Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا يعصف بما أصلحته مصر اقتصاديا

متخصصون يطالبون بضرورة العودة إلى الزراعة والصناعة للهروب من موجة الركود العنيف

مقر البنك المركزي المصري في القاهرة  (رويترز)

خلال شهر واحد فقط، تغيّرت التوقعات الخاصة بالاقتصاد المصري بنسبة تتجاوز 100 في المئة. فمن توقعات بتحقيق معدل نمو يتجاوز المعدلات المحققة في دول المنطقة خلال العام الحالي، إلى انكماش وركود عنيف. ومن احتياطي قفز بنسبة تتجاوز 200 في المئة خلال 4 سنوات فقط، إلى خسارة تقدّر بنحو 20 في المئة في الاحتياطي خلال شهر واحد فقط.

وعلى الرغم من خطة التحفيز التي أعلنتها الحكومة المصرية خلال الأسبوع الأول من مارس (آذار) الماضي، بقيمة 100 مليار جنيه (6.37 مليار دولار)، اختلفت التوقعات وتحولت من إيجابية إلى سلبية مع استمرار تداعيات فيروس كورونا المستجد، وتأثيره السلبي العنيف على القطاعات الاقتصادية كافة في البلاد.

وخلال الفترة الماضية، كانت الحكومة المصرية تتحدث عن نمو في حدود 2 في المئة خلال العام الحالي، مقابل توقعات سابقة خلال الشهر الماضي بتحقيق معدل نمو في حدود 4.5 في المئة نزولاً من مستوى 6 أو 7 في المئة قبل ظهور تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد المصري.

وتشير هذه التوقعات السلبية الحديثة إلى أن تداعيات ومخاطر فيروس كورونا ربما تدفع إلى التأثير، وبنسبة كبيرة، على نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي نفذّته القاهرة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016 وحتى نهاية العام الماضي.

بيانات جديدة صادمة عكس التوقعات

البيانات الجديدة التي أعلنتها وزارة المالية تشير إلى عودة ظاهرة عجز الموازنة وارتفاعها خلال أول 8 أشهر من العام المالي الحالي 2019- 2020 بنسبة 17.4 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام المالي الماضي. حيث كشف التقرير الشهري لوزارة المالية، أن عجز موزانة مصر ارتفع ليسجّل نحو 304.99 مليار جنيه (19.45 مليار دولار) خلال الفترة من يوليو (تموز) وحتى نهاية فبراير (شباط) الماضي، مقابل نحو 259.78 مليار جنيه (16.567 مليار دولار) خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي بزيادة تبلغ نحو 45.21 مليار جنيه (2.883 مليار دولار).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق هذه الأرقام، فإن عجز الموازنة المصرية سجّل ما نسبته 4.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال هذه الفترة، وهو نفس المستوى خلال الفترة المقارنة من العام المالي الماضي. لكن من دون حساب مصروفات فوائد الديون، فقد حققت الموازنة فائضاً أولياً قدره 37.6 مليار جنيه (2.397 مليار دولار) خلال الفترة من يوليو (تموز) 2019 وحتى نهاية فبراير (شباط) الماضي. ووفق بيانات مشروع الموازنة الجديدة، فقد رفعت الحكومة توقعاتها للعجز الكلي إلى ما يتراوح بين 7.8 و7.9 في المئة، مقابل توقعات سابقة عند 7.2 في المئة.

وتشير البيانات إلى أن إيرادات مصر خلال هذه الفترة بلغت نحو 551.25 مليار جنيه (35.156 مليار دولار)، منها 422.99 مليار جنيه (26.796 مليار دولار) إيرادات ضريبية.

في المقابل، بلغت المصروفات خلال الثمانية أشهر الأولى من العام المالي الحالي نحو 851.74 مليار جنيه (54.32 مليار دولار)، منها 342.55 مليار جنيه (21.846 مليار دولار) مصروفات فوائد ديون، لتستحوذ مصروفات وفوائد الديون على ما نسبته 40.2 في المئة من إجمالي المصروفات.

على صعيد احتياطي النقد الأجنبي، فقد هوى من مستوى 45.45 مليار دولار بنهاية يناير (كانون الثاني) إلى مستوى 37.04 مليار دولار بنهاية أبريل (نيسان) الماضي، متراجعاً 18.5 في المئة.

وكان من المستهدف أن يسجل حجم الدين العام لأجهزة الدولة نحو 5.72 تريليون جنيه (363.8 مليار دولار)، إلا أنه سيحدث زيادة في حجم الدين بنحو 44 مليار جنيه (2.806 مليار دولار)، أي ما يوازي 3 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي.

لا بديل عن الاتجاه إلى دعم قطاعي الزراعة والصناعة

في ما يتعلق بإمكانية تجاوز الاقتصاد العربي، ومن بينه مصر، تداعيات فيروس كورونا، قال محلل الاقتصاد والأسواق، نادي عزام، إن الموضوع كله يتعلق بعودة الدول العربية إلى الاعتماد على الزراعة والصناعة والاستغناء عن الاستيراد من الدول الغربية، ولكن ينقصها فقط التمويل.

وأوضح في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن جميع الدول العربية اعتمدت خلال السنوات الأخيرة على الاستيراد بنسب كبيرة جداً من الخارج، وهو ما عمق من حجم الأزمة والخسائر التي خلفها فيروس كورونا، لافتاً إلى امتلاك الدول العربية لمقومات تعافي هذه القطاعات، بخاصة الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة والمياه.

وشدد عزام على أهمية الاتجاه إلى دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، للهروب من موجة الركود العنيفة التي تضرب الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي، مؤكداً أن الحل لا يتمثل في مجموعة خطط التحفيز التي أعلنتها الحكومات فقط، خصوصا وأن التداعيات السلبية الخاصة بفيروس كورونا ما زالت مستمرة حتى الآن، ولا يمكن لأحد أن يتوقع تلاشيها لعدم وجود أي معطيات تشير في الوقت الحالي إلى توقف انتشار هذا الفيروس القاتل.

كيف تتأثر معدلات التضخم بالرسوم الجديدة؟

وفي سبيل تنمية مواردها لدعم الإنفاق العام والمخصصات التي أعلنتها الحكومة المصرية لدعم اقتصادها، فقد وافق مجلس النواب المصري على تعديلات قانونية لتنمية موارد الدولة عن طريق زيادة الرسوم المفروضة على بعض الخدمات واستحداث أخرى جديدة على عدد من الأنشطة والسلع. وتضمنت الرسوم، التي زادت قيمتها، خدمات الشهر العقاري وعمليات الشراء من الأسواق الحرة والحفلات والخدمات الترفيهية التي تقام بالفنادق والمحال السياحية.

واستحدثت الحكومة رسوماً جديدة على أجهزة المحمول ومستلزماتها بواقع 5 في المئة من قيمتها بجانب فرض رسوم 2.5 في المئة من قيمة فواتير الإنترنت للشركات والمنشآت ورسوم على التبغ الخام والبنزين والسولار. ومن ضمن الرسوم المستحدثة نسبة تصل إلى 10 في المئة من قيمة عقود انتقالات الرياضيين ورسوم على تراخيص شركات الخدمات الرياضية وأغذية الكلاب والقطط والطيور الأليفة.

وقبل أيام، وفي إطار تقييم تداعيات مخاطر فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، قالت وزيرة التخطيط، هالة السعيد، إن معدلات البطالة في مصر ستتأثر بالسلب في حال استمرار أزمة فيروس كورونا، منوهة بأنه من المستهدف خفض معدل البطالة إلى 8.5 في المئة بنهاية 2020- 2021 في حال انتهاء الأزمة بنهاية العام المالي الحالي.

على صعيد معدلات التضخم، توقّع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل التضخم في مصر خلال 2020 نحو 5.9 في المئة، وفق تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، وفي 2021 إلى 8.2 في المئة، مقابل 13.9 في المئة خلال عام 2019.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، توقّع الصندوق في تقرير المراجعة الخامسة، أن يتراجع معدل التضخم في مصر ليصل إلى 7.4 و7 في المئة لعامي 2020- 2021 و2021- 2022. وفي مطلع الشهر الحالي، قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إن معدل التضخم الأساسي السنوي ارتفع 0.6 في المئة، خلال مارس الماضي.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد