Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكاتب السعودي فهد الأحمري يخاطب الرجل: "لا تتزوج امرأة تقرأ"

قد يفاجئ الكاتب السعودي فهد الأحمري قراءه بعنوان كتابه الجديد "لا تتزوج امرأة تقرأ" الصادر عن "الدار العربية للعلوم – ناشرون"، وهو أصلاً عنوان مقال طريف جداً بالعنوان نفسه، تضمنه الكتاب، فماذا تعني هذه الدعوة، دعوة الرجل تحديداً، إلى عدم الزواج بامرأة تقرأ، أي بامرأة لا تهتم بأمر الكتاب ولا القراءة؟ لكنّ من يقرأ المقال ويبلغ نهايته يدرك أن الكاتب إنما يعتمد  أسلوب السخرية الملطفة ليخلص إلى دعوة معاكسة تماماً كأن يقول: "أرجو أن تكون فهمت أن هذا مقال ساخر، بمعنى: تزوج امرأة مثقفة".  

يصف الناشر العنوان بكونه "عنواناً ماتع الأعطاف، مشترك الاهتمامات بين المُؤلِّف والمؤلَّف له، تندرج تحته مجموعة مقالات للكاتب المبدع فهد الأحمري، تنطوي على أحداث ووقائع وشخصيات غير مرتبطة بزمان ولا مكان، منها ما هو في الشأن المحلي، ومنها ما هو في الشأن العالمي، ومنها ما له دور في تغيير قناعات سلبية ترسّخت لدى النسق الاجتماعي".

تتطرق مواضيع عدة في الكتاب، إلى مواقف وقصص وتجارب شخصية، غير أنها تحمل أبعاداً مهمة للمتلقي، وبهذا المعنى لا تمكن قراءة هذه المقالات سوى في أبعادها الكبرى، ومستوياتها الدلالية والجمالية والأسلوبية، والتي صاغها المؤلف كنموذج للقراءة المشاركة والخلاّقة بينه وبين المتلقي.

لكل مقال فكرة ووظيفة وهدف ومعنى، بل وقدرة على إثارة السؤال وتحسس القضايا الاجتماعية والحياتية والمعرفية بعامة. وبهذا الاشتغال الفريد تكتسب الكتابة شرعيتها وقبولها لدى شرائح المجتمع الأوسع. ولعل الكاتب والصحافي فهد الأحمري قبض على المفتاح وفتح الأبواب بما يتناسب وإيقاع العصر وأكثر.

يضم الكتاب مقالاً بعنوان "يحق لنا ما يحق لغيرنا" يقول فيه صاحبه: "جوهر احترام الذات يتحلى في احترام الإنسان أياً كان ذلك الإنسان... كل إنسان يدب على وجه هذه البسيطة يستحق أن يُمنح حقوقه كافة في شكل عملي جاد وليس مجرد تنظير. إن هضم حقوق الإنسان وتحقيره بمجرد اختلافه عنا في اللون أو المعتقد أو الوطن، هو في حقيقة الأمر، احتقار لذواتنا من جهة اشتراكنا معاً في المنظومة الإنسانية. أنسنة الإنسان والاهتمام بالأبعاد والمفاهيم والقيّم الإنسانية الراقية، هما سمو بالعقل وتهذيب للسلوك حتى يستوعب كل فرد منا هذا المطلب الحضاري جيداً، بل ويصبح مدافعاً عن حقوق عموم بني البشر، وإن تنوعت المنظومات الدينية والمذهبية والعرقية والمناطقية".

ومن عناوين المقالات التي بلغت ستة وأربعين: "ثقافة تقديس الأشخاص"، "لم يعد سراً خلف الأسوار"، "قصتي مع جهيمان"، "يا ابني أنت فاشل... قصة نجاح ملهمة"، "مسابقة ملكة جمال ينبع"، "عوائق النهضة الممانعة عبر الزمن"، "أنصفوا الرجال"، "خطبة الخرافة في جامع نيويورك"، "آيفون الشعوب"، "حوار أمام برجَي 11 سبتمبر"، "العوام هوام"، "الحمدلله على نعمة بلادنا"، "التطرف العلماني".

ومن المقال الذي حمل الكتاب عنوانه: "هي لا تؤمن بالفكر السائد والعصر البائد ولا بالعقل التراثي والعصاب الجماعي، تدعوك إلى الثورة على كيانك لاسترجاع سيادة ذاتك. ولأنها تقرأ وتقرأ وتقرأ، فهي تعشق الاطلاع والمعرفة، ستقلب الطاولة على مفاهيمك... ستغير أفكارك وتعيد قراءاتك للحياة وللموت، للقيم والقناعات والمفاهيم. تفكك نصوصاً عشّشت في كهف عقلك الباطن وتعيد غربلتها في العقل الواعي. لا تتزوج امرأة تقرأ، مطبخها فارغ ومكتبتها عامرة، أوانيها كتب وكتبها أوان، رفوف المطبخ مؤلفات وأدراجه دفاتر، تملأ عقلك وبطنك خاوية، تعرف تقرأ ولا تعرف تطبخ، "تفشلك" عند الضيوف "المطاليق".

لا تتزوج امرأة تقرأ لأنها ستغلق التلفزيون وتحرمك المسلسلات والأفلام وتسرد لك قصة بيت المتنبي الذي أودى بحياته، وتحكي لك كيف قتلت سقراط فلسفته، وتصور لك شجاعته وهو يؤثِر تجرع السم بأمر المحكمة على أن يرتدّ عن آرائه.

لا تتزوج امرأة تقرأ، لأنها قد تُهمل شكلها وتُعمل عقلها، زينتها الفكر السابح وعطرها أسئلة فلسفية تسرح بخيالك إلى الميتافيزيقيا وعلم رياضة العقل.

لا تتزوج امرأة تقرأ، لأنها تفسد رجولتك الشرقية فأنت لا تقبلها ممرضة ولا طبيبة، لا باحثة ولا مخترعة، لا طيارة ولا مهندسة، لا تريدها إعلامية ولا محامية، لا عضوة برلمان ولا حتى "كاشيرة" فكيف تتزوج أنثى تفكر، سيدة تعقل، امرأة تقرأ، والأصعب حين تكون امرأة تكتب...!

لا تتزوج امرأة تكتب...".

المزيد من ثقافة