Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"فيتش": أزمة كورونا لن تفك ارتباط عملات الخليج بالدولار

الموارد المالية كافية لاستمرار ربط عملات السعودية والإمارات والكويت بالورقة الخضراء

قالت "فيتش" إن بنية الاقتصادات الخليجية يلائمها ضبط مالياتها من خلال ترشيد الإنفاق  (رويترز)

استبعدت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، أن تخفّض دول الخليج قيمة عملاتها، رغم أن الاستمرار في ربط عملاتها بالدولار قد يؤدي إلى استنزاف الأصول الأجنبية وتراكم الديون. ويثبت الربط قيمة العملة في مقابل عملة أخرى، واحتياطيات البنك المركزي ضرورية لصيانة سعر الربط.

ولطالما قال صناع السياسات في المنطقة المصدِّرة البترول إن ربط العملة بالدولار في صالح اقتصاداتهم الشديدة الاعتماد على النفط والغاز، لكن نزول أسعار الخام هذا العام زاد الضغوط على عدد من العملات المربوطة.

ولا تتوقع الوكالة، في تقرير حديث، أي تغيير في أنظمة أسعار الصرف المربوطة بدول مجلس التعاون الخليجي على المدى المتوسط، لكنها أضافت أن الاستمرار في الربط "سيستتبع استنزافاً كبيراً للأصول الأجنبية أو تراكم الديون".

وذكرت "فيتش" أن السعودية والكويت والإمارات لديها موارد كافية للإبقاء على أنظمة الربط لديها، بينما ما زال الدعم المالي الخارجي مهمّاً بالنسبة إلى البحرين. وفي حالة سلطنة عمان التي تملك احتياطيات أجنبية أكبر من البحرين، تتبدد المصدات سريعاً، وربما تقوّض مدفوعات الديون الكبيرة المقبلة الثقة بالربط.

وتخفّض دول الخليج الإنفاق العام هذا العام، وتعيد ترتيب أولوياته، وقالت "فيتش" إن بنية الاقتصادات الخليجية يلائمها ضبط مالياتها من خلال ترشيد الإنفاق، لا خفض قيمة عملاتها. مضيفة "لن يعود خفض قيمة العملة إلا بالقليل من المزايا التنافسية على دول مجلس التعاون الخليجي، نظراً إلى طبيعة اقتصاداتها غير المتنوعة الموارد".

ومن المرجّح أيضاً أن تكون المخاوف الاجتماعية سبباً في إحجام الحكومات عن خفض قيمة العملات، إذ ربما تؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة. وقالت وكالة فيتش، إن "رد الفعل الاجتماعي العنيف المحتمل مبعث خطر لكل من خفض قيمة العملة والترشيد المالي، لكن السياسة المالية قد يلائمها على نحو أفضل ضبط تدريجي بدرجة أكبر".

انكماش حاد وعنيف في 2020

في الوقت نفسه، أظهر استطلاع حديث أن النشاط الاقتصادي في منطقة الخليج سيسجل انكماشاً حاداً في العام الحالي، قبل أن يتعافى خلال 2021، إذ يتضرر من الصدمة المزدوجة المتمثلة في جائحة فيروس كورونا، وانهيار أسعار النفط. وتوقع محللون في الاستطلاع الذي أجرته وكالة رويترز، في الفترة من السابع إلى الـ20 من يوليو (تموز) الحالي، انكماشاً اقتصاديّاً شديداً بالمنطقة المنتجة الهيدروكربون، إذ تضررت أسعار النفط على جانبي الإمداد والطلب في آن.

ومن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي السعودي 5.2 في المئة خلال 2020، ثم يتعافى إلى نمو 3.1 في المئة خلال العام المقبل. وكان استطلاع مماثل قبل ثلاثة أشهر قد توقع أن تسجّل السعودية، أكبر اقتصاد بالمنطقة وأكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، نمواً واحداً في المئة عام 2020 واثنين في المئة خلال 2021.

وقالت مايا سنوسي، الاقتصادية بمؤسسة "أوكسفورد إيكونوميكس"، "قبل ثلاثة أشهر، لم تضع معظم التوقعات في الاعتبار تخفيضات إنتاج النفط، أو الأثر الكامل لتداعيات (كوفيد 19)"، مضيفة أن تقليص أعداد الحجاج، وهو مصدر مهم لإيرادات قطاع السياحة، أثر في التوقعات الخاصة بالسعودية.

وتوقعت نتائج المسح أن يسجّل اقتصاد الكويت أكبر انكماش بين دول مجلس التعاون الخليج الست 6.1 في المئة عام 2020، ثم يسجّل نمواً 2.5 في المئة خلال العام المقبل. وقبل ثلاثة أشهر، كانت التوقعات تشير إلى انكماش 2.9 في المئة خلال 2020، ونمو اثنين في المئة العام المقبل.

ويشير متوسط التوقعات إلى انكماش اقتصاد الإمارات 5.1 في المئة خلال 2020، ونمو 2.6 في المئة عام 2021. وكانت التوقعات قبل ثلاثة أشهر تشير إلى انكماش 0.4 في المئة خلال العام الحالي. وتضررت السياحة، وهي مصدر رئيس للإيرادات في إمارة دبي، كثيراً من إجراءات الإغلاق وقيود السفر.

وفي مذكرة بحثية حديثة، توقعت مؤسسة "ستاندرد آند بورز"، أن تتعرض إيرادات قطاعي السياحة والضيافة لضغوط بشكل خاص في ظل الانخفاض الحاد المتوقع لأعداد الزائرين. وأوضحت أنها ما زالت تلحظ "ضغوطاً واسعة النطاق في القطاعات المختلفة" في دول مجلس التعاون الخليجي.

وساءت التوقعات لقطر وسلطنة عمان والبحرين للعام الحالي، إذ يتوقع محللون انكماش اقتصادات الدول الثلاث بنسب 4 و4.7 و4.4 في المئة على التوالي. وتحسّنت توقعات النمو لاقتصاداتهم للعام المقبل عنها قبل ثلاثة أشهر.

وقالت أوكسفورد إيكونوميكس، في مذكرة بحثية حديثة، "في حين يتحسّن النشاط في معظم المنطقة بعد تخفيف إجراءات العزل، فإن وتيرة التعافي في النصف الثاني وما بعده قد تكون مخيبة للآمال، لا سيما مع استمرار الفيروس".

ارتفاع قياسي بديون دول الخليج

وقبل أيام، توقعت مؤسسة "ستاندرد آند بورز غلوبال"، للتصنيفات الائتمانية، أن يرتفع دين حكومات دول الخليج بمقدار قياسي يبلغ نحو مئة مليار دولار هذا العام، في ظل تنامي متطلبات التمويل، بسبب أزمة فيروس كورونا، وانخفاض أسعار النفط.

وقدرت الوكالة أن الحكومات المركزية لدول مجلس التعاون سوف تسجّل عجزاً مجمّعاً بنحو 180 مليار دولار، سيجري تمويل مئة مليار منها بالاقتراض، وتوفير نحو 80 مليار دولار عن طريق السحب من أصول حكومية. وأضافت: "استناداً إلى افتراضاتنا الخاصة بالاقتصاد الكلي، نتوقع أن تشهد ميزانيات حكومات مجلس التعاون الخليجي تدهوراً حتى العام 2023".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويستند ذلك إلى توقعات بأن يبلغ سعر خام برنت نحو 30 دولاراً للبرميل خلال الفترة المتبقية من العام الحالي، و50 دولاراً في 2021، و55 دولاراً عام 2022. وتضررت دول الخليج بشدة من جراء الجائحة، وتفاقم ذلك بسبب انخفاض أسعار النفط، لتتوقع معظم الدول عجزاً في خانة العشرات.

واقترضت السعودية وقطر والبحرين وأبو ظبي والشارقة عشرات المليارات من الدولارات خلال العام الحالي لدعم خزائنها. وتتوقع وكالة التصنيفات أن يبلغ عجز حكومات دول الخليج نحو 490 مليار دولار بين 2020 و2023. ومنذ انهيار أسعار النفط في 2014 - 2015، اعتمدت دول الخليج بشكل كبير على الاستدانة، وجمعت أكثر من 80 مليار دولار من ديون محلية وخارجية في 2016 و2017.

وبعد تسجيل مستوى قياسي عند نحو مئة مليار هذا العام، تتوقع "ستاندرد آند بورز" أن تتراجع إصدارات الدين إلى نحو 70 مليار دولار في 2023. ولم تقترض سلطنة عمان، وهي من أضعف دول الخليج من الناحية المالية، أي مبالغ هذا العام، لكن الوكالة تتوقع أن تفعل ذلك خلال الأشهر المقبلة.

وتعتزم الكويت جمع 16 مليار دولار بنهاية السنة المالية الحالية التي تنتهي في مارس (آذار) من العام 2021، لكن إمكانية الاقتراض رهن بموافقة البرلمان على قانون جديد للدين تجري مناقشته منذ فترة طويلة.

37 دولة نامية في خطر

وفي سياق متصل، أفاد بحث جديد بأن عشرات الأسواق الناشئة والمبتدئة ستواجه على الأرجح احتجاجات حاشدة في الأشهر المقبلة، في الوقت الذي يجري فيه تخفيف إجراءات العزل العام التي فُرضت للسيطرة على جائحة فيروس كورونا، وتضرب فيه الآثار الاقتصادية الوخيمة داخل البلاد.

وقالت شركة تحليل المخاطر العالمية "فيريسك مابليكروفت"، إن 37 دولة في خطر، معظمها يتركز في أفريقيا وأميركا اللاتينية، بما في ذلك نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وفنزويلا وبيرو، وكذلك روسيا البيضاء وبلغاريا وصربيا في أوروبا، من بين الدول التي هزّتها احتجاجات في الأيام القليلة الماضية، إذ زادت حالة عدم الرضا إزاء الحكومات.

يأتي ذلك بعد تراجع الاضطرابات في الأسواق الناشئة والمبتدئة في مارس (آذار) الماضي حسب مشروع بيانات موقع النزاع المسلح وأحداثها، بعد تطبيق واسع النطاق لإجراءات العزل العام. وذكر البحث أن "إجمالي عدد الاحتجاجات في الأسواق الناشئة والمبتدئة ارتفع تقريباً إلى مستويات ما قبل الجائحة، ومع استمرار إجراءات العزل العام في كثير من الدول، ومع عدم الشعور بالصدمة الاقتصادية الكاملة للتفشي بعد، فإننا نتوقع ارتفاع عدد الاحتجاجات على مدى الشهرين إلى الثلاثة أشهر المقبلة".

وذكر التقرير أن الآفاق تثير القلق على وجه الخصوص للأسواق الناشئة والمبتدئة التي يتّسم فيها الوضع الاقتصادي بعد الجائحة بالقتامة. وقال إن نيجيريا وإيران وبنغلاديش وإيران وإثيوبيا تواجه "عاصفة مثالية" من الغضب الشعبي، إذ تُفاقم الاحتجاجات المدفوعة بالتبعات الاقتصادية للجائحة الاضطراب حيال شكاوى قائمة منذ وقت سابق بشأن قضايا تتراوح من الفقر إلى الإمدادات الغذائية.

وذكر أن تصوّر "الحالة الأساسية من يناير (كانون الثاني) أن 2020 ستشهد ارتفاعاً في الاحتجاجات، وأن العقد المقبل بصدد أن يشهد إحدى حالات الاضطراب غير المسبوقة، ما زال قائماً". وأضاف التقرير أن الهند والبرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا وتركيا ستواجه مخاطر أقل حدة بقليل فقط، لكنها تظل تشكّل تهديداً كبيراً للاستقرار.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد