Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أميركا تستعد للتنفس جزئيا رغم المليون إصابة

ولايات تخفف إجراءاتها وأخرى تمدد أوامر البقاء بالمنزل

تجمعات بشرية على الشواطئ رغم التحذيرات (غيتي)

على الرغم من تسجيل الولايات المتحدة أكثر من 62 ألف وفاة منذ اندلاع أزمة كورونا في مارس (آذار) الماضي، يعتزم عدد من حكام الولايات استئناف الأنشطة التجارية في مستهل مايو (أيار) الحالي، بعد انقضاء المدة المحددة لأوامر البقاء بالمنزل. يأتي هذا التوجه في وقت يحذر مسؤولو الصحة العامة من مخاطر التسرع في تخفيف إجراءات الإغلاق عالمياً، إلا أن مجموعة من الولايات في مقدمها تكساس، وتينيسي، وأوهايو، وكولورادو، اتجهت إلى السماح للمحال والمجمعات التجارية بمزاولة نشاطها بطاقة استيعابية محدودة.

عقبات أمام طموحات ترمب

وتصطدم رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ضمان عودة آمنة للحياة الطبيعية في بلاده، مع ضعف النظام الصحي، وعدم قدرته على رفع أعداد الفحوص الطبية بما يتناسب والكثافة السكانية، الأمر الذي دفع البيت الأبيض إلى التعهد بمساعدة الولايات على تكثيف الاختبارات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب "نيويورك تايمز"، كشفت وثيقة تؤكد أن الولايات لا تزال المسؤولة بالدرجة الأولى عن تأمين معدات الفحوص، ووفقا لمسؤولين، فإن خطة الحكومة الفيدرالية تقوم على تزويد الولايات الخمسين بمعدات تكفي لفحص 2 في المئة من إجمالي سكان كل ولاية شهرياً، لكن هذا الرقم لم يرد في وثيقة البيت الأبيض، ولم يذكره ترمب في موجز الاثنين الماضي، الذي ضمّ عدداً من رجال الأعمال الذين تعهدوا المشاركة في توفير متطلبات الفحص ضمن خطة الرئيس الأميركي لإعادة فتح الحكومة، في أقرب وقت ممكن بهدف تخفيف الآثار الاقتصادية.

ومنذ تصريحات ترمب قبل أسابيع بأن كل ولاية ستحصل على حاجتها من الفحوص، أُجري أكثر من خمسة ملايين فحص في الولايات المتحدة، ما يعادل 1.7 في المئة من إجمالي الكثافة السكانية، ويأمل حكام الولايات في أن يسهم دعم الحكومة الفيدرالية في تسريع إعادة فتح الاقتصاد، لكن الأرقام الحالية في نظر خبراء الصحة تعد ضئيلة، مشددين على ضرورة عدم التسرع في إعادة فتح المدارس، والشركات، وغيرها من القطاعات العامة.

وبعدما اتخذ حكام الولايات، في مارس الماضي، قرارات بإيقاف أنشطة الحياة العامة إثر انتشار فيروس كورونا، يحاولون الآن التوصل لطرق آمنة لإحياء اقتصاداتهم بعدما أرغم الواقع الحالي الحكام على ترجيح أحد طرفي معادلة الصحة والاقتصاد، فهم بحاجة إلى الحفاظ على الصحة العامة، وفي الوقت نفسه، مساعدة الملايين من الأميركيين على استعادة وظائفهم، الأمر الذي لن يتحقق إلا بتخفيف القيود الاحترازية.

 

وفي تكساس، التي سجلت أكثر من 25 ألف إصابة، سُمح بفتح محال التجزئة، والمطاعم، ومسارح السينما، والمجمعات التجارية بدءاً من أمس الجمعة. فبعد مضي ثمانية وعشرين يوماً على أوامر البقاء بالمنزل، تباطأت فيها وتيرة انتشار الفيروس على حد وصف حاكم الولاية غريغ آبوت، الذي قرر السماح للمرافق التجارية والترفيهية استئناف نشاطها بدءاً من أمس، وسيمر القرار الجريء بمرحلتين، الأولى تشترط ألا يتجاوز المحل 25 في المئة من طاقته الاستيعابية، على أن تصبح 50 في المئة عند احتواء كورونا، وصولاً إلى زيادة الطاقة الاستيعابية مستقبلاً عند التأكد من احتواء الفيروس بشكل كامل.

وكانت تكساس من أوائل الولايات التي اتخذت إجراءات احترازية سبقت بها أخواتها من الولايات الكبرى مثل كاليفورنيا ونيويورك، رغم أنها سمحت مسبقاً بفتح محال التسوق والحدائق، وجاء قرار الاثنين الماضي ليدخل الولاية في منطقة الفتح الكامل لأنشطتها، ويعتقد آبوت بأن تكساس لم تتضرر بشكل جسيم كغيرها من الولايات، مبرراً تخفيف القيود بالعوامل التي أسهمت في السيطرة على الفيروس مثل توسيع نطاق الفحوص، وتخزين المعدات الوقائية، حتى أنها حلت ثالثاً في قائمة الولايات الأكثر تسجيلاً للمتعافين.

 

وفي أوهايو، أعلن الحاكم مايك دي واين، خطة لإعادة استئناف أنشطة قطاع الصناعة تدريجياً من الأسبوع المقبل، وقال إن الولاية يجب أن تكون قادرة على الوصول لثلاثة أضعاف كمية الاختبارات في أواخر مايو، أي من 7500 فحص يومياً إلى 22 ألف فحص، كما أنهم دربوا متطوعين على تتبع جهات الاتصال للمصابين، وكان واين أول حاكم يغلق المدارس على المستوى الوطني ومع أنه بادر باتخاذ أكثر الحلول صرامة في بداية انتشار الفيروس، فإنه أوضح أخيراً بأن هناك خطراً متزايداً على الاقتصاد، إذا لم تبدأ الولاية بإعادة الفتح.

واستقبلت مطاعم تينيسي، الاثنين الماضي، العملاء بعد أسابيع من الإغلاق، ليستأنف السكان حياتهم الطبيعية وسط مزيج من الارتياح والحذر، وشهد اليوم نفسه القفزة اليومية الأعلى في عدد الإصابات بعد تسجيل 250 حالة جديدة، وستسمح الولاية للمطاعم القابعة خارج كبريات مدنها باستقبال العملاء بنصف الطاقة الاستيعابية، على ألا يزيد عدد الأشخاص في الطاولة الواحدة على ستة أفراد، كما اشترطت فحص الموظفين والعملاء للتأكد من خلوهم من أعرض المرض، ولن يسمح للحانات بتشغيل الموسيقى الحية، مع استمرار حظر العروض.

وأقدمت كولورادو على خطوة جريئة بفتح محال الحلاقة، وتسعى الشركات إلى التوصل لقوانين جديدة تتيح لها فتح أبوابها الأسبوع المقبل بعدما سُمح يوم الاثنين الماضي استئناف أنشطة العقار، وصار الأفراد قادرين على اصطحاب حيواناتهم إلى العيادات البيطرية للحالات غير الطارئة.

وتنتهي أوامر البقاء بالمنزل في كل من فلوريدا وأريزونا، اليوم الخميس، لكن الضبابية لا تزال تسيطر على خطتيهما. وكشف حاكم فلوريدا دون دينانتيس خلال مناقشته فتح الاقتصاد على غرار بقية الولايات الجنوبية، حاجة ولايته إلى فرض قواعد خاصة وموحدة لكبرها وتنوعها، فيما قال حاكم أريزونا دوغ دوسي، بأنه سيتبع قواعد إعادة الفتح التي زودهم بها البيت الأبيض، مشيراً إلى مواجهته ضغطاً شديداً من المتظاهرين لتحرير جزء من الاقتصاد.

ومع عدم الالتزام بخطة وطنية موحدة، خلقت الجداول الزمنية المختلفة لإعادة الفتح فجوة بين تلك الولايات التي تتطلع إلى تنشيط الحياة العامة، وبين ولايتي نيويورك وكاليفورنيا، اللتين تتحركان ببطء وحذر، ففي الولايات الأكثر تأثراً بالوباء، تسيطر الحيرة والتردد على مسؤوليها، وكان أندرو كومو حاكم ولاية نيويورك، أعلن أن الأعمال التجارية ذات المخاطر المنخفضة من الممكن أن تعاود نشاطها في منتصف مايو (أيار) المقبل، لكنه نوه أن قرارات الإغلاق ربما تُمدد في أنحاء عدة من الولاية.

أما في كاليفورنيا التي تعد جزءاً من تحالف الولايات الغربية، حذر الحاكم غافن نيوسوم من أن الجدول الزمني للفتح التدريجي يمكن أن يفشل بسبب تصرفات الأفراد الذين يتجاهلون قواعد التباعد الاجتماعي، تعليقاً على الصور المتداولة بمواقع التواصل الاجتماعي، التي تظهر ازدحام الشواطئ في جنوب الولاية، فضلاً عن البيانات الجديدة التي تظهر زيادة في الحركة المرورية.

وانضمت كولورادو ونيفادا، الاثنين، إلى التحالف الغربي، بينما تبرز نيويورك في تحالف الشمال الشرقي إلى جانب ست ولايات أخرى، وعلى الرغم من أن الولايات القريبة من لوزيانا بدأت رفع القيود، قرر الحاكم جون بيل إدوارد تمديد سريان أوامر البقاء بالمنزل إلى الشهر المقبل، في خطوة احترازية حذت حذوها ولايتا هاواي ونيو مكسيكو.

وأودت المتغيرات الأخيرة ببعض أصحاب المتاجر في حالة من الحيرة بشأن القواعد الجديدة التي يحاول الرئيس، والحكام، ورؤساء البلديات فرضها، وفي ظل الأزمة، يقبع بعض عمال الولايات التي تتخذ إجراءات صارمة دون منقذ، ويتزايد القلق لديهم بشأن مخاطر العودة إلى العمل وسط تراكم الفواتير.

 

مخاوف خبراء الصحة

وعلى الرغم من أن عداد الوفيات والإصابات بفيروس كورونا يتباطأ على المستوى الوطني، فإن بعض الولايات لا تزال تسجل أرقاماً مرتفعة، وتكمن مخاوف خبراء الصحة في أن إعادة الفتح في ظل نقص الفحوص والأدوات الواقية، ربما يؤدي إلى موجة إصابات جديدة، لا يمكن توثيقها في السجلات الرسمية لمدة أسبوعين، لعدم امتلاك الولايات المعدات اللازمة لإجراء الفحوص، أو تتبع العدوى.

وتحذر جنيفير نازو، عالمة بمركز جون هوبكنز للأمن الصحي، "هناك تناقص في أعداد المرضى، لكن الفيروس يمكنه الانتشار بشكل صامت، ولوهلة قد نعود إلى النقطة التي بدأنا منها".

ونتج عن جهود إعادة الفتح خليط من القوانين المتناقضة التي ربما تقوض المساعي السابقة لتوعية الأميركيين بضرورة البقاء في منازلهم، مما يهدد قدرة البلاد على التغلب على الجائحة، وينادي مجموعة من الخبراء بجامعة هارفارد إلى إجراء خمسة ملايين فحص يومياً بحلول يونيو (حزيران) المقبل، وصولاً إلى عشرين مليون فحص يومياً في نهاية يوليو (تموز) المقبل.

وطالب بول رومر، الاقتصادي الحائز جائزة نوبل من جامعة نيويورك، بعمل 25 مليون فحص يومياً، ومضاعفة العدد مرتين في حالات الارتفاع، وتابع، "فحص 2 في المئة من إجمالي الكثافة السكانية بالبلاد ليس كافياً لإجراء فحوص للعاملين في قطاع الرعاية الصحية على الأقل لمرة واحدة، وحضَّ على اختبارهم يومياً"، لأن ذلك سيسهم في الحد من انتشار العدوى بين زملائهم.

وفي ظل تحذيرات خبراء الصحة من أن الفيروس لا يعترف بالحدود الجغرافية، يدافع حكام الولايات عن خططهم لإعادة الفتح، بحجة تمكنهم من توفير أسرة مؤقتة، وتناقص المرضى في المستشفيات، والنمو البطيء في قدراتهم لإجراء الاختبارات.

المزيد من متابعات