Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليمن الممزق بالحرب تضربه فيضانات تفاقمها أزمة المناخ

تغيرات "مقلقة" في أنماط الطقس تؤثر في عشرات الآلاف من الناس

 أطفال يشاهدون عمالاً يستعدون لتصريف مياه الصرف الصحي من مخيم ليمنيين نازحين من تعز وإب والحديدة، بعدما غمرته مياه الأمطار ("غيتي")

يعاني اليمن مستويات صادمة فعلاً من المجاعة، وأزمة متزايدة بسبب فيروس كورونا، إضافة إلى الحرب. والآن تتفاقم مشاكل البلاد بسبب التداعيات المحتملة المتأتية من اضطراب المناخ.

ففي الأشهر الثلاثة التالية للأمطار الموسمية التي تزامنت مع أول حالة من "كوفيد-19" تُسجَّل في البلاد، أدّت أمطار وفيضانات غزيرة في شكل استثنائي، إلى مقتل عشرات الأشخاص وتدمير آلاف المنازل في البلاد التي تعاني فعلاً أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وحتى الآن، تلقى نحو 130 ألف شخص فقدوا منازلهم وأعمالهم وممتلكاتهم في الفيضانات، مساعدات من "اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، و"جمعية الهلال الأحمر اليمني"، وفق تصريح أصدرته المؤسّسة الأولى الاثنين الماضي.

وإضافة إلى التسبب في ازدياد الأمراض الموسمية وتلك المنقولة بالمياه، كالكوليرا والملاريا وحمى الضنك، دمرت الفيضانات المحاصيل وأضرت بأنظمة الري والبنية التحتية المائية الأخرى اللازمة للتخفيف من أثر الفيضانات والأعاصير المحتملة في الدولة التي تعاني شحاً فعلياً في الأغذية.

وحذرت "اليونيسف" من ارتفاع عدد الناس الذين يواجهون أزمة انعدام الأمن الغذائي من مليونين إلى 3.2 مليون شخص في الأشهر الستة المقبلة، نتيجة للفيضانات، والنزاع المتجدد وأسراب الجراد، والأزمة الاقتصادية الحالية التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعار الأغذية واستمراراً للتضخم وانهياراً للعملة المحلية.

وكذلك ذكر رئيس بعثة "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" في اليمن عبدي إسماعيل، أن "اجتماع فيروس كورونا والنزاع والأمطار الغزيرة هذا العام، يضرب ملايين اليمنيين في مختلف أرجاء البلاد. ونتخذ خطوات صغيرة حيث نستطيع، بهدف الدعم والتخفيف من بعض المعاناة، وذلك في ظروف صعبة جداً".

 في ذلك الصدد، يذكر أن بعض المناطق في اليمن لم تتلق الأعوام الأخيرة سوى سنتيمترات قليلة من المطر سنوياً. وفي هذا العام، شعرت أرجاء الدولة ومناطقها بتأثيرات تلك المعطيات. إذ تعرضت العاصمة صنعاء إلى أضرار كبيرة. وأثرت الأمطار الغزيرة في محافظة ريمة ومدينة مأرب القريبتين نسبياً، في ما لا يقل عن 64 ألف شخص، ودمرت المنازل والطرق. وتأثر أكثر من خمسة آلاف و130 عائلة في محافظة حجة الشمالية. وفي المحافظات الجنوبية، فقد حوالي 33 ألف شخص يعيشون في مخيمات للنازحين خيامهم وممتلكاتهم في فيضانات مفاجئة، كما تأثر الآلاف في مدينة عدن الجنوبية الجافة عادة، حيث تسببت الأمطار في انقطاع التيار الكهربائي لأسابيع.

ومؤخرا، تعرضت المحافظات اليمنية كلها إلى فيضانات مفاجئة، وأمطار غزيرة، جرفت عشرات المنازل وقتلت ما لا يقل عن 14 شخصاً، وفق وسائل إعلام محلية. وورد أن حوالي 13 من هؤلاء القتلى سقطوا في مدينة الحديدة الساحلية الحيوية، حيث أظهرت لقطات على مواقع التواصل الاجتماعي منازل، وسيارات، ومزارع وهي تُجرَف. وقُتِل شخص آخر في مدينة إب، ودُمِّرت منازل في صنعاء.

وفي غضون ذلك، طالب سكان ومسؤولون في محافظة شبام، (أو ما يعرف يمنيا) بـ "مانهاتن الصحراء" والمدرجة في قائمة "اليونسكو" للتراث العالمي، بمساعدة دولية بعدما هددت الأمطار بتدمير عشرات المباني في المدينة الشهيرة بناطحات سحاب طينية يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر. ويترافق ازدياد هطول الأمطار مع توقعات حول كيفية تأثير اضطراب المناخ في تلك البلاد. وقد حذر باحثون من تغير "مقلق" في أنماط الطقس في السنوات الأخيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وفي 2015، شهدت المحافظات الشرقية في اليمن أول إعصار استوائي منذ بدء السجلات الحديثة في الأربعينيات من القرن العشرين، وفق ياسمين الإرياني، وهي زميلة غير مقيمة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.

ووقعت ثلاثة أعاصير استوائية في 2018، وضرب رابع في يونيو (حزيران) من هذا العام، ومن المتوقع وقوع مزيد من الأعاصير في الأشهر المقبلة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، كتبت السيدة الإرياني على الموقع الإلكتروني للمركز، "على الرغم من أن هطول الأمطار في اليمن قد يكون كثيفاً خلال مواسمه القصيرة في الربيع والصيف، ولاسيما في المرتفعات الغربية، إلا أن تغيراً مقلقاً في أنماط الطقس في العقد الماضي أدى إلى ارتفاع وتيرة الفيضانات المفاجئة والأعاصير المدارية، وهي ظاهرة جديدة من ظواهر الطقس في اليمن". وأضافت أن هذه الفيضانات تتكرر في المناطق الجافة عادة التي تتلقى حوالي 50 ميلمتراً من الأمطار سنوياً، كحضرموت والمهرة وشبوة ومأرب.

وفي ذلك السياق، أفاد الدكتور وديع الشرجبي، نائب عميد "المركز اليمني للدراسات البيئية وخدمة المجتمع"، في تصريح أدلى به إلى الموقع الإلكتروني "متتبع المناخ" في يونيو، "أن التغيرات المفاجئة التي نشهدها في طقس عدن هي جزء من آثار تغير المناخ العالمي". وعلاوة على ذلك، حذر خبراء في الحكومة الهولندية في 2019 من أن الزيادة المتوقعة في هطول الأمطار ودرجات الحرارة في اليمن يمكن أن تؤدي إلى موسم أقصر للمحاصيل، ما يؤدي إلى تأجيج مزيد من النزاع في دولة تعاني فعلياً تأثير ست سنوات من حرب أودت بحياة أكثر من 100 ألف شخص، وتسبّبت في جوع الملايين.

وعلى الرغم من إشارة بعض المحللين إلى أن اضطراب المناخ ربما أدى دوراً خفياً في إطلاق النزاع في اليمن، تبدو التغييرات الحالية في مناخ الدولة واضحة في شكل مؤلم للسكان. وفي نموذج من ذلك، نقل أبو فاطمة الذي فقد منزله بسبب الفيضانات الأخيرة في محافظة عدن، إلى "اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، إن "هذا العام شهد المرّة الأولى لتساقط أمطار غزيرة في عدن، فنحن غير معتادين على فيضانات كهذه".

وأضاف، "بين عشية وضحاها وجدنا عائلتي، وأنا، أنفسنا من دون مأوى ودُمِّرت ممتلكاتنا. ونشعر الآن بالذعر كلما سمعنا إعلاناً بأنها ستمطر، ونشعر بالشلل لأننا لا نستطيع أن نفعل شيئاً حيال ذلك".

© The Independent

المزيد من متابعات