Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرلمان التونسي يسقط اقتراحا يطالب فرنسا بالاعتذار عن حقبة الاستعمار

رئيس الجمهورية يلتزم الصمت ما اعتُبر تخلّياً منه عن صلاحياته المتعلقة بالسياسة الخارجية

كثيرون في تونس يعتبرون أن البرلمان أهمل قضايا المواطن وبناء الدولة (مجلس النواب التونسي)

لم يصوّت البرلمان في تونس، في ساعة متقدمة، من يوم الثلاثاء 9 يونيو (حزيران) 2020 على مشروع اللائحة، التي تقدّمت بها كتلة ائتلاف الكرامة (19 نائباً)، والمتعلّقة بمطالبة الدولة الفرنسية بالاعتذار إلى الشعب التونسي، عمّا ارتكبته من جرائم في حقبة الاستعمار المباشر وبعدها.

وتباينت المواقف من هذه اللائحة، بين مَن يرفضها ويرى أنها ليست من اختصاص البرلمان، خصوصاً أنّ فرنسا تُعتبر الشريك الاقتصادي الأول لتونس، وبين مَن يظنّ أنّ الوقت قد حان لمطالبة فرنسا رسميّاً بالاعتذار عن حقبة الاستعمار وما صاحبها من نهب للثروات التونسية.

مزايدات

في هذا السياق، تعتقد أستاذة القانون العام في الجامعة التونسية هناء بن عبدة، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أنّ "البرلمان التونسي يزايد بطرحه هذه الملفات، ويستثمر فيها سياسياً على حساب آلام التونسيين وأحلامهم المنسيّة، في التنمية والتشغيل".

وتشدّد على أن التونسيين "أصبحوا ينظرون بعين الريبة إلى النواب الذين تنصّلوا من واجبهم في التعاطي مع الملفات المهمة، ومنها المحكمة الدستورية التي لم يستعجلوا النظر فيها، بينما "يستعجل البرلمان النظر في ملفات ولوائح لا تُسمن ولا تُغني التونسيين من جوع".

وتضيف أنّ "هذا الطلب يُفترض أن يصدر عن رئيس الجمهورية قيس سعيد، ويوجّه مباشرة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يعتذر باسم الدولة الفرنسية إلى تونس والتونسيين، لا أن يستثمر فيه النواب في سياق الابتزاز والمزايدات السياسية"، واصفةً "استعجال النظر في هذه اللائحة، على حساب مشاريع القوانين الأخرى"، بـ"الشطط السياسي وتغليب المصلحة السياسية الحزبية على مصلحة الوطن".

وتعتبر بن عبدة أنّ "فرنسا تقدّم الدعم لتونس وتروّج للوجهة السياحية التونسية، من أجل إنعاش الاقتصاد المتدهور جرّاء تداعيات تفشّي فيروس كورونا، بينما يعمل البرلمان ضدّ المصلحة الوطنية ويفتعل الأزمات، في الداخل ومع الدول الأخرى".

وترى أنّ البرلمان "حادَ عن دوره في التشريع لبناء أسس الدولة، وغرق في الجدال حول قضايا وملفات سياسية تحسمها الدولة من خلال رئيس الجمهورية، في علاقاتها الخارجية ووفق أعراف الدبلوماسية".

طلب الاعتذار في موعده

في المقابل، يرى الكاتب سليم الحكيمي في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أنّ "الكرامة لا وقت لها، والمبادرة في موعدها، ولا بد لفرنسا من أن تعتذر"، مشيراً إلى أنّ "هذا الموضوع ليس محلّ مزايدة سياسية، فالمسالة مبدئية، ولا بدّ للدول المستعمِرة من أن تعتذر لمستعمراتها، على النهب والاغتصاب والاستغلال الذي طالها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد أنّ السفير الفرنسي لدى تونس "يتصرّف باستفزاز كبير للتونسيين". وإذ يقول إنّ "فرنسا متورّطة في نهب الثروات التونسية"، يعبّر عن إيمانه بأنّ "المبادرة تأتي في سياقها الطبيعي، لأنها منبثقة من دولة تعيش انتقالاً ديمقراطياً، وهي إحدى دول الربيع العربي التي من بين أولوياتها إعادة استغلال ثرواتها لفائدة مواطنيها، وهو جزء من الكرامة".

يتابع الحكيمي أنّ "الشراكة بمعنى النهب لا فائدة منها، والشريك الفرنسي يستغل الثروات التونسية".

وفيما يجزم أن "الاعتذار لا يمسّ جوهر العلاقات الثنائية"، يرى أن البرلمان صاحب قرار نفسه، وهو مَن يختار إذاً مناقشة مثل هذه الملفّات أو لا. فالبرلمان أكثر حرّية من رئيس الجمهورية". وفي شأن أولويات البرلمان، يقول الحكيمي "حقّاً، مثل هذه المبادرات ليست أولوية، لكن على الكتل والأحزاب داخل البرلمان أن ترتّب الأولويات، لأنّ كل جهة سياسية ترى الأولوية من منظورها الخاص".

مطلب شعبي ولا رد فرنسياً

ويعتقد الأستاذ الجامعي والمؤرخ خالد عبيد أن "الطلب من فرنسا الاعتذار من تونس لا يختلف فيه التونسيون، إلّا أنه "حقّ يُراد به باطل، فهناك جهات سياسية تسعى إلى الإساءة إلى الدولة الوطنية التي جاءت بعد الاستقلال، وهو نوع من تصفية الحسابات السياسية، والبرلمان أوغل في المزايدات السياسية وإهدار الوقت على حساب القضايا الحقيقية للتونسيين".

ولم يتلقَّ مجلس النواب ردّاً من رئاسة الجمهورية في شأن هذه اللائحة، ما اعتُبر تخلّياً من سعيد عن صلاحياته المتعلّقة بالسياسة الخارجية للبرلمان.

تجدر الإشارة إلى أن هيئة الحقيقة والكرامة المكلّفة بالعدالة الانتقالية، طالبت في 2019 فرنسا بالاعتذار، وذلك عبر مذكّرة رسمية وجهتها إلى ماكرون. ودعته إلى الاعتراف والاعتذار عمّا ارتكبته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية واتّخاذ الإجراءات الكفيلة بجبر الضرر والتعويض المادي للضحايا أفراداً وجهات. فهل تستجيب فرنسا؟

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي