Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفاؤل بمستقبل كبرى شركات النفط والغاز رغم الخسائر

شطب شركات الطاقة الكبرى مليارات من أصولها لا يخفض تصنيفها

تشير التقديرات العالمية إلى استمرار النفط محركاً رئيسياً لدينامو الاقتصاد العالمي عقوداً (رويترز)

أعلنت كبرى شركات النفط والغاز العالمية في الأيام الأخيرة شطب عشرات مليارات الدولارات من أصولها ضمن إفصاحاتها المالية ربع السنوية وإعلان كشوف بياناتها للربع الثاني من العام الذي شهد التأثير الأسوأ لأزمة وباء فيروس كورونا (كوفيد-19). وزاد إجمالي الخسائر وشطب الأصول للشركات الخمس الكبار في العالم (شيفرون، إكسون موبيل، بي بي، رويال دتش شل، توتال) أكثر من 53 مليار دولار في الربع الثاني، أغلبها شطب أصول.

لكن مؤسسة التصنيف الائتماني العالمية الرئيسية "ستاندرد أند بورز" اعتبرت ذلك مؤشراً إلى أن الشركات الكبرى تسير في الطريق الصحيح نحو إعادة الهيكلة وضبط دفاترها لمواجهة تبعات وباء كورونا وانخفاض أسعار النفط. وأكدت المؤسسة أن شطب الأصول في حد ذاته لن يغير من نظرتها المستقبلية لجودة الوضع الائتماني لشركات الطاقة الكبرى.

وورد في تقرير لـ"ستاندرد أند بورز" صدر قبل يومين، "نعتبر شطب أصول النفط والغاز خطوة أخرى على طريق التحول في مجال الطاقة، لكنها لن تؤدي بالضرورة إلى تغيير في التصنيف الائتماني ليس أقله لأن الاحتمال الأكبر هو أن يظل النفط والغاز مكوناً مهماً في سوق الطاقة العالمي لعقود مقبلة".

واعتبر التقرير أن أزمة وباء كورونا جاءت كاختبار قاس لشركات الطاقة عموماً، لكنه اعتبر إدارة الشركات للأزمة وقوة الأطر المالية لها قد تعني تحسن وضعها الائتماني. ومع أن شطب الأصول يبدو خسائر للشركات، إلا أنه ليس مقياساً حين تقرر مؤسسات التصنيف الائتماني وضع الشركات الذي يقاس على أساس نسبة الديون إلى الأصول وعوامل المخاطر المستقبلية التي تقدر على أساس مدى توافق الشركة مع التغيرات في مجال عملها.

وفي هذا السياق، ربما كان شطب الأصول مؤشراً إلى قدرة شركات النفط الكبرى على التكيف مع المتغيرات في قطاع الطاقة العالمي وضبط دفاترها وكشوف حساباتها المالية بما يجعل وضعها الائتماني أفضل. لذا تتوقع "ستاندرد أند بورز" أن يشهد التصنيف الائتماني لشركات النفط والغاز العالمية الكبرى تحسناً العام المقبل.

نظرة مستقبلية جيدة

يخلص تقرير "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني إلى أنه بالنسبة للمعيار الأساسي لتحديد مرتبة التصنيف للشركات، أي المخاطر المستقبلية، تعد شركات الطاقة العالمية الكبرى في وضع جيد. ويضيف التقرير "نعتقد أن الشركات الكبرى ستظل في وضع منخفض المخاطر ائتمانياً لفترة طويلة، مع أن تحديات الاستراتيجيات المعتمدة على استهلاك النفط والغاز تظل حتى بعد تراجع عاصفة كوفيد-19".

وبما أن اجراءات شطب الأصول بالمليارات تأتي ضمن عمليات إعادة هيكلة كبرى تقوم بها الشركات، فالأرجح أنها ستقود في النهاية إلى وضع أفضل أخذاً في الاعتبار استمرار العائدات النقدية مع تقديرات اعتماد الاقتصاد العالمي على النفط والغاز لعقود مقبلة.

كما أن تلك التغييرات تأتي أيضاً في إطار توقعات المؤسسات الرئيسية لمستقبل قطاع الطاقة عموماً، بخاصة ما يتعلق بإعادة تقييم أصول شركات الطاقة العالمية الكبرى. فعلى سبيل المثال حين أعلنت شركة "بي بي" شطب 17 مليار دولار من أصولها كان السبب الرئيسي هو خفض الشركة لتقديراتها لسعر النفط المتوسط الذي تحدد على أساسه استراتيجيتها المستقبلية إلى 55 دولاراً للبرميل.

يتسق متوسط سعر النفط هذا مع تقديرات "ستاندرد أند بورز" وغيرها من مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية الأخرى الذي تقيس على أساسه مدى السلامة المالية لشركات الطاقة. بالتالي فإن شطب "بي بي" للمبلغ المذكور هو بمثابة ضبط نظرتها المستقبلية لعائداتها النقدية من نشاطاتها النفطية حول العالم، أي حساب تراجع العائدات مقدماً.

مع أن شطب قيمة الأصول يعني خفض بند الوارد في كشوف حساب الشركات، بمعنى تراجع العائدات من الأعمال وربما أيضاً الخسائر، إلا أنه يعني تحسناً في الوضع الائتماني بأن تظل نسبة الدين إلى القيمة السوقية (أو قيمة الأصول) جيدة.

يوضح هذا المثال ما أعلنته شركة "رويال دتش شل" من شطب 16.8 مليار دولار بعد دفع الضرائب للربع الثاني من العام. فقد أدى ذلك إلى خفض قيمة الأصول للشركة بنسبة 6 في المئة تقريباً، لكنه في الوقت نفسه لم يضف سوى أقل من 3 في المئة إلى معدل الدين لقيمة الأصول، وهو المعيار المهم الذي يحسب على أساسه التصنيف الائتماني والذي بموجبه تكون الشركة قادرة على توفير رأس المال من السوق إذا احتاجت.

هناك أيضاً عامل إيجابي في تقدير الشركات لأعمالها المستقبلية، وتخليص دفاترها من الأصول غير المجمدة أو التي يمكن أن تمثل عبئاً أكبر على بياناتها المالية مستقبلاً. في هذا السياق مثلاً ما فعلته شركة "شيفرون" حين أعلنت الجمعة شطب 4.8 مليار دولار، إذ كان المكون الأساسي في هذا هو شطب 2.6 مليار دولار من قيمة أصولها في فنزويلا.

كما أن كل الشركات الكبرى تقريباً شطبت استثماراتها في مجال الغاز والنفط الصخري في كندا والولايات المتحدة. ويتسق ذلك مع النظرة المستقبلية لهذا المجال بما قد يشكل عبئاً سلبياً على دفاتر الشركات ووضعها الائتماني عموماً.

استمرار النفط

على رغم أن عملية إعادة الهيكلة في شركات الطاقة الكبرى في العالم تتضمن تحويل بعض الاستثمارات إلى مصادر طاقة جديدة قليلة الانبعاثات الكربونية، إلا أن النفط والغاز يظل المكون الرئيسي لأعمال الشركات الكبرى. وتقدر "ستاندرد أند بورز"، وغيرها من مؤسسات التصنيف والمؤسسات المالية والاقتصادية العالمية، أن يستمر النفط محركاً رئيسياً لدينامو الاقتصاد العالمي لعقود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب تقرير "ستاندرد أند بورز"، وبحساب بيانات إنتاج الشركات الكبرى، كان إنتاج شركات الطاقة الخمس الكبرى في العالم العام الماضي (2019) 6.4 مليار برميل من النفط والسوائل، بزيادة بنسبة 3 في المئة عن عام 2018 وبنسبة 13 في المئة عن عام 2015. ويمثل ذلك 10 في المئة من إجمالي الإنتاج العالمي من النفط و11 في المئة من إجمالي الإنتاج العالمي من الغاز.

يعد إنتاج النفط والسوائل (كالغاز المسال مثلاً) أكثر ربحية من الغاز، ويؤخذ ذلك في الاعتبار عند حساب تقييم الشركات. لذا يتم تقييم "إكسون موبيل" بأفضل من تقييم "شل"، فـ"إكسون موبيل" أكبر منتج للنفط والسوائل من بين الخمسة الكبار بينما "شل" أكبر منتج للغاز.

على الرغم من عمليات الاستكشاف والتنقيب المستمرة، إلا أن زيادة الانتاج تعني تراجع الاحتياطيات للشركات الكبرى ويعني ذلك ضغطاً على النظرة المستقبلية لوضعها الائتماني. وإذا كان تراجع الطلب خلال أزمة وباء كورونا قلل من هذا الضغط فإن توقعات زيادة الطلب العالمي مع تعافي الاقتصاد تعني زيادة الانتاج.

وفي ظل عمليات إعادة الهيكلة وخفض التكاليف قد لا تزيد استثمارات الشركات الكبرى في مجال الاستكشاف والتنقيب، ما يشكل ضغطاً على الاحتياطيات، بالتالي على تقديرات قيمة الشركات في النهاية. لكن الأرجح، بحسب توقعات "ستنادرد أند بورز" وغيرها، أن يتحسن وضع شركات النفط والغاز في التحسن من العام المقبل.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد