توقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي، أن تؤدي أزمة فيروس كورونا إلى تكبد شركات الطيران خسائر قدرها 84 مليار دولار وتقليص الإيرادات إلى النصف، وهو ما سيكون أسوأ عام في تاريخ القطاع. وذكر أنه "من المرجح أن تنخفض الإيرادات إلى 419 مليار دولار من 838 مليار دولار في العام الماضي مع توقف معظم الرحلات الجوية في أنحاء العالم في الوقت الحالي".
وقال المدير العام للاتحاد ألكسندر دو جونياك "كل يوم يمر هذا العام يضيف إلى الصناعة خسائر تصل إلى 230 مليون دولار". ويبلغ متوسط الخسارة نحو 38 دولاراً للراكب.
صعوبة حركة السفر
وفي عام 2021، يتوقع الاتحاد خسائر قدرها 15.8 مليار دولار ليصل إجمالي خسائر العامين إلى نحو 100 مليار دولار، حيث تجد حركة السفر الجوي صعوبة في التعافي وتخفض شركات الطيران أسعارها للفوز بالزبائن. وقال دو جونياك "ستظل الخطوط الجوية هشة مالياً في 2021"، وتنبأ بأن تكون المنافسة "أكثر حدة". وأضاف "هذا سيُترجم إلى حوافز قوية للمسافرين حتى يعودوا إلى ركوب الطائرات مرة أخرى".
وتوقع الاتحاد زيادة الإيرادات في 2021 لتصل إلى 598 مليار دولار. ومن المتوقع أن تنخفض أعداد الركاب إلى 2.25 مليار هذا العام ثم ترتفع إلى 3.38 مليار في 2021، ومع هذا فإنها ستظل منخفضة أكثر من 25 في المئة عن مستويات 2019.
الإجراءات الوقائية
ومن سترات واقية لأفراد الطواقم إلى شهادات صحية للمسافرين وفرض وضع أقنعة واقية وفترات أطول لإنهاء معاملات السفر، يواجه الراغبون في التنقل جواً من جديد احتمال أن تكون التغييرات المفروضة للحد من انتشار "كوفيد-19" أصعب من تلك التي أحدثت بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وقال الإندونيسي سويانتو بعد تنقله في رحلة داخلية نهاية الشهر الماضي "قبل الوباء، كان يُطلب منا الحضور إلى المطار قبل ساعتين من موعد الرحلة. هذه المرة اضطررنا للمجيء قبل أربع ساعات على الأقل من موعد الإقلاع". وأشار إلى أنه والمسافرين معه اضطروا إلى الوقوف في طوابير طويلة وخضعوا لعمليات تدقيق كثيرة قبل الوصول إلى الطائرة.
وثائق الخضوع لفحص كورونا
ويتعين على الركاب في البلاد الإبلاغ عن سبب الطيران وتقديم وثائق تثبت عدم إصابتهم بالفيروس والخضوع لعمليات تدقيق مختلفة وتقديم بلاغ مفصل عن تحركاتهم المرتقبة بعد الوصول إلى وجهتهم. بحسب ما ذكرته الوكالات.
واضطر سويانتو، البالغ من العمر 40 عاماً، لدفع ثمن مضاعف لتذكرة السفر مقارنة مع ما قبل الوباء في ظل ترك مقاعد شاغرة في الطائرة التزاماً بمبادئ التباعد الاجتماعي. وقال "كانت التجربة متعبة ومكلفة أكثر، فمع هذا النوع من التدابير المشددة، أظن أن الناس سيفكّرون مليّا قبل اتخاذ قرار بالسفر".
وفي ظل محاولة قطاع الطيران البحث عن سبل للاستمرار في ظل الخسائر الفادحة التي تكبدها جراء وباء "كوفيد-19"، يحذر خبراء من أن تبعات الجائحة قد تستمر طويلاً.
وأوضح الباحث في مجموعة "إنداو أناليتيكس" شكر يوسف، المقيم في ماليزيا، أن "هجمات 11 سبتمبر أوجدت بيئة جديدة لقطاع السفر برمته على الصعيد الأمني"، غير أن "التحدي المرتبط بوباء كورونا أخطر للغاية وهو حدث عالمي".
وقد أصدرت منظمة الطيران المدني الدولي التابعة للأمم المتحدة، سلسلة توصيات بشأن الإجراءات الوقائية في مرحلة ما بعد الوباء، تشمل ضرورة وضع الكمامات وتعقيم كل النقاط التي يحتك بها المسافرون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك اقترح اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا) على الحكومات جمع بيانات بشأن المسافرين بما يشمل معلومات عن وضعهم الصحي قبل السفر، كما دعا إلى حصر إمكان دخول المطارات بطواقم العمل والمسافرين في اليوم ذاته.
وتشمل تدابير أخرى إعادة تصميم بوابات الانتظار بما يخفف الازدحام وتسهيل عملية تسجيل الركاب والحقائب و"حظر طوابير الانتظار أمام المراحيض" للحد من التفاعلات بين الركاب.
وقال المتحدث الإقليمي باسم "إياتا"، ألبرت تيونغ، لوكالة "أ ف ب" إن "أزمة كورونا تشكل أكبر اضطراب في تاريخ قطاع الطيران وسيكون التعافي من هذه المرحلة طويلاً وبطيئاً".
ويبدو أن تطبيق القواعد الجديدة في قطاع الطيران مهمة صعبة تتسم بالفوضوية، ففي ظل فرض شركات طيران أميركية على ركابها وضع كمامات طوال مدة الرحلة، ثبتت صعوبة إرغام المسافرين المتمنعين بالتزام هذا الأمر.
التزام الحجر المنزلي
وفي الهند التي استؤنفت فيها الرحلات الداخلية الأسبوع الماضي، يرتدي بعض أفراد طواقم شركات الطيران بزات واقية مع وضع كمامات وعوازل بلاستيكية أمام الوجه وقفازات، غير أنه لا يجري إعلامهم بضرورة التزامهم الحجر المنزلي بعد السفر، وفق تقارير إعلامية.
وقد وضع مطار مومباي تدابير تباعد اجتماعي في حرمه، لكن سرعان ما ذهبت هذه الجهود أدراج الريح بعدما تعرض مسافرون غاضبون لموظفين في الموقع إثر إلغاء رحلاتهم في الدقائق الأخيرة قبل الإقلاع.
ويبقى أكثر التدابير إثارة للجدل خلال مرحلة ما بعد الوباء هو ذلك المرتبط بترك المقاعد الوسطى شاغرة داخل الطائرات. وفيما بدأت شركات طيران تطبيق هذا المبدأ، من بينها "جابان إيرلاينز" و"دلتا"، وصف رئيس شركة "راين إير" الإيرلندية للرحلات المنخفضة التكلفة مايكل أوليري هذا الإجراء بأنه "غبي"، قائلاً إنه سيحول دون تحقيق الشركة أي أرباح.
وتسبب وباء "كوفيد-19" الذي انطلق من الصين نهاية العام الفائت وأصاب منذ ذلك الحين أكثر من سبعة ملايين شخص حول العالم، في شلّ حركة الطيران بصورة شبه كاملة، فضلاً عن عمليات صرف طاولت عشرات الآلاف من الموظفين في القطاع.
مسار التعافي صعب مع الخسائر
وقال الرئيس التنفيذي لـ"سنغابور إيرلاينز" غوه تشون فونغ، "لا نعلم كيف سيكون مسار التعافي" بعد هذه الأزمة التي كبدت الشركة أولى خسائرها السنوية منذ إنشائها قبل 48 عاماً.
وتُسجَّل بعض مؤشرات التعافي مع تخفيف اقتصادات كبرى القيود المتصلة بالوباء وبيانات منظمة "إياتا" بشأن زيادة عدد الرحلات خلال أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، غير أن عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل الوباء تبدو صعبة.
ويواجه الراغبون في السفر تعقيدات كثيرة تعيق عملية التخطيط لإجازاتهم الشخصية أو العائلية مسبقاً في ظل القيود والتدابير المختلفة المفروضة من البلدان للتصدي لانتشار فيروس كورونا المستجد. ولا يزال بعض البلدان يحظر سفر رعايا دول متضررة بشدة جراء الوباء، كما يفرض على الزوار حجراً منزليا لفترة 14 يوماً.
ممرات السفر
وتسعى بلدان نجحت في تطويق انتشار الفيروس على أراضيها إلى إقامة ما سُمي "ممرات سفر" تقوم على إبرام اتفاقات متبادلة مع دول أخرى تشهد مستوى انتشار مشابه للفيروس، غير أن هذه المهمة قد تتطلب إجراءات مكلفة.
وجرى إطلاق "خط سريع" للرحلات التجارية الأساسية والتنقلات الرسمية بين بعض أجزاء الصين وسنغافورة، غير أن المسافرين يحتاجون إلى كفيل لهذه الغاية، فضلاً عن ضرورة خضوعهم لفحوص كشف الفيروس قبل الانطلاق وعند الوصول. وتدفع هذه التعقيدات بالكثير من رواد السفر إلى الامتناع عن التنقل جواً في الوقت الحالي.
وقال الرئيس التنفيذي لوكالة "حلال تريب" للسفر الموجهة للمسلمين، فضل بحر الدين، لـ"أ ف ب"، "إذا ما كان عليّ مواجهة هذا العناء كله، قد أحجم عن السفر إلا في حالات الضرورة".