Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفويض البرلمان المصري للجيش بالتدخل في ليبيا يرفع حرارة المشهد

ردود فعل غاضبة من أنقرة وطرابلس وإصرار على المضي قدماً في معركة سرت والجفرة

رفع قرار البرلمان المصري الموافقة على طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي، منح إذن للجيش المصري بالتدخل في ليبيا، حرارة المشهد في الجارة الغربية، وعزّز التوقعات بانفجار الوضع على الخطوط الفاصلة التي حددتها القاهرة وحذرت من تجاوزها في سرت والجفرة والتي بقيت حمراء، بوجه قوات الوفاق المدعومة من تركيا حتى هذه اللحظة.
وعلى الرغم من استمرار الوضع على حاله الهادئ منذ أسابيع، في مناطق التوتر العسكري وسط ليبيا، إلا أن أطراف الأزمة بالداخل والخارج واصلوا إعطاء مؤشرات سلبية حول فرص التهدئة والسلام المستدام، عبر اتخاذ خطوات سياسية وعسكرية، وصدور تصريحات متبادلة ذهبت كلها في اتجاه التصعيد.


إذن تشريعي للجيش المصري

ووافق مجلس النواب المصري بالإجماع الاثنين 21 يوليو (تموز) الحالي، على منح إذن تشريعي للجيش المصري للقيام بمهمات قتالية خارج حدود الدولة المصرية، في المنطقة الغربية، لمواجهة أي خطر محتمل على الأمن القومي المصري، إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
واتّخذ مجلس النواب المصري قراره هذا في جلسة سرية حضرها 510 أعضاء، للنظر في الموافقة على الطلب الصادر من الرئاسة. واستعرضت الجلسة مخرجات اجتماع مجلس الدفاع الوطني برئاسة السيسي الذي عُقد يوم الأحد (20 يوليو)، والتهديدات التي تتعرض لها الدولة من الناحية الغربية، على الأمن القومي للبلاد.
وقال عضو البرلمان المصري طارق محمد الخولي في تغريدة على موقع تويتر، بعد الجلسة مباشرةً "منذ قليل، صوّتنا بالإجماع، خلال جلسة سرية لمجلس النواب المصري، بالموافقة على إرسال قوات من الجيش، للقيام بمهمات قتالية خارج حدود البلاد الغربية".
وحول المدى الزمني للتفويض البرلماني، الذي منح لتدخل الجيش في ليبيا، قال عضو مجلس النواب المصري طارق رضوان، إنه "مفتوح إلى حين الانتهاء من المهمات الموكلة إليها، للحفاظ على الأمن القومي". وتابع في تصريحات تلفزيونية "ستكون هناك تشكيلات برية، وتجهيزات بأسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة، تراعي الطبيعة الجغرافية في مواقع التوتر في البيئة الصحراوية في ليبيا".
 

ترحيب من البرلمان الليبي

فور الإعلان عن نتائج تصويت البرلمان المصري، رحب نظيره الليبي بما أفضت إليه، حيث أكد المتحدث باسم مجلس النواب الليبي، عبدالله بليحق مساء الاثنين، أن "قرار البرلمان المصري بالموافقة على إرسال الجيش للدفاع عن الأمن القومي في الخارج، يهدف للتصدي إلى الأطماع التركية في ليبيا".
كذلك عبّر فتحي المريمي المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، عن ترحيب البرلمان الليبي بصدور هذا القرار، قائلاً إنه "جاء في توقيته المناسب، تلبيةً لمطالب الشعب الليبي ورئيس مجلس النواب، الذي دعا منذ فترة طويلة، ومن داخل مجلس النواب المصري، إلى تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك وتدخّل القوات المسلحة المصرية، للدفاع عن الأمن القومي المصري والليبي".

ونوّه المريمي بحرج الموقف حالياً في ليبيا، بالقول إن "هناك خطورة حقيقية الآن، حيث يتم حشد مرتزقة مدعومين من تركيا لدخول سرت والجفرة، ولذلك فإن تفويض البرلمان المصري لجيشه، ما كان ليتأخر بمثل هذا التوقيت الحرج للغاية".

ردود غاضبة من طرابلس وأنقرة

في المقابل، أثار القرار المصري، غضباً في معسكر الغرب الليبي، ورفع مستوى التوتر بين القاهرة من جهة وطرابلس وأنقرة من جهة أخرى، الأمر الذي بدا واضحاً، في تصريحات مسؤولين في العاصمتين الليبية والتركية. وعلّق مبعوث حكومة الوفاق إلى دول المغرب العربي، جمعة القماطي، على القرار بقوله، إن "حكومة الوفاق عقدت وستعقد في الأيام المقبلة، تفاهمات دولية وإقليمية عدة، ستقود الى تحرير سرت والجفرة قريباً، وتحطيم العنتريات المتعلقة بالخطوط الحمراء الوهمية". وأكد أن "استئناف تصدير النفط وخروج حفتر وأبنائه من المشهد بالكامل، شرطان أساسيان لإنهاء الأزمة في ليبيا".
ودعا عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي (سلطات الغرب) عبد الرحمن الشاطر، المجلس الرئاسي (يرأسه فايز السراج)، إلى إصدار بيان إدانة لخطوة البرلمان المصري، متسائلاً "متى سيعلن المجلس الرئاسي عن موقفه من موافقة البرلمان المصري على التدخل عسكرياً في ليبيا، وهو بمثابة إعلان حرب؟ هل سينتظر غارات الطائرات المصرية ليصدر بياناً يندد بها؟".
ومن مالطا، دعا وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إلى قطع المساعدات الخارجية عن قائد "الجيش الوطني الليبي" المشير خليفة حفتر، واصفاً إياه بـ"الانقلابي"، واتهمه بـ"إعاقة جهود السلام في ليبيا"، في إشارة إلى الدعم السياسي والعسكري الذي يتلقاه من القاهرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


البحث عن غطاء قانوني
في السياق، قال المستشار السياسي لمجلس النواب الليبي، فوزي نجم لـ"اندبندنت عربية"، إن "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يسعى من خلال عقد لقاء القبائل الليبية وطلب إذن البرلمان للتدخل في ليبيا، إلى منح تحركه العسكري غطاءً قانونياً، يسبغ عليه شرعية ويزيل أي لبس محتمل حوله، أو نقد دولي قد يوجَه إليه". وأضاف أن "جدية مصر، التي تعبر عنها هذه التحركات السياسية والعسكرية، تحسب لها تركيا ألف حساب، وتصريحات وزير خارجيتها الأخيرة التي طبعتها لهجة ودودة ورسائل تهدئة تجاه مصر، توضح ذلك". وقال نجم إنه لا يعتقد أن "حكومة الوفاق وتركيا، ستغامران الآن بالتقدم نحو خط سرت والجفرة، لعلمهما بما سيواجهانه، إذا أقدما على ذلك".
كما اعتبر الباحث السياسي، خالد الترجمان أن "خبرات الجيش المصري في المعارك الصحراوية التي اكتسبها من مقارعة الإرهاب في سيناء، ستشكل إضافةً كبيرة إلى الجيش الليبي، إذا وقعت المواجهة".
 

واشنطن تدعو إلى التهدئة
في سياق متصل، أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتصالين هاتفيين بنظيريه المصري عبد الفتاح السيسي والفرنسي إيمانويل ماكرون لبحث مستجدات القضية الليبية، ضمن قضايا أخرى.

وأفاد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بأن "السيسي أكد خلال الاتصال موقف مصر الإستراتيجي الثابت، تجاه القضية الليبية، الهادف إلى استعادة توازن أركان الدولة والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، ومنع أي تدهور إضافي للأوضاع الأمنية، وذلك عبر تقويض التدخلات الأجنبية غير المشروعة في الشأن الليبي". وأضاف أن "ترمب أبدى تفهّمه للقلق المتعلق بالتداعيات السلبية للأزمة الليبية على المنطقة"، مشيداً بـ"الجهود المصرية الحثيثة تجاه القضية الليبية، والتي من شأنها تعزيز مسار العملية السياسية". كما ذكر المتحدث المصري أن "الرئيسين اتفقا على تثبيت وقف النار في ليبيا، وعدم التصعيد، تمهيداً لتفعيل الحوار والحلول السياسية".
في المقابل، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، في تغريدة على موقع تويتر الإثنين، إن "الرئيس دونالد ترمب، بحث مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، سبل تهدئة الوضع في ليبيا". وأضاف أن "الطرفين بحثا عدداً من القضايا على الصعيد الدولي، بما في ذلك سبل تخفيف حدة الوضع في ليبيا، الذي تفاقم بسبب وجود القوات والأسلحة الأجنبية هناك".
وقال ماكرون إنه "ناقش الأوضاع في ليبيا" مع نظيره الأميركي، واصفاً المناقشة بـ"العظيمة"، من دون أن يقدم مزيداً من التفاصيل حول موضوع تلك المباحثات، أو ما أفضت إليه.

المزيد من العالم العربي