Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تسوية المدمرة كول... خروج أكيد للسودان من قائمة الإرهاب

ترحيب واسع وخطوة تساهم في فك عزلة البلاد الدولية

حادثة المدمرة كول أسفرت عن مقتل 17 بحاراً أميركياً واثنين من المهاجمين (رويترز)

بات واضحاً أن العلاقات السودانية الأميركية تتجه بمسارها الإيجابي، فعلى الرغم مما يجابه الولايات المتحدة من مخاطر التصدي لوباء كورونا الذي حصد حتى الآن أكثر من 20 ألف أميركي، وأصاب أكثر من 519453 ألفاً آخرين، إلا أن التواصل بين البلدين ظل قائماً لإنهاء العوائق التي تحول دون رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو ما كلل أخيراً بتسوية ملف قضية المدمرة كول، التي تعتبر أحد الأضلع الرئيسة التي تقف عقبة أمام التطبيع الكامل للعلاقات بين واشنطن والخرطوم.

هذه الخطوة لقيت ترحيباً داخلياً وخارجياً كونها تؤدي إلى فك عزلة السودان الدولية، فقد أكد مسؤول في الخارجية الأميركية أن تعويض ضحايا الإرهاب يبقى أولوية بالنسبة إلى الحكومة الأميركية، معرباً عن تقدير بلاده للالتزام الذي أبداه السودان في العمل على معالجة قضية المدمرة كول، كما اعتبر دبلوماسيون وقانونيون سودانيون التسوية بأنها اختراق حقيقي لوضع السودان في مكانه الطبيعي بعيداً عن الشبهات، مؤكدين أن ما تشهده البلاد من ترد اقتصادي سببه بقاء السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب وما يستتبع ذلك من عقوبات وقيود مفروضة عليه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

استيفاء الشروط

ووفقاً لبيان لوزارة العدل السودانية صدر الخميس التاسع من أبريل (نيسان) الحالي، فإنها وقعت اتفاقاً في واشنطن مع أسر ضحايا تفجير المدمرة الأميركية كول التي تعرضت لهجوم قبالة ميناء عدن عام 2000، مؤكدة أن الاتفاق تم توقيعه في السابع من فبراير (شباط) من دون أن تذكر مبلغ التسوية، ومشيرة إلى أن الاتفاق جزء من جهود الحكومة الانتقالية لإزالة اسم السودان من القائمة الأميركية الخاصة بالدول الراعية للإرهاب.

أضاف البيان "اكتمل تماماً اتفاق التسوية، وبناء على ذلك، قدم الطرفان عريضة مشتركة إلى المحكمة المتخصّصة في الولايات المتحدة لشطب الدعاوى الخاصة بالمدمرة كول ضد السودان"، مبيناً أن ما تقدم يؤدي إلى إنهاء هذه القضية بشكل كامل ونهائي من قبل المحاكم في الولايات المتحدة.

وتابع البيان "تم التأكيد صراحة في اتفاقية التسوية المبرمة على عدم مسؤولية السودان عن هذه الحادثة أو أي حادثة أو أفعال إرهاب أخرى، وأنها دخلت في هذه التسوية من أجل المصلحة الاستراتيجية للدولة السودانية، وفي إطار الجهود الحثيثة للحكومة الانتقالية لمعالجة وتسوية دعاوى الإرهاب التاريخية ضد البلاد، فضلاً عن استيفاء الشروط التي وضعتها الإدارة الأميركية لحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب".

نصائح الكونجرس

وبحسب سفير السودان السابق في واشنطن الرشيد أبو شامة، فإن الحكومة الانتقالية استفادت من نصائح قدّمها أعضاء من الكونجرس خلال تبادل للزيارات بين الجانبين في أعقاب نجاح الثورة السودانية التي أطاحت الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل الماضي، لافتاً إلى أن من أبرز تلك النصائح أهمية التوصل إلى تسوية في قضية المدمرة كول، لأن قبول التسوية سيقوّي موقف الإدارة الأميركية أمام الرأي العام المحلي إذا قررت رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، لأنه لا يمكن للرئيس الأميركي اتخاذ قرار مثل هذا ولا تزال هناك ضحايا لم يتمّ تعويضها.

وزاد "لقد ظل أعضاء الكونجرس على اتصال بأُسَر القتلى من جهة، وبالحكومة من جهة أخرى، وبذلوا أقصى جهدهم لحصول الضحايا على التعويضات المالية، وأفلحوا في تقليص المبلغ إلى 30 مليوناً بعدما كان أكثر من 300 مليون، وقدّموا نصائح إلى الخرطوم حول كيفية سداد المبلغ"، وأوضحوا أن شطب القضية من أمام المحاكم الأميركية في حال قَبول الطرف الآخر العرض الحكومي يعد تفكيراً جيّداً من الحكومة السودانية التي تواصلت مع أصحاب المصلحة، وتوصّلت معهم إلى هذا الاتفاق، وتمكنوا من تقليص التعويض إلى مبلغ مقدور عليه.

عزلة دولية

إلى ذلك، قال وزير الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة السودانية فيصل محمد صالح إن الإدارة الأميركية وضعت التسوية في قضية المدمرة كول وتفجيرات السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا، شرطاً لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فضلاً عن قطع العلاقات مع كوريا الشمالية لأنه اتضح أن حكومة البشير السابقة كانت تتعامل معها عسكرياً، وأضاف أن واشنطن أشارت إلى ضرورة إصلاح الأجهزة الأمنية وترى أنها الجهة التي تتعامل مع المنظمات الإرهابية، وبدأت الحكومة بالفعل في إعادة هيكلة تلك الأجهزة، وأشار إلى أن الحكومة بتسويتها قضية المدمرة كول تكون قطعت شوطاً كبيراً في تنفيذ المتطلبات الخاصة برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.

أضاف صالح "ستمضي الحكومة في إنهاء القضايا التي تتهم فيها البلاد بالإرهاب بالنهج ذاته الذي اتبعته في تسوية المدمرة كول، حتى يخلص من هذا الملف الذي كلّف البلاد عزلة دولية غير مسبوقة، فضلاً عن أموال طائلة كانت تعين البلاد في فك ضائقتها الاقتصادية، وما حدث سيكون درساً لن تنساه الأجيال المتعاقبة"، وأشار إلى أن أجندة الحكومة الداخلية تركز على الوصول إلى السلام وأن حركات دارفور وضعت تسليم مرتكبي جرائم دارفور للجنائية ضمن شروط السلام، موضحاً أن الحكومة بدأت في الحوار مع المحكمة الجنائية منذ فترة، وقال إن الأمر سيعطي إشارة إيجابية إلى الإدارة الأميركية بأن الحكومة الانتقالية تعمل على تحقيق العدالة والسلام.

ارتياح كبير

في المقابل، أشار المحامي السوداني المعز حضرة، إلى إن الإدارة الأميركية تتذرع بكثير من الحجج وكأنها تريد معاقبة السودان الحالي بأفعال الحكومة السابقة، مشيراً إلى أن ما قدمته الحكومة الانتقالية من حجج كاف لرفع اسم البلاد من قائمة الإرهاب، لكن واشنطن لديها أجندة خفية تخرجها تباعاً كلما استجابت الحكومة لبعضها، ونوّه في الوقت نفسه بأهمية التسوية التي قامت بها وزارة العدل السودانية مع أسر ضحايا المدمرة كول وأهاليهم، لأنه لا مخرج للتعامل والتطبيع مع دول العالم المتقدم خصوصاً أميركا إلا بإنهاء هذا الملف الذي ظل عالقاً سنوات طويلة بسبب رعونة النظام السابق الذي أدخل البلاد في متاهات لا تشبه الشعب السوداني.

أضاف "على الرغم من تكلفة التسوية في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، لكن لقي هذا القرار ارتياحاً كبيراً في الأوساط القانونية والشعبية، لأنه لا مفر لاسترجاع سمعة السودان المشهود له بالحياد واحترام القوانين الدولية إلا بسلك هذه الطريق على الرغم من مشقته وكلفته العالية، وهنا لا بد من أن أشيد بجهود رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ووزير العدل نصر الدين عبد الباري في إنجاز هذه المهمة على أكمل وجه".

تنظيم القاعدة

ووقعت حادثة المدمرة كول في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2000 عندما انفجر زورق مفخخ بالمتفجرات في جسم المدمرة التي كانت تتزود بالوقود، ما اضطر إلى سحبها إلى ميناء عدن جنوب اليمن لإصلاح الدمار الذي أحدثه التفجير في جسمها. وقتل جراء التفجير 17 بحاراً أميركياً إضافة إلى اثنين من المهاجمين، يعتقد أنهما ينتميان إلى تنظيم القاعدة، واتهمت واشنطن الحكومة السودانية بالضلوع في الانفجار وهو ما تنفيه الخرطوم.

وفي عام 1993 وضعت واشنطن السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب لصلته المفترضة بجماعات إسلامية متشددة، وقد أقام مؤسس تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، في السودان في الفترة بين عامي 1992 و1996. وأصدر قاض أميركي عام 2012 حكماً في مواجهة السودان بدفع مبلغ 300 مليون دولار لأسر ضحايا المدمرة، وأمر المصارف الأميركية بالحجز على الأرصدة السودانية الموجودة لديها للبدء في سداد مبلغ الحكم، لكن في مارس(آذار) 2019 ألغت المحكمة العليا قرار المحكمة الدنيا.

ووضعت الحكومة الجديدة في السودان في أعلى سلم أولوياتها التفاوض مع واشنطن للخروج من القائمة، ويؤكد المسؤولون السودانيون أن التردي الاقتصادي في البلاد سببه بقاء البلاد في قائمة الدول الراعية للإرهاب.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات