توقعات بتعافي الاقتصاد البريطاني حتى 2023 وسط الركود العميق

نما اقتصاد المملكة المتحدة بوتيرة أبطأ من أي عقد منذ الحرب العالمية الثانية مع عدم وجود زيادة في الأجور الحقيقية تقريباً، ومع عدم استقرار اتجاه الاقتصاد العالمي وتفشي فيروس كورونا يُتوقع أن يواجه الاقتصاد البريطاني ركوداً عميقاً وقصيراً، وأن يتراجع نموه 6.8 في المئة هذا العام قبل أن يرتد لنمو إيجابي بنسبة 4.5 في المئة، وبحسب تقرير حديث لـ"إيرنست ويونغ آيتم كلوب" نُشر على موقع الشركة، سيحتاج اقتصاد هذا البلد الأوروبي لثلاث سنوات على أقل تقدير للعودة إلى مستويات إنتاج عام 2019.

وقال التقرير إنه وعلى الرغم من أن نشاط الأعمال سيبدأ في التعافي بعد رفع الإغلاق الذي تسبب به فيروس كورونا، فإن الاقتصاد لن يعود إلى الحجم الذي كان عليه في أواخر عام 2019 حتى عام 2023، بحسب مجموعة التوقعات.

ويعني ارتفاع البطالة وضعف الثقة أن الإنفاق الاستهلاكي سينكمش بنسبة 7.5 في المئة هذا العام، بينما يمكن أن ينخفض الاستثمار التجاري 13.6 في المئة، ومن المتوقع أن ينتعش كلاهما في العام المقبل بنسبة 4.9 في المئة و1.2 في المئة.

وخفض تقرير "إرنست ويونغ آيتم كلوب"، توقعات الاقتصاد البريطاني لفصل الربيع لعام 2020 بشكل كبير، وتنبأ بحدوث ركود "عميق وقصير" هذا العام بسبب تأثير فيروس كورونا، ولكن الإجراءات النقدية والمالية الكبيرة التي تم الإعلان عنها بالفعل ستدعم النشاط بمجرد رفع التأمين، واستندت توقعات التقرير إلى افتراض أن القيود ستبدأ في التراجع في مايو (أيار) المقبل.

ارتفاع البطالة

وبحسب  التقرير، سينكمش الاقتصاد بنسبة 13 في المئة خلال الربع الثاني من العام، وهي  توقعات أكثر تفاؤلاً من تقديرات مكتب مسؤولية الموازنة، هيئة مراقبة الإنفاق في المملكة المتحدة، التي قالت إن الناتج المحلي الإجمالي سينخفض 35 في المئة في الربع الثاني، بينما سترتفع البطالة بمقدار مليوني شخص لتصل إلى 10 في المئة.

كما توقع أن تبلغ البطالة ذروتها عند 6.8 في المئة في الربع الثالث من العام، ارتفاعاً من المعدل الحالي البالغ 4 في المئة. وعلى الرغم من أن دخول الأسرة ستنخفض، فإن التضخم سيساعد المستهلكين. كما سيشهد مؤشر أسعار المستهلكين انخفاضاً إلى 0.5 في المئة قبل أن يرتفع إلى 2 في المئة العام المقبل.

ومن المتوقع أن تنخفض صادرات السلع والخدمات 5.3 في المئة، بينما ستنخفض الواردات 4.9 في المئة، وأن يسهم صافي التجارة مساهمة سلبية هامشية بنسبة 0.1 نقطة مئوية في نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020.

لا يمكن التنبؤ

من جانبه، وفي تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، قال ديفيد بيرنز، رئيس مجلس إدارة  مجلس الأعمال الإنجليزي في الإمارات، وهو مجلس يضم في عضويته مئات الشركات الإنجليزية النشطة في مختلف القطاعات التجارية والاقتصادية "لا أعتقد أنه يمكن لأحد التنبؤ بمسار النمو الاقتصادي في ظل الأزمة الحاصلة، حيث إن (إرنست ويونغ) شركة تدقيق وغير معترف بها على أنها متخصصة في التحليل الاقتصادي كي تصدر توقعات بشأن مستقبل نمو الاقتصاد البريطاني".

وتابع "ما أستطيع قوله هو أنه لا يمكن لأي أحد التنبؤ بمستقبل الاقتصاد بعد ثلاث سنوات من الآن، خصوصاً أننا نعيش في أوقات غير مسبوقة لم يشهدها العالم من قبل مع تفشي فيروس كورونا، وهناك تقارير إعلامية تتحدث عن أن الاقتصاد البريطاني سيعاد نموه مجدداً في وقت قصير، وأخرى تتحدث عن أن ذلك سيستغرق فترة طويلة، لكن لا أحد يستطيع في ظل الظروف الراهنة أن يقدم تقييماً دقيقاً لما سيكون عليه أداء الاقتصاد البريطاني مستقبلاً".

يواصل "يجب التذكر بأنه لا يزال هناك العديد من القضايا العالقة والمرتبطة بخروج بريطانيا من الوحدة الأوروبية، والتي لم يتم التقرير بشأنها، بما فيها ملفات التجارة وشكل العلاقات البريطانية مع الدول الأوروبية الأخرى وقضايا أخرى لم يجر تسويتها حتى الآن مع الانشغال بتفشي وباء كورونا".

انكماش الاقتصاد البريطاني

وكان صندوق النقد الدولي، توقع انكماش اقتصاد بريطانيا بنسبة 6.5 في المئة في 2020، على غرار اقتصادات أخرى، قبل أن ينمو 4.0 في المئة في 2021. وجاءت ترجيحات مماثلة من المكتب المسؤول عن الموازنة البريطانية، الذي توقع هو الآخر انكماشاً بنسبة 13 في المئة في الاقتصاد هذا العام بسبب إجراءات العزل التي اتخذتها الحكومة لكبح انتشار كورونا، وهو ما سيكون أعمق ركود تشهده البلاد منذ ثلاثة قرون.

وكان بنك إنجلترا حذّر من إمكانية مواجهة البلاد أسوأ موجة ركود لها منذ قرن على الأقل مع هيمنة البيانات الاقتصادية الأكثر قتامة عليها. وأظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات في المملكة المتحدة أن الاقتصاد ينكمش بمعدل غير مسبوق.

وتشير الاستطلاعات إلى انكماش تاريخي في الاقتصاد البريطاني، وتواجه الحكومة أكبر أزمة للصحة العامة مع تسجيل 157 ألف إصابة وأكثر من 21 ألف وفاة بفيروس كورونا في البلاد حتى الآن بحسب "وورلد ميترز".

وفي أول ظهور له في مقر الحكومة بعد تعافيه من الإصابة بكورونا، دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إلى الصبر على موجة الإغلاق وعدم التسرع، ما يمهد لمزيد من التداعيات السلبية على اقتصاد البلاد.