Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا يكبد البورصة المصرية 10 مليارات دولار خسائر في 136 يوما

محاولات الحكومة إنعاش أسواق المال باءت بالفشل

رغم التدخلات الحكومية العاجلة فإن الخسائر لاحقت البورصة المصرية (حسام علي. اندبندنت عربية)

سلبت جائحة كورونا ما يزيد على 10 مليارات دولار من جسد البورصة المصرية، وامتصت من سوق المال المريضة من قبلها ما يوازي 74 مليون دولار يومياً، منذ بداية العام حتى منتصف مايو (أيار) الحالي، رغم التدخلات الحكومية العاجلة والمسكّنات العلاجية طوال تلك الفترة.

74 مليون دولار خسائر يومية

وأنهت البورصة المصرية عام 2019، على ارتفاع جماعي لمؤشراتها كافة، ليغلق رأس المال السوقي عند مستوى 708 مليارات جنيه (45 مليار دولار أميركي) تقريباً. وبعد مرور 136 يوماً هبط رأس المال إلى 545 مليار جنيه (35 مليار دولار أميركي)، وذلك بنهاية جلسة منتصف مايو الحالي.

محاولات إنعاش

وحاولت الحكومة إنعاش البورصة، التي تعاني أمراضاً مزمنة، من قبل تفشي جائحة كورونا، عن طريق وضع بروتوكولات علاجية شاركت في صياغتها جميع جهات الدولة، بداية من القيادة السياسية، عندما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، في نهاية مارس (آذار) الماضي، دعم البورصة بنحو 20 مليار جنيه (1.2 مليار دولار أميركي)، ومروراً بتدخل الجهاز المصرفي، ممثلاً في إعلان أكبر بنكين حكوميين في مصر، هما "الأهلي المصري"، و"مصر"، ضخ 3 مليارات جنيه (191 مليون دولار أميركي) لدعم سوق الأسهم.

"الوزراء" يتدخل

مجلس الوزراء المصري لم يغب عن المشهد، إذ ضخ حزمة من القرارات التي صدرت خلال مارس أيضاً، مثل: خفض قيمة ضريبة الدمغة على غير المقيمين، لتصبح 1.25 في الألف، بدلاً من 1.5 في الألف، وكذلك خفض قيمة الضريبة ذاتها على المقيمين، لتصبح 0.5 في الألف، بدلاً من 1.5 في الألف، لحين تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية بداية عام 2022.

قرارات مجلس الوزراء شملت أيضاً خفض سعر ضريبة توزيع الأرباح للشركات المقيدة بالبورصة، 50 في المئة، لتصبح 5 في المئة فقط، علاوة على الإعفاء الكامل للعمليات الفورية على الأسهم من ضريبة الدمغة، بغرض تنشيط التعامل، وزيادة عمق السوق المصرية، فضلاً عن إعفاء غير المقيمين من ضريبة الأرباح الرأسمالية نهائياً، وتأجيلها الضريبة على المقيمين حتى أول يناير (كانون الثاني) من عام 2022.

نزيف لا يتوقف

ورغم هذه القرارات فإنّ البورصة لم تصمد أمام تداعيات الجائحة، ما اضطر مجلس إدارتها إلى اتخاذ إجراءات جديدة، يمثل بعضها دعماً للبورصة، والبعض الآخر محاولة لتعزيز قدرتها على التعايش مع الجائحة. وكان من بينها إلزام السماسرة عدم الحضور إلى "كوربية"، لتجنّب التجمعات، والسماح لشركات السمسرة بتلقي أوامر العملاء من خلال البريد الإلكتروني، والرسائل النصية، واستخدام تطبيقات الهاتف الجوال، إضافة إلى تطوير البورصة، بواسطة شركة "مصر لنشر المعلومات" بنظام "E-Magles"، الذي يمكّن الشركات من عقد اجتماعاتها إلكترونياً، لضمان استمرار العمل والنشاط.

التعايش مع الجائحة

كما قرر مجلس إدارة البورصة المصرية أيضاً، تطوير أنظمة ربط بين قطاعات العضوية والتمويل بالبورصة، مع أطراف السوق لاستمرارية عملهم عن بعد. ونسّق مع الهيئة العامة للرقابة المالية، من أجل تبسيط إجراءات شراء "أسهم خزينة"، وهو ما جاء وفق مقترح مجلس إدارة البورصة تعديل قواعد القيد، واعتمدتها الهيئة، ثم تلاه تعديل الإجراءات التنفيذية من قبل مجلس إدارة البورصة الذي اعتمدته الهيئة أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما عملت على تطوير الأنظمة المساعدة للتداول، التي سمحت بتقديم عدة خدمات عن بُعد، مثل نظام إدارة المستثمرين "تكويد العملاء"، والعضوية الإلكتروني، والملاءة المالية، والحسابات المجمعة "OMNI"، ثم أُلغي العمل بآلية الإيقاف المؤقت للتداولات في حالات الصعود، وذلك اتساقاً مع أفضل الممارسات العالمية في هذا الشأن، وأخيراً سُمح للسماسرة بتنفيذ عمليات التداول سواء بيع أو شراء من المنزل.

فقدت ثلث قيمتها السوقية

محاولات إنعاش البورصة المصرية، يبدو أنها باءت بالفشل، حيث استمر نزيفها لتفقد قرابة ثلث القيمة السوقية لشركاتها المقيدة، وهو ما يوازي نحو 6 آلاف نقطة، تعادل أكثر من 40 في المئة من قيمة مؤشرها، وذلك على مدار أقل من 20 جلسة تداول بين فبراير (شباط)، ومارس الماضيين، ليعادل المؤشر آنذاك المستوى ذاته الذي وصل إليه قبل أكثر من ثلاثة أعوام.

وخوفاً من استمرارية النزيف، حذف رئيس مجلس النواب المصري علي عبد العال، خلال الجلسة العامة التي انعقدت الإثنين الماضي، تعديلاً للمادة رقم (29 مكررا)، من مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون ضريبة الدمغة، رقم 111 لسنة 1980، وقانون الضريبة على الدخل، رقم 91 لسنة 2005، التي تنصّ على ترحيل الزيادة في الخسائر الرأسمالية من الأرباح المحققة، نتيجة التصرّف في الأوراق المالية، إلى السنة التالية فقط، وذلك بعد جدلٍ كبيرٍ تحت قبة البرلمان.

المادة تنصّ على أنه "وفي حالة زيادة الخسائر الرأسمالية المحققة، وفقاً لأحكام الفقرة السابقة من هذه المادة، عن الأرباح الرأسمالية المحققة خلال السنة الضريبية، يسمح بترحيل الزيادة في الخسائر من الأرباح المحققة، نتيجة التصرّف في الأوراق المالية، إلى السنة التالية فقط".

وبرر رئيس البرلمان المصري، قرار الحذف بأنه "قد يعطي انطباعاً لدى المستثمرين في البورصة، بأن هذا القانون ينتقص من حقوقهم". وأضاف، في تصريحات صحافية، "نحن في جائحة، والجميع يخسرون الآن، ونخشى أن يعطي تعديل هذا النص انطباعاً بأننا ننتقص من حقوق المستثمرين بالبورصة".

وتعليقاً على أداء البورصة منذ مطلع العام الحالي، قال وائل النحاس، المتخصص في شؤون أسواق المال، "التراجع بدا واضحاً خلال الربع الأول من العام الحالي"، موضحاً "الجائحة عمّقت هذا بالهبوط، وأحدثت هزّة نتيجة سحب الأجانب استثماراتهم".

وأضاف، لـ"اندبندنت عربية"، "الحكومة المصرية حاولت بشتى الطرق إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بتدخل البنوك الحكومية ودعم البورصة"، لافتاً إلى أن هذا الدعم "أسهم في انتشال المؤشرات من عثرتها، لكن في الوقت نفسه كانت خسائر الأسهم فادحة".

وأشار النحاس إلى أن عدداً كبيراً من الأسهم في البورصة المصرية، "فقد 50 في المئة من قيمتها، وعند ارتدادها لتعويض الخسائر لم تلحق سوى بـ25 في المئة فقط، وبعد تدخل الدولة".

في المقابل رفض مدحت نافع، المتخصص في شؤون البورصة، تحميل الجائحة كل الخسائر، موضحاً "رغم تأثر البورصة المصرية مثل نظيراتها العالمية فإنها كانت مريضة بالفعل قبل الفيروس"، وأضاف "كورونا فقط حالة كاشفة لحالة من تصلب الشرايين تعانيها الأسواق من دون دماء جديدة ومن دون منتجات جاذبة للسيولة".

وطالب نافع، الإعلان فوراً عن برنامج للقيد بالبورصة تقوم خلاله إدارة السوق بكل الإجراءات، نيابة عن الشركات، علاوة على منح إعفاء ضريبي مدة ثلاث سنوات لا تستفيد منها الشركات إلا لو ظلت مقيدة عشر سنوات على الأقل، إضافة إلى عدم استرداد الإعفاء الضريبي رجعياً، وخلق منتج جديد يقوم على الإيرادات العقارية، وترويجه بالسوق، وتدوير قيادات السوق على نحو يلبي حاجاتها.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد