Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيروس الأسعار يضرب عقود النفط الأميركية

صدمة تاريخية في الأسواق مع الانهيار غير المسبوق وامتلاء مستودعات التخزين

حفار نفط في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

تحوّلت العقود الآجلة للنفط الأميركي لأقرب استحقاق أثناء التعاملات، الاثنين، إلى سلبية، للمرة الأولى في التاريخ مع امتلاء مستودعات تخزين الخام وهو ما يثبط المشترين، بينما ألقت بيانات اقتصادية ضعيفة من ألمانيا واليابان شكوكاً على موعد تعافي استهلاك الوقود.

ومع نضوب الطلب الفعلي على النفط، ظهرت تخمة عالمية في المعروض، بينما لا يزال مليارات الأشخاص حول العالم يلزمون منازلهم لإبطاء انتشار فيروس كورونا المستجد.

وهبطت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط للتسليم في مايو (أيار) 55.90 دولار، أو 306 في المئة، إلى ناقص 37.63 دولار للبرميل بحلول الساعة 18.34 بتوقيت غرينتش.

وتراجعت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 9.2 في المئة إلى 25.43 دولار للبرميل.

وهبط سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط، الاثنين، ليبلغ 1.91 دولارات، وهو مستوى غير مسبوق، مع اقتراب منشآت التخزين من بلوغ كامل طاقتها الاستيعابية إثر انهيار الطلب العالمي جرّاء تفشي كورونا، فيما تراجع خام برنت القياسي بنسبة 6 في المئة إلى 26.38 دولار للبرميل.

وصباح الثلاثاء، قفز سعر برميل النفط الأميركي تسليم مايو في التعاملات الآسيوية إلى ما فوق الصفر، أي أنّ المتعاملين دفعوا للمشترين كي يخلّصوهم من سلعة فاضت الخزّانات بها وندر الطلب عليها.

وعند بدء التداولات بلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط تسليم مايو 0.56 سنتاً للبرميل، علماً بأنّ العقود الآجلة لشهر مايو تنقضي الثلاثاء.

ترمب يسارع لإنقاذ النفط

وفي أول رد فعل له، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاثنين أنّ الولايات المتّحدة ستستغلّ الانهيار التاريخي الحاصل لأسعار الخام لشراء 75 مليون برميل لملء مخزونها الاستراتيجي من النفط.

وقال ترمب خلال مؤتمره الصحافي اليومي في البيت الأبيض بشأن تطوّرات كورونا "نحن نملأ احتياطاتنا النفطية الوطنية... كما تعلمون الاحتياطيات الاستراتيجية. ونحن نتطلّع إلى وضع ما يصل إلى 75 مليون برميل في الاحتياطيات نفسها".

وكان ترمب أعلن في 13 مارس (آذار) عزمه على ملء المخزون الاحتياطي الاستراتيجي إلى الحدّ الأقصى.

أسباب قلما تتكرر

أسباب تجمعت معاً قلما تتكرر، وعلى رأسها تدابير احتواء كورونا التي أغلقت الاقتصاد العالمي وتسببت في شلل حركة الطيران، والمصانع، وفرض تشديدات على تحركات المواطنين حول العالم، وسط انكماش ملحوظ للنشاط الاقتصادي وبالتبعية الطلب العالمي على النفط، إلى جانب حرب الأسعار بين كل من روسيا والسعودية التي تزامنت مع الجائحة.

وفشل اتفاق خفض الإنتاج لتحالف "أوبك+" ومنتجين آخرين للنفط في تهدئة مخاوف المستثمرين، وسط توقعات بتجاوز حجم تراجع الطلب للهبوط المتوقع في المعروض واستمرار تخمة الإمدادات.

ويتزامن الهبوط العظيم في سعر النفط الأميركي مع سعي المستثمرين للتخلص من عقود الشهر المقبل، حيث يقوم المتداولون ببيع العقود التي أوشكت على الانتهاء وشراء العقود الجديدة، ومن المقرر أن ينتهي عقد مايو (أيار) للخام الأميركي غداً الثلاثاء، على أن يبدأ عقد يونيو (حزيران) الأربعاء، والذي يتداول في نطاق يتراوح بين 22 إلى 25 دولاراً للبرميل.

وفي العادة تتقارب الأسعار الفورية أو الأسعار الآجلة للشهر المقبل مع أسعار العقود المستقبلية للشهر الثاني، ويعتبر الفارق بين عقدي شهري مايو ويونيو - الفارق بين سعر العقد في الشهر الأول والشهر الثاني- عند أوسع مستوياته تاريخياً.

وفي حال عدم بيع عقد النفط للشهر المقبل، فإن عمليات التسليم تذهب إلى مركز التخزين في "كوشينغ" الأميركية، حيث نقطة التسليم لعقود خامات نايمكس، وتكمن المشكلة في أن السعة التخزينية في "كوشينغ" تمتلئ بسرعة مع انهيار استهلاك الوقود بسبب عمليات الإغلاق لوقف تفشي "كورونا".

وإذا لم تتم تصفية العقد قبل نهاية تداولات الغد، فسيكون أمام المستثمر بضعة أيام فقط قبل أن يبلغ البائع طريقة استلامه النفط، وهو الفترة التي تكون بين 1 وحتى 31 مايو المقبل.

وبحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة، فإن مخزونات الخام في "كوشينغ" تضخمت بنحو 16 مليون برميل في الثلاثة أسابيع المنتهية في 10 أبريل (نيسان) لتصل إلى 55 مليون برميل، وتبلغ طاقة التخزين في هذا المركز نحو 67 مليون برميل فقط حتى 30 سبتمبر (أيلول) المقبل.

وفي هذا الشأن، قال محمد الشطي، المختص بالشؤون النفطية، إن أسواق النفط تشهد تراجعات جديدة لمستويات قياسية، إذ تراجع الخام الأميركي بنسبة تفوق 90 في المئة؜ إلى مستوى دولار للبرميل، موضحاً أن المستويات الضعيفة تعبر عن مخاوف وقلق بحثاً عن القاع أكثر منها حقائق، ذلك لأن اتفاق "أوبك بلس" لم يبدأ فعلياً وتنفيذه على الأرض سيكون في بداية مايو، والإنتاج من خارج الاتفاق سيتأثر بضعف الأسعار.

وأضاف الشطي، في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، أن مخاوف السوق مرتبطة أيضاً بعدم كفاية البنية التحتية للتخزين وشبكة النقل والتي تشهد ارتفاعاً وتقترب من الامتلاء، مشيراً إلى أن المخزون النفطي في "كوشينغ" في أميركا قد وصل إلى 70 في المئة مِن إجمالي السعه الإجمالية وأنه سيمتلئ بشكل كامل خلال أسابيع مستفيداً من عمق "الكونتانغو" للنفط الأميركي لمستوى الأسعار ما بين الشهر الأول والثالث.

وأوضح الشطي أن التقديرات تشير إلى ارتفاع مخزونات النفط الخام بنحو 200 مليون برميل بالفترة من منتصف فبراير (شباط) الماضي إلى أوائل أبريل الحالي، وهذه الأرقام لا تمثل حتى مخزون المنتجات المكررة، والتي ارتفعت أيضاً، ويقدر الإجمالي بما يقرب من 780 مليون برميل من سعة مخزون النفط الخام المتاحة عند 900 مليون برميل.

وتابع "لذا يعود تراجع الأسعار، وخصوصاً الخام الأميركي، بسبب تراكم في المخزون وعدم وجود خزانات لتخزين المزيد من النفطـ، إلا أن هناك أمراً آخر وهو أنه مع اقتراب نهاية الشهر يبدأ المتعاملون بالانتقال إلى التعامل بأسعار النفط للشهر المقبل، وبحسب التقديرات فإن أسعار الخام الأميركي هي أعلى من 23 دولاراً للبرميل".

وأشار إلى أنه على الرغم من انهيار الأسعار إلى متوسط الدولار للبرميل، ولكن هذا إقفال الشهر، بينما تعاملات الشهر المقبل هي أعلى عند 23 دولاراً للبرميل، بالتالي هذا مؤقت وسيكون هناك تصحيح بلا شك.

وقال الشطي إن اقتراب تنفيذ اتفاق أوبك + في الأول من مايو يثير مخاوف من عدم القدرة على منع الفائض في السوق، خصوصاً في الربع الثاني أو الالتزام الكامل بالخفض، وهو ما يزيد الضغوط على الأسعار خلال الربع الثاني من عام 2020، ولذلك يعتقد البعض بقاء الأسعار حول 25 دولاراً للبرميل.

وأشار إلى أن تخفيضات أوبك بلس المقترحة وحدها لا يمكنها عكس منحنى (الكونتانغو) العميق لأسعار برنت بطريقة ذات مغزى أو دائمة، حيث أن التخزين ضروري للبقاء اقتصادياً للتعامل مع الفائض في السوق، ولكن السوق من الممكن أن تشهد بدء مؤشرات للتعافي في الربع الثالث من عام 2020، وهو ما يعني تعافياً للأسعار في النصف الثاني من العام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ظاهرة الكونتانغو التاريخية

يعود التراجع الحالي في سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى قرب انتهاء صلاحية العقود الآجلة لشهر مايو، ومن المقرر أن تنتهي صلاحيتها غداً الثلاثاء مع ارتفاع الفارق السعري بين تلك العقود التي ستسلم قريباً ونظيرتها التي سيتم تسليمها لاحقاً - في وضعية تعرف باسم "كونتانغو" – إلى أعلى مستوياته في 11 عاماً.

وظاهرة الكونتانغو التاريخية هي انعكاس لبراميل من النفط لا تجد مشترين بسهولة، ويتم بيعها عند أسعار منخفضة، ما يعني امتلاء المخزونات، أو أن المشترين يتوقعون امتلاءها في القريب العاجل، وتحدث عادة نظراً لأن الاختلالات بين العرض والطلب تكون على المدى القريب.

وبحسب تقرير منظمة "أوبك" الشهري الصادر الأسبوع الماضي، شهدت سوق النفط حالة "كونتانغو" كبيرة خلال مارس الماضي، إذ كان من المتوقع أن يؤدي التراجع الهائل للطلب على النفط، والتخفيضات الكبرى في المصافي وارتفاع المعروض العالمي إلى فائض مرتفع في السوق.

روسيا تدعو لخفض الإنتاج 20 في المئة

وأبلغت وزارة الطاقة الروسية منتجي النفط المحليين بأن يخفضوا إنتاج النفط بنحو 20 في المئة عن متوسط مستويات فبراير، وهو ما سيجعل موسكو تفي بالتزاماتها في إطار اتفاق عالمي، بحسب مصادر لـ"رويترز".

واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول ومنتجو نفط كبار آخرون بقيادة روسيا، في إطار ما يعرف بمجموعة أوبك+، على خفض إنتاجهم النفطي مجتمعين بمقدار 9.7 مليون برميل يومياً في مايو ويونيو لمواجهة الفائض في الإمدادات الناجم عن أزمة فيروس كورونا.

ويمكن أن يصل مجمل الخفض في إنتاج النفط العالمي إلى 20 مليون برميل يومياً، أو ما يعادل خُمس الإنتاج العالمي، مع مشاركة دول أخرى مثل الولايات المتحدة والنرويج، وهما ليستا بين أطراف اتفاق أوبك+.

وبموجب الاتفاق، يتعين على روسيا خفض إنتاجها بمقدار 2.5 مليون برميل يومياً من مايو، والاعتماد على مستوى أساس عند 11 مليون برميل يومياً، وهو الرقم الذي يشمل النفط الخام فقط ويستثني مكثفات الغاز، وهو نوع من النفط الخفيف.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد