لم يكن متوقعاً أن يعمد مسؤولون في الجيش اللبناني إلى اقتطاع جملة من قصيدة الشاعر نزار قباني "قومي يا بيروت" التي غنتها المطربة ماجدة الرومي خلال الحفلة التي نظمتها جمعية "لبناني وأفتخر" بمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيس الجيش، وبثتها مباشرة الشاشات اللبنانية ما عدا تلفزيون "المنار" التابع لحزب الله. أحدثت هذه الرقابة على الأغنية صدمة في صفوف المشاهدين الذين تابعوها بأصوات فرقة الكورس، والذين انتبهوا للفور إلى حذف جملة "إن الثورة تولد من رحم الأحزان" واستبدالها بجملة هي "إن الثورة لالالالا". ولم يلبث هذا الحذف الرقابي أن أحدث ضجة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي كافة وفي وسائل الإعلام، نظراً إلى دلالته الرمزية وتشويهه معنى الحرية وصدوره عن مؤسسة وطنية يعقد الأمل الشعبي عليها. وانتشرت ردود الفعل والتعليقات، لا سيما على "تويتر" تحت هاشتاغ "لالالا لا" الذي بلغ ذروته في التراند اللبناني محققاً أرقاماً هائلة. وسرعان ما بات شعار "لالالالا" يعني الثورة، وراجت مثلاً جملة "لالالالا حتى النصر" وجرى تحوير أغنيتين للمطربة جوليا المناصرة لحزب الله تغني فيهما الثورة علانية.
لم يصدر أي توضيح من الجهاز الإعلامي في الجيش حتى الآن، ولم يتم توضيح أبعاد هذا الحذف الرقابي ومن وراءه، ما جعل الحملة تتسع وتتواصل وتترد أصداؤها في الخارج. مع أن جمعية "لبناني وأفتخر" استنكرت الحملة التي وصفتها بـ"المغرضة والمضللة" والهادفة إلى "الإساءة إلى الحفلة التي نظمتها بمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيس الجيش اللبناني والنيل من نجاحها".
ما يثير التساؤل والحيرة وربما الدهشة هو أن هذه الأغنية هي من الأغنيات الشهيرة جداً ولقيت منذ انطلاقها في الثمانينيات رواجاً كبيراً ما زال مستمراً حتى اليوم، بل هي أضحت بمثابة أغنية وطنية ونشيداً يحتفل برمز مدينة بيروت وأمجادها وعصرها الذهبي. ومن أقدم على حذف هذه الجملة "إن الثورة تولد من رحم الأحزان" لم يفهمها ولم يدرك أن نزار يدعو هنا بيروت التي هزمتها الحرب ودمرتها إلى الثورة على أعدائها وعلى واقعها المرير، فمثل هذه الثورة تولد من قلب الحزن. لم يسئ الرقيب إلى بيروت فقط ولا إلى الجمهور اللبناني ولا إلى المطربة ماجدة الرومي بل إلى شاعر أحب لبنان بصدق وكتب عنه أجمل القصائد وحمله في قلبه بعدما غادر بيروت التي عاش فيها ردحاً طويلاً.
الحفلة كانت تحية جميلة وشعبية للجيش الذي يمثل أملاً كبيراً للشعب اللبناني في مرحلة أصبحت الآمال فيها خاوية. وتخلّلت الحفلة باقة من الأغاني الوطنية أدّاها كلّ من المطربين ملحم زين وغسان صليبا وجوزف عطية ورامي عياش، وكان للموسيقي ميشال فاضل مقطوعة أدّاها برفقة 50 موسيقياً و30 مغنياً، إلى جانب عرض راقص لفرقة نديم شرفان، المعروف بتصميم الرقصات لمجموعة "ميّاس".