Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نحول أديل أجبر الكثيرين على مواجهة مشكلاتهم الجسدية

بينما يتفاعل العالم مع الصورة التي تبدو غير مؤذية للفنانة الحائزة على جوائز غرامي الموسيقية يطرح هذا بقوة الحرب الخاسرة التي تخوضها النساء في صناعة الترفيه حول صورة الجسد

لم تكن أديل تبدو بهذا الشكل دائمًا (أديل/إنستغرام)

تحتل أديل حالياً المرتبة الأولى في المملكة المتحدة على تويتر. ما الشيء الذي فعلته ليبرر حصدها هذا الاهتمام في خضم وباء يعيشه العالم؟ هل أصدرت أغنية منفردة جديدة؟ أو قدمت حفلاً يبث مباشرة عبر الإنترنت؟ لا، كل ما قامت به هو نشر صورة لنفسها عبر إنستاغرام مرتدية فستاناً أسود وحذاء بكعب عال واقفة خارج منزلها (نفترض أنه منزلها)، وأمامها طوق خشبي مزين بأكاليل من الورود. وتبدو سعيدة.

في التعليق المرافق للصورة، كتبتْ ملاحظة صغيرة تشكر فيها المعجبين والأصدقاء على إرسال أجمل التمنيات في عيد ميلادها، بالإضافة إلى رسالة وجهتها للعاملين في القطاعات الرئيسية وسط وباء فيروس كورونا. على كل حال، كانت إطلالة أديل هي التي تسببت في مثل هذا الصخب الجليل. وكان ظهورها دافعي أيضاً لمواجهة صراع طويل مع الطريقة التي أفكر بها في أجساد النساء الأخريات وجسدي أنا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لم تكن أديل تبدو بهذا الشكل دائماً. عندما برزت في منتصف سنوات الألفين، وكانت واحدة من المغنيات "المتشدقات" إلى جانب ليلي آلن وكيت ناش، لتستفز الصحف الشعبية بسلوكها المترجل". ببساطة، كانت تشتم، وتشرب الكحول، ولم تكن تكترث. كانت تبدو مختلفة أيضاً - ولأقول ذلك بصراحة، كانت بدينة. وكانت وسائل الإعلام تلتف حول ذلك من خلال وصفها بـ "المكوّرة"، "ملفوفة القد" و"الممتلئة". لم يبدُ أنها كانت تهتم - حيث مزحت في مقابلة أجرتها مع مجلة فوغ عام 2009 قائلة إنها تمتلك "ثلاث مؤخرات"، ومعلقة على ذلك: "يتشجع الجمهور لأنني لا أرتدي ملابس بقياس صفر - أصغر قياس تجاري - لأنني لست مضطرة إلى أن أبدو بطريقة معينة حتى أقدم عملاً جيداً".

أثبتت قولها ذلك بل وتجاوزته. حققت المبيعات المجملة لألبوماتها الثلاثة 60 مليون نسخة في أرجاء العالم كافة، كما أنها من أنجح الفنانين في جيلها، وتحمل في رصيدها مجموعة من جوائز غرامي الموسيقية وجائزة أوسكار. حطمت الرقم القياسي للألبوم الأسرع مبيعاً في الولايات المتحدة قبل أن تتم عقدها الثالث. كانت واثقة وواضحة في كل ما كان عليها قوله أثناء المقابلات. وقالت في كتاب "أديل: السيرة الذاتية" الصادر عام 2011: "سأنقص وزني فقط إذا أثر في صحتي أو حياتي الجنسية، لكن الحال ليست كذلك". تعاملت بطيبة قلب وسخاء مع زملائها الفنانين - لنعد بالذاكرة إلى حفل توزيع جوائز الغرامي لعام 2017، عندما أصرت على أن بيونسي هي التي تستحق جائزة أفضل ألبوم في السنة. لكن بطريقة ما،  نسي الإعلام كل هذا، لأن جسدها تغير خلال العام الماضي.

صرخ أحدهم قائلاً: "أظهرت أديل تحولاً جسدياً مذهلاً "، بينما قال آخر: "يبدو أنه لا يمكن التعرف إلى أديل بعد الفقدان الهائل للوزن". هرع أصدقاؤها المشهورون للرد. كانت النبرة مهنئة، لكن ليس بمناسبة عيد ميلادها. كتب مغني الراب ليل ناس إكس، "هذا سبب فوزك"، كما لو أن خسارة الوزن إنجاز يستحق التقدير. حتى أن مجلة ذا هوليوود ريبورتر، وهي منبر إعلامي في صناعة الفن يتجنب عادة هذا النوع من التقارير المثيرة، لم تستطع المقاومة وكتبت: "أديل تعود إلى وسائل التواصل الاجتماعي مع رسالة موجهة للعاملين في الخطوط الأمامية ومتباهية بتحول جسدها". بشكل أساسي، يمكنكم تقريباً أن تسمعوا تنهيدة ارتياح أثناء كتابة هذه الكلمات: "رائع، تبدو الآن بالشكل الذي يفترض أن تظهر به نجمة موسيقى البوب".

تأتي هذه العناوين بعد أقل من شهر من تصريح المغنية بيلي إيليش حول الطريقة التي يتناول بها المعجبون والصحافة جسدها. في الأمسية الافتتاحية لجولتها العالمية، قامت بتشغيل مقطع فيديو وقالت معلقة: "في حين أنني أشعر بنظراتكم أو رفضكم أو تنهيدات ارتياحكم، لن أتمكن من التحرك أبداً لو عشت حياتي مع كل ذلك. هل تريدونني أن أكون أصغر حجماً؟ أنحف؟ ألطف؟ أطول؟ هل تريدونني أن أكون هادئة؟ هل كتفاي تستفزانكم؟ هل يستفزكم صدري؟ هل أتلخص في معدتي؟ أم أوراكي؟".

في مقال كتبته المحررة الموسيقية لور سنيپس في صحيفة "الغارديان"، لاحظت أن وسائل الإعلام، بينما تحب أن  تثني على نفسها لأنها "تتقبل" أمثال أديل وإيليش وليزو، محوّلة الفنان إلى متحدث باسم الجسد نوعاً ما، فإن ذلك هو السجن الخاص بوسائل الإعلام - التي تحافظ على المظهر المادي كمقياس نهائي لقيمة النجوم من النساء - وهو المعيار نفسه الذي يمكن به تقويضهن". على الرغم من أن المغنّين الرجال وكتاب الأغاني الذكور مثل لويس كاپالدي وإد شيران قد أشير إليهم بصفة "السمين"، فهم لا يخضعون بأي شكل من الأشكال إلى مستوى التدقيق نفسه، وغالباً ما يُجعل مظهرهم يبدو محبوباً. تناولت بريتني سپيرز المعايير المستحيلة التي خضعت إليها في أغنيتها المنفردة  "پيس أوف مي" (قطعة مني) حيث تقول: "أنا السيدة التي يقال عنها "ضخمة جداً، والآن نحيلة جداً". بالنسبة إلى النساء في صناعة الترفيه، لا تزال صورة الجسد مثل حرب لا يمكن الظفر فيها".

على الرغم من أنني لست من المعجبين المخلصين بموسيقى أديل، فقد كنت دائماً أقدّر موقفها تجاه الشهرة. وأقلقتني مشاعري الغريزية تجاه فقدانها الوزن، لأنه، بالنسبة إليّ، تذكير صارخ بالعلاقة الإشكالية التي كانت تربطني - ولا تزال - بجسدي أنا. تصالحت أخيراً فقط مع حقيقة أنني أعاني من اضطراب في الأكل منذ أن كان عمري 12 سنة. وألهمتني نساء من مثيلات أديل لأنها كانت تُنادى، وتصف نفسها، بالـ"جميلة". لم تكن نحيلة، لكنها كانت لا تزال فاتنة وموهوبة وممتعة. لم تكن تخشى التعبير عن آرائها. لذا، عليّ الآن أن أتحقق مما إذا شعرتُ "بالخذلان" نوعاً ما بسبب هذه الصورة الجديدة. جسدها ليس جسدي، وما تفعله به لا يعكس الطريقة التي أتعامل بها مع خاصتي أو يجب أن أتعامل معه بها.

على "تويتر"، يبدو أن هناك صراعاً شديداً بين المعجبين حول الصور بحد ذاتها وطريقة تعاطي وسائل الإعلام معها. كان الكثيرون محقين في إشارتهم إلى أن أديل كانت دائماً جميلة وموهوبة، بغض النظر عن مقاس الفستان الذي ترتديه. بينما قام آخرون بإلقاء نكات تقارن صورة أديل الجديدة بصور التقطت لها عندما كانت أضخم، كما لو أن أديل الشابة ستنظر إلى نفسها الآن بغيرة وكراهية للذات. وقد عبّر المزيد عن قلقهم وتخوفهم من رد فعل وسائل الإعلام، فزعين من التكهنات بخصوص كيف يمكن أن تحرض خسارة أديل للوزن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل.

كانت "اندبندنت" قد أجرت أخيراً مقابلة مع المؤلفة ليونيل شريڤر. أتفق قليلاً مع ما قالته الكاتبة عن القضايا المتعلقة بالسياسة والمجتمع، لكنها أثارت دهشتي في أحد الاقتباسات، عندما ناقشت عاداتها في ممارسة الرياضة وكيف شعرت بأنها شخصياً كانت "جزءاً من مشكلة" جعل الرياضة محور حياتها. وقالت: "إنني متشككة في أن الرياضة إجابة ممتازة وتصلح لأمد طويل عن الغرض من الحياة... آخر شيء أريد أن يتذكرني الناس به هو عدد القفزات التي قمت بها في الهواء".

يُظهر الرد على صور أديل كيف أن صناعة الترفيه، على الرغم من كل الثناء الموجه إلى ليزو والأخريات لـ"الاعتزاز بتكور أجسادهن"، ستظل تفضل أن يكون فنانوها ملائمين لقالب معين. يستمر المجتمع برمته بمنح قيمة لمظهر المرأة أكبر مما يعطيه لإنجازاتها في المجال الذي تختاره. لكن طالما أن أديل سعيدة وفي صحة جيدة، فهذا كل ما يهم في الأمر. ومهما كان وزنها، فلن يشكّل إرثها. لا أحد يتحدث عن أي من المغنيات الأميركيات أريثا فرانكلين أو إيلا فيتزجيرالد أو إيتا جيمس -  وهن بطلات عند أديل وعندي-  وفقاً لمقاسات ثيابهن. آمل في أن يبقى ذلك راسخاً في ذهن أديل ووسائل الإعلام.

© The Independent

المزيد من منوعات