Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استسلام الآلاف من مسلحي "داعش" مستمر في الباغوز المحاصرة

بث التنظيم فيلماً دعائياً جديداً يعد السكان المتبقين بـ "الجنة"

اقترب الحسم العسكري في مدينة الباغوز السورية حيث يتحصّن من تبقّى من مسلحي "داعش" في شرقي سوريا (خارج محافظة إدلب) المحاصرين براً وجواً، إذ أعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) منتصف ليل الثلثاء - الأربعاء "استسلام" 3 آلاف عنصر من التنظيم المتطرف على تلك الجبهة في غضون 24 ساعة.

وقال مدير المركز الإعلامي لقوات "قسد" مصطفى بالي في تغريدة على "تويتر" إنه "خلال 24 ساعة، استسلم ثلاثة آلاف إرهابي لقواتنا في الباغوز"، مؤكداً أن "المعركة مستمرة وساعة الحسم باتت أقرب من أي وقت مضى".
 


هجوم شرس

واستمر الهجوم الشرس في ساعة متأخرة من مساء الثلثاء. وأظهرت لقطات مباشرة بثتها قناة "روناهي" التلفزيونية الكردية سلسلة انفجارات كبيرة أضاءت السماء أثناء الليل في الباغوز نتيجة انفجار مستودع للذخيرة. وتصاعد الدخان فوق المباني المحترقة وسط دوي مستمر لإطلاق النار والانفجارات.
وتشنّ "قسد" المكوّنة من قوات عربية وكردية، مدعومة بضربات جوية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، منذ ليل الأحد هجومها الأخير على البقعة المحاصرة في الباغوز، تمهيداً للقضاء على مَن تبقّى من مسلحي التنظيم المتطرف.
وقال بالي في وقت سابق الثلثاء إنه "مع مواصلة قوات سوريا الديمقراطية هجومها الأخير على ما تبقى مما يسمى الخلافة، يستسلم المتشددون في شكل جماعي".
وفي وقت سابق، أعلن المتحدث باسم حملة قوات سوريا الديمقراطية في منطقة دير الزور عدنان عفرين، استسلام نحو ألفي شخص الثلثاء غالبيتهم من مسلحي التنظيم.
وبعدما كان القصف على الباغوز شبه متوقف إفساحاً في المجال أمام خروج المحاصرين الثلثاء، استأنفت "قوات سوريا الديموقراطية" قصفها المدفعي الكثيف مساءً، بالتزامن مع توجيه التحالف الدولي ضربات جوية.
وتجمّع عشرات المقاتلين قبل وقت قصير من استئناف المعارك، وكانوا على أهبة الاستعداد لاقتحام جيب "داعش"، فور تلقيهم أوامر القيادة.
وقال قائد المجموعة "جهزنا أنفسنا اليوم ومعنوياتنا مرتفعة". وأضاف الشاب الذي يقاتل التنظيم منذ سنوات وهو يمسك جهاز لاسلكي بيده ولفّ رأسه بشال أزرق "طلبوا منا القدوم ووصلنا للتو، يرتاح الشباب حالياً بانتظار الدخول مساءً... وسنكون نحن في المقدمة".
 


في مواجهة الهزيمة

 

على الجهة المقابلة، وحتى وهو يواجه الهزيمة الوشيكة، بثّ "داعش" فيلماً دعائياً جديداً يدعو السكان المتبقّين في المنطقة المحاصرة إلى "الإكثار من الدعاء واللجوء إلى الله".
وعلا صوت متحدّث عبر مكبّر صوت عربة متهالكة بالقول "عباد الله حافظوا على الأذكار وأكثروا من الاستغفار عباد الله. وجاهروا بالتوبة والاستغفار عباد الله، لعله عز وجلّ يجعل لنا مخرجاً".
وتختلف لهجة التسجيل المصور عن إنتاج التنظيم في السابق، حين كان يتباهى بالانتصارات بعد سيطرته على نحو ثلث أراضي سوريا والعراق وهو في ذروة قوته في العام 2014، داعياً المتأثرين به في العالم إلى الانضمام إليه.
 

"سنكون في الجنة"

وقال عضو في "داعش" أشار إليه التسجيل المصوّر الجديد باسم أبو عبد العظيم "غداً إن شاء الله نكون في الجنة وفي النعيم، وهم في الجحيم يحترقون"، مع ترديد آياتٍ من القرآن خلال حديثه. وأضاف أبو عبد العظيم إن "الكفار" سخروا منهم وأهانوهم لكن "الحرب جولات والمعركة لم تنتهِ"، مضيفاً "لا يوجد حاكم مسلم على وجه الأرض إلا الشيخ أبو بكر البغدادي حفظه الله".
كان أبو عبد العظيم متدثراً بمعطفٍ ثقيلٍ ويجلس على الأرض أمام قدر يتدفق منه البخار، وإلى جواره جلس طفل في العاشرة من عمره تقريباً.
وناشد أبو عبد العظيم أتباع التنظيم ألا يركزوا على "الأوضاع الدنيوية"، مشيراً إلى الذين لا يزالون في الباغوز على أنهم "شهداء". وقال "إخواني هناك مقياس دنيوي وهناك مقياس أخروي. المقياس الدنيوي واحد زائد واحد يساوي اثنين... أما المقياس الأخروي فيختلف. فماذا قال سبحانه وتعالى عن أهل الأخدود؟ ماذا سمى قتلهم؟".
وأشار أبو عبد العظيم إلى أن كل ما كان يريده "داعش" هو "تطبيق شرع الله". وتساءل "لماذا نُقصف بالطائرات؟ لماذا تجتمع كل دول العالم الكافر لقتالنا؟ ما هو ذنبنا؟ ما هو جُرمنا؟ لماذا نُحاصَر؟ لماذا نُقصَف ليل نهار والعالم ساكت، بل اجتمعوا على قتالنا وحربنا؟ ما هو ذنبنا؟ ما هو جرمنا؟ إننا أردنا أن نطبق شرع الله؟!".
ويحمل التسجيل المصور عنوان "معاني الثبات، من الباغوز" وتاريخ شهر رجب الهجري الذي بدأ في التاسع من مارس (آذار)، لكن لم يتضح متى صُوّر تحديداً.
ويظهر على مدار التسجيل المصور عشرات الرجال الذين يغطون وجوههم والصبيان والنساء وهم يتحركون في أرجاء المكان. وتصطف شاحنات صغيرة وخيام على جانبي شارع رئيس يعجّ بالحركة في الباغوز. ويشقّ الناس طريقهم في الشارع بالدراجات النارية أو سيراً على الأقدام.
وقال رجل ذكر التسجيل المصوّر أن اسمه أبو عبد الله، متحدثاً بلهجة مغاربية، "لا تخافوا يا إخواني وأبشروا وأحسنوا الظنّ، الله سبحانه وتعالى ناصر عباده".

 
 

"تخويف الدواعش"


من جهة أخرى، أوضح قيادي في "قسد"، أن قوات سوريا الديمقراطية وطائرات التحالف تستهدف مواقع التنظيم خلال الليل فقط، قبل أن تتراجع وتيرة قصفها خلال النهار. ويهدف هذا التكتيك وفق ما شرح القائد الميداني علي الشير (27 سنة) إلى "تخويف الدواعش من أجل تسليم أنفسهم، وفي الوقت ذاته خروج المدنيين".

 

وكانت قوات سوريا الديمقراطية استأنفت الأحد هجومها الأخير ضد التنظيم، بعدما أعلنت أن مهلة "استسلام" مقاتليه انتهت. وأفاد متحدث باسم التحالف الدولي في رسالة إلكترونية الثلثاء بأن التنظيم "قرر البقاء والقتال حتى النهاية".
وعلّقت هذه القوات مراراً هجومها ضد جيب التنظيم في الأسابيع الأخيرة، ما أتاح خروج عشرات آلاف الأشخاص، غالبيتهم نساء وأطفال هم أفراد عائلات مسلحي التنظيم.
وبدأت "قوات سوريا الديمقراطية" منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، عملياتها العسكرية ضد منطقة سيطرة "داعش" في شرقي سوريا. ودفع تقدّمها العسكري إلى خروج نحو 59 ألف شخص منذ ديسمبر (كانون الأول) العام 2018 من مناطق التنظيم، من بينهم أكثر من ستة آلاف مسلح أُوقفوا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
 

مخيّم الهول
 

وخضع الرجال والنساء والأطفال الخارجون من مناطق التنظيم إلى عمليات تفتيش وتدقيق في هوياتهم. ونُقل الرجال المشتبه في أنهم متشدّدون إلى مراكز اعتقال، فيما أُرسل الأطفال والنساء إلى مخيمات في شمال شرقي البلاد أبرزها "مخيّم الهول" الذي بات يؤوي أكثر من 66 ألف شخص.
وذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في سوريا، في تقرير نشره الثلثاء، أن عدد الوافدين إلى "الهول" تباطأ منذ استئناف الهجوم ليل الأحد. وأضاف أن غالبية الوافدين الجدد يصلون "ببنية جسدية أكثر سوءاً من أولئك الذين وصلوا في الأسابيع السابقة". وتحدث الخارجون من الباغوز عن نقص كبير في المواد الغذائية وجوع.
وأبدى برنامج الأغذية العالمي "قلقه للغاية إزاء سلامة عشرات آلاف الأشخاص الذين وصلوا أخيراً إلى المخيّم" من بينهم ثلاثة آلاف غالبيتهم نساء وأطفال وصلوا في "وضع بائس" ليل الأحد.
وشدّد المتحدّث باسم "برنامج الأغذية العالمي" هيرفه فيرهوسل على "الحاجة إلى تمويلٍ عاجلٍ مع وجود ثغرات في توفير المأوى والمياه والصرف الصحيّ والنظافة والخدمات الصحيّة والحماية". وقال إن الأقسام المستحدثة في المخيّم تقترب من "سعتها القصوى". ولا يعني حسم المعركة في منطقة دير الزور انتهاء خطر "داعش"، في ظلّ قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق الخارجة عن سيطرته واستمرار وجوده في البادية السورية المترامية الأطراف.
اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي