Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لمن يؤول النفوذ الاقتصادي العالمي بعد كورونا؟

شبح الحرب الجمركية بين واشنطن وبكين يلوح في الأفق وسط اختراق صيني للعالم بذريعة مواجهة الفيروس

من ووهان الصينية انطلق الوباء الجديد كورونا ليتحول إلى سحابة موت تحصد رقاب البشر، على هذا النحو يبدو المشهد الذي لن يُمحى من الذاكرة، وسط تلويحات واشنطن بإشعال حرب الرسوم الجمركية ضد بكين، بينما تسعى الأخيرة لجذب تحالفات جديدة تحت ذريعة المساعدة في مواجهة كورونا، فماذا تخبئ بكين إذن؟

قد لا تكشف السلطات الصينية ما عندها من أسرار حول الفيروس، وكيف بدأ وانتشر، لكن كما يبدو أن صراعاً بين القوتين الأميركية - الصينية، قد اشتعل وعاد من جديد حيث بدأ يرسم ملامحه حالياً سجال من الاتهامات المتبادلة بشأن مصدر فيروس (كوفيد-19)، الأمر الذي رفع منسوب التوتر في العالم من أن تفتح واشنطن أبواب المطالبة بتعويضات مليارية على خلفية توجيه أصابع الاتهام لبكين بالتسبب في نشر الفيروس القاتل بلا هوية. وهو ما دفع الصين لترد  بغضب على الانتقادات الدولية لطريقة تعاطيها مع الفيروس، متهمة السياسيين الأميركيين بـ"التفوه بأكاذيب مكشوفة".

بين القوتين صراع قد يكون أبدياً، فمن يحكم العالم بعد كورونا؟ ففي وقت بات تفشي الفيروس في الصين تحت السيطرة، حيث لم تسجل أي وفيات جديدة ناجمة عنه على مدى 13 يوماً متتالياً، تعاني الولايات المتحدة أكبر معاناة في السيطرة على الفيروس مسجلة أعلى الإصابات التي في طريقها لنحو 1.1 مليون حالة والوفيات أكثر من 60 ألفاً حتى الآن.

 قلق أميركي من نشاط الصين وروسيا

ويفيد متخصصون لـ"اندبندنت عربية"، بأن أكثر ما يسبب القلق لأميركا في الوقت الراهن هو النشاط الصيني، الذي بات منتشراً حول العالم لتقديم الدعم والمساعدة للدول الفقيرة، التي لا تمتلك أدوات التصدي للأمراض الجديدة، فضلاً عن حضور صيني وروسي بات واضحاً وسط أوروبا.

 يقول محللون، "إن رؤية سيارات روسية عسكرية تجوب شوارع ميلان مع طواقم طبية، وفرق موسيقية تخفف معاناة المرضى، مشهد مرعب. فكيف استطاع هذا الدب الروسي وتحت غطاء كورونا اختراق أوروبا الجديدة؟"، يضيفون، "موسكو تعرف ماذا تعمل كانت هذه فرصتها التاريخية للوجود على أراضي دول في دائرة الناتو، فدماء الاتحاد السوفياتي ومطامعه القديمة لا تزال تجري في عروق روسيا حتى بعد التغيير".

 يبقى الصراع على قيادة العالم مثار جدل سياسي قائم للإجابة عن سؤال: من يزيح الآخر من الطريق؟ ويبدو أن المعركة مستمرة دبلوماسياً، واقتصادياً في توظيف كورونا نحو تعزيز النفود.

رسوم جمركية وتعويضات مليارية بسبب كورونا

في الوقت الحاضر لا يكاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب يفوت مؤتمر الإحاطة الإعلامية اليومي من البيت الأبيض بشأن كورونا إلا ويذكر الصين برسوم جمركية تارة، وتعويضات بالمليارات تارة أخرى. وكان قد أشار إلى أنه سيأخذ بعين الاعتبار فرض رسوم جمركية على بكين بسبب فيروس كورونا، لافتاً إلى أنه قد اطلع على أدلة تربط مختبراً في ووهان الصينية بالفيروس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف، "لا يمكنني الإفصاح عن سبب ثقتي العالية في أن كورونا مصدره مختبر ووهان الصيني"، مشدداً على أن الصين يجب أن تجيب عن سؤال كيف انتشر الفيروس، وهل حدث خطأ ما، أو أنه سرب عمداً مع سبق الإصرار والترصد".

موضحاً "أن منظمة الصحة العالمية تحولت لشركة علاقات تابعة للصين"، لافتاً إلى "أن الاتفاق التجاري مع الصين سمح لبلاده باستعادة مليارات الدولارات".

وخلال مارس (آذار) الماضي، أثار الرئيس الأميركي ووزير خارجيته مايك بومبيو حفيظة بكين، عندما أشارا مراراً إلى "الفيروس الصيني" لدى تحدثهما عن تفشي "كوفيد-19".

وحذّر الرئيس الأميركي الجانب الصيني من التداعيات المحتملة إذا كانت مسؤولة عن قصد عن الوباء، حسبما صرح في 18 أبريل (نيسان)، إلا أن متحدثاً باسم الخارجية الصينية ذكر لاحقاً أن الجيش الأميركي هو من جلب الفيروس إلى "ووهان" بؤرة التفشي الأولى للمرض.

الخلاف الأميركي الصيني يزيد معاناة الاقتصاد

في جانب آخر يقول المتخصصون، إن تصاعد الخلافات بين الصين وأميركا سيزيد أوجاع الاقتصاد العالمي الذي يعاني بالفعل جراء تداعيات كورونا، ويهدد بفشل الاتفاق التجاري بين البلدين.

في حين لمح البعض، إلى أن الضجيج الذي يثيره ترمب لغرض الاستهلاك المحلي سواء للدفاع عن أداء الإدارة الأميركية في مواجهة الجائحة، أو حاجته إلى خصم محدد يصوِب السهام ضده لبناء حملته الانتخابية المقبلة.

الصراع الاقتصادي إلى أين؟

يقول أحمد معطي، المدير التنفيذي لشركة "في اي ماركتس" في مصر، "يبدو أن تفشي جائحة كورونا جدد الصراع بين الولايات المتحدة والصين مع تبادل الاتهامات بين الطرفين".

وأضاف، "أن الصراع لم يشتد بعد بسبب تركيز الولايات المتحدة كل طاقتها في السيطرة على تداعيات تفشي الفيروس الصحية والاقتصادية، وإيقاف تصاعد الإصابات الذي يعد الأكبر عالمياً، لذا بانتهاء الأزمة والوقوف على الحقائق قد يأخذ الصراع بين البلدين منحنى جديداً وأشد حدة، لا سيما بعد التلميح بمقاضاة الجانب الصيني، وطلب تعويضات، ومن الممكن أن تنضم دول أخرى للولايات المتحدة تتبنى مسؤولية الصين المباشرة عن الجائحة العالمية".

ويشير معطي إلى أن انهيار اتفاق التجارة بين البلدين محتمل، وهناك مخاوف تتزايد بشأن مرحلة ما بعد كورونا، وكيف سيكون وضع الاقتصاد العالمي إذا عاد الصراع التجاري مرة أخرى بين أكبر اقتصادين بالعالم.

صفحة جديدة من التوتر

من جانبه، يؤكد نادر حداد، المستشار الدولي بأسواق المال، إن العلاقات الاقتصادية والسياسية بين بكين وواشنطن أكثر توتراً منذ قدوم الرئيس الأميركي ترمب، مما جعل الطرفين يدخلان في حرب تجارية بفرض رسوم على مختلف البضائع، هذا ما جعل الأسواق المالية تدخل في اضطرابات غير مسبوقة سنة 2019، وخلق نوعاً من التوتر تعيشه العلاقات بين البلدين إلى الآن، وذلك رغم توقيع اتفاق لإنهاء حرب الرسوم مطلع العام الحالي.

وأوضح أن كورونا قد يكشف عن صفحة جديدة من التوتر بين البلدين ويهدد الهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة مع الخسائر الضخمة التي يتحملها الاقتصاد الأميركي يومياً بسبب تفشي الفيروس وصعوبة السيطرة عليه، في المقابل سيطرت الصين على الأمر وبدأ الاقتصاد يتصاعد مرة أخرى.

وتوقع تضرر بالغ بالاقتصاد العالمي إذا أقدمت أميركا والبلدان المتضررة على معاقبة الصين، وقد نرى إجراءات انتقامية على صعيد التجارة العالمية.

أهداف انتخابية وراء هجمات ترمب على الصين

ويشير وائل حماد، المدير الإقليمي لدى شركة "آي سي إم كابيتال"، إلى أن "الجميع يدرك أن الضجيج الذي يثيره ترمب لغرض الاستهلاك المحلي سواء للدفاع عن أداء الإدارة الأميركية في مواجهة الجائحة، أو حاجته إلى خصم محدد يصوِب السهام ضده لبناء حملته الانتخابية المقبلة".

وأشار إلى أنه مع انتشار الفيروس نرى أن هذه التصريحات ما هي إلا امتداد للحرب الكلامية التي كانت تشتد وتهدأ بين فترة وأخرى في السنوات الأخيرة، حيث باتت الفرصة الآن متاحة للولايات المتحدة لتشكيل ضغوط سياسية المراد منها تنازلات إضافية تفيد في المفاوضات التجارية وتدعم مصالح الجانب الأميركي.

وقال، إن الاقتصاد العالمي يدخل دوامة الركود بانكماش نحو 3 في المئة، وهناك ضغوط غير مسبوقة على الدول بسبب تداعيات الفيروس في أزمة أكثر عنفاً من أزمة 2008.

وأوضح أن المشهد اليوم لم يتجاوز إلا الحرب الكلامية المتصاعدة وتراشق التهم بين أكبر اقتصادين في العالم الصيني والأميركي (يشكلان 34 في المئة من حجم الاقتصاد العالمي)، مضيفا، "في غياب براهين مخابراتية أو علمية فإن نظرية ترمب وفريقه في البيت الأبيض تتحدث عن أن الصين كانت تخفي حقيقة ظهور الفيروس وطريقة انتشاره ودرجة خطره، بل وتتهمها بمسؤوليتها عن تسرب لسبب ما وبشكل غير متعمَد، ربما من مختبر صيني يقع في مدينة ووهان، الأمر الذي تنفيه الصين جملة وتفصيلاً وتعتبره هجوماً غير مسبوق على الصين مما دفع الكثير من المراقبين للتنبؤ بأن خطر مواجهة عسكرية قد يكون مطروحاً".

 ولفت إلى أنه بعد دخول دول أخرى على الخط مثل كندا وأستراليا ومعظم الدول الأوروبية الكبرى، حيث بنيت هذه التنبؤات على فرضية أن هناك نزاعاً محموماً بين الصين والولايات المتحدة على انتقال الصين إلى مرتبة الصدارة في قيادة العالم.

وذكر حامد، أن الصراع القائم يؤكد أن واشنطن وحلفاءها هم من يمتلكون مفاتيح القوة، في حين تسعى الصين للانتقال إلى مرتبة متقدمة في سلم القوى، في حال كان بالفعل هذا ما تنويه بكين، إلا أننا نرى من تصريحات الصين الدفاعية أنها تشعر بالقلق جراء الاتهامات الأميركية".

ويرى حامد، أن التوترات إحدى الظواهر المعتاد وجودها في العلاقات الدولية، لكن يبقى القول إن ثمة حاجة للبشرية تدفع في اتجاه التعاون الدولي، ليس فقط في مجال الصحة، ودعم منظمة الصحة العالمية، وإنما كذلك في اتجاه دفع ودعم التعاون الدولي في القضايا المماثلة مثل "الاحتباس الحراري" و"منع انتشار الأسلحة النووية"، لكونها قضايا تتعلق بالوجود البشري الذي لا تمنعه حدود ولا قيود.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد