Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا يغير عادات رمضان ويوقف صلاة التراويح

تشديد من منظمة الصحة العالمية على استمرار الإجراءات الاحترازية وعدم التهاون بشأنها

صلاة التراويح في المسجد الحرام السنوات الماضية (واس)

لم يكن شهر رمضان مستثنى من التغيرات الاجتماعية التي كان فيروس كورونا سبباً في تعديلها في المجتمعات كافة، فهو حريص تماماً على تغيير أنماط سلوكيات البشر، وكأنة يقول إن "عالمي مختلف" مع بدأ العد التنازلي لاستقبال شهر رمضان، إذ بدا واضحاً أن المسلمين لن يحتفوا به كما تعودوا من قبل، بل سيكون مختلفاً بكل المقاييس خصوصاً في ظل استمرار الحظر المنزلي وتطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي، وما تلا ذلك من إلغاء لصلاة التراويح في المساجد في معظم الدول الإسلامية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عيد على طريقة المتنبي

وفي ظل مواصلة منظمة الصحة العالمية التشديد على استمرار اتباع الإجراءات الاحترازية وعدم التهاون بشأنها، فقد بات أكيداً أن رمضان هذا العام سيكون مختلفاً مع استمرار حظر التجول وتعليق الصلوات في المساجد لتشمل التراويح والقيام في ظل استحالة عودة الحياة إلى طبيعتها خلال هذا الشهر، وهو الوضع الذي يُتوقع أن يستمر إلى عيد الفطر، ما يعني أنه سيفتقر هو الآخر إلى زيارات الأهل والأصدقاء وتغيب عنه فرحة الصغار والكبار بإتمام الشهر، لينطبق عليه قول الشاعر المتنبي "عيدٌ بأية حالٍ عُدتَ يا عيد، بما مضى أم بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ، أما الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ    فَليتَ، دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ".

 

صلاة التراويح في المنزل

ويأتي ذلك بالتزامن مع فتوى للشيخ عبد العزيز آل الشيخ، مفتي عام السعودية، بإقامة صلاتي التراويح والعيد في البيوت، إذا استمر وباء فيروس كورونا المستجد. وجاءت الفتوى، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، رداً على عددٍ من الأسئلة وجهتها له وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد متعلقة بشهر رمضان في ظل تفشي الجائحة، حيث كان السؤال الأول عن مشروعية صلاة التراويح في البيوت، وأجاب عنه بقوله "بالنسبة إلى صلاة التراويح فإن الناس يصلونها في بيوتهم في شهر رمضان لهذا العام لتعذر إقامتها في المساجد بسبب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الجهات المختصة لمكافحة انتشار فيروس كورونا".

أما بخصوص صلاة العيد في البيوت، فقال المفتي "إذا استمر الوضع القائم ولم تمكن إقامتها في المصليات والمساجد المخصصة لها، فإنها تُصلى في البيوت من دون خطبةٍ بعدها، وسبق صدور فتوى من اللجنة الدائمة للفتوى جاء فيها، ومن فاتته صلاة العيد وأحب قضاءها استُحب له ذلك فيصليها على صفتها من دون خطبة بعدها".

العودة التدريجية إشاعة

ونفى المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، محمد عبد العالي، صحة رسالة متداولة تحمل إشاعة منسوبة إلى "قسم الإحصاء الحيوي" تفيد عودة الحياة تدريجياً مع بداية مايو (أيار) المقبل ولمدة شهر كامل، وهو ما يوازي الفترة من 8 رمضان إلى 8 شوال. وبخصوص مصير صلاة التراويح في رمضان وموسم الحج للعام الحالي في ظل الإجراءات الوقائية والاحترازية التي اتخذتها الحكومة السعودية للحد من انتشار وباء كورونا، علق قائلاً "إن الأمر مرتبط بالتقييمات التي تصدرها الوزارة ومنظمة الصحة العالمية بشأن مدى خطورة انتشار الفيروس في المنطقة والعالم".

وأشار إلى أنه "إذا استمرت تقييمات المخاطر في الأسابيع المقبلة سواء في العالم أو المنطقة أو السعودية، فإن الإجراءات الحالية ستستمر، وبالتالي لن تكون هناك صلاة التراويح حتى إن استمر الأمر إلى موسم الحج، فإن سلامة المواطنين والمقيمين لها أولوية"، وقد دعا وزير الحج السعودي إلى التريّث في "تعاقدات الموسم"، وأعلن رد رسوم الحج للمتقدمين.

وقال وكيل وزارة الشؤون الإسلامية للدعوة والإرشاد في السعودية محمد العقيل، إن تعليق الصلاة في المساجد سيستمر خلال شهر رمضان ما لم يصدر قرار خلافاً لذلك. كما ذكر استشاري أمراض الجهاز التنفسي، النشمي العنزي، أن مؤشرات استمرار المرض عالمياً تدل على أن العودة التدريجية لن تحدث إلا بعد ثلاثة شهور، لأن بعض الدول تسجل حالات إصابة مرتفعة حتى الآن، والسيطرة على الوباء لن تتم إلا بحظر التجول وتطبيق التباعد الاجتماعي، كما حذرت منظمة الصحة العالمية بعدم التهاون في الحظر، مشيراً إلى أن من المستحيل التوصل إلى لقاح للفيروس قبل عام.

 

الشعوب العربية تميل إلى التجمعات

في السياق، قال المستشار النفسي، أحمد الحريري، "إن جائحة كورونا غيرت أسلوب حياة العديد من العرب بلا استثناء، حيث إن الشعوب العربية عموماً تميل إلى التجمُعات الاجتماعية، والناس لديهم ارتباطات قوية على مستوى الأسرة والأصدقاء ويعتبرونها علاقات حياتية مُهمة جداً، بل وبحسب الثقافة والتعاليم الإسلامية تعد صلة للرحم، كما
أن التواصل مع الأقارب، والتعاون بين الأسر الصغيرة، والأسر المُمتدة، والتواصل الحسن مع الجار من أهم معايير ثقافة المُسلم".

وتابع "لا ننسى أيضاً أن العلاقات الاجتماعية الأخرى مثل تجمُع الأصدقاء في الاستراحات، والمقاهي والمطاعم، كلها علامات مُميزة في المُجتمع العربي، بخلاف المجتمعات (الفردية) كما الحال في المجتمعات الغربية والرأسمالية، هذه الاختلافات طبيعية بين المجتمعات عموماً".

إحباط واكتئاب

ويوضح "رمضان وما يحمله من عادات وعبادات يغلب عليها الطابع الجمعي مثل الصلاة في المساجد، وتقارب الأسر، والزيارات العائلية، والعيد وما يحمله من أفراح ولقاءات مُهمة بين الأسر، وتبادل الهدايا واجتماع الصغار والكبار في البيوت، وكل هذه العادات قد تشكل تحدياً نوعياً جديداً كلياً أمام المجتمع العربي في حال استمرت جائحة كورونا إلى بعد رمضان، وقد يشعر العرب في شهر الصوم وفي أيام العيد بمشاعر مُختلفة عن كل عام، مثل شعور البعض بالإحباط والاكتئاب، نتيجة تغير ملامح رمضان والعيد، وبالتالي قد يُغامر البعض، ويخالف التعليمات الصحية، والالتزام بالبقاء في المنزل".

وأضاف الحريري، "السعوديون لديهم قدرة على التكيف مع الأوضاع سريعاً، وهناك حالة من الاتفاق العام على ضرورة مكافحة كورونا عبر اتباع التعليمات الصحية، والتزام المنازل، وأيضاً من المُهم معرفة أن سهولة الإسلام، وفسحته جعلت ممارسة العبادات في البيت مثل الصلاة من الفضائل التي يحرص عليها المؤمن سواءً في رمضان أو غيره، لأنها اختبار حقيقي لعلاقة الإنسان بربه، ومدى تواصله مع خالقه من خلال علاقته التي لا يراها ولا يعلم عنها أي أحد مثل الصلاة والدعاء في المنزل، وبالتالي أستطيع القول إنه رغم مشاعر الإحباط المتوقعة، وزيادة مشاعر العزلة والقلق والاكتئاب في رمضان والعيد خصوصاً لمن يعاني من مثل هذه المشاعر سلفاً في حال استمرت جائحة كورونا إلى بعد رمضان، فإنني مُتيقن من عبور هذه المرحلة".

 

أجواء روحانية

من جانبه، قال الاستشاري الاجتماعي طارق محمد القرني، إن لشهر رمضان أهمية كبيرة عند المسلمين، حيث ينتظرون قدومه سنوياً للاجتماع والإفطار الجماعي وزيارات الأهل، وفي هذا العام سيفتقد الناس أصوات الصلوات وأجواء (اللمة) التي تعودوا عليها في كل عام، وقد يطول الأمر للعيد وبذلك قد يطول التباعد الاجتماعي بدلاً من التقارب الأسري، وهذا الأمر يسهم في خلق نفسية كئيبة خصوصا لدى الأطفال وكبار السن، الذين يصعب عليهم التكيف مع أوضاع جديدة، مطالباً بخلق أجواء روحانية في المنزل، والحرص على فرحة العيد حتى إن كان ذلك في ظل الحظر المنزلي.

تعليق الأنشطة الرمضانية في مصر

وفي مصر قررت وزارة الأوقاف تعليق الأنشطة الرمضانية وحظر إقامة الموائد في محيط المساجد أو ملحقاتها، حيث حسمت المؤسسات الدينية فيها عدداً من الأسئلة التي زاد الحديث عنها في الأيام القليلة الماضية.

ومن جانبه، أكد أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة، أحمد كريمة، في تصريحات لموقع "سي إن إن بالعربية" أن كل ما تتخذه وزارة الأوقاف من قرارات لتعليق كافة الأنشطة الجماعية خلال شهر رمضان ومن بينها موائد الرحمن وغيرها، هي تدابير وإجراءات وقائية مشروعة تنظمها قواعد فقهية مأخوذة من نصوص الشريعة.

الجزائر تلغي مسابقة القرآن

وفي الجزائر، اجتمعت وزارة الشؤون الدينية لدراسة إلغاء صلاة التروايح في شهر رمضان، وتنتظر وزارة الشؤون الدينية تأشيرة طبية وتقارير عن الوضع الوبائي للفصل في قرار تأدية التراويح من عدمها، كما تم إلغاء المسابقة الدولية للقرآن الكريم التي دأبت الجزائر على تنظيمها في رمضان سنوياً بمشاركة أكثر من 60 دولة، حيث يصعب استعادة الحركة الجوية ومشاركة الوفود المسلمة من الدول الأخرى بسبب خشية انتقال الفيروس الذي تتصدى له مختلف دول العالم. ومن بين ما تضمنته مقترحات الخطة البديلة لوزارة الشؤون الدينية اعتماد الوسائل التكنولوجية الحديثة والإذاعات ومواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم مسابقات حفظ القرآن الوطنية والمحلية حفاظاً على الحياة الروحانية لشهر رمضان.

ويجمع الأطباء والخبراء على أنه من غير الممكن، وفق التطور الوبائي لفيروس كورونا، إعادة فتح المساجد حالياً على اعتبار أن الجزائر تنتظر بلوغ مرحلة الذروة للفيروس.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي