Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مساع مغربية لتحريك مياه الحوار السياسي الليبي الراكدة

هل تنجح الرباط في ما فشلت فيه جهات كبرى أخرى لا سيما تقريب وجهات نظر المتخاصمين؟

عقيلة صالح لدى وصوله إلى المغرب الأحد 26 يوليو الحالي (مواقع التواصل)

في وقت متزامن، وصل رئيس مجلس النواب الليبي (شرق) عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة (غرب) خالد المشري إلى العاصمة المغربية الرباط يرافق كل منهما وفد رفيع المستوى، ما فتح الباب أمام تكهنات حول احتمال عقد مباحثات بينهما برعاية مغربية، سعياً إلى العودة للحوار السياسي المتعثر والمجمد منذ مدة، بين طرفي الأزمة الليبية الرئيسين.
وعلى الرغم من أن زيارة عقيلة صالح كانت معلنةً قبل أيام، فإن زيارة المشري أتت مفاجئة، بخاصة مع تزمت المواقف خلال الأسابيع القليلة الماضية، في معسكر سلطات طرابلس بشكل عام ورئيس مجلس الدولة بشكل خاص، في ما يتعلق بالحوار والمفاوضات مع الطرف الآخر في بنغازي.


وفدان يثيران تكهنات

مع أن أي طرف لم يعلن مباحثات مبرمجة، ضمن زيارة الوفدين الليبيين إلى العاصمة المغربية، إلا أن مصادر ليبية عدة أكدت أن هذا هو الغرض الرئيس من الزيارة، كونها تمت بدعوتين رسميتين من رئيس البرلمان المغربي حبيب المالكي، في التوقيت ذاته.
كما تؤشر الأسماء التي اصطحبها كل طرف ضمن وفده إلى الرباط، إلى احتمال عقد مباحثات، إذ رافق المشري رئيس فريق الحوار في المجلس الرئاسي فوزي العقاب، وأعضائه علي السويح وعبد السلام الصفراني، وذلك على الرغم من أن المكتب الإعلامي التابع للمجلس، قال إن هدف الزيارة هو "تبادل الآراء ووجهات النظر في القضايا والمصالح المشتركة بين البلدين". في المقابل، رافق عقيلة صالح كل من، وزير خارجية الحكومة المؤقتة عبد الهادي الحويج، وشخصيات في ديوان مجلس النواب، رافقته في كل رحلات الحوار الليبي بعواصم عربية وغربية عدة، في السنوات الماضية.


مشاورات مكثفة

وفي وقت لم يصدر عن المشري ولا أي مصدر مقرب منه، أي تصريح أو تلميح حول طبيعة الزيارة، قبل وصوله إلى المغرب، كان عقيلة صالح صرح، أمس الأحد،  أنه سيتوجه الأحد إلى الرباط، ومنها سينتقل إلى العاصمة الأردنية عمان، لعقد مشاورات مع مسؤولي البلدين، حول مبادرة "إعلان القاهرة" التي طرحها لإنهاء الأزمة الليبية.
وأوضح صالح، أنه سيمكث يومين في المغرب، بناءً على دعوة من السلطات المغربية، قبل التوجه إلى الأردن، لشرح مبادرة إعلان القاهرة، وتوضيح الصورة بشأنها". وأضاف "سنطالب أيضاً خلال هذه المشاورات، بسرعة قيام بعثة الأمم المتحدة بواجباتها في تكوين السلطة الجديدة في البلاد والتأكيد على وقف النار، والعمل على ضع آلية لتوزيع الثروة بين الليبيين".
في المقابل، كشف المستشار الإعلامي لمجلس النواب الليبي حميد الصافي، أن "الزيارة التي تستغرق يومين، ستُعقد خلالها لقاءات مكثفة مع رئيس الوزراء المغربي ووزير الخارجية، إضافةً إلى لقاء موسّع مع رئيس البرلمان المغربي"، من دون التطرق إلى أي مباحثات مدرجة مع وفد مجلس الدولة بقيادة المشري.
 

تحريك المياه الراكدة

من جهة أخرى، علّق الأكاديمي الليبي مرعي الهرام، على هاتين الزيارتين وتزامنهما، قائلاً لـ"اندبندنت عربية"، إنه "على الرغم من التعتيم الذي يصاحب الزيارتين، فإن الغرض منهما واضح، وهو محاولة مغربية جديدة، لتحريك المياه الراكدة بين طرفي الأزمة الليبية، منذ فترة، ولا يمكن أن تتزامن زيارة الوفدين، بدعوة من الطرف ذاته، من دون أن يكون هذا هو الهدف".
ويستند الهرام في تحليله إلى "الأنباء التي تواترت منذ فترة، حول تواصل تم أكثر من مرة بين رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الدولة الليبيين، لتقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة في طرابلس وبنغازي، والحديث عن تولد تفاهمات ولو جزئية بينهما، وهو ما سُرِب أكثر من مرة، من أكثر من مصدر، خلال الفترة الماضية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


فرص النجاح

سبق للمغرب أن احتضن في عام 2015، المفاوضات الشهيرة بين المتخاصمين الليبيين في مدينة الصخيرات، تحت إشراف مباشر من الأمم المتحدة، التي انتهت بتوقيع الاتفاق المعروف باسم تلك المدينة المغربية، في 17 ديسمبر (كانون الأول)، الذي انبثقت عنه "حكومة الوفاق" والمجلس الأعلى للدولة.
ويمكن للرباط أن تنجح في رسم خريطة طريق جديدة للحل السياسي للأزمة في ليبيا، نظراً إلى أنها كانت طرفاً محايداً، طيلة فترة الأزمة الليبية، أو مراحل التعقيد فيها، التي بدأت منذ عام 2016، حيث لم تتدخل لا سياسياً ولا عسكرياً بدعم هذا الطرف أو ذاك، ما يجعل منها طرفاً مقبولاً من الجميع.
ويقول الصحافي محمد عرابي، إن "جنوح طرابلس للسلم كان متوقعاً، وبدأت أخيراً تظهر مؤشرات عدة عليه، في تصريحات لمسؤولين في حكومة الوفاق ومجلس الدولة، كان آخرها ما صدر في إسطنبول، عن الرئيس التركي رجب أردوغان ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج، اللذين أكدا ضرورة التوصل إلى حل سياسي للنزاع الليبي، في تبدل واضح في خطابهما السياسي، الذي كان أخذ منحنى تصعيدياً، خلال الأشهر الماضية".
من جانبها، اعتبرت الإعلامية الليبية إهداء مكراز، أن "لقاء الرباط شبه المؤكد، بين المشري وصالح، مؤشر جيد على إمكانية العودة إلى طاولة الحوار، بدلاً من الاحتكام إلى السلاح، الذي لن يزيد المشهد إلا تعقيداً، بخاصة مع تأكد دخول أطراف جديدة على خط الصراع، حتى ولو اندلع عنف على خطوط التوتر في سرت والجفرة".
وردت مكراز أسباب هذا التحول المهم، في موقف طرابلس تحديداً، إلى الدور المصري في الأزمة الليبية، بقولها إن "الدبلوماسية المصرية نجحت في فرض ما تريده القاهرة، بتثبيت الهدنة الحالية، والضغط لاستئناف المسار التفاوضي، كأمر واقع لا مفر منه، على الرغم من تعنت حكومة الوفاق في البداية، فإنها بدأت تتعامل مع واقع أنها لن تنجح في مساعيها للحسم العسكري، بدعم من تركيا، بعد دخول مصر إلى المشهد بكل قواها العسكرية".
وعلى الرغم من التفاؤل الذي صاحب الإعلان عن زيارة وفدي طرابلس وبنغازي إلى الرباط، فإن عضو مجلس الدولة، عبد الرحمن الشاطر، يرى غير ذلك، حيث كتب في تغريدة على حسابه بـ"تويتر"، "لو حصل اتفاق لتحقيق السلام في ليبيا، في الاجتماع  بين خالد المشري وعقيلة صالح، المزمع عقده في المغرب، تأكدوا أننا في عصر المعجزات". وفي انتظار نتائج الزيارتين، ستبقى قلوب الليبيين وعيونهم، معلقةً على الرباط، خلال اليومين المقبلين، لعل وعسى ينجح المغرب في ما فشل فيه الجميع، لا سيما تقريب وجهات النظر بين الخصوم، كخطوة أولى على طريق طويل ومليء بالعقبات، نحو الحل النهائي للنزاع الليبي المرير.

المزيد من العالم العربي