للقمة الأوروبية التي عُقدت هذا الأسبوع وتم التوصل خلالها إلى تأجيل موعد بريكست الذي كان محدداً أصلاً في 29  مارس (آذار) الحالي، حتى 12  أبريل (نيسان).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن رئيسة الوزراء المحافظة أثارت قلقاً الجمعة الماضية في رسالة وجهتها إلى النواب، ولـمّحت فيها إلى احتمال عدم إجراء التصويت الأسبوع المقبل، "في حال تبين عدم وجود دعم كافٍ للاتفاق"، وهو ما يبدو مرجحاً جداً. ويُفترض أن تكشف الحكومة غداً الاثنين نواياها، وقد تقترح سلسلة عمليات اقتراع لتحديد ما يريده البرلمان.
 

ولا يخلو هذا الخيار من المخاطر بسبب التوترات التي قد يثيرها في صلب الحكومة؛ إذ إن المشككين في جدوى الاتحاد الأوروبي يخشون أن يستغل البرلمان الأمر ويتحكم ببريكست ويشوّه مضمونه. ونقلت الوكالة عن النائب المحافظ والمؤيد لبريكست ماركوس فيش: "إن تنظيم عمليات اقتراع من هذا النوع سيكون الفكرة الأكثر سخافة والأقل واقعية التي رأيتها حتى الآن".

وفي حال عرضت ماي الاتفاق في نهاية المطاف على النواب، سيترتّب عليها تجاوز عقبتين؛ الأولى تتعلّق باحتمال إخضاع النصّ للتصويت، حيث رفض رئيس مجلس العموم البريطاني جون بيركو سابقاً إعادة طرح النصّ على التصويت، الأمر الذي كان مقرراً هذا الأسبوع. واعتبر أنه لا يمكن للحكومة القيام بذلك من دون إدخال تغييرات على الاتفاق. وقد تبدو القرارات الأخيرة للاتحاد الأوروبي عناصر جديدة تتيح إجراء التصويت، بحسب محللين.
أما العقبة الثانية فتشكل تحدياً لرئيسة الوزراء التي يُفترض أن تقنع النواب بتغيير رأيهم. وبات ذلك أصعب بعد أن حمّلتهم مسؤولية تأجيل موعد بريكست في خطاب الأربعاء، قبيل القمة الأوروبية.
وما يزيد الوضع صعوبة هو اعتبار الحزب الوحدوي الأيرلندي الذي يــُـؤمّن الأكثرية لـ"ماي" في البرلمان، أن الأخيرة "فوتت فرصة" تحسين اتفاق الطلاق خلال لقائها الأخير مع قادة الاتحاد الأوروبي.

مناورات التصويت من جديد
وقد يشكل رفض الاتفاق ضربة قاضية بالنسبة إلى ماي التي تواجه أزمة نفوذ.
وتتعرض رئيسة الوزراء ماي لانتقادات من جميع الجهات بل قد تواجه تهديداً بمناورات تهدف إلى الإطاحة بها، حسبما أوردت صحيفة "صنداي تايمز" اليوم الأحد. وكتبت الصحيفة "أن ماي قد تعطي مكانها لنائب رئيس الحكومة ديفيد ليدينغتون المؤيد للاتحاد الأوروبي ليتولى دور رئيس الوزراء بالوكالة".
وتوقعت الدول الأوروبية الـ27 احتمال رفض البرلمان البريطاني النصّ مرة جديدة، فأعطت بريطانيا خيارين، إما التصويت على الاتفاق بحيث تقوم المملكة المتحدة بخروج منظم من الاتحاد مع منحها إرجاءً تقنياً حتى 22 مايو (أيار).
وإما رفض الاتفاق للمرة الثالثة ما سيعطي لندن مهلة حتى 12 أبريل (نيسان) لتقرير ما إذا كانت ستنظم عمليات الاقتراع للانتخابات الأوروبية. وفي حال قررت إجراءها، سيكون بإمكانها طلب تأجيل جديد، لم تُحدد مهلته. أما في حال قررت العكس، فستخرج من الاتحاد من دون اتفاق، بعد ثلاث سنوات على استفتاء بريكست الذي أجري في 23 يونيو (حزيران) 2016. يشار إلى أن لندن شهدت أمس مظاهرات واسعة لمئات الآلاف من المعارضين لبريكست مطالبين بإجراء استفتاء جديد.         

 أجواء سياسية للمطالبة بالإطاحة بتيريزا ماي   

في الوقت ذاته صرح  وزير المالية البريطاني فيليب هاموند "إنه يتعين على بريطانيا إيجاد سبيل للخروج من الاتحاد الأوروبي بطريقة منظمة بدلاً من محاولة الإطاحة برئيسة الوزراء تيريزا ماي". وردا على سؤال لقناة سكاي بشأن تقارير صحافية عن تآمر وزراء كبار للإطاحة بـ"ماي" وما إذا كانت رئيسة الوزراء في وضع صعب قال هاموند: "لا أعتقد أن الأمر على هذا النحو". وقال: "تغيير رئيسة الوزراء لن يساعدنا. الحديث عن تغيير اللاعبين في الوقت الحالي ترف".
وردا على ما إذا كان هاموند يسعى إلى تولي ديفيد ليدينغتون النائب الفعلي لـ"ماي" منصب رئيس الوزراء المؤقت، قال الوزير: "الأمر ليس كذلك".
وتابع "أدرك أننا قد لا نتمكن من الحصول على أغلبية لخطة رئيسة الوزراء للخروج من الاتحاد الأوروبي وإذا كان هذا هو الحال، فإن البرلمان سيضطر لاتخاذ قرار ليس فقط بخصوص ما يرفضه بل ما يؤيده أيضا".
وردا على سؤال عن الخيارات المحتملة للخروج قال هاموند: "إنه ليس متأكداً من أن هناك أغلبية في البرلمان لإجراء استفتاء ثانٍ لكنه اقتراح متماسك".
وقال: "من الواضح أن فرصة ستسنح لمجلس العموم خلال أيام إذا لم يوافق على اتفاق رئيسة الوزراء لمحاولة تحقيق أغلبية تؤيد اقتراحاً آخر يمكنه الدفع به".

خسائر متلاحقة وتوقعات باستقالة وزراء

من جهة أخرى تسببت حالة عدم اليقين التي تشهدها عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أضراراً متعددة للاقتصاد، بعد تأجيل عملية الخروج، ليصبح الاقتصاد أكثر المتضررين مع التراجع المستمر للجنيه الإسترليني، وانخفاض الاستثمارات، وهروب الشركات ورؤوس الأموال.

وتوقع الخبير الاقتصادي د.مصطفى البازركان في تعليق لـ"اندبندنت عربية" أن يستمر هذا النزيف الذي بدأ بهجرة هذه الأموال، التي بدأت بـ800 مليار جنيه إسترليني مع مطلع هذا العام، إضافة إلى رحيل مؤسسات عالمية معروفة نقلت أقسامها إلى مدن أوروبية أخرى، وذلك تفاديا لتداعيات الأسوأ".

وأوضح: "أن ضبابية المشهد قد يزيد من الانقسامات السياسية، حيث متوقع أن يشهد حزب المحافظين استقالات وزارية، بسبب التصويت الجديد المقبل في البرلمان، حيث قد يضطر بعضهم لتقديم استقالته، لإبداء رأيه بعيداً عن التصويت الحزبي".

ويشير الخبير البازركان "إن السيناريو الأسوأ هو ما يحدث اليوم، حيث إننا في وضع من سيئ إلى أسوأ "مع تراجع النمو الاقتصادي، وهجرة الأموال، والشركات من حي المال، إضافة إلى الحذر الشديد من التداعيات مثل مشاركة الجيش في المنافذ الحدودية والعمل على خطة طوارئ لتخزين المواد الغذائية تحسبا للقادم السيئ".

 ويبقى حجم النزيف الاقتصادي في البلاد والذي قد يشكل السيناريو المرعب لقطاع الأعمال، مع تراجع ضخ الاستثمارات الجديدة في القطاعات الصناعية، التي ترى ذلك حماية لنفسها من خسائر متوقعة، خصوصا مع خطر المغادرة بدون اتفاق.

ويشير الخبراء إلى أن الأزمة المقبلة في بريطانيا قد تكون أسوأ من الأزمة المالية في 2008، وقد يدخل الاقتصاد في ركود شديد، مع تراجع النمو من وتيرة سنوية تبلغ حوالي 2٪ إلى أقل من 1٪ حاليا.

  على صعيد متصل ذكر تقرير حديث لشركة "أرنست أند يونغ" أن أصولا بقيمة تريليون دولار قد نقلت للخارج، إلا أن التقرير يشير أنه بالرغم من هذا الانسحاب المالي يبقى القطاع المالي في لندن قوياً ومتماسكاً، بالنظر إلى أن قيمته تصل إلى 8 تريليونات جنيه إضافة إلى أهمية مركز الحي المالي البريطاني العالمية والتي يتمتع بها منذ فترة طويلة".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد