Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليوم العالمي للاجئين "يحتفي" بـ80 مليون مواطن بدرجة باحث عن أمل

5 دول تتصدر قائمة النازحين بينهم 40 في المئة من الأطفال وكورونا يزيد أوجاع غربتهم

أغلب الظن أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين حين دعت مطلع العام الحالي أن يكون 2020 عام تغيير بالنسبة لحماية اللاجئين ودمجهم في المجتمعات، وضمان عبورهم الحدود، لم تكن تتخيل أن يتحول العام بعد أيام قليلة فقط إلى عام تعريض اللاجئين لقدر غير مسبوق من الخطر، واعتبار دمجهم في المجتمعات رفاهية قصوى، وضمان عبورهم الحدود أمر مستحيل. واليوم وبينما "يحتفل" العالم باليوم العالمي للاجئين الموافق 20 يونيو (حزيران) من كل عام، يقول لسان حالهم وحال الكوكب، أن غاية المنى وكل الأمل هو إبقاء نحو 80 مليون إنسان على قيد الحياة بأقل أضرار ممكنة في ظل وباء لا يرحم.

نزوح قسري

يضرب النزوح القسري بعنف واحد في المئة من سكان العالم. واحد بين كل 97 شخصاً في العالم مصنف لاجئاً. 79.8 مليون شخص نزحوا من ديارهم في نهاية عام 2019. النزوح القسري بات ظاهرة طويلة الأمد. آمال العودة تتضاءل وأمنيات البقاء أصحاء تتلاشى. أزمة تمويل مزمنة تضرب احتياجاتهم الأساسية. وفيروس لا يرحم لا يذعن لأمنيات تأجيل الفتك بهم، أو صرف النظر عن مهاجمتهم  رفقاً بحالهم.

حال اللاجئين حول العالم في يومهم يشير إلى تضاؤل آمال انتهاء محنتهم. التقرير الصادر عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، قبل أيام قليلة تحت عنوان "المؤشرات العالمية"، يشير إلى أن واحداً بين كل 97 شخصاً من أهل المعمورة بات يضطر إلى النزوح القسري، وهو نزوح لا تصاحبه أي مؤشرات تلّمح إلى انتهائه قريباً. ثلثا اللاجئين من خمس دول؛ هي سوريا (6.6 مليون) وفنزويلا (3.7 مليون) وأفغانستان (2.7 مليون) وجنوب السودان (2.2 مليون) وميانمار (1.1 مليون). كما أن 40 في المئة من اللاجئين أطفال، و85 في المئة منهم لجأوا إلى دول نامية، و73 في المئة لجأوا إلى دول مجاورة للدول التي فروا منها.

مقلق ومأساوي

المفوض السامي للمفوضية فيليبو غراندي يقول، إن العالم يشهد حالياً واقعاً متغيراً حيث النزوح القسري ليس فقط أكثر انتشاراً، بل لم يعد ظاهرة موقتة أو قصيرة الأجل. داعياً دول العالم إلى التكاتف من أجل الوصول إلى أسلوب جديد يكون أكثر ترحيباً بالأشخاص الهاربين من الحرب، بالإضافة إلى بذل جهد أكثر عزماً لإيجاد حلول للنزاعات المستمرة منذ سنوات؛ أساس هذه المعاناة الرهيبة، التي تعني ارتفاعاً سنوياً في أعداد اللاجئين. فمن 70.8 مليون شخص نزحوا من بيوتهم نهاية 2018 إلى 79.8 مليون شخص نزحوا نهاية 2019، لا يمكن وصف الوضع إلا بـ"المقلق والمأسوي"، لا سيما أنها زيادة غير مسبوقة في التاريخ. وللمنطقة العربية نصيب الأسد في المأساة.

 فإذا كانت هذه الزيادة السنوية غير المسبوقة للنزوح تتركز في الكونغو الديمقراطية ومنطقة الساحل واليمن، فإن سوريا تبقى مهيمنة. الصراع السائد في أنحائها، الذي استهل عامه العاشر دون توقف يستأثر لنفسه بـ13.2 مليون لاجئ وطالب لجوء ونازح داخلياً، أي سدس إجمالي اللاجئين والنازحين على ظهر الكوكب.

اللاجئون والنازحون السوريون اليوم لا يواجهون فقط مأساة اللجوء متشابكة الجوانب، لكنهم يواجهون كذلك جائحة تدق بعنف مضاعف على رؤوس الفئات الضعيفة.

يقول المتحدث باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أندره ماهيسيتش، إنه منذ تم تنفيذ إجراءات الإغلاق بسبب الجائحة، أشار إلى أنه بالإضافة إلى العائلات التي تم تحديدها بالفعل على أنها ضعيفة، فإن 200 ألف لاجئ سوري آخرين أصبحوا في حاجة إلى مساعدات طارئة بسبب الوباء خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط.

وتشير الأرقام إلى أنه قبل تفشّي الوباء، كانت غالبية اللاجئين السوريين في المنطقة العربية تعيش تحت خط الفقر. فمثلاً، 35 في المئة فقط من السوريين في الأردن قالوا، إن لديهم وظائف آمنة يمكن أن يعودوا إليها بعد رفع قيود الوباء. لكن هناك غيرهم ممن فقدوا وظائفهم. وتشير الأدلة إلى أن كثيرين منهم يحاولون تفويت وجبات الطعام من أجل أن يدوم الطعام لفترة أطول. وقد يفوتون تناول الدواء كذلك من أجل خفض كلفة المعيشة.

 

 

اليمن "السعيد"

المعيشة في اليمن "السعيد" تعني في اليوم العالمي للاجئين؛ ثقل الحرب والوباء معاً. المناقشة الافتراضية التي أجراها المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيثس، قبل أيام، مع مجموعة من الشباب والفتيات بالبلاد، كشفت عن قلق بالغ لديهم من تفشي جائحة "كوفيد – 2019" بينهم، وربطوا بين ضعف قدرة البلاد في الاستجابة لطوارئ الوباء واستمرار الحرب. وأجمعوا على أن تفشي الوباء مماثل لأثر الحرب بالبلاد.

وفي اليمن أوجه عدة تستوجب التذكرة في اليوم العالمي للاجئين. فعلى الرغم من الوضع الصعب بالبلاد، فإن أعداداً غير محددة من اللاجئين من دول أفريقية تعيش هناك، والبعض الآخر ما زال يفر إليه هرباً من بلاده لا سيما إثيوبيا. هذا بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من الصوماليين المقيمين هناك. وعلى الرغم من عودة بعضهم في العام الماضي، فإن آخرين ما زالوا يقيمون به ويفرون إليه ليكونوا كالهارب من المقلاة إلى النار.

فوهة البركان

ويبدو أن النيران المشتعلة في غير بؤرة عربية شغلت الغالبية عن فوهة البركان التي تجدر الإشارة إليها في اليوم العالمي للاجئين. فاللاجئون الفلسطينيون، بحسب تعريف "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى" (أونروا)، هم الأشخاص الذين كانوا يقيمون في فلسطين خلال الفترة ما بين يونيو (حزيران) 1946 إلى مايو (أيار) 1948، والذين فقدوا بيوتهم ومورد رزقهم نتيجة حرب 1948.

ويعيش ثلث اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى "أونروا"، أو ما يزيد على 1.4 مليون لاجئ، في 58 مخيماً معترفاً بها للاجئين في كل من الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. ووفقاً لتعريف "أونروا"، فإن المخيم قطعة أرض تم وضعها تحت تصرف الوكالة من قبل الحكومة المضيفة بهدف إسكان اللاجئين الفلسطينيين وبناء المنشآت للاعتناء بحاجاتهم.

ويشير التقرير الاستراتيجي الفلسطيني 2018-2019، الصادر عن "مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات" مطلع العام الحالي، إلى أن العدد الحقيقي للاجئين الفلسطينيين يضم أعداداً كبيرة غير مسجلة لدى "أونروا"، وأن هذا العدد يصل إلى نحو 8.9 مليون لاجئ، أي 67.4 في المئة من مجموع الشعب الفلسطيني. ويشير التقرير إلى أن هذا يعني أن نسبة اللاجئين الفلسطينيين تجعل منه الأعلى في العالم. 

 

 

فنزويلا على الخريطة

في يومهم العالمي، يطرح اللاجئون الفنزويليون أنفسهم بقوة على خريطة اللجوء، إذ يستمر سكانها في الفرار من العنف، وانعدام الأمن، ونقص المواد الغذائية والدواء والخدمات الأساسية.

الوضع الحالي يشير إلى وجود ما يزيد على ثلاثة ملايين فنزويلي يعيشون خارج بلادهم، أغلبهم في دول أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي. وبذلك تصبح فنزويلا صاحبة لقب "أكبر هجرة جماعية في التاريخ الحديث للمنطقة". ويبدو أن استمرار الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية السيئة يجبر المزيد من الأطفال والنساء على الهروب.

العنف الجنسي في الصراعات

وطالما ذُكِرت النساء والصراعات والنزوح، فوجبت الإشارة أيضاً إلى العنف الجنسي الذي يأتي ضمن حزمة الصراعات واللجوء. وحين يضاف إلى ما سبق وباء كورونا، فإن هذا يستدعي صدور بيان من المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان ناتاليا كانيم، في مناسبة تتشابك مع اليوم العالمي للاجئين، ألا وهي "اليوم الدولي لإنهاء العنف الجنسي في حالات النزاع"، الذي يوافق 19 يونيو (حزيران) من كل عام.

قالت كانيم، في بيانها، إن "العنف الجنسي في الصراع يمثل تهديداً لأمننا الجماعي وانتهاكاً للقانون الدولي وآفة في ضمير الإنسانية. واستخدامه كسلاح من أسلحة الحرب يسحق ويقمع النساء والرجال ويزعزع استقرار مجتمعات بأكملها". مشيرة إلى أن "انتشار جائحة كورونا يعطل الوصول إلى الخدمات المنقذة للحياة ودعم الناجين ويعيق قدرتهم على الإبلاغ عن حالات العنف الجنسي".

يشار إلى أن الصندوق يعمل على حصول النساء والفتيات في حالات النزاع على الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية الشاملة، التي هي حق من حقوق الإنسان الخاصة بهن، وحال حرمانهن منها، قد تؤدي إلى عواقب وخيمة مثل وفيات النساء والمواليد الجدد والحمل غير المرغوب فيه والإجهاض غير الآمن وانتشار فيروس نقص المناعة البشرية والاغتصاب.

وأشارت كانيم إلى اليمن؛ حيث نفدت آليات التكيف للنساء والفتيات إلى أقصى حد، بالإضافة إلى أن انهيار أنظمة الحماية جعلهن أكثر عرضة للعنف وسوء المعاملة.

ومن سوء المعاملة إلى حسنها، وهي الحد الأدنى من المطلوب لواحد في المئة من سكان الكوكب، أو 79.5 مليون شخص حتى نهاية 2019، وهو ضعف الأعداد المسجلة قبل عقد من الزمن، بفعل تضافر وانتعاش الحروب والعنف والاضطهاد وغيرها من الحالات الطارئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مواطنون بدرجة نازحين

ومع تواتر الحالات الطارئة وتحول الملايين من هاربي الويلات إلى مواطنين بدرجة نازحين، وجّه المفوض السامي فيليبو غراندي رسالة تحمل ألماً وأملاً، وقلقاً وتفاؤلاً. يقول إن اليوم العالمي للاجئين يأتي هذا العام على خلفية أزمة عالمية هائلة، ليس من حيث الأرقام القياسية للأشخاص الذين أجبروا على الفرار من منازلهم فحسب، بل لأن العالم يتصارع مع وباء ما زال يؤثر في الجميع، ويهاجم اليوم ومعه وباء الفقر العديد من الأشخاص الأكثر ضعفاً ألا وهم اللاجئون والنازحون.

لكن غراندي يشير إلى أنه في هذا الوقت العصيب هبّ أشخاص عاديون للمساعدة، وواصلت المجتمعات المضيفة، لا سيما بالبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث يعيش ما يقرب من 90 في المئة من لاجئي العالم، على تقديم الدعم والمعونة.

وأثنى غراندي على اللاجئين أنفسهم الذين يسهمون بتقديم الدعم بطرق عدة رغم قسوة ظروفهم. وأشار إلى تطوعهم كعاملين بالمجال الصحي في الخطوط الأمامية كما في كولومبيا وبريطانيا، ويصنعون الصابون لتوزيعه في لبنان والنيجر، ويحيكون كمامات الوجه ومعدات الحماية في إيران، ويساعدون في بناء مراكز العزل في بنغلاديش. وفي أماكن أخرى حول العالم، يسهمون بوقتهم لمساعدة المحتاجين في مجتمعاتهم المضيفة. واعتبر غراندي كل ما سبق مصدراً لاستلهام العزيمة في التغلب على الأزمات، رغم معاناة هذه الملايين نزوحاً وحرماناً وانفصالاً عن الوطن والعائلة.

 

 

ثبات اللاجئين

ووجه غراندي التحية إلى ثبات اللاجئين والمهجرين حول العالم، وكذلك للمجتمعات المضيفة التي تستضيفهم، وتظهر القيم والمبادئ العالمية المشتركة المتمثلة في التعاطف والإنسانية، لا سيما أنها مستمرة زمن الوباء.

وذّيل غراندي رسالته بقوله، إن "وباء كورونا والاحتجاجات الأخيرة المناهضة للعنصرية أظهرت للعالم مدى الحاجة الماسة للعمل من أجل الوصول إلى عالم أكثر شمولاً ومساواة، عالم يضمن عدم إغفال أحد". مشيراً إلى أنه الآن وأكثر من أي وقت مضى "لكل منا دور من أجل إحداث التغيير".

يدان متعانقتان

"لكل منا دور" هذا هو جوهر حملة اليوم العالمي للاجئين لهذا العام، حيث الغرض هو التذكير بأن الجميع، بمن في ذلك اللاجئون، يمكنهم أن يسهموا في دعم المجتمع،  وأن كل بادرة لها أثر.

الأثر الناجم عن الرمز التعبيري (إيموجي) الذي ابتكره الفنان الإيفواري الشاب أوبليرز غريبت، الشهير بأوبليرو، لليوم العالمي للاجئين تراوح بين شيوع الدفء ورسم ابتسامة على وجه كثيرة. يدان متعانقتان على شكل قلب؛ رمزاً للتضامن والتنوع، تم إطلاقه بالتعاون بين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالتعاون مع "تويتر" وأوبليرو، الذي قال في حوار مع مندوبة من المفوضية قبل أيام، إنه فوجئ باهتمام بالغ بالإيموجي.

وأضاف، "صممت هذه الرموز لوصف حياتي اليومية في كوت ديفوار. في البداية صممتها لنفسي ولأصدقائي، ولكن انتهى بها الأمر لتصل إلى المزيد من الأشخاص".

وفي العالم اليوم 80 مليون مواطن بدرجة نازح، وفي أقوال أخرى "باحث عن أمل" رغم وباء الصراع والفقر وكورونا.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات